الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس

اشارة

نام كتاب: الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي- كتاب الخمس

موضوع: فقه استدلالي

نويسنده: قمّي، سيد تقي طباطبايي

سرشناسه : یزدی، محمدکاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - ق 1337

عنوان قراردادی : [العروه الوثقی]

عنوان و نام پديدآور : الغایه القصوی فی التعلیق علی العروه الوثقی: کتاب الخمس/ تالیف تقی الطباطبائی القمی

مشخصات نشر : قم: محلاتی، 1419ق. = 1378.

مشخصات ظاهری : ص 259

شابک : 11000ریال

يادداشت : عربی

یادداشت : کتابنامه به صورت زیرنویس

عنوان دیگر : العروه الوثقی.حاشیه

موضوع : یزدی، محمدکاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1337ق. العروه الوثقی -- نقد و تفسیر

موضوع : فقه جعفری -- قرن 14

موضوع : خمس

شناسه افزوده : طباطبائی قمی، تقی، 1301 - ، محشی

شناسه افزوده : یزدی، محمدکاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1337ق. العروه الوثقی. حاشیه

رده بندی کنگره : BP183/5/ی 4ع 40355 1378

رده بندی دیویی : 297/342

شماره کتابشناسی ملی : م 78-8565

قطع: وزيري

تعداد جلد: 1

نوبت چاپ: اول

[الخمس من الفرائض]

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ و الصلاة و السلام علي محمّد و آله الطاهرين و اللعن الدائم علي أعدائهم الي يوم الدين.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 5

كتاب الخمس بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ*

و هو من الفرائض (1) و قد جعلها اللّه تعالي لمحمّد صلي اللّه عليه و آله و ذريّته عوضا عن الزكاة إكراما لهم (2) و من منع منه درهما أو أقل كان مندرجا في الظالمين لهم و الغاصبين لحقهم (3) بل من كان مستحلا لذلك كان من الكافرين (4).

______________________________

(1) بمقتضي الكتاب و السنة و إجماع الفريقين و اتفاقهما علي وجوبه في الجملة و ان وقع الخلاف فيه من حيث المورد و المصرف فيمكن أن يقال: إن وجوبه في الجملة من الضروري و يترتب عليه حكم بقية الضروريات.

(2) كما يدل

عليه الخبر الثاني المذكور في كلامه.

(3) كما يستفاد من النصوص المشار إليها في المتن.

(4) اذا كان مستلزما لتكذيب النبي صلي اللّه عليه و آله الموجب للكفر.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 6

ففي الخبر عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام، ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال: من أكل من مال اليتيم درهما و نحن اليتيم (1).

و عن الصادق عليه السّلام ان اللّه لا إله الّا هو لما حرّم علينا الصدقة انزل لنا الخمس فالصدقة علينا حرام و الخمس لنا فريضة و الكرامة لنا حلال (2).

و عن أبي جعفر عليه السّلام: لا يحل لأحد أن يشتري من الخمس شيئا حتي يصل إلينا حقنا (3).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: لا يعذر عبد اشتري من الخمس شيئا أن يقول يا رب اشتريته بمالي حتي يأذن له أهل الخمس (4).

______________________________

(1) لاحظ الوسائل: الباب 1 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 1.

و الحديث ضعيف بضعف اسناد الصدوق الي أبي بصير علي ما كتبه الحاجياني سلمه اللّه تعالي.

(2) نفس المصدر الحديث: 2.

و الحديث مرسل و المستند منه ضعيف.

(3) نفس المصدر الحديث: 4.

و الحديث ضعيف سندا.

(4) و الحديث ضعيف بالارسال.

الوسائل: الباب 3 من أبواب الأنفال الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 7

[فصل فيما يجب فيه الخمس]

اشارة

فصل فيما يجب فيه الخمس و هو سبعة أشياء:

[الأول: الغنائم المأخوذة من الكفّار من أهل الحرب قهرا بالمقاتلة معهم بشرط أن يكون باذن الإمام عليه السّلام]

اشارة

الأول: الغنائم المأخوذة من الكفّار من أهل الحرب قهرا بالمقاتلة معهم بشرط أن يكون باذن الامام عليه السّلام من غير فرق بين ما حواه العسكر و ما لم يحوه و المنقول و غيره كالأراضي و الاشجار و نحوها بعد إخراج المؤن التي أنفقت علي الغنيمة بعد تحصيلها بحفظ و حمل و رعي و نحوها منها، و بعد اخراج ما جعله الامام عليه السّلام من الغنيمة علي فعل مصلحة من المصالح و بعد استثناء صفايا الغنيمة كالجارية الورقة، و المركب الفارة و السيف القاطع و الدرع فانها للإمام عليه السّلام، و كذا قطائع الملوك فإنها أيضا له عليه السّلام.

و أمّا إذا كان الغزو بغير اذن الامام عليه السّلام فان كان في زمان الحضور و امكان الاستئذان منه، فالغنيمة للإمام عليه السّلام، و ان كان

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 8

في زمن الغيبة فالأحوط اخراج خمسها من حيث الغنيمة خصوصا إذا كان للدعاء الي الإسلام، فما يأخذه السلاطين في هذه الأزمنة من الكفار بالمقاتلة معهم من المنقول و غيره يجب فيه الخمس علي الأحوط، و ان كان قصدهم زيادة الملك لا الدعاء الي الإسلام.

و من الغنائم التي يجب فيها الخمس الفداء الذي يؤخذ من أهل الحرب بل الجزية المبذولة لتلك السريّة بخلاف ساير أفراد الجزية.

و منها أيضا ما صولحوا عليه، و كذا ما يؤخذ منهم عند الدفاع معهم اذا هجموا علي المسلمين في امكنتهم و لو في زمن الغيبة فيجب اخراج الخمس من جميع ذلك قليلا كان أو كثيرا من غير ملاحظة خروج مؤنة السنة علي ما يأتي في أرباح المكاسب و سائر

الفوائد (1).

قد تعرض قدّس سرّه لجملة من الفروع:

الفرع الأوّل: أنه يجب الخمس فيما يؤخذ بالقتال اذا كان بإذن الامام عليه السّلام عن الكافر الحربي

______________________________

(1) و ادّعي عليه اجماع المسلمين.

و الأمر كذلك و تدل عليه الآية الشريفة وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبيٰ وَ الْيَتٰاميٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ الآية «1».

______________________________

(1) الانفال، 41.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 9

______________________________

و تدل علي المدعي أيضا جملة من النصوص:

منها ما رواه ابن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ليس الخمس الّا في الغنائم خاصة «1».

فوجوب الخمس في غنائم دار الحرب لا إشكال فيه اذا كانت مع الشرطين المذكورين في المتن، و أمّا مع فقد كلّ واحد منهما فيتعرض له الماتن و نتكلم حول كلامه إن شاء اللّه تعالي.

الفرع الثاني: انّه لا فرق في الحكم المذكور بين ما حواه العسكر و ما لم يحوه

و ذلك لإطلاق الدليل و ادّعي عليه عدم الخلاف بل الاجماع.

الفرع الثالث: انّه لا فرق بين المنقول و غيره

كالأراضي و الاشجار و ذلك بمقتضي اطلاق الآية الشريفة، فإن مقتضي اطلاقها ثبوت الخمس في المنقول و غيره كالأراضي و الأشجار.

و غاية ما يمكن ان يقال: انّ النصوص الواردة في المقام لا تشمل غير المنقول كحديث ربعي بن عبد اللّه بن الجارود عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اذا أتاه المغنم أخذ صفوه و كان ذلك له ثمّ يقسّم ما بقي خمسة أخماس و يأخذ خمسه ثم يقسّم أربعة أخماس بين الناس الذين قاتلوا عليه ثم قسّم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس يأخذ خمس اللّه عزّ و جلّ لنفسه ثم يقسّم الأربعة أخماس بين ذوي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 2 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 10

______________________________

القربي و اليتامي و المساكين و أبناء السبيل يعطي كل واحد منهم حقّا و كذلك الامام يأخذ كما أخذ الرسول صلي اللّه عليه و آله «1».

فانّ الحديث يختصّ بالمنقول لكن يكفي للعموم اطلاق الآية الشريفة.

اضف الي ذلك انه يستفاد الاطلاق من بعض النصوص الواردة في المقام لاحظ ما رواه ابن سنان «2».

لكن لا بد من رفع اليد عن الاطلاق بالادلة الدالة علي كون الأراضي المفتوحة عنوة مملوكة للمسلمين، فإنّ نسبة تلك الادلة الي الاطلاق الكتابي و الحديثي نسبة الخاصّ الي العام و مقتضي القاعدة تخصيص العموم بالخصوص.

مضافا الي أنّه يمكن أن يقال: انّ الدليل الدالّ علي كون الخمس في الغنائم يستفاد منه انّ الموضوع للحكم بالنسبة الي الغنائم و الحال ان الاراضي الخراجية لجميع المسلمين و لا تختصّ بالغانم

بما هو كذلك، بل بما هو مسلم من المسلمين فلاحظ.

الفرع الرابع: انّ متعلق الخمس، بعد اخراج المؤن التي انفقت علي الغنيمة.

و المسألة محل الخلاف بين القوم، قال بعض: بعدمه و التزم

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب قسمة الخمس، الحديث: 3.

(2) لاحظ ص 9.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 11

______________________________

بالاطلاق استنادا الي اطلاق الكتاب.

و اورد عليه بأنّ الآية لا تكون من هذه الجهة في مقام البيان فلا اطلاق لها.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: لا وجه لمنع الاطلاق و لو منع من الاطلاق يكون الدليل قاصرا عن افادة الوجوب الّا في الجملة.

و أما علي القول بالاطلاق فنحتاج في التقييد الي دليل دال عليه فنقول: يمكن تقريب المدعي بوجهين:

احدهما: انّ مقتضي العدل اخراج المئونة اذ المفروض انّ العين مشتركة فتوجّه الخسارة الي خصوص البعض، خلاف الانصاف.

ثانيهما: أنّه قد دلّ الدليل علي أنّ الخمس بعد المئونة، لا حظ ما رواه اين أبي نصر قال: كتبت الي أبي جعفر عليه السّلام: الخمس أخرجه قبل المئونة أو بعد المئونة؟ فكتب: بعد المئونة «1».

فإن المستفاد من الحديث ان الخمس بعد المئونة لا أقول: انّ الحديث يشمل المئونة بعد التحصيل كي يقال: الظاهر منه المئونة السابقة علي التحصيل، بل أقول: ما دام لا تصل العين الي ولي الأمر و هو الامام عليه السّلام لا تكون قابلة للاستفادة للغانم فتكون المئونة المصروفة في الحفظ و النقل و الرعي و أمثالها الي أن تصل الي الامام عليه السّلام، من المصارف التي تصرف قبل التحصيل.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 12 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 12

______________________________

و لكن الإنصاف انّ الجزم به مشكل، أضف الي ذلك انّ الذي يختلج بالبال

أن يقال: الدليل الدالّ علي أنّ الخمس بعد المئونة يشمل جميع المؤن بلا فرق بين ما تصرف قبل الحصول و بعده فلاحظ.

الفرع الخامس: انّ متعلق الخمس بعد اخراج الامام عليه السّلام ما يراه مصلحة.

و الوجه فيه انّ ما يخرجه الامام لا يكون غنيمة للغانم.

الفرع السادس: انّ متعلقه بعد اخراج الصفايا.

ادّعي عليه التسالم و يدل عليه ما رواه ربعي بن عبد اللّه بن الجارود «1».

و مثل صفايا الغنيمة في الحكم المذكور قطائع الملوك، و يدل عليه ما رواه ابن فرقد قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام قطائع الملوك كلّها للإمام و ليس للناس فيها شي ء «2».

الفرع السابع: ان القتال اذا لم يكن باذن الإمام و كان زمان الحضور و الاستيذان منه كان ممكنا فهي للإمام عليه السّلام.

و ما يمكن أن يذكر في تقريبه وجوه:

الوجه الأوّل: الاجماع.

و فيه انّه علي تقدير حصوله، محتمل المدرك.

الوجه الثاني: مرسل الصدوق، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا

______________________________

(1) لاحظ ص 9.

(2) الوسائل: الباب 1 من أبواب الانفال، الحديث: 6.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 13

______________________________

غزا قوم بغير إذن الامام فغنموا كانت الغنيمة كلّها للإمام، و اذا غزوا بأمر الإمام فغنموا كان للإمام الخمس «1».

و المرسل لا اعتبار به.

الوجه الثالث: ما رواه ابن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

السريّة يبعثها الامام فيصيبون غنائم كيف يقسّم؟ قال: إن قاتلوا عليها مع أمير أمّره الامام عليهم أخرج منها الخمس للّه و للرسول و قسّم بينهم ثلاثة أخماس إن لم يكونوا قاتلوا عليهما المشركين كان كلّ ما غنموا للإمام يجعله حيث أحبّ «2». و الظاهر انّ الوجه المذكور تامّ، فان الشرط المذكور يستفاد من الحديث.

الفرع الثامن: انّه لو كان زمان الغيبة فالأحوط اخراج الخمس.

و الوجه فيه اطلاق دليل الوجوب كالآية الشريفة و لا مقيّد لها بالنسبة الي زمان الغيبة، فانّ المفروض في حديث ابن وهب ان الامام عليه السّلام حاضر و بعث سرية فالاطلاق بالنسبة الي زمان الغيبة محكّم.

و لا أدري ما الوجه في تعبير الماتن بالاحتياط و الحال ان الصناعة تقتضي أن يقال الاظهر.

و يمكن أن يكون الوجه فيه ان التورّع في الفتوي يقتضي التعبير المذكور.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب الانفال، الحديث: 16.

(2) نفس المصدر، الحديث: 3.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 14

______________________________

و صفوة القول: انّ الاطلاق يقتضي العموم كما في المتن، و أمّا الخصوصية التي في كلامه بالنسبة الي مورد الدعاء الي الإسلام فلعلّ الوجه فيها ما رواه أبو بصير عن أبي

جعفر عليه السّلام قال: كل شي ء قوتل عليه علي شهادة أن لا إله الّا اللّه و ان محمدا رسول اللّه، فانّ لنا خمسه و لا يحلّ لأحد أن يشتري من الخمس شيئا حتي يصل إلينا حقنا «1».

و السند ضعيف بالبطائني.

الفرع التاسع: انّ الفداء الذي يؤخذ من الكفّار بدلا عن الأسير و كذا ما يؤخذ عنهم بعنوان الجزية أو المصالحة يكون فيه الخمس.

و الوجه فيه إطلاق دليل وجوب الخمس في الغنيمة.

الفرع العاشر: انّه يجب الخمس فيما يؤخذ منهم عند الدفاع اذا هجموا

بلا فرق بين الحضور و الغيبة، و ذلك للإطلاق.

الفرع الحادي عشر: انّ وجوب الخمس في الغنيمة في الموارد المذكورة لا يلاحظ فيه إخراج مؤنة السنة.

و ذلك لأنّه لو لوحظ فيه ذلك كان ثبوت الخمس في الغنائم و غيرها كالمعدن و الغوص و نحوهما لغوا.

و بعبارة اخري: يستفاد من ادلّة العناوين الخاصّة وجوب الخمس فيها بالخصوص.

و إن شئت فقل: انّ المستفاد من الادلّة موضوعية تلك العناوين

______________________________

(1) الوسائل: الباب 2، من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 5.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 15

(مسألة 1): اذا غار المسلمون علي الكفّار فاخذوا أموالهم فالأحوط بل الأقوي اخراج خمسها من حيث كونها غنيمة و لو في زمن الغيبة فلا يلاحظ فيها مؤنة السنة، و كذا اذا اخذوا بالسرقة و الغيلة، نعم لو أخذوا منهم بالربا أو بالدعوي الباطلة، فالأقوي الحاقه بالفوائد المكتسبة فيعتبر فيه الزيادة عن مؤنة السنة و إن كان الأحوط اخراج خمسه مطلقا (1)

______________________________

لوجوب الخمس و مع الالتزام بكون الخمس فيها بعد مؤنة السنة إلغاء لها و يكون الموضوع للخمس شيئا واحدا و هو الربح.

و علي الجملة: يرجع الأمر الي التناقض فلاحظ.

[مسألة 1: اذا غار المسلمون علي الكفّار فاخذوا أموالهم فالأحوط بل الأقوي اخراج خمسها من حيث كونها غنيمة]

اشارة

(1) ذكر الماتن قدس سره في هذه المسألة ثلاثة فروع:

الفرع الأول: أنّه لو غار المسلمون علي الكفار و أخذوا مالهم فالأحوط بل الأقوي ثبوت الخمس فيه

من باب كونه غنيمة لا من حيث كونه من الارباح.

و ما أفاده تامّ للإطلاقات من الكتاب و السنة بلا فرق بين زمان الحضور و الغيبة، غاية الأمر قد استفيد من النصّ الخاصّ انّه يشترط أن يكون القتال في زمان الحضور باذن الامام عليه السّلام و قد مرّ قريبا أنّه لا يلاحظ في ثبوت الخمس في الغنيمة مؤنة السنة.

الفرع الثاني: انّه لو أخذوا منهم بعنوان السرقة و الغيلة يثبت فيه الخمس بعنوان الغنيمة.

و لا يمكن مساعدته، اذ المستفاد من الآية الشريفة و الروايات

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 16

(مسألة 2): يجوز أخذ مال النصاب أينما وجد لكنّ الأحوط اخراج خمس مطلقا و كذا الأحوط اخراج الخمس ممّا حواه العسكر من مال البغاة اذا كانوا من النصاب و دخلوا في عنوانهم و الّا فيشكل حلّية مالهم (1).

______________________________

الواردة في المقام انّ المأخوذ منهم في القتال موضوع للحكم، و أمّا المأخوذ بالسرقة و أشباهها فلا تكون موضوعة للحكم.

الفرع الثالث: انّه لو أخذوا منهم مالا بعنوان الربا أو بالدعوي الباطلة لا يكون فيه الخمس بعنوان الغنيمة،

بل يكون من الفوائد المكتسبة فيكون في حكم بقية أرباح الكسب.

و ما أفاده تامّ، اذ المفروض انه خارج عن موضوع الغنيمة و يكون مصداقا من مصاديق الربح.

[مسألة 2: يجوز أخذ مال النصاب أينما وجد لكنّ الأحوط اخراج خمس مطلقا]

اشارة

(1) قد تعرّض الماتن قدس سره في هذه المسألة لفرعين:

الفرع الأول: انه يجوز اخذ مال الناصبي و يجب اخراج خمسه علي الأحوط.

و الظاهر انه لا وجه للاحتياط، فان الأقوي انه يجب فيه الخمس و الدليل علي المدّعي حديثان:

احدهما: ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

خذ مال الناصب حيثما وجدته و ادفع إلينا الخمس «1».

و الثاني: ما رواه معلّي بن خنيس قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام و ذكر

______________________________

(1) الوسائل: الباب 2، من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 6.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 17

______________________________

مثله «1».

فان جواز أخذ ماله و وجوب اخراج خمسه مستفادان من الحديثين بوضوح انما الكلام في أنه موضوع مستقل لوجوب الخمس فلا يخرج منه مؤنة السنة أو أنه من باب وجوبه في مطلق الربح؟

و الحقّ هو الأول، اذ قد تقدّم منا ان الظاهر من الدليل كون الموضوع المذكور فيه مستقل في الموضوعية فادخاله في الأرباح الغاء لموضوعيته.

الفرع الثاني: ان الأحوط اخراج الخمس ممّا حواه العسكر من مال البغاة اذا كانوا من النصاب و الّا فيشكل حلّيّة مالهم.

فانّه تقدّم آنفا جواز أخذ مال الناصب و لا فرق فيه بين موارده.

و لا أدري ما الوجه في التقييد في كلامه بما حواه العسكر، فانّ الظاهر عدم الفرق و الميزان في الجواز كون المال مالا للناصبي، اذ لا احترام لماله و أمّا اذا لم يكن الباغي ناصبيا فكما أفاد يشكل أخذ ماله فان التصرف في مال الغير يحتاج الي الدليل و الاجماع المدّعي علي الجواز لا اعتبار به كما ثبت في محله.

مضافا الي كونه معارضا بمثله علي ما في كلام سيّدنا الاستاد.

و يضاف الي ذلك: انه لو فرض تحصيل الاجماع لا يعتد به، اذ يحتمل أن يكون المدرك- في نظر القائلين- ما نقل من سيرة علي عليه السّلام

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث: 7.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 18

(مسألة 3):

يشترط في المغتنم أن لا يكون غصبا من مسلم أو ذمّي أو معاهد أو نحوهم ممّن هو محترم المال و الّا فيجب ردّه الي مالكه، نعم لو كان مغصوبا من غيرهم من أهل الحرب لا بأس بأخذه و إعطاء خمسه، و إن لم يكن الحرب فعلا مع المغصوب منهم، و كذا اذا كان عند المقاتلين مال غيرهم من أهل الحرب بعنوان الأمانة من وديعة أو اجارة أو عارية أو نحوها (1).

______________________________

و معه لا يكون اجماعا تعبّديا كاشفا عن رأي المعصوم عليه السّلام.

و أمّا دعوي كون سيرة عليّ عليه السّلام كانت علي التصرف، فمخدوشة:

أولا: بانّه يمكن كون الباغين عليه كأصحاب الجمل نصّابا.

و ثانيا: انّ الدعوي المذكورة معارضة بمثلها، اذ نقل ان سيرته في أهل البصرة علي ردّ ما اخذ منهم حتي القدور.

و ثالثا: انه عليه السّلام كان وليّا و كان أولي بالتصرف فلا يكون فعله في مورد خاص دليلا علي الجواز بالنسبة الي غيره.

[مسألة 3: يشترط في المغتنم أن لا يكون غصبا من مسلم أو ذمّي أو معاهد أو نحوهم ممّن هو محترم المال]

(1) فانه لا يجوز التصرف في مال من يكون محترما و هذا هو المشهور بين القوم، و لذا فصّل الماتن بين محترم المال فلا يجوز تملك ماله و من لا يكون ماله محترما فيجوز.

و يدلّ علي قول المشهور ما رواه هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سأله رجل عن الترك يغيرون علي المسلمين فيأخذون أولادهم فيسرقون منهم أ يرد عليهم؟ قال: نعم و المسلم أخو المسلم

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 19

(مسألة 4): لا يعتبر في وجوب الخمس في الغنائم بلوغ النصاب عشرين دينارا فيجب اخراج خمسة قليلا كان أو كثيرا علي الأصحّ (1).

______________________________

و المسلم أحقّ بماله أينما وجده «1».

و في قبال هذه

الرواية ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

سألته عن رجل لقيه العدوّ و أصاب منه مالا أو متاعا، ثم انّ المسلمين أصابوا ذلك كيف يصنع بمتاع الرجل؟ فقال: اذا كانوا أصابوه قبل أن يحوزوا متاع الرجل ردّ عليه، و ان كانوا أصابوه بعد ما حازوه فهو في ء المسلمين فهو أحقّ بالشفعة «2».

و هذه الرواية مضطربة من حيث المتن، و علي فرض تمامية دلالتها و الالتزام بكونها معارضة مع حديث هشام لا طريق الي ترجيح أحدهما علي الآخر.

و بعبارة اخري: يكون من موارد اشتباه الحجة بغيرها فالمحكّم دليل حرمة التصرف في مال الغير، و الذي يهون الخطب ان الحديث الاول ضعيف سندا لاحتمال كون محمد بن عيسي- الواقع فيه- يونسيا.

و الحديث الثاني مضطربة المتن، و مقتضي القاعدة الاولية حرمة التصرف في مال من يكون محترم المال فلا يجوز تملّكه.

[مسألة 4: لا يعتبر في وجوب الخمس في الغنائم بلوغ النصاب عشرين دينارا]

(1) لعدم الدليل عليه، و مقتضي اطلاق الادلة كتابا و سنة عدم

______________________________

(1) الوسائل: الباب 35، من أبواب جهاد العدوّ، الحديث: 3.

(2) نفس المصدر، الحديث: 2.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 20

[مسألة 5: السلب من الغنيمة فيجب اخراج خمسه علي السالب]

(مسألة 5): السلب من الغنيمة فيجب اخراج خمسه علي السالب (1).

[الثاني: المعادن]

اشارة

الثاني: المعادن من الذهب و الفضة و الرصاص و الصفر و الحديد و الياقوت و الزبرجد و الفيروزج و العقيق و الزيبق و الكبريت و النفط و القير و السبخ و الزاج و الزرنيخ و الكحل و الملح بل و الجصّ و النورة و طين الغسل و حجر الرحي و المغرة و هي الطين الأحمر علي الأحوط و ان كان الاقوي عدم الخمس فيها من حيث المعدنية بل هي داخلة في أرباح المكاسب فيعتبر فيها الزيادة عن مؤنة السنة.

و المدار علي صدق كونه معدنا عرفا، و اذا شك في الصدق لم يلحقه حكمها فلا يجب خمسه من هذه الحيثية بل يدخل في أرباح المكاسب و يجب خمسه اذا زادت عن مؤنة السنة من غير اعتبار بلوغ النصاب فيه، و لا فرق في وجوب اخراج خمس المعدن بين أن يكون في أرض مباحة أو مملوكة و بين أن يكون تحت الارض أو علي ظهرها.

و لا بين أن يكون المخرج مسلما أو كافرا ذميّا، بل و لو

______________________________

الاشتراط فما أفاده تام.

(1) اذ لا دليل علي كونه مختصا بالسالب فيكون مصداقا للغنائم و يحكم عليه بذلك الحكم و يترتب عليه ما يترتب علي بقية الغنائم.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 21

حربيا و لا بين أن يكون بالغا أو صبيا و عاقلا أو مجنونا فيجب علي وليهما اخراج الخمس و يجوز للحاكم الشرعيّ اجبار الكافر علي دفع الخمس ممّا أخرجه و ان كان لو أسلم سقط عنه مع عدم بقاء عينه.

و يشترط في وجوب الخمس في المعدن بلوغ ما أخرجه عشرين دينارا بعد استثناء

مؤنة الإخراج و التصفية و نحوهما فلا يجب اذا كان المخرج أقلّ منه، و ان كان الأحوط اخراجه اذا بلغ دينارا بل مطلقا.

و لا يعتبر في الاخراج أن يكون دفعة فلو أخرج دفعات و كان المجموع نصابا وجب إخراج خمس المجموع، و ان أخرج أقلّ من النصاب فأعرض ثم عاد و بلغ المجموع نصابا فكذلك علي الأحوط.

و اذا اشترك جماعة في الإخراج و لم يبلغ حصة كلّ واحد منهم النصاب و لكن بلغ المجموع نصابا فالظاهر وجوب خمسه و كذا لا يعتبر اتحاد جنس المخرج فلو اشتمل المعدن علي جنسين أو أزيد و بلغ قيمة المجموع نصابا وجب اخراجه، نعم لو كان هناك معادن متعددة اعتبر في الخارج من كلّ منها بلوغ النصاب دون المجموع، و ان كان الأحوط كفاية بلوغ المجموع خصوصا مع اتحاد جنس المخرج منها سيّما مع تقاربها، بل لا يخلو عن

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 22

قوة مع الاتحاد و التقارب، و كذا لا يعتبر استمرار التكوّن و دوامه، فلو كان معدن فيه مقدار ما يبلغ النصاب فأخرجه ثم انقطع، جري عليه الحكم بعد صدق كونه معدنا (1).

قد تعرض قدّس سرّه في المقام لفروع:

الفرع الأول: انه يجب الخمس في المعدن.

______________________________

(1) ادّعي عليه الاجماع في كلام جملة من الاعيان.

مضافا الي انّ وجوب الخمس في المعدن أمر ظاهر واضح مغروس في اذهان اهل الشرع، و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عن معادن الذهب و الفضة و الصفر و الحديد و الرصاص؟ فقال: عليها خمس جميعا «1».

و منها ما رواه الحلبي في حديث قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الكنز كم فيه؟ قال: الخمس، و

عن المعادن كم فيها؟ قال: الخمس، و عن الرصاص و الصفر و الحديد و ما كان بالمعادن كم فيها؟ قال: يؤخذ منها كما يؤخذ من معادن الذهب و الفضة «2».

و منها ما رواه عمّار بن مروان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: فيما يخرج من المعادن و البحر و الغنيمة و الحلال المختلط بالحرام اذا لم يعرف صاحبه و الكنوز الخمس «3».

______________________________

(1) الوسائل، الباب 3، من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 1.

(2) نفس المصدر، الحديث: 2.

(3) نفس المصدر، الحديث: 6.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 23

______________________________

و منها ما رواه ابن أبي عمير، عن غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الخمس علي خمسة أشياء علي الكنوز و المعادن و الغوص و الغنيمة «1».

ان قلت: يستفاد من حديث ابن سنان «2»، انه لا خمس الّا في الغنائم فما التوفيق؟

قلت: اذا قلنا بأنّ المراد من الغنائم في الحديث مطلق الفائدة و الرواية شاملة للمقام و بقية موارد الخمس كالكنز مثلا، فلا اشكال- كما هو ظاهر- اذ لا موضوع للتنافي، و إن قلنا بأنّ المراد خصوص غنائم دار الحرب فنلتزم بالتقييد بالنصوص الدالة علي الوجوب في غيرها و بالضرورة و القطع و باب التخصيص و التقييد مفتوحة بكلا مصراعيها.

الفرع الثاني: انه لو احرز العنوان الذي يكون موضوعا للحكم فيترتّب عليه وجوب الخمس بلا كلام و لا إشكال

و يلحق به ما نصّ عليه في كلام المعصوم عليه السّلام و أمّا لو فرضنا لا هذا و لا ذاك أي شكّ في كونه معدنا و لم يكن منصوصا عليه في كلام الامام روحي فداه فلا يجب فيه الخمس.

و الأمر كما أفاده، فان مقتضي الاصل الموضوعي، و كذا الاصل الحكمي عدمه، أمّا الاصل الموضوعي فهو الاستصحاب، فانّا لا نري

______________________________

(1)

نفس المصدر، الحديث: 7.

(2) لاحظ ص 9.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 24

______________________________

مانعا عن جريان الاصل في الشبهة المفهومية، و لذا قلنا في محله انه لو دار الأمر في مفهوم المغرب بين استتار القرص و ذهاب الحمرة لا مانع عن جريان الاستصحاب بأن نقول: قبل استتار القرص مفهوم المغرب لم يكن حاصلا في الخارج و الآن كما كان.

و في المقام نقول: الجصّ مثلا قبل تحقّقه في الخارج لم يكن معنونا بعنوان المعدنيّة و الآن كما كان.

و يمكن تقريب الأصل بوجه آخر و هو: اصالة عدم صيرورة خمس المال لأهله، لكن الأصل المذكور لا يقتضي صيرورة تمام المال ملكا للحائز الّا علي القول بالمثبت الذي لا نقول به.

و بعبارة اخري: إنّ هذا التقريب مع قطع النظر عن التقريب الاول، أي الاستصحاب الذي يحرز به عدم كون المورد معنونا بعنوان المعدنية لا يفيد، اذ المخصّص المنفصل يوجب تعنون العام فالمحوز يصير مملوكا بتمامه ملكا للحائز في غير المعدن و أمّا فيه فلا، فاذا شك في المعدنية لا يمكن الاخذ بالعموم لعدم جواز الأخذ بالعموم في الشبهة المصداقية.

و امّا الأصل الحكمي، فقد قال سيدنا الاستاد في المقام- مستدلا علي المدعي-: انّ مقتضي اصالة البراءة عدم وجوب الخمس.

و يرد عليه انّ اصالة البراءة عن الوجوب لا يقتضي صيرورة تمام العين للحائز الّا علي القول بالمثبت الذي لا يقول به.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 25

______________________________

و يظهر من كلامه تقريب آخر للاستدلال و هو: انّ مقتضي دليل كلّ ما أفاد الناس من قليل أو كثير، ففيه الخمس بعد المئونة أي مؤنة السنة عدم تعلق الخمس، فان ما يشكّ في كونه

معدنا مشمول لهذه الكلية و نشك في التخصيص.

هذا من ناحية و من ناحية اخري قد ثبت في محله انّ اجمال المخصص المنفصل لا يسري الي العام و المفروض ان المخصص من حيث المفهوم مجمل و دائر بين الاقل و الاكثر فلا يشمل مورد الشك.

و يرد عليه: انّ الشك في عنوان ما أفاد، اذ علي تقدير تعلق الخمس لا يكون جميع العين فائدة للحائز و قد ثبت في محله ان الأخذ بالعام أو المطلق غير جائز في الشبهة المصداقية فلا بدّ من احراز عدم كون العين مصداقا للمعدن.

الفرع الثالث: انه لا فرق في الحكم المذكور بين كون المعدن في الأرض المملوكة أو المباحة.

و الوجه فيه اطلاق الدليل فلا وجه للتفصيل.

الفرع الرابع: انه لا فرق في الحكم المذكور بين كون المعدن تحت الأرض أو فوقها.

لإطلاق الدليل بالاضافة الي النصّ الخاص، لا حظ ما رواه محمد ابن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الملاحة؟ فقال: و ما الملاحة؟ فقال: ارض سبخة مالحة يجتمع فيها الماء فيصير ملحا، فقال:

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 26

______________________________

هذا المعدن فيه الخمس، فقلت: و الكبريت و النفط يخرج من الأرض؟

قال: فقال: هذا و أشباهه فيه الخمس «1».

الفرع الخامس: انه لا فرق فيه بين كون المخرج مسلما أو كافرا.

و قد فصّل سيدنا الاستاد بين كون الكافر مكلفا بالفروع و عدم كونه كذلك، فعلي الأول يتعلق الخمس بما يخرجه من المعدن، و أمّا علي الثاني فلا، و حيث ان الاظهر عنده عدمه اختار عدم التعلق.

و يرد عليه اولا: ان المستفاد من الدليل كونه مكلفا بالفروع كما انه كذلك في الاصول، فان عموم ادلة التكاليف أو اطلاقها يشمله و الاستثناء يحتاج الي الدليل.

مضافا الي الدليل عليه بالخصوص، لاحظ قوله تعالي: قٰالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ. وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ. وَ كُنّٰا نَخُوضُ مَعَ الْخٰائِضِينَ. وَ كُنّٰا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ «2».

فان تكذيب يوم الدين يوجب الكفر و مع ذلك يستفاد من الآية ان المنكر للمعاد مكلف بالفروع كالصلاة و الزكاة.

و ثانيا: انه لا تلازم بين الحكم الوضعي و التكليفي فاطلاق دليل الخمس يقتضي تعلقه بما يخرجه الكافر، و اذا كان تلازم بين الأمرين يلزم عدم ضمانه اذا أتلف مال الغير، و هل يلتزم به سيدنا الاستاد.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 3 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 4.

(2) المدثر، 43- 44- 45- 46.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 27

الفرع السادس: انه لا فرق في الحكم المذكور بين كون المخرج بالغا أو صبيا.

______________________________

الذي يختلج بالبال أن يقال: يشترط في ثبوت الخمس كون المخرج بالغا، فان المستفاد من حديث عمّار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الغلام متي تجب عليه الصلاة؟ فقال: اذا اتي عليه ثلاث عشرة سنة، فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة و جري عليه القلم، و الجارية مثل ذلك إن أتي لها ثلاث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة و جري عليها القلم «1».

بمقتضي مفهوم الشرط ان جريان القلم مشروط بالبلوغ و

مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين قلم التكليف و الوضع.

فالحقّ ان وجوب الخمس في المعادن و كذا في بقية الموارد مشروط بالبلوغ و هذه الجهة لها اهمية كثيرة في الأحكام المترتبة علي أفعال غير البالغ.

الفرع السابع: انه لا فرق في الحكم المذكور بين كون المخرج عاقلا أو مجنونا.

و أورد عليه سيدنا الاستاد بأنّ حديث الرفع بالنسبة الي المجنون يقتضي رفع الحكم تكليفا كان أو وضعا.

و يرد عليه: انه لا دليل معتبر يدل علي رفع الحكم الوضعي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 4، من أبواب مقدمة العبادات، الحديث: 12.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 28

______________________________

بالاطلاق، فان حديث الأعمش عن ابن ظبيان قال: اتي عمر بامرأة مجنونة قد زنت فأمر برجمها، فقال علي عليه السّلام: أما علمت ان القلم يرفع عن ثلاثة عن الصبي حتي يحتلم و عن المجنون حتي يفيق و عن النائم حتي يستيقظ «1» و ان كان دالا علي الرفع علي الاطلاق و لكن مخدوش سندا.

نعم بالنسبة الي الحكم التكليفي الحديث التام سندا موجود، لاحظ ما رواه ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لمّا خلق اللّه العقل استنطقه ثم قال له: اقبل فأقبل ثم قال له: أدبر فادبر ثم قال: و عزّتي و جلالي ما خلقت خلقا هو احبّ إليّ منك و لا اكملتك الّا فيمن احبّ أما انّي ايّاك آمر و ايّاك أنهي و ايّاك اعاقب و ايّاك اثيب «2».

فالحق ما أفاده في المتن من الثبوت بالنسبة الي المجنون لإطلاق الدليل فيجب علي وليه اخراجه.

الفرع الثامن: انه يجوز للحاكم الشرعي اجبار الكافر علي دفع الخمس،

فانه ولي الأمر فيجوز له بل يجب عليه فانه وظيفة للولي.

الفرع التاسع: انّ الكافر اذا أسلم قبل الدفع يسقط عنه اذا لم تكن العين باقية.

الذي يختلج بالبال أن يقال: لا وجه للسقوط، فان حديث الجبّ

______________________________

(1) الوسائل: الباب 4، من أبواب مقدمة العبادات، الحديث: 11.

(2) الوسائل: الباب 3، من أبواب مقدمة العبادات، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 29

______________________________

ضعيف سندا، ثم لا وجه للتفصيل بين بقاء العين و عدمه، و اللّه العالم.

الفرع العاشر: انه يشترط في وجوب الخمس في المعدن بلوغ الخارج عشرين دينارا بعد اخراج مؤنة الاخراج.
اشارة

و يقع البحث في هذا الفرع من جهات:

الجهة الاولي: في اشتراط وجوب الخمس في المعدن ببلوغه عشرين دينارا.

و يدل عليه ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال:

سألت أبا الحسن عليه السّلام عمّا أخرج المعدن من قليل أو كثير هل فيه شي ء؟

قال: ليس فيه شي ء حتي يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا «1».

و لا يعارضه ما رواه محمد بن علي بن أبي عبد اللّه عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عمّا يخرج من البحر من اللؤلؤ و الياقوت و الزبرجد، و عن معادن الذهب و الفضة هل فيها زكاة؟ فقال: اذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس «2».

لعدم ثبوت وثاقة الراوي عن الامام عليه السّلام فالمرجع حديث البزنطي و اعراض الأصحاب عن الحديث لا يوجب سقوطه عن الاعتبار لما قلنا مرارا ان الاعراض لا اثر له، مضافا الي النقاش في الصغري فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 4 من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(2) الوسائل: الباب 3 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 5.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 30

لجهة الثانية: ان متعلق الخمس العين بعد مؤنة الاخراج.

______________________________

و تقريب المدعي المذكور بوجهين:

الوجه الاول: انّ موضوع الخمس عنوان الغنيمة و هذا المفهوم انما يصدق بالنسبة الي الربح الذي يحصل من عملية الاخراج كسائر الموارد، مثلا اذا اشتري زيد كتابا بدينار ثم باعه دينارين لا يصح أن يقال: ان زيدا ربح دينارين بل ربحه دينار واحد.

و يرد علي التقريب المذكور: انه تارة يكون الموضوع عنوان الغنيمة فيكون للتقريب وجه وجيه، و اخري يكون الموضوع عنوان المعدن كما هو كذلك فلا وجه للتقريب المذكور و الالتزام بوجوب الخمس في المعدن بعنوان كونه غنيمة بلا وجه.

الوجه الثاني: النص الخاصّ الدال علي أنّ الخمس بعد المئونة، لاحظ ما رواه ابن أبي نصر قال: كتبت الي أبي جعفر

عليه السّلام الخمس اخرجه قبل المؤونة أو بعد المؤونة؟ فكتب: بعد المؤونة «1».

فانّ المستفاد من الحديث ان الخمس بعد المئونة.

و أوضح دلالة في المدعي ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

سألته عن المعادن ما فيها؟ فقال: كلّ ما كان ركازا ففيه الخمس و قال:

ما عالجته بمالك ففيه ما أخرج اللّه سبحانه منه من حجارته مصفّي، الخمس «2».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 12 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 1.

(2) الوسائل: الباب 3 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 3.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 31

______________________________

فان المستفاد من الحديث ان متعلق الخمس العين بعد التصفية و اخراج ما عولج في اخراج المعدن.

و بعبارة اخري: التصريح في كلامه روحي له الفداء بقوله: «ما عالجته بمالك» الخ يدلّ علي أنّ المراد تعلق الخمس بما يصفو و يبقي بعد اخراج المئونة.

و أمّا احتمال ان يكون المراد انّ متعلق الخمس الحجارة بعد التصفية بان يكون لفظ (مصفّي) صفة للحجارة، فمدفوع بأنّه يلزم أن تكون الصفة مطابقة مع الموصوف في التذكير و التأنيث و المفروض في الحديث كون الحجارة مؤنّثة و لفظ مصفّي مذكر.

و لو اغمض عما ذكرنا و قلنا بانّ لفظ مصفّي صفة للحجارة- كما هو مقتضي ظاهر اللفظ-، نقول: يكون المراد من تصفية الحجارة تصفيته من حيث المالية.

و يدل عليه أمران احدهما قوله عليه السّلام: «ما عالجته بمالك» اذ لو لم يكن المراد من التصفية، المالية لم يكن وجه لذكر المال في الحديث.

ثانيهما: انّ التصفية من حيث الزوائد انما تتصور في قسم خاصّ من المعادن كالذهب و الفضة مثلا، و أمّا لو كان المعدن قطعة من الأرض فلا تتصوّر فيه التصفية من

حيث الزوائد، بل يتصور فيه التصفية من حيث المال، نعم تتصور فيه التجلية التي لا تكون محلا للكلام.

الجهة الثالثة: في أنّه هل يلاحظ النصاب الذي يكون موضوعا للخمس بعد استثناء المئونة؟

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 32

______________________________

أي يلزم أن يكون المعدن بعد اخراجه يساوي عشرين دينارا أو يكفي بلوغه هذا المقدار و لو قبل استثناء المئونة؟

وقع الخلاف بين القوم و المشهور هو الأول بل نقل عدم الخلاف فيه و ذهب جماعة الي القول الثاني.

و استدل علي القول الاول بالبراءة و الأخذ بالقدر المتيقن.

و فيه: انه لا مجال للأصل العملي مع الاطلاق و المفروض ان دليل وجوب الخمس في المعدن مطلق و الاطلاق محكّم.

و ربما يستدل علي القول المشهور بحديث زرارة المتقدم ذكره آنفا «1».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان متعلق الخمس الحجر المصفي.

و يرد عليه انه قد تقدم قريبا انّ المراد من الحديث ان متعلق الخمس بعد التصفية المالية أي بعد مؤنة الاخراج، و ان لم يبق الا مقدار دينار واحد.

و ان أبيت عمّا ذكر فلا أقلّ من كون الحديث مجملا و من الظاهر ان اجمال المخصص المنفصل لا يسري الي العام و قلنا ان مقتضي الدليل الوارد في المعادن ثبوت الخمس فيها بلا قيد من هذه الجهة، و حيث انّ لازم الإخبار حجة يرتفع الاجمال عن حديث زرارة و يفهم ببركة دليل

______________________________

(1) لاحظ ص 30.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 33

______________________________

الوجوب ان المراد من التصفية، التصفية المالية.

و يكون المقام نظير ما لو قال المولي: اكرم العلماء، و قال في دليل آخر انه يحرم اكرام الفساق من العلماء و تردّد امر الفسق بين الكبيرة و الأعم منها و من الصغيرة يفهم من دليل الوجوب بعمومه انّ المراد

من الفسق في دليل التخصيص خصوص الكبيرة فلاحظ.

فالحق هو القول الثاني و لهذا الاختلاف اثر مهمّ و هو انه علي القول الاول لو اخرج معدنا و قبل التصفية باعه من بكر و لا يساوي بعد التصفية مقدار النصاب، لا يجب الخمس لا بالنسبة الي البائع و لا بالنسبة الي المشتري، أمّا بالنسبة الي البائع فلعدم بلوغه حد النصاب و أمّا بالنسبة الي المشتري فلأنه لم يخرج المعدن فلا وجه لثبوت الخمس مطلقا فلاحظ.

الفرع الحادي عشر: انّه هل يعتبر في تعلق الحكم اخراج المعدن دفعة أو يكفي و لو بالدفعات؟

اختار الماتن الثاني، و الحق هو الأول، فان الأحكام الشرعية علي نحو القضايا الحقيقيّة و الحكم في القضية الحقيقيّة ينحل بانحلال الموضوع و يترتب الحكم علي كل موضوع، فاذا أخرج أقلّ من النصاب في يوم الجمعة لا يترتب علي المخرج الحكم لعدم تمامية الموضوع فرضا، فإذا أخرج الباقي يوم السبت يكون الكلام فيه هو الكلام، و لا وجه لملاحظة المجموع ان كان بقدر النصاب.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 34

______________________________

فلو نهي المولي عن قبول دينار من شخص لا يقتضي نهيه عدم قبول نصف الدينار أو ربعه، فلو فرض انه قبل في يوم نصف دينار و في يوم آخر النصف أيضا لم يخالف المولي.

و العجب ان الماتن فرّق بين صورة الاعراض عن اخراج الباقي و عدمه و الحال انه لا فرق من هذه الجهة بين الصورتين و الميزان تحقّق الموضوع و صدقه، فان صدق يترتب عليه الحكم و ان تحقق الاعراض، و ان لم يصدق- كما هو كذلك- لا يترتب و ان لم يتحقق الاعراض فلاحظ.

الفرع الثاني عشر: انّه لو أخرج المعدن متعدد فهل يلزم في الوجوب أن يكون حصة كل واحد بقدر النصاب أو يكفي بلوغ المجموع؟

الظاهر هو الثاني لإطلاق حديث البزنطي «1» فان المستفاد من الحديث ان موضوع الحكم، ما أخرجه المعدن فالميزان بما يخرج من المعدن و لا موضوعية للمخرج.

الفرع الثالث عشر: انه لا يعتبر في تعلق الحكم اتحاد جنس المخرج

فلو كان متعددا و بلغ النصاب يترتب عليه الحكم لإطلاق الدليل فالميزان صدق عنوان الموضوع و صدق المعدن بلا فرق بين اتحاد الجنس و تعدده، و أمّا لو لم يكن المعدن واحدا لا يترتب عليه الحكم بلا فرق بين

______________________________

(1) لاحظ ص 29.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 35

(مسألة 6): لو اخرج خمس تراب المعدن قبل التصفية فإن علم بتساوي الأجزاء في الاشتمال علي الجوهر أو بالزيادة فيما أخرجه خمسا اجزاء و الا فلا لاحتمال زيادة الجوهر فيما يبقي عنده (1).

______________________________

التقارب في المتعدد و عدمه و بلا فرق بين اتحاد الجنس و عدمه، فما احتمله الماتن من الوجوب مع التقارب خصوصا مع وحدة الجنس لا وجه له و اللّه العالم.

[مسألة 6: لو اخرج خمس تراب المعدن قبل التصفية]

(1) فصّل قدّس سرّه فيما لو أخرج خمس تراب المعدن بين العلم بالتساوي أو العلم بزيادة المخرج و بين الشك فحكم بالإخراج في الصورة الاولي و بعدمه في الصورة الثانية للشك في أداء ما وجب عليه.

و الحق ما أفاده، فإن مقتضي الاستصحاب عدم اخراج الخمس الواجب عليه.

و ربما يقال- كما عن صاحب الجواهر قدّس سرّه- انّ الخمس انما يتعلق بالمعدن بعد تصفيته بمقتضي حديث زرارة «1» و قبل توجه الخطاب، كيف يكون الاخراج مجزيا فلا بد من تأخير الاداء الي زمان التصفية.

و يرد عليه: ان الأمر في التصفية دائر بين المالية و الخارجية أي بين اخراج المئونة و انه اي مقدار يصفو للمخرج و بين تصفية الجوهر عن الزوائد، و الظاهر من قوله عليه السّلام في ذيل الخبر، ان المراد التصفية المالية

______________________________

(1) لا حظ ص 30.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 36

______________________________

كما صرّح بذلك صاحب الحدائق

«1».

و الشاهد علي ما ذكر أمران:

الأول: قوله عليه السّلام: «ما عالجته بمالك» فإنّ المراد ان كان تصفية الجوهر من الزوائد لم يكن وجه لذكر المال و لا يرتبط به.

الثاني: ان الجوهر لا يحتاج الي التصفية دائما مثلا العقيق و أمثاله قطعة من الأرض و لا زائد فيه، نعم انما يتصور ذلك في مثل تراب المعدن المخلوط مع الذهب أو الفضة.

و صفوة القول: ان المستفاد من الحديث بيان متعلق الخمس لا بيان وقت الوجوب و يترتب عليه اثر مهم، فإنّ الوجوب لو كان معلقا علي التصفية يجوز للمخرج قبلها نقل المعدن الي الغير فلا يجب الخمس لا بالنسبة الي الناقل و لا بالنسبة الي المنقول اليه.

أمّا الاول: فلفرض عدم التصفية، و أمّا الثاني فلعدم كونه مخرجا للمعدن.

و بعبارة اخري: يتعلق الوجوب بمن يستفيد من المعدن من طريق الاخراج لا من يستفيد منه من طريق الاشتراء.

الّا أن يقال: لا وجه للتقييد، فان مقتضي دليل وجوب الخمس في المعدن وجوبه علي الاطلاق فتحصل ممّا ذكرنا: ان ما افاده الماتن تام لا خدش فيه.

______________________________

(1) الحدائق: ج 12 ص 329.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 37

[مسألة 7: اذا وجد مقدارا من المعدن مخرجا مطروحا في الصحراء]

اشارة

(مسألة 7): اذا وجد مقدارا من المعدن مخرجا مطروحا في الصحراء، فإن علم انه خرج من مثل السيل أو الريح أو نحوهما أو علم ان المخرج له حيوان أو انسان لم يخرج خمسه وجب عليه اخراج خمسه علي الاحوط اذا بلغ النصاب بل الأحوط ذلك و ان شك في أن الانسان المخرج له أخرج خمسه أم لا (1).

______________________________

(1) تعرض قدّس سرّه في هذه المسألة لفروع ثلاثة:

الفرع الأول: انه لو وجد مقدار يبلغ النصاب مطروحا علي الأرض بسبب حيوان أو غيره كالريح أو السيل

يجب تخميسه احتياطا.

و تقريب المدعي: ان اطلاق دليل الوجوب يقتضي وجوبه.

و بعبارة اخري: الحكم مترتب علي المعدن و هذا مصداقه.

و يرد عليه: ان المعدن عبارة عن مكان يوجد فيه الشي ء المعدني.

قال الطريحي- في مجمع البحرين-: «و المعدن مستقر الجوهر».

و ببيان آخر: المعدن عبارة عن المخرج، و أمّا الخارج منه فليس معدنا و بهذا الاعتبار ورد في الخبر: «الناس معادن كمعادن الذهب و الفضّة» «1».

أي فعل الخير يوجد في الانسان السعيد و الشر يوجد في الخبيث فاطلاق المعدن علي الخارج باعتبار علاقة الحالّ و المحلّ.

و من ناحية اخري، ان المعدن بما هو لا يتعلق به الخمس و انما

______________________________

(1) بحار الأنوار: ج 61 ص 65، الحديث: 51.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 38

______________________________

الخمس يتعلق بما يخرج منه فيعتبر فيه زمان الاخراج و الانفصال.

و بعبارة واضحة: ان العلاقة المجوزة للاستعمال المجازي موجودة ما دام كون الجوهر في محله، و اما بعد انفصاله و طرحه في الصحراء كما هو المفروض فلا مقتضي للإطلاق.

و ان ابيت عما قلنا نقول: لا وجه لتسرية الحكم الي المطروح، لأن الجوهر كما تقدم ليس معدنا و لا ندري ان المتكلم أي الامام روحي فداه هل أراد من اللفظ مطلق الخارج و لو بعد

طرحه أم لا؟

و ان شئت قلت: انّا لم نحرز سعة ملاحظة العلاقة المجازية و لا دليل علي أنّ مراده عليه السّلام يشمل المطروح أم لا؟ و مقتضي الاصل عدمه فلا تصل النوبة الي الأخذ بالإطلاق.

فالنتيجة عدم تعلق الخمس في المطروح.

الّا أن يقال: ان ما قلت و ان كان تاما، لكن مقتضي حديث البزنطي عن أبي الحسن عليه السّلام، وجوب الخمس في الفرع المذكور، فإنّ الراوي يسئل الامام عليه السّلام عمّا يخرجه المعدن و في الجواب قال ما مضمونه: انه لو كان بالغا حد النصاب فيه الخمس.

و من الظاهر ان ما يكون مطروحا علي الأرض بسبب جماد أو حيوان يصدق عليه عنوان ما أخرجه المعدن، فاذا وجده انسان يتعلق به الحكم تكليفا و وضعا.

الفرع الثاني: ان انسانا لو أخرجه و طرحه في الصحراء مع القطع بعدم اداء خمسه،

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 39

______________________________

و لكن المفروض أنه يجوز تملك المطروح لاعراض مالكه عنه.

و قد حكم الماتن «قدّس سرّه» بوجوب الخمس علي الواجد احتياطا

و الحق أن يقال: انما يجب عليه من باب كون الخمس مملوكا لأربابه باخراج ذلك الانسان و ان المطروح مشترك بنحو الاشاعة بينه و بين أهل الخمس و إعراضه انما يؤثر بالنسبة الي مملوكه لا مملوك غيره.

ثم انه هل يلزم في صيرورة المعدن ملكا للمخرج أن يقصد بالاخراج التملك أو يكفي الاخراج و لو لم يكن بهذا العنوان؟ مثلا لو حفر الأرض لغاية اخري كالوصول الي الماء أو نحوه من الغايات و صدفة وجد المعدن هل يصير ملكا له و هل يجب عليه الخمس أم لا؟

ربما يقال: بالثاني- كما عليه سيدنا الاستاد- و لكن الانصاف ان مقتضي الادلة الواردة في المقام عموم الحكم، لاحظ ما رواه البزنطي «1».

فإن موضوع الحكم المذكور في

الحديث باطلاقه يشمل كل اخراج و لا حظ ما رواه عمّار بن مروان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

فيما يخرج من المعادن و البحر و الغنيمة و الحلال المختلط بالحرام اذا لم

______________________________

(1) لاحظ ص: 29.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 40

______________________________

يعرف صاحبه و الكنوز، الخمس «1».

الفرع الثالث: انه لو علم بانّ انسانا أخرجه و طرحه لكن يشك في أنه ادّي خمسه أم لا؟

و احتاط أيضا في وجوب اداء الخمس.

و الحق ان القاعدة تقتضي وجوبه، اذ المفروض تعلق الخمس و نشك في ادائه و مقتضي الاستصحاب عدم الاداء.

ان قلت: مقتضي حمل فعل الغير علي الصحة اذا كان مسلما ان نحكم بالأداء.

قلت: يرد عليه اولا: ان الدليل اخصّ من المدعي، اذ يمكن أن يكون ذلك الانسان كافرا فلا يتمّ التقريب المذكور.

و ثانيا: ان حمل فعل الغير علي الصحة لا يقتضي ترتيب اللوازم عليه و لذا لو صادفنا في الطريق احد و تكلم بجملة لا ندري هل سلّم أو شتم يكون مقتضي اصالة الصحة ان لا نحكم عليه بأنّه شتمنا و لكن هل يجب جواب سلامه؟ كلا، اذ الأصل المذكور لا يقتضي اثبات اللوازم.

ان قلت: بعد كون اليد امارة علي الملك، و من ناحية اخري الاستصحاب لا يعارض اليد في جميع الموارد التي تكون مثل المورد لما حقق في محله من تقدم الامارة علي الاستصحاب، يكون مقتضي القاعدة الحكم بكون جميع المال للمعرض.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 3، من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 6.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 41

(مسألة 8): لو كان المعدن في أرض مملوكة فهو لمالكها و اذا أخرجه غيره لم يملكه، بل يكون المخرج لصاحب الارض و عليه الخمس من دون استثناء المئونة لأنه لم يصرف عليه مؤنة

(1).

______________________________

قلت: اذا كانت اليد بحدوثها لم تكن امارة للملك للعلم بأنّ بعض ما في يده مملوك للغير لا يمكن اثبات الملكية لذي اليد بقاء، اذ قاعدة اليد ليست بدليل لفظي كي يؤخذ باطلاقها، بل الدليل عليها السيرة و الدليل اللبي يقتصر فيه علي القدر المتيقن.

فالنتيجة: انه يجب اداء الخمس في الفرض للاستصحاب.

و بعبارة واضحة: ان ذلك الانسان في زمان الاخراج لم يكن مالكا للخمس و نشك في فراغه و الاستصحاب يقتضي عدم الاداء و بقاء الخمس في ملك اهله فلا بد من ايصاله اليه، و اللّه العالم.

[مسألة 8): لو كان المعدن في أرض مملوكة فهو لمالكها و اذا أخرجه غيره لم يملكه]

اشارة

(1) ذكر الماتن «قدّس سرّه» في هذه المسألة فروعا:

الفرع الأول: انه لو كان المعدن في أرض مملوكة ملكا شخصيا يكون مملوكا لصاحب الأرض.

و ما أفاده باطلاقه غير تامّ، بل لا بدّ من التقييد بأن نقول: ما يكون تابعا للأرض بحسب النظر العرفي العقلائي، مملوك لمالك الارض، و أمّا اذا لم يكن كذلك فلا وجه لكونه ملكا لمالك الارض.

و بعبارة واضحة: الملكية تتوقف علي سبب اختياريا كان أو غير اختياري كالإرث مثلا، و أساس الملكية شرعا أمّا الحيازة و اما الاحياء و شي ء من الامرين لا يقتضي التبعية في الملكية.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 42

______________________________

و ان شئت قلت: الحيازة تقتضي ملكية المحوز، كما ان الاحياء يقتضي ملكية المحياة و لا تعرض في الأمرين المذكورين بالنسبة الي الفوق و التحت، و التبعية انما هي بحكم العقلاء و ارتكازهم الممضي من قبل الشارع قطعا فلا بد من الصدق العرفي، و لا يمكن لأحد أن يدعي انا مالك لما وقع تحت أرض داري الي الف فرسخ مثلا، فعليه لا يمكن الحكم علي الاطلاق.

إلّا أن يقال: الماتن أيضا ناظر الي صورة تحقق التبعية العرفية العقلائية فلا نزاع في البين.

الفرع الثاني: انّه لو أخرجه غير مالك الأرض لا يملكه.

و لا بد فيه من التفصيل بأن نقول: لو أخرج المعدن من المكان الذي يكون مملوكا للمالك تبعا، فالحقّ ما أفاده، اذ المفروض ان الخارج مملوك للغير و لا وجه لتملك مال الغير.

ان قلت: مقتضي اطلاق الدليل عدم الفرق بين المملوك و غير المملوك.

قلت: يرد عليه اولا: النقض بما لو أحيا شخص ارضا ميتة مملوكة للغير، فهل يمكن القول بأن الإحياء يوجب تملكها؟

و ثانيا: نجيب بالحل و هو: ان الظاهر من الدليل بحسب الفهم العرفي و التناسب بين الحكم و الموضوع ان ما يجوز تملكه يكون قابلا للتملك.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس،

ص: 43

______________________________

و بعبارة اخري: العرف يفهم انّ المال اذا لم يكن مملوكا للغير يجوز تملكه بالحيازة أو الإحياء أو الاخراج أو غيرها.

اضف الي ذلك، ان مقتضي قوله تعالي: إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ حرمة مال الغير و عدم جواز تملكه الا بالتجارة، و هذا ظاهر واضح.

و أما لو أخرجه من المكان الذي لا يكون ملكا للغير و لا يكون تبعا للمملوك يتملك بالاخراج و يجب عليه الخمس غايته قد ارتكب حراما و هو التصرف في مال الغير بدون اذنه.

الفرع الثالث: انه يجب الخمس علي المالك بلا اخراج مؤنة الاخراج،

أمّا وجوب الخمس عليه فلأن المفروض انه ملكه، و أمّا عدم اخراج المئونة فلأنه سالبة بانتفاء الموضوع، اذ المفروض انه لم يصرف شيئا، و لا مقتضي لضمانه بالنسبة الي المتصدي للإخراج.

و ربما يناقش في ثبوت الخمس علي المالك و ذلك لأن المفروض انّ المالك لم يتصدّ للإخراج، و قد تقدم ان المطروح في الصحراء لا يجب فيه الخمس بالنسبة الي الآخذ، فعلي هذا يمكن ان يقال: لا يجب الخمس لا علي المتصدي للإخراج و لا علي المالك، أمّا الاول فلفرض عدم تملكه و أمّا الثاني فلفرض عدم اخراجه.

إلّا أن يقال: انه يصدق عليه عنوان ما أخرجه المعدن، و قد دلّ ما رواه البزنطي عن أبي الحسن عليه السّلام بقوله: «عليه الخمس» بعد سؤال

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 44

(مسألة 9): اذا كان المعدن في معمور الأرض المفتوحة عنوة التي هي للمسلمين فأخرجه أحد من المسلمين ملكه و عليه الخمس، و ان أخرجه غير المسلم، ففي تملكه اشكال، و أمّا اذا كان في الارض الموات حال الفتح فالظاهر انّ الكافر أيضا يملكه و عليه الخمس (1).

______________________________

الراوي عما أخرجه المعدن، و هذا

يصدق عليه العنوان المذكور فيه الخمس.

[مسألة 9): اذا كان المعدن في معمور الأرض المفتوحة عنوة التي هي للمسلمين فأخرجه أحد من المسلمين ملكه و عليه الخمس]

اشارة

(1) قد تعرض الماتن في هذه المسألة لفروع ثلاثة:

الفرع الأول: انه لو كان المعدن في الارض المفتوحة عنوة فأخرجه مسلم يتملكه و يجب عليه الخمس.

بتقريب: أنّه لا دليل علي كون المعدن مملوكا للمسلمين تبعا، امّا اذا كان بعيدا عن سطح الارض بعدا خارق العادة فواضح إذ لا يكون مملوكا لمالك الارض، و قد تقدم الكلام حوله.

و أمّا اذا لم يكن كذلك و كان قريبا من سطح الارض فلا دليل علي التبعية في المقام.

و بعبارة اخري: التبعية من باب السيرة العقلائية و في المقام لا سيرة فالمقتضي للتملك موجود و المانع مفقود.

و ربما يقرّب المدّعي بتقريب آخر و هو: انه يستفاد من بعض النصوص ان المعدن من الأنفال و هي للإمام عليه السّلام فلا يجوز تملكه، لاحظ ما رواه اسحاق بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 45

______________________________

الانفال؟ فقال: هي القري التي قد خربت و انجلي اهلها فهي للّه و للرسول و ما كان للملوك فهو للإمام و ما كان من الارض الخربة لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب و كل ارض لا ربّ لها و المعادن منها و من مات و ليس له مولي فماله من الانفال «1».

فانّ قوله عليه السّلام «و المعادن منها» يدل علي انّ المعادن قسم من الانفال التي للإمام.

و يرد علي الاستدلال المذكور اوّلا: انه لا اشكال في التصرف في الانفال المملوكة للإمام للشيعة، و لذا يجوز لهم إحياء الموات التي تكون مملوكة للإمام.

و ثانيا: ان الاستدلال متوقف علي رجوع الضمير في قوله «منها» الانفال المذكورة في اول الحديث و لا دليل عليه مع الفصل الطويل بين الجملتين.

و يناسب بحسب القانون الادبي رجوعه الي الارض المذكورة قبله و تكون النتيجة ان المعدن

من الارض التي لا ربّ لها أو في الارض التي لا ربّ لها- علي بعض النسخ- يكون داخلا في الانفال أي و المعادن من الارض أو في الأرض من الانفال فتكون النتيجة ان المعدن الذي في الارض المشار اليها في الحديث من الانفال تبعا و يكون للإمام عليه السّلام و عليه بعض الأقسام من المعادن للإمام عليه السّلام.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1، من أبواب الانفال، الحديث: 20.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 46

______________________________

و يؤيد ما ذكرناه بل يدل عليه قوله روحي فداه في آخر الحديث «و من مات و ليس له مولي فماله من الانفال».

اذ علي التقدير الاول و علي فرض رجوع الضمير الي قوله «الانفال» كان المناسب تأخير جملة و المعادن و جعلها بعد الجملة الاخيرة كي يرجع الضمير الي الانفال بلا فصل، فانّه عليه السّلام عارف باسلوب الكلام و القانون الادبي فيكشف ان مرجع الضمير لفظ الارض، فلاحظ فما افاده في الفرع تامّ لا غبار عليه.

الفرع الثاني: انه لو أخرج الكافر المعدن من الارض المفتوحة ففي تملكه اشكال.

يمكن أن يكون وجه الاشكال: ان المعدن في الأرض المفتوحة عنوة مملوك للمسلمين تبعا للأرض فلا يجوز تملّكه لغير المسلم.

و يرد عليه: أنّ التبعية ممنوعة و علي فرض الالتزام بها لا بد من التفصيل بين الصدق العرفي و عدمه.

الفرع الثالث: انه لو تصدّي الكافر للإخراج من الأرض غير المفتوحة عنوة التي لا تكون مملوكة للمسلمين يملكه و عليه الخمس.

و يختلج بالبال أن يقال: تارة يكون المعدن مملوكا للإمام عليه السّلام و اخري لا، أمّا علي الأول فلا يجوز تملكه للكافر بل لغير الشيعي علي الاطلاق، لما ورد في بعض النصوص من عدم جواز التصرف في مملوكه عليه السّلام لغير الشيعة.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 47

(مسألة 10): يجوز استئجار الغير لإخراج المعدن فيملكه المستأجر و ان قصد الأجير تملكه لم يملكه (1).

______________________________

لاحظ ما رواه داود بن كثير الرقي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

سمعته يقول: الناس كلّهم يعيشون في فضل مظلمتنا إلّا أنّا أحللنا شيعتنا من ذلك «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا فلا تكون قابلة للاستناد اليها. نعم اذا فرضنا ان المعدن مملوك للإمام عليه السّلام أرواحنا فداه- كما هو المفروض-، يكون مقتضي القاعدة عدم جواز تملّكه لما تقدم من أن مملوك الغير لا يصير ملكا لغير مالكه.

ان قلت: فلا يجوز للشيعي أيضا تملكه لعين التقريب، قلت:

يستفاد من جملة من النصوص جواز التصرف في جملة من أمواله للشيعي.

و ان أبيت ممّا ذكر فلا أقلّ من التسالم علي الجواز.

و أمّا لو أخرج المعدن غير المملوك للإمام فلا مانع عن صيرورته مالكا اياه بالاخراج.

[مسألة 10): يجوز استئجار الغير لإخراج المعدن فيملكه المستأجر و ان قصد الأجير تملكه لم يملكه]

اشارة

(1) ذكر في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: انه لو استأجر الغير لإخراج المعدن يملك المستأجر ما يخرجه الأجير.

و الوجه فيه: ان المستأجر مالك لعمل الأجير فكأن المستأجر بنفسه أخرج المال، فانه لا فرق بين المباشرة و التسبيب من هذا الجهة.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 4 من الانفال، الحديث: 7.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 48

(مسألة 11): اذا كان المخرج عبدا كان ما أخرجه لمولاه و عليه الخمس (1).

(مسألة 12): اذا عمل فيما أخرجه قبل اخراج خمسه عملا يوجب زيادة قيمته، كما اذا ضربه دراهم أو دنانير أو جعله حليّا، أو كان مثل الياقوت و العقيق فحكّه فصّا مثلا اعتبر في اخراج خمس مادّته فيقوّم حينئذ سبيكة أو غير محكوك مثلا و يخرج خمسه، و كذا لو اتّجر به فربح قبل أن يخرج خمسه ناويا الاخراج من مال آخر ثم أدّاه من مال آخر، و أمّا اذا اتّجر به من غير نيّة الإخراج من غيره فالظاهر ان الربح مشترك بينه و بين أرباب الخمس (2).

______________________________

و بعبارة اخري: فعل الاجير ملك للمستأجر و لذا يمكن استناد الاخراج الي المستأجر باعتبار ملكه للإخراج و كونه مالكا لفعل الاجير فعليه الخمس اذ هو يملك المعدن بالاخراج.

الفرع الثاني: ان الأجير لو قصد تملك المعدن لا يملك.

و الوجه فيه: انّ فعله للغير فلا اختيار له في عمله.

[مسألة 11: اذا كان المخرج عبدا كان ما أخرجه لمولاه و عليه الخمس]

(1) الكلام فيه هو الكلام، و بعبارة اخري: العبد بنفسه مملوك لمولاه فالأثر المترتب علي فعله يعود الي مالكه.

[مسألة 12: اذا عمل فيما أخرجه قبل اخراج خمسه عملا يوجب زيادة قيمته]

اشارة

(2) تعرض الماتن قدّس سرّه في هذه المسألة لفروع.

الفرع الأول: انه لو عمل فيما أخرجه قبل اخراج خمسه عملا يوجب زيادة القيمة

يكون الواجب تخميس مادّته و لا اعتبار بالزيادة

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 49

______________________________

بلحاظ الهيئة.

و ربما يقال- كما في المستمسك-: ان الوجه فيما أفاده ان اهل الخمس شريك مع المالك في خصوص المادّة، و أما الهيئة فهي مملوكة للمالك بلا شريك فالاعتبار في التخميس بالمادّة بلا دخل للهيئة.

و يرد عليه: ان التقريب المذكور متوقّف علي القول بأنّ الهيئة تصير مملوكة كالعين و الحال انه لا يصحّ القول به، فان مقتضي القاعدة انّ الهيئة ربما توجب زيادة قيمة العين، و ربما توجب نقصانها و ثالثة لا هذا و لا ذاك.

هذا من ناحية و من ناحية اخري ان الحق ان اشتراك أهل الخمس مع المالك بالاشاعة و عليه لو ترقّي القيمة يكون الخمس مملوكا لأهله و يعتبر القيمة باعتبار العين المتهيّئة بالهيئة الخاصّة الفلانية، و بعبارة اخري: خمس العين بنحو الاشاعة مملوك لأهله، و ما أفاده في المتن غير تام.

الفرع الثاني: انه لو نوي اخراج الخمس من مال آخر من النقود مثلا ثم اتّجر بالعين فربح و أدّاه من مال آخر الذي نواه

يكون الاعتبار بقيمة العين بلا اشتراك اهل الخمس في الربع.

و يرد عليه اولا: انه لا دليل علي انتقال الخمس الي الذمّة بالنية و مقتضي القاعدة فساد النية المذكورة و كون العين باقية علي نحو الاشتراك.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 50

(مسألة 13): اذا شك في بلوغ النصاب و عدمه فالاحوط الاختبار (1).

______________________________

و ثانيا: انه لو قلنا بصحة النية فلا وجه لتقييد ما أفاده بالاداء من مال آخر و عدمه.

و بعبارة واضحة: ان كانت النية موجبة للانتقال فلا اثر للأداء و عدمه و ان لم تكن مؤثرة- كما هو كذلك- فلا اثر للأداء و عدمه أيضا.

الفرع الثالث: انه لو اتّجر بالعين بلا نية للإخراج من مال آخر و ربح

يكون الربح مشتركا بين المالك و اهل الخمس.

و يرد عليه: ان اشتراك أهل الخمس علي نحو الإشاعة فلو باع العين يكون بيعه بالنسبة الي الخمس فضوليا و باطلا بالفعل و تماميّته تتوقف علي اجازة وليّ الخمس و هو الامام ارواحنا فداه ثم الحاكم الشرعي علي القول بولايته في مثل هذه الامور، فلو أجاز من بيده الامر يصحّ البيع و يكون اهل الخمس مشتركا في الربح كما هو قانون الاشتراك و ان لم يجزه يكون الخمس باقيا في ملك أهله و يكون أهله مشتركا مع المشتري، و لا فرق فيما ذكرنا بين النية و عدمها فلاحظ.

[مسألة 13: اذا شك في بلوغ النصاب و عدمه]

(1) مقتضي الاستصحاب عدم بلوغه حد النصاب و من ناحية اخري لا يشترط جريان الاصل في الشبهات الموضوعية بالفحص.

و ربما يقال بوجوب الاحتياط في امثال المقام من باب اهمية الموضوع، و بعبارة اخري: لا بد من الاحتياط في الامور المالية أو من باب ان العلم الإجمالي بوقوع الخلاف و مخالفة بعض الاصول مع الواقع يقتضي عدم جريان الأصل.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 51

[الثالث: الكنز]

اشارة

الثالث: الكنز و هو المال المذخور في الأرض أو الجبل أو الجدار أو الشجر و المدار الصدق العرفي، سواء كان من الذهب أو الفضة المسكوكين أو غير المسكوكين أو غيرهما من الجواهر و سواء كان في بلاد الكفار الحربيين أو غيرهم أو في بلاد الإسلام في الارض الموات أو الارض الخربة التي لم يكن لها

______________________________

و يرد علي الوجه الاول: انه لا دليل عليه و الا يلزم في مورد يشك المكلف في اشتغال ذمته للغير و احتمله ان يجب عليه الاحتياط و عدم جريان الاصل و هذا يضحك الثلكي.

و يرد علي الوجه الثاني ان ما المراد بالعلم بالوقوع في خلاف الواقع، فان كان المراد بالنسبة الي غير المكلف من بقية المكلفين فلا اثر للعلم التفصيلي فكيف بالعلم الإجمالي.

مثلا لو علم زيد ان بكرا يقع في خلاف الواقع باجراء الاصل العملي في الموضوع الفلاني لا يكون علمه مانعا عن جريانه بالنسبة الي نفسه.

و ان كان المراد علمه الإجمالي بالنسبة الي نفسه فنلتزم بعدم الجريان في موارد العلم الإجمالي- كما هو المقرر عندهم- و نحن قد ناقشنا و قلنا لا مانع عن الأخذ بدليل الأصل بالنسبة الي بعض الاطراف و تفصيل الكلام موكول الي مجال آخر.

ثم انه لو قلنا

بلزوم الاحتياط فاللازم دفع الخمس الي أهله لا الاحتياط فانه لا مقتضي للاختبار فلا تغفل.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 52

مالك أو في أرض مملوكة له بالاحياء أو بالابتياع مع العلم بعدم كونه ملكا للبائعين و سواء كان عليه اثر الإسلام أم لا، ففي جميع هذه يكون ملكا لواجده و عليه الخمس و لو كان في أرض مبتاعة مع احتمال كونه لأحد البائعين عرّفه المالك قبله فان لم يعرفه فالمالك قبله و هكذا، فان لم يعرفوه فهو للواجد و عليه الخمس و ان ادّعاه المالك السابق فالسابق أعطاه بلا بيّنة و ان تنازع الملاك فيه يجري عليه حكم التداعي و لو ادّعاه المالك السابق إرثا و كان له شركاء نفوه دفعت إليه حصته و ملك الواجد الباقي و أعطي خمسه، و يشترط في وجوب الخمس فيه النصاب و هو عشرون دينارا (1).

______________________________

(1) الظاهر انه لا اشكال و لا كلام في أصل الحكم مضافا الي الارتكاز المتشرعي القاضي بوجوب الخمس في الكنز بالاضافة الي نقل الاجماع عليه عن غير واحد.

أضف الي ذلك جملة من النصوص الكثيرة الدالة علي الحكم المذكور، منها ما رواه الحلبي، انه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الكنز كم فيه؟ فقال: الخمس … الحديث «1».

الي غيره من الروايات الواردة في هذا الباب و غيره من بقية الابواب و سيمرّ عليك بعضها إن شاء اللّه تعالي، فلا كلام في أصل الحكم و وجوب الخمس في الكنز

انما الكلام في جملة من الجهات:

اشارة

______________________________

(1) الوسائل: الباب 5 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 53

الجهة الاولي: في انه هل يتقوّم مفهومه بتصدي إنسان عن قصد بان يدفن مالا و يدّخره في مكان اولا يتقوّم بذلك؟

______________________________

يظهر من جملة من كلام اهل اللغة و الفقهاء التقييد بهذا القيد و مقتضي القاعدة الاوّلية عند الشك في سعة المفهوم و ضيقه رعاية الشروط و القيود المحتملة، فانا قد ذكرنا مرارا ان مقتضي الاستصحاب البناء علي عدم تحقّق المفهوم المقيد.

و تقريب الاستصحاب انه يقال عند الشك في صدق مفهوم الكنز مثلا: ان المدفون في الارض بلا الوصف الكذائي قبل وجوده لم يكن مصداقا لهذا العنوان من باب السالبة بانتفاء الموضوع و نشك في انه هل صدق عليه بعد وجوده، الاصل بقاء عدم الصدق.

هذا بحسب مقتضي الشك، و أمّا في مورد الكلام فيمكن أن يقال: انه لا تصل النوبة الي الاصل، فانه قد ثبت في الاصول ان صحة الحمل علامة الحقيقة و صحة السلب علامة المجاز، و انّا نري ان لو وجد مال مدفون في مكان يصدق عنوان الكنز عليه، كما انه لا يصحّ سلب العنوان المذكور عنه، و لو كان صدق العنوان متقوّما بتصدي انسان عن قصد الادّخار لم يكن وجه للصدق اذ مع الشك في صدق المفهوم المقيّد كيف يصدق.

و أيضا التبادر علامة الحقيقة، و الظاهر ان المتبادر الي الذهن من هذا اللفظ مطلق المدفون في المكان بلا تعنونه بالعنوان المشار اليه فلاحظ.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 54

الجهة الثانية: في أنه هل يشترط في صدق العنوان كون مصداقه مدفونا في الأرض أو لا يشترط فيه ذلك

______________________________

بل يكفي كونه مذخورا في الجدار و نحوه.

الظاهر عدم الاشتراط للصدق العرفي، أضف الي ذلك ما رواه زرارة «1» فانه لا شبهة في أنّ صدق عنوان الركاز لا يتوقف علي كون ذلك الشي ء مدفونا في خصوص الارض بل المفهوم باطلاقه أعمّ من ذلك فلاحظ.

الجهة الثالثة: ان عنوان الكنز هل يختصّ بالذهب و الفضة المسكوكين أو يعمّ غير المسكوك و غير الذهب و الفضة من سائر أنواع الجواهر؟

لا إشكال في عدم الاشتراط من حيث الصدق العرفي علي الاعم و كون الاعم مشمولا للإطلاقات و العرف ببابك، انما الكلام في أنه هل يكون في المقام دليل يقتضي تقييد الاطلاق و يوجب حصر الوجوب في الذهب و الفضّة المسكوكين؟

اختار سيدنا الاستاد قدّس سرّه القول الثاني و خالف المتن و استدلّ علي ما رواه بما رواه البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال:

سألته عمّا يجب فيه الخمس من الكنز؟ فقال: ما يجب الزكاة في مثله ففيه الخمس «2».

______________________________

(1) لا حظ ص 30.

(2) الوسائل: الباب 5 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 2.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 55

______________________________

بتقريب: ان السائل يسأل الامام عليه السّلام عن الماهية التي فيها الخمس. و بعبارة اخري: مورد السؤال الجنس لا المقدار فلا بدّ من رفع اليد عن الاطلاق بهذه الرواية المقيّدة.

و يرد عليه انّا سلمنا ان السؤال عن الماهية أي عن موضوع وجوب الخمس و لكن لا يظهر مدّعاه عن جواب الامام روحي فداه، اذ لو كان المراد تخصيص الحكم بخصوص المسكوكين من الذهب و الفضة كان المناسب أن يقول في جواب السائل «ما يجب فيه الزكاة ففيه الخمس» و لم يقل كذلك، بل قال «ما يجب الزكاة في مثله» فيعلم ان المراد المثلية في المقدار لا في الجنس.

و ان ابيت عن ذلك فلا أقلّ من الاجمال، و

عليه يكون المحكّم الاطلاقات الاولية، اذ قد ثبت في الاصول عدم سراية اجمال المخصص المنفصل الي العام.

بل لنا ان نقول: بذلك الاطلاق يرتفع الاجمال عن المخصّص المذكور لكون لوازم الامارات حجة.

الجهة الرابعة: في المكان الذي يوجد فيه الكنز،
اشارة

و لتوضيح المرام نتكلّم من هذه الجهة في عدة فروع.

و قبل الخوض فيها نقدم مقدمة

و هي: ان ادلة جواز تملك الكنز و تخميسه هل تشمل الكنوز المملوكة للغير أم لا؟

الظاهر هو الثاني، و يمكن الاستدلال علي المدّعي بتقريبين:

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 56

______________________________

التقريب الاول: انه لا اطلاق لأدلة تملك الكنز من هذه الجهة كما يكون الامر في نظائر المقام، مثلا هل يمكن أن يقال: ان دليل مملّكية الاحياء- أي من أحيا ارضا فهي له- مطلق بالنسبة الي مملوك الغير فيجوز تملك ارض الغير باحيائها؟

فلو قلنا بعدم الاطلاق في هذه الادلة من هذا الجهة و ان المتكلم لا يكون في مقام البيان من هذه الحيثيّة فلا مجال للأخذ بها و تملك ارض الغير بالاحياء أو تملك كنز الغير بالوجدان.

و يمكن تقريب المدّعي في المقام بوجه آخر و هو: ان حكم الامام عليه السّلام في أدلّة الكنز بالخمس وارد في جواب السائلين عما في الكنز، فقد فرض في كلام السائل كون الكنز الذي مورد السؤال لو لواجده، و انما يسأل عما فيه، و أما في أيّ مورد يصير الكنز مملوكا للواجد فلا تعرض له في السؤال و جواب الامام بالخمس واقع علي إطار السؤال و دائرته لا أزيد فلا مقتضي لجواز تملك الكنز الذي يكون مملوكا للغير بأدلّة وجوب الخمس في الكنز فلاحظ النصوص الواردة في الأبواب المتفرّقة.

لكن التقريب المذكور لا يتمّ بالنسبة الي جميع النصوص الواردة في المقام، لاحظ ما رواه زرارة «1» فان الامام عليه السّلام في جواب السائل قد بيّن كلّيا جامعا لجميع موارد الركاز، هذا هو التقريب الاول.

______________________________

(1) لاحظ ص 30.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص:

57

______________________________

التقريب الثاني: انه سلّمنا الاطلاق في تلك الادلة في المقام و في غيره لكن لا بدّ من رفع اليد عنها بالمقيّد و هو قوله تعالي لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ.

فان المستفاد من الآية الشريفة انه لا يجوز تملك مال الغير بغير التجارة عن تراض.

ان قلت: النسبة بين الآية الشريفة و دليل جواز تملك الكنز بالوجدان أو الأرض الميتة بالاحياء بالعموم من وجه، فان ما به الافتراق من ناحية الآية التملك بالقمار مثلا، فان الآية تشمل مورد التملك به و لا يشمله دليل جواز التملك باخراج الكنز و ما به الافتراق من ناحية دليل تملك الكنز، الكنز الذي لا يكون مملوكا لأحد و ما به الاجتماع و التعارض الكنز المملوك للغير و لا بد من تقديم الآية.

أوّلا: بانّ لسان الآية لسان الحكومة، اذ قد جعل التملك بغير التجارة باطلا عاطلا و دليل الحاكم مقدم علي المحكوم كما حقّق في محله.

و ملخصه ان دليل الحاكم بتصرف في موضوع دليل المحكوم و بعد فرض فساد الموضوع لا مجال للأخذ باطلاق دليله و هذا ظاهر عند الخبير بالصناعة.

و ثانيا: ان النسبة- كما في بيان المعترض- بالعموم من وجه أي بالتباين الجزئي فانه قد قرر في محله ان ما خالف الكتاب فاضربه

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 58

______________________________

عرض الجدار فالمخالف للكتاب و لو علي نحو الموجبة الجزئية لا اعتبار به.

و ثالثا: انه يمكن أن يقال: انه لو خصّص عموم الكتاب بهذه العناوين يكون من مصاديق التخصيص المستهجن.

اضف الي ذلك كله: انه لو وصلت النوبة الي التعارض و عدم تقديم الكتاب يكون مقتضي التعارض التساقط و سقوط كلا المتعارضين عن

الاعتبار و وصول النوبة الي الاصل العملي و مقتضاه عدم تحقق الملكية فان الكنز الفلاني مثلا لم يكن قبلا لواجده و كان مملوكا لغيره و الآن كما كان أي مقتضي الاستصحاب عدم دخوله في ملك الواجد و لعمري ما أفدته دقيق و بالتأمل و الأخذ به حقيق وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبٰادِيَ الشَّكُورُ.

فتحصل ممّا تقدم انه لا يجوز تملك كنز مملوك للغير إلّا بقيام دليل في مورد و يتفرع عليه انه لو شك في المملوكية و عدمها لا يجوز التملك أيضا لعدم جواز الأخذ بالدليل في الشبهة المصداقية و لا بد من التماس دليل يحرز به خروج المورد عن الشبهة و احراز عدم كونه مملوكا.

اذا عرفت ما ذكرنا نتكلم في الفروع المتناسبة مع المقام:
الفرع الأول: ما اذا وجد الكنز في دار الكفر.

ادّعي الاجماع عن غير واحد- علي ما في بعض الكلمات- علي

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 59

______________________________

كونه ملكا لواجده و عليه خمسه.

و هذا لا اشكال فيه و اطلاق دليل جواز التملك و التخميس يشمله بلا اشكال، فان تملك مال الحربي جائز و المراد بالحربي من لا يكون ماله محترما كالذمي.

الفرع الثاني: أن يوجد في دار الإسلام و لا يكون عليه اثر الإسلام

فانه يكون مملوكا لواجده مع وجوب الخمس.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، در يك جلد، انتشارات محلاتي، قم - ايران، اول، 1419 ه ق الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس؛ ص: 59

فانه مضافا الي الاجماع المدّعي عليه يكون الحكم المذكور مقتضي القاعدة، اذ بمقتضي استصحاب عدم كونه لمحترم المال يجوز تملكه.

بل لنا أن نقول: ان الحكم كذلك و لو مع كون الاثر الاسلامي عليه لو احتمل ان الأثر الموجود أوجده غير المسلم فيه.

و بعبارة واضحة: ما دام لم يحصل القطع أو الاطمينان أو الظن المعتبر علي كون المدفون مملوكا لمحترم المال يجوز تملكه بمقتضي دليل تملك الكنز مع وجوب الخمس.

ان قلت: لا اشكال في أن حدوث الملكية يتوقف علي الدليل و الّا فمقتضي الاستصحاب عدمه.

قلت: لا اشكال في أن المستفاد من الادلة الدالة علي الخمس في الكنز صيرورته مملوكا للواجد اذا لم يكن مملوكا لمحترم المال.

ان قلت: هذا فيما يقطع بعدم كونه محترما و أما مع الشك فما الحيلة؟

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 60

______________________________

قلت: مقتضي الأصل عدم كونه مملوكا لمسلم أو لذمّي فبالاستصحاب الجاري في الموضوع ينقّح ما هو موضوع في الحكم و يترتب عليه حكمه و لا يبقي مجال لاستصحاب عدم

حصول الملك.

مضافا الي عدم الفرق من هذه الجهة بين وجدانه في دار الحرب أو في دار الإسلام.

و التفريق بين الموردين بالإجماع المنقول مخدوش فانه قد حقّق في محله عدم اعتبار الاجماع لا منقولا و لا محصّلا.

ان قلت: مقتضي الأصل عدم جواز التصرف و التملّك اذ قد ثبت بالسيرة العقلائية و العقل و النصّ عدم جواز التعدي الي الغير و عدم جواز التصرف في أموال الناس علي نحو العموم و انما اخرج الحربي.

و بعبارة اخري: لا يكون الحكم مخصوصا بخصوص المسلم كي يقال: ان العنوان المذكور يدفع بالأصل بل الأمر بالعكس، فاذا قال المولي: «اكرم العالم العادل» و شك في عدالة زيد العالم يحكم بعدم كونه عادلا بالأصل و يخرج عن تحت دليل وجوب الاكرام.

و أمّا اذا قال: «اكرم كل عالم الّا من كان فاسقا و شككنا في كون زيد العالم فاسقا أم لا، يحكم بعدم كونه كذلك و يدخل تحت دليل العموم.

و المقام كذلك أي بعد فرض احترام مال كل احد الّا الحربي يكون

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 61

______________________________

مقتضي القاعدة الحرمة عند الشك، اذ بمقتضي الأصل يحكم بعدم كونه حربيا فيكون التصرف في العين حراما.

قلت: امّا السيرة العقلائية فلا أثر لها الّا مع الامضاء و لا دليل علي امضاء السيرة المشار اليها الا في إطار خاص و دائرة مخصوصه و هي ما لو كان المالك مسلما، لاحظ ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: من كانت عنده أمانة فليؤدّها الي من ائتمنه عليها فانه لا يحلّ دم امرئ مسلم و لا ماله الّا بطيبة نفسه «1».

فان

هذه الرواية تختص بخصوص المسلم و يؤكّد المدعي ان الصدر مطلق من حيث الإسلام و عدمه لكن الذيل اخذ في الموضوع عنوان المسلم فكأنه روحي فداه أعرض عن الاطلاق و خصّصه بخصوص المسلم.

و مثل النص المذكور رادعا للسيرة العقلائية و اذا لم يكن مثله ردعا فباي شي ء يحرز الردع و هذا العرف ببابك فلا اثر للسيرة المذكورة.

و امّا العقل فكرارا قلنا و الآن نقول: لا شأن للعقل في التدخّل في الامور الشرعية و الأحكام الالهية، و انما شأن العقل الحكم في باب الاطاعة و العصيان و الزامه بالاول و زجره عن الثاني فرارا عن العقاب الاحتمالي، فان دفع الضرر الاحتمالي لازم بحكم العقل.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 3 من أبواب مكان المصلي، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 62

______________________________

و صفوة القول: انه لا يدرك بالعقل الحكم الشرعي الالهي، و ما اشتهر في ألسن أهل الحلّ و العقد- من الملازمة بين الحكم العقلي و الشرعي بالتفصيل بين أن يكون حكم العقل في سلسلة العلل، فيكون الحكم الشرعي تابعا له، و أمّا في سلسلة المعلول فلا، تبعا لبعض الاعاظم من الاصوليين- فكلام لا محصل له و غير صحيح بتاتا.

فانهم يقولون ان الظلم حرام و قبيح بحكم العقل فيكون الشرع تابعا له، و نسأل التصرف في مال الغير بلا رضاه أقبح في نظر العقل أم قتل انسان عادل بل معصوم واجد لجميع الفضائل و الكمالات؟

لا اشكال في كون الثاني أقبح بل لا يكون قابلا للمقايسة و مع ذلك ان الشارع الاقدس يأمر خليله بقتل ابنه و ذلك النبي العظيم لا يفكّر في شي ء و لا يحمل كلام المولي علي المجاز بل يتصدّي لقتل الولد

و ذلك الولد أيضا لا يستنكر عمل والده.

و لا يكاد ينقضي تعجّبي عن سيدنا الاستاد كيف تصدّي للإشكال علي من جوز التصرف بالأصل بتقريب حكم العقل و لعمري ما أفدته واضح غير قابل للإيراد و الاشكال.

و أمّا النصّ فلاحظ التوقيع عن أبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي قال: كان فيما ورد عليّ من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري قدّس اللّه روحه في جواب مسائلي الي صاحب الدار عليه السّلام:

و أمّا ما سألت عنه من أمر من يستحلّ ما في يده من أموالنا و يتصرّف

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 63

______________________________

فيه تصرفه في ماله من غير أمرنا فمن فعل ذلك فهو ملعون و نحن خصماؤه فقد قال النبي صلي اللّه عليه و آله: المستحل من عترتي ما حرّم اللّه ملعون علي لساني و لسان كلّ نبي مجاب، فمن ظلمنا كان من جملة الظالمين لنا و كانت لعنة اللّه عليه. لقوله عزّ و جلّ: أَلٰا لَعْنَةُ اللّٰهِ عَلَي الظّٰالِمِينَ الي أن قال: و اما ما سألت عنه من امر الضياع التي لناحيتنا هل يجوز القيام بعمارتها و أداء الخراج منها و صرف ما يفضل من دخلها الي الناحية احتسابا للأجر و تقرّبا إليكم فلا يحل لأحد أن يتصرّف في مال غيره بغير إذنه فكيف يحل ذلك في مالنا، انه من فعل شيئا من ذلك لغير امرنا فقد استحل منّا ما حرّم عليه و من أكل من مالنا شيئا فانما يأكل في بطنه نارا و سيصلي سعيرا «1» المدعي صدوره عن الناحية المقدسة، فان الحديث المذكور تام من حيث الدلالة و لكن مخدوش سندا فلا يكون قابلا للاستناد اليه.

فالنتيجة انه يجوز

التملّك مع الشك في كون المالك محترما.

ان قلت: يترتّب علي هذه المقالة انه لو رأينا انسانا له مملوكات من الدار و الفرش و الاواني الي غيرها من الأموال و شككنا في أنه محترم المال أم لا، يجوز لنا تملك أمواله و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟

قلت: ان قام اجماع كاشف أو ضرورة فقهيّة علي الحرمة فهو

______________________________

(1) الوسائل: الباب 3 من أبواب الأنفال، الحديث: 7.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 64

______________________________

و الا فلا مانع عن الالتزام به، و مجرّد الاستبعاد لا يقتضي الحرمة و لا يوجب رفع اليد عن مقتضي القاعدة فلاحظ.

ان قلت: ان الأمر من حيث الأصل العملي كما ذكرت لكن لا بدّ من رفع اليد عن الاصل بما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قضي عليّ عليه السّلام في رجل وجد ورقا في خربة أن يعرّفها فان وجد من يعرفها و الّا تمتّع بها «1».

فان المستفاد من الحديث انه لو شك في كون الكنز لمحترم المال أم لا، يلزم الفحص فلا يجوز تملّكه مع الاحتمال المذكور.

و بعبارة اخري: لو لم يكن المستفاد من الحديث خصوص الكنز فلا أقلّ من شموله إيّاه أي باطلاقه يشمل الورق المذخور في الارض الخربة.

قلت: يرد عليه أولا: ان غاية ما يمكن أن يقال ان الكنز المجهول مالكه اذا وجد يجري عليه حكم اللقطة لكن نسأل ان موضوع الفحص في اللقطة مطلق من حيث كون المالك المجهول محترم المال أو غيره أو مقيد أو مهمل؟

لا سبيل الي الاول و الثالث، أما الاول، فانه كيف يمكن ان الشارع يوجب الفحص عن مالك غير محترم و الحال ان في حال معرفته و تمييزه

و العلم بكونه حربيا يجوز تملك ماله.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 5 من أبواب اللقطة، الحديث: 5.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 65

______________________________

و امّا في حال الشك و الاحتمال فيجب الفحص عنه و لا يجوز تملك ماله؟!! فالاطلاق لا يمكن.

و اما الثالث فلعدم امكان الاهمال في الواقع فيبقي الوسط و هو كون الموضوع مقيدا بكونه محترم المال، فلو وجد الكنز و شك في كونه لمحترم المال أم لا يحكم بعدم كونه له بالاصل، فبالاستصحاب يحرز الموضوع فيترتب عليه الحكم.

و ثانيا: ان غاية ما في الباب ان الحديث المذكور باطلاقه يشمل الكنز لكن يعارضه ما رواه زرارة «1».

و النسبة بين الحديثين عموم من وجه، فان ما به الافتراق من ناحية حديث ابن قيس المال الذي لا يكون كنزا و ما به الافتراق من ناحية حديث زرارة الكنز الذي يقطع بعدم كونه مملوكا لمحترم المال و يقع التعارض بين الجانبين في مورد احتمال كونه لمحترم المال و الترجيح الدلالي مع حديث زرارة، فان العموم الوضعي قابل لأن يكون مقيدا و بيانا للعموم الاطلاقي.

و ان كان الجزم بهذه المقالة مشكلا، اذ القول به امّا من ناحية ان الاطلاق حدوثا و بقاء متوقف علي عدم البيان و العموم الوضعي قابل لأن يكون بيانا له.

و بعبارة اخري: مع وجود العامّ الوضعي لا اطلاق، و إمّا من

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 30.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 66

______________________________

ناحية ان الظهور الاقوي يقدم علي غيره.

و شي ء من التقريبين لا يكون تاما، أمّا التقريب الاول فلأن الاطلاق بحدوثه و تمامية مقدمات الحكمة حين تكلم المولي ان تم، يبقي فان الشي ء لا ينقلب عما

هو عليه.

و بعبارة اخري: ان تمّ الاطلاق حين صدور الكلام عن المولي- كما هو المفروض- يكون باقيا و لا مجال لأن يقال ظهور المطلق في الاطلاق تعليقي و ظهور العموم فيه تنجيزي و لا تكافئ بينهما فانها دعوي بلا برهان.

و اما التقريب الثاني، فان دعوي تقديم الصريح علي الظاهر أو الاظهر عليه كلام شعري ذوقي ليس تحته شي ء، و لذا نري يقدم الظهور الاطلاقي علي الوضعي في بعض الموارد.

مثلا لو قال المتكلم: رأيت اسدا يرمي يحملون لفظ الاسد علي الرجل الشجاع عملا باطلاق الرمي الظاهر في الرمي بالنبال.

و الميزان في تقديم احد الدليلين علي معارضه كونه قرينة و شارحا للمراد من الآخر في نظر العرف و هذا هو الميزان الكلي الساري في جميع الموارد، فان الأسد موضوع بالوضع للحيوان المفترس و الرمي ظاهر في الرمي بالنبال بالظهور الاطلاقي، و الوجه فيه ان العرف يري أن قول القائل قرينة علي ارادة الرجل الشجاع من لفظ الاسد.

و ثالثا: انه لا بد من رفع اليد عن اطلاق حديث محمد بن

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 67

______________________________

قيس «1» بحديث محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عن الدار يوجد فيها الورق؟ فقال: ان كانت معمورة فيها أهلها فهي لهم و ان كان خربة قد جلا عنها أهلها فالذي وجد المال احقّ به «2».

فان المستفاد من الحديث المذكور التفصيل بين جلاء الأهل و عدم جلائهم، فعلي الاول يكون المال لواجده بلا تعريف، و علي الثاني لا بدّ من التعريف.

و رابعا: ان المستفاد من حديث محمد بن قيس حكم وارد في إطار خاص و دائرة محدودة و لا عموم له كي يؤخذ به

في كل مورد من الموارد.

فتحصل ان ما افاده الماتن من انه لو وجد الكنز في دار الكفر أو في دار الإسلام في أرض الموات أو الارض الخربة التي لا مالك لها أو المملوكة بالاحياء أو بالابتياع مع العلم بعدم كونه للبائع أعم من ان يكون عليه اثر الإسلام أم لا، يترتب عليه الحكم من صيرورته مملوكا للواجد و وجوب الخمس عليه، تام لا اشكال فيه.

الفرع الثالث: انه لو وجد في ارض مبتاعة مع احتمال كونه مملوكا لأحد البائعين.

حكم الماتن بانّه عرّف المالك قبله فان لم يعرفه فالمالك قبله، فان عرفه واحد منهم اعطاه بلا بينة و الا فهو للواجد و عليه الخمس.

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 64.

(2) الوسائل: الباب 5 من أبواب اللقطة، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 68

______________________________

أقول: تارة نتكلّم علي ما هو مقتضي القاعدة الاولية و اخري علي مقتضي النص الخاص فيقع الكلام في موضعين:

اما الموضع الاول فنقول: تارة يكون وجود الكنز في مكان لا يعدّ من توابع الدار عرفا، و اخري في مكان يعد كذلك، امّا علي الاول فلا اثر لليد كما تقدم و في الفرض المذكور ان لم يعلم بكونه مملوكا و احتمل عدم دخوله في ملك احد فلا اشكال في جواز تملّكه غاية الامر يجب فيه الخمس بدليل وجوبه في الكنز.

و أمّا لو علم بكونه مملوكا فتارة يعلم أو يحتمل كونه لمهدور المال و إمّا يعلم بكونه مملوكا لمحترم المال، امّا علي الأول فايضا لا مانع من تملّكه مع وجوب الخمس، اما في صورة العلم فظاهر، و امّا مع الشك فبمقتضي اصالة عدم كونه لمحترم المال ينقّح الموضوع و يجوز اخذه.

و امّا لو علم انه لمحترم المال فيدخل في عنوان مجهول المالك فايضا

يجوز أخذه مع وجوب الخمس، فان حديث ابن مهزيار قال:

كتب اليه ابو جعفر عليه السّلام و قرأت انا كتابه اليه في طريق مكة قال: ان الذي أوجبت في سنتي هذه و هذه سنة عشرين و مائتين فقط لمعني من المعاني اكره تفسير المعني كله خوفا من الانتشار و سأفسّر لك بعضه ان شاء اللّه ان مواليّ اسأل اللّه صلاحهم أو بعضهم قصّروا فيما يجب عليهم فعلمت ذلك فأحببت ان اطهّرهم و ازكّيهم بما فعلت من امر الخمس في عامي هذا.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 69

______________________________

قال اللّه تعالي خُذْ مِنْ أَمْوٰالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِهٰا وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلٰاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَ اللّٰهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللّٰهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبٰادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقٰاتِ وَ أَنَّ اللّٰهَ هُوَ التَّوّٰابُ الرَّحِيمُ. وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَي اللّٰهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ سَتُرَدُّونَ إِليٰ عٰالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهٰادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمٰا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.

و لم اوجب عليهم ذلك في كل عام و لا اوجب عليهم الا الزكاة التي فرضها اللّه عليهم و انما اوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب و الفضة التي قد حال عليهما الحول و لم اوجب ذلك عليهم في متاع و لا آنية و لا دوابّ و لا خدم و لا ربح ربحه في تجارة و لا ضيعة الّا في ضيعة سأفسّر لك أمرها تخفيفا منّي عن مواليّ و منّا منّي عليهم لما يغتال السلطان من أموالهم و لما ينوبهم في ذاتهم.

فأمّا الغنائم و الفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام، قال اللّه تعالي: وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ

خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبيٰ وَ الْيَتٰاميٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّٰهِ وَ مٰا أَنْزَلْنٰا عَليٰ عَبْدِنٰا يَوْمَ الْفُرْقٰانِ يَوْمَ الْتَقَي الْجَمْعٰانِ وَ اللّٰهُ عَليٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

فالغنائم و الفوائد يرحمك اللّه فهي الغنيمة يغنمها المرء و الفائدة يفيدها و الجائزة من الانسان للإنسان التي لها خطر و الميراث الذي لا يحتسب من غير أب و لا ابن و مثل عدوّ يصطلم فيؤخذ ماله و مثل مال يؤخذ و لا يعرف له صاحب و ما صار الي مواليّ من أموال الخرّمية

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 70

______________________________

الفسقة فقد علمت ان اموالا عظاما صارت الي قوم من موالي فمن كان عنده شي ء من ذلك فليوصله الي وكيلي و من كان نائيا بعيد الشقة فليتعمّد لإيصاله و لو بعد حين، فان نية المؤمن خير من عمله، فامّا الذي اوجب من الضياع و الغلّات في كل عام فهو نصف السدس ممن كانت ضيعته تقوم بمؤونته، و من كانت ضيعته لا تقوم بمؤونته فليس عليه نصف سدس و لا غير ذلك «1»، يقتضي كون مجهول المالك ملكا للآخذ و باطلاقه يشمل المقام.

هذا من ناحية، و من ناحية اخري دليل وجوب الخمس في الكنز يقتضي وجوبه و لا تنافي بين الدليلين.

و قد نقل سيدنا الاستاد عن المحقق الهمداني و المحقق الايرواني بانهما استفادا من الحديث كون مجهول المالك مملوكا للآخذ.

و قد اورد قدس سره في الاستدلال بالحديث علي المدّعي ايرادين:

الايراد الاول: ان الحديث لا تعرض فيه لمورد حصول الملك و جواز التملك في مجهول المالك بل بيّن الامام عليه السّلام الحكم علي نحو القضية الحقيقية فيمكن أن يكون ناظرا الي

مورد جواز تملك مجهول الملك كاللقطة بعد الفحص منه و اليأس عن وجدان مالكها.

و هذا الايراد بمراحل عن الواقع و العرف ببابك، فانه يمكن أن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 8 من أبواب وجوب الخمس، الحديث: 5.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 71

______________________________

يقال: ان الحديث بلحاظ الفهم العرفي صريح في المدعي و لا غرو.

الايراد الثاني: انه لو اغمض عن الايراد الاول ان الحديث ليس صريحا في جواز التملك، بل ظاهر فيه فلا بدّ من تقييده بما دلّ علي وجوب التصدق بمجهول المالك «1».

و الظاهر أنّه ناظر إلي ما رواه ابن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل ترك غلاما له في كرم له يبيعه عنبا أو عصيرا فانطلق الغلام فعصر خمرا ثم باعه قال: لا يصلح ثمنه، ثم قال: ان رجلا من ثقيف أهدي الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله روايتين من خمر فأمر بهما رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فأهريقتا و قال: ان الذي حرّم شربها حرّم ثمنها ثم قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ان افضل خصال هذه التي باعها الغلام أن يتصدّق بثمنها «2».

و لا أدري ما اراد من كلامه، فان غاية ما يمكن أن يقال: ان الحديث معارض بما دل علي وجوب التصدق، و قد ذكرنا في بحث جوائز السلطان في الجزء الاول من كتابنا «عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب» ان الحديث المذكور يقدّم علي معارضه بالاحدثية فراجع ما ذكرناه هناك.

ان قلت: حديث ابن مهزيار معارض برواية ابن عمار عن عبد صالح عليه السّلام قال: سألته عن رجل في يده دار ليست له و لم تزل في يده

______________________________

(1) مصباح الفقاهة: ج 1

ص 519.

(2) الوسائل: الباب 55 من أبواب ما يكتسب به، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 72

______________________________

و يد آبائه من قبله قد أعلمه من مضي من آبائه انّها ليست لهم و لا يدرون لمن هي فيبيعها و يأخذ ثمنها؟ قال: ما احب أن يبيع ما ليس له، قلت: فانه ليس يعرف صاحبها و لا يدري لمن هي و لا اظنّه يجي ء لها ربّ ابدا؟ قال: ما احبّ ان يبيع ما ليس له، قلت: فيبيع سكناها أو مكانها في يده فيقول: ابيعك سكناي و تكون في يدك كما هي في يدي؟ قال: نعم يبيعها علي هذا «1».

فكيف التوفيق؟ قلت: الترجيح مع حديث ابن مهزيار بالاحدثية فلاحظ.

و اما اذا كان في مكان يعد عرفا من التوابع فيكون مملوكا لصاحب اليد و يكون محكوما به و لا يتوقف علي التعريف و السؤال، فان اليد امارة الملك.

و لا مجال لان يقال: ان اليد الفعلية امارة الملك لا اليد السابقة، اذ لو فرض انه في الساعة الواحدة حكم بكون الشي ء الفلاني لزيد ليده عليه و في الساعة الثانية الغاصب غصبه منه هل يمكن لنا أن نقول:

لا نحكم بكونه غصبا، اذ ليس يد المغصوب منه عليه، و هل يمكن القول به؟ كلا.

و علي الجملة ما دام لم يقم دليل علي اسقاط اليد عن الاعتبار نحكم بكون ما في اليد مملوكا لذيها.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب عقد البيع و شروطه، الحديث: 5.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 73

______________________________

ان قلت: قد فرض خلع اليد و الدليل علي اعتبارها السيرة و القدر المتيقن منها ما دام وجودها، و اما بعد انتفائها فلا

دليل علي اعتبارها بل مقتضي الاصل الاولي عدم اعتبارها.

قلت: اذا فرض تحقق اليد في زمان كما هو المفروض و قد حكم بكون ما فيها مملوكا لذيها معناه ان الشي ء الفلاني كالدار الفلانية مملوكة لذي اليد الي أن يخرج عن ملكه بسبب من الاسباب، فما دام لم يعلم بتحقّق ذلك السبب يحكم بكونه له، فعلي هذا ما افاده في المتن تام، غاية الأمر كما تقدم لا وجه للتعريف و السؤال الّا ان تعترف اليد السابقة بعدم كونه له، فتصل النوبة الي الأسبق، هذا تمام الكلام في الموضع الاول.

و أمّا الموضع الثاني: ففي المقام نصوص لا بد من ملاحظتها و استفادة الحكم منها فنقول:

من تلك النصوص ما رواه ابن مسلم «1» فان المستفاد من الحديث التفصيل بين كون الدار معمورة، فيها اهلها فيكون لهم و ان كانت خربة قد جلا عنها اهلها يكون للواجد و بالنسبة الي الخراب الذي لم يجل عنها اهلها يكون الحديث ساكتا و يبقي حكمه علي طبق القاعدة الاولية.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم أيضا، عن أحدهما عليهما السّلام في

______________________________

(1) لا حظ ص 67.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 74

______________________________

حديث قال: و سألته عن الورق يوجد في دار؟ فقال: ان كانت الدار معمورة فهي لأهلها، و ان كانت خربة فأنت احق بما وجدت «1».

و هذا الحديث قد فصّل بين العمران و الخراب، ففي الصورة الاولي يكون لأهلها، و في الثانية للواجد و لا بد من تقييده بصورة جلاء الاهل بواسطة الحديث الاول، لكن قد تقدم منّا ان ذلك الحديث غير متعرض لهذه الصورة.

و بعبارة واضحة: الحديث الاول مقسّم و لا مفهوم للقضية الّا علي القول بمفهوم اللقب

أو الوصف الذي لا نقول به، و عليه لا مجال لتقييد هذه الرواية بتلك.

و منها: ما رواه اسحاق بن عمّار قال: سألت أبا ابراهيم عليه السّلام عن رجل نزل في بعض بيوت مكة فوجد فيه نحوا من سبعين درهما مدفونة فلم تزل معه و لم يذكرها حتي قدم الكوفة كيف يصنع؟ قال:

يسأل عنها اهل المنزل لعلّهم يعرفونها، قلت: فان لم يعرفوها؟ قال:

يتصدّق بها «2».

و مقتضي هذا الحديث انه لو وجد الكنز في الدار المعمورة فيها اهلها يكون لهم، و ان لم يكن لهم يجب التصدق به، و الظاهر أنّه لا تنافي بين الحديث المذكور و ما تقدمه.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 5 من أبواب اللقطة، الحديث: 2.

(2) نفس المصدر، الحديث: 3.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 75

(مسألة 14): لو وجد الكنز في أرض مستأجرة أو مستعارة وجب تعريفهما و تعريف المالك أيضا، فان نفياه كلاهما كان له و عليه الخمس، و ان ادعاه أحدهما اعطي بلا بينة (1) و ان

الفرع الرابع: انه لو تنازع فيه الملّاك يجري عليه حكم التداعي

______________________________

كما هو المقرر، فانه من الواضح ان لا فرق بينهم فلا ينطبق علي تنازعهم عنوان المدعي و المنكر و هذا ظاهر واضح.

الفرع الخامس: انه لو ادّعاه احدهم ارثا و نفي الباقون

يعطي المدعي بمقدار حصته و يؤخذ الباقي و يخمس.

و الظاهر انه علي طبق القاعدة، اذ المدعي للإرث لا يدعي الا مقدار حصّته فيعطي ذلك المقدار، و امّا الباقون فمعترفون بعدم كونهم مالكين فيؤخذ باقرارهم و يتملك الواجد أو يتصدق علي التفصيل الذي تقدم.

الفرع السادس: انه يشترط في وجوب الخمس في الكنز، النصاب و هو عشرون دينارا.

ادّعي عليه الاجماع، و يدل عليه من النصوص ما رواه البزنطي «1» و قد تقدّم ان المراد المثلية في المقدار فما أفاده تام.

[مسألة 14: لو وجد الكنز في أرض مستأجرة أو مستعارة وجب تعريفهما و تعريف المالك أيضا]

(1) الظاهر انه يظهر الحال في هذه المسألة ممّا تقدّم من التفصيل بين مقتضي القاعدة الاولية و بين ما يقتضيه النصّ الخاص بلا فرق فلا وجه للإعادة.

______________________________

(1) لاحظ ص 54.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 76

ادّعاه كل منهما ففي تقديم قول المالك وجه لقوة يده و الأوجه الاختلاف بحسب المقامات في قوّة احدي اليدين (1).

[مسألة 15: لو علم الواجد أنّه لمسلم موجود هو أو وارثه في عصره مجهول]

(مسألة 15): لو علم الواجد أنّه لمسلم موجود هو أو وارثه في عصره مجهول، ففي اجراء حكم الكنز أو حكم مجهول المالك عليه وجهان، و لو علم انه كان ملكا لمسلم قديم فالظاهر جريان حكم الكنز عليه (2).

______________________________

(1) الميزان صدق عنوان ذي اليد و ان لم تكن العين مملوكة لذيها و بعبارة واضحة: لا خصوصية للملكيّة و علي الجملة تمام الموضوع صدق العنوان المزبور فلاحظ.

(2) الظاهر انه لا يمكن اجراء حكم الكنز عليه اذ غاية ما يمكن أن يذكر في تقريبه ان مقتضي اطلاق دليل الكنز عدم الفرق بين محترم المال و غيره.

و يرد عليه أوّلا بالنقض في أمثاله مثلا هل يمكن أن يقال ان مقتضي دليل مملكيّة الاحياء جواز تملك ارض ممات مملوكة للغير بالاحياء؟ كلا.

و ثانيا بالحل و هو: انصراف الدليل عن مورد ذلك المال المحترم مضافا الي أن دليل الكنز معارض بدليل عدم جواز التصرف في مال المسلم و النسبة بين الدليلين عموم من وجه.

و يتساقطان في مورد الاجتماع، و مقتضي الاصل الاوّلي عدم حصول الملك.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 77

(مسألة 16): الكنوز المتعددة لكل واحد حكم نفسه في بلوغ النصاب و عدمه، فلو لم يكن آحادها بحد النصاب و بلغت بالضمّ لم يجب فيها الخمس،

نعم المال الواحد المدفون في مكان واحد في ظروف متعددة يضمّ بعضه الي بعض فانه يعدّ كنزا واحدا و ان تعدد جنسها (1).

______________________________

بالاضافة الي انّ مقتضي قوله تعالي: إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ حصر التملك في التجارة عن تراض.

نعم لو علم أنه لا يكون له مالك بأن مات مالكه و لم يبق له وارث و انتقل المال الي الامام روحي فداه و قلنا بجواز تملك ماله في أمثال المقام و لو للشيعة يجوز.

و امّا لو علم انه لمسلم فما دام لم يقطع بانتقاله اليه عليه السّلام لا يجوز، اذ مقتضي الاستصحاب بقاء الوارث.

فالنتيجة انه يجري عليه حكم مجهول المالك، و قد تقدم منا ان حكمه بمقتضي حديث ابن مهزيار صيرورته ملكا للواجد فلاحظ.

[مسألة 16: الكنوز المتعددة لكل واحد حكم نفسه في بلوغ النصاب و عدمه]

(1) ما أفاده تام، فانّ المستفاد من الدليل انحلال الحكم بانحلال الموضوع و ترتّب الحكم في كل مورد علي حياله و استقلاله فلا وجه لملاحظة ضم فرد الي فرد آخر.

نعم اذا صدق عنوان الوحدة علي مورد و لو كان المال المدفون في ظروف متعددة و لو من أجناس عديدة، يعتبر كنزا واحدا، فاذا كان مجموعه بالغا حد النصاب يترتب عليه الحكم.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 78

(مسألة 17): في الكنز الواحد لا يعتبر الإخراج دفعة بمقدار النصاب، فلو كان مجموع الدفعات بقدر النصاب وجب الخمس، و ان لم يكن كل واحدة منها بقدره (1).

(مسألة 18): اذا اشتري دابّة و وجد في جوفها شيئا فحاله حال الكنز الذي يجده في الارض المشتراة في تعريف البائع و في اخراج الخمس إن لم يعرّفه و لا يعتبر فيه بلوغ النصاب، و كذا لو وجد في جوف السمكة المشتراة مع

احتمال كونه لبائعها، و كذا الحكم في غير الدابّة و السمكة من سائر الحيوانات (2).

[مسألة 17: في الكنز الواحد لا يعتبر الإخراج دفعة بمقدار النصاب]

______________________________

(1) الميزان في ترتب الحكم في الكنز صدق وجدانه و الاستيلاء عليه، و لا يعتبر فيه الاخراج لا دفعه و لا دفعات و بعبارة اخري:

الاخراج ليس له موضوعية فلا مجال لتوهم لزومه دفعة فلاحظ.

[مسألة 18: اذا اشتري دابّة و وجد في جوفها شيئا فحاله حال الكنز الذي يجده في الأرض المشتراة]

اشارة

(2) تعرض الماتن في هذه المسألة لعدة فروع:

الفرع الأول: انه لو وجد في جوف دابة مشتراة مالا عرّفه البائع فان عرفه دفعه اليه.

و يدل علي المدعي ما رواه عبد اللّه بن جعفر قال: كتبت الي الرجل عليه السّلام أسأله عن رجل اشتري جزورا أو بقرة للأضاحي فلمّا ذبحها وجد في جوفها صرّة فيها دراهم أو دنانير أو جوهرة لمن يكون ذلك؟ فوقّع عليه السّلام: عرّفها البائع، فان لم يعرفها فالشي ء لك رزقك اللّه اياه «1».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 9 من أبواب اللقطة، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 79

______________________________

و مثله حديثه الآخر في نفس الباب فلا اشكال في الحكم المذكور.

الفرع الثاني: انه ان لم يعرفه البائع يكون المال ملكا للمشتري و رزق رزقه اللّه.

و لا اشكال في هذه الجهة انما الكلام انه ان علم المشتري انه مملوك لمسلم هل يجوز تملكه أم يجري عليه حكم مجهول المالك؟

أفاد سيدنا الاستاد بأنه يجوز تملكه اخذا بحديث ابن جعفر اذ هو مطلق من هذه الجهة.

و اخترنا الجواز في الدورة السابقة و لكن للإشكال فيه مجال واسع و هو انه مع العلم بالمالك و تشخيصه و معرفته بخصوصياته هل يمكن القول بالجواز للإطلاق؟ و الظاهر عدم امكان القول به هذا أولا.

و ثانيا: ان لنا أن نقول: مقتضي حديث عدم جواز التصرف في مال مسلم الّا بطيب نفسه، عدم الجواز و تكون النسبة بين الحديثين عموما من وجه، و في مادة الاجتماع يقع التعارض بين الجانبين فلا بد في ترجيح احدهما علي الآخر من مرجح و يرجّح حديث ابن جعفر بالأحدثيّة. هذا بحسب مختارنا في باب الترجيح و أمّا علي مختار سيّدنا الاستاد في ذلك الباب فلا يتمّ الأمر و يبقي الإشكال عليه.

الفرع الثالث: انه يجب فيه الخمس

و الظاهر انه لا دليل عليه، بل الدليل قائم علي عدمه، اذ المولي في مقام البيان و لم يحكم بوجوب الخمس فيه فيحكم بعدمه بمقتضي الاطلاق المقامي الذي هو من

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 80

______________________________

الأصول اللفظية.

مضافا الي اصالة البراءة المقتضية لعدم الوجوب، نعم يكون من الأرباح و يترتب عليه حكمها و مع عدم وجوب الخمس فيه لا موضوع لاشتراط النصاب و عدمه كما هو ظاهر.

الفرع الرابع: ان الحكم كذلك فيما لو وجد المشتري مالا في جوف السمكة المشتراة.

تارة يتكلم في السمكة مبنيا علي شمول الحديث باطلاقه المورد و اخري نتكلم علي تقدير عدم الشمول أول الشك فيه فيقع الكلام في موردين:

امّا المورد الاول، فنقول: يجري علي السمكة المشتراة ذلك الحكم كما أفاده في المتن فلو احتمل كون ما في جوفها للبائع يجب تعريفها الي آخر الأمر.

و لكن الجزم بجريان الحكم يتوقف علي العلم بعدم الفرق بين الموارد من الحيوانات، فان الموضوع المأخوذ في الدليل لا يشمل المورد و كيف يمكن للفقيه القطع بعدم الفرق و الحال ان الأحكام الشرعية امور تعبدية لا تنالها عقولنا.

و توهم ان حكم الامام من باب حجية اليد و لا فرق فيها بين الموارد فاسد.

اذ يرد عليه اولا: انه لو كان مدرك الحكم هذه الجهة فلا يتوقف

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 81

______________________________

الدفع علي التعريف بل لا بدّ من دفعه لقيام الامارة علي كونه ملكه.

و ثانيا: انه لو كان محكوما بكونه له فلا فرق في جهله و علمه، فان ما في اليد محكوم بكونه لذي اليد، و ان لم يكن ذو اليد عالما به و لذا لو وجد زيد مالا في صندوقه الخاص به يكون له بلا اشكال.

و ثالثا: ان قاعدة اليد

قاصرة بالنسبة الي أمثال المقام و نتعرض له في المورد الثاني ان شاء اللّه تعالي، هذا تمام الكلام في المورد الاول.

و أمّا المورد الثاني: فنقول: تارة نقطع بكونه للبائع و اخري نشك و ثالثة نقطع بانه لا يكون مملوكا له، أما في الصورة الاولي فلا بدّ من رده اليه كما هو ظاهر الّا أن يشترط في ضمن البيع تمليكه ايّاه علي نحو شرط النتيجة أي يملّكه بالشرط و يسلم انه لا يلزم في التمليك صيغة خاصة.

و بعبارة اخري: يكون هبة في ضن عقد البيع، و أمّا الصورة الثانية فمقتضي اصالة عدم كونه له عدم وجوب دفعه إليه فيكون مملوكا للمشتري، اذ قد تقدم منّا ان مقتضي حديث ابن مهزيار ان مجهول المالك مملوك لمن وصل اليه، بل يكون الأمر كذلك حتي مع الاغماض عن استصحاب عدم كونه للمالك، اذ يصدق عليه عنوان انه «لا يعرف له صاحب» فيترتب عليه حكم مجهول المالك.

ان قلت: قاعدة اليد تقتضي كونه ملكا للبائع إلّا أن يقوم علي خلافه دليل.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 82

(مسألة 19): إنما يعتبر النصاب في الكنز بعد إخراج مؤنة الإخراج (1).

______________________________

قلت: العمدة في اعتبار القاعدة السيرة العقلائية و جريان السيرة في أمثال المقام أول الكلام و الاشكال و لا دليل عليه.

ان قلت: ان الصياد بصيده للسمك يحوز ما في جوفه أيضا فالبائع بصيده يملك السمك مع ما في جوفه.

قلت: يرد عليه اولا: ان هذا الدليل يختص بما يشتري ما صاده البائع و امّا اذا كان البائع غير الصياد فلا مجال للتقريب المذكور.

و ثانيا: انه لا دليل علي مملكيّة الحيازة بهذه السعة و الاطلاق و القدر المتيقن من تلك القاعدة

انه لو حاز شخص شيئا بعنوان التملّك يملكه، و أمّا مجرد وصول شي ء الي يد احد و وقوعه في سلطته فكونه مملّكا لا دليل عليه.

و امّا الصورة الثالثة: فقد ظهر حكمها ممّا تقدم، هذا كله فيما علم انه مملوك لمحترم المال، و أمّا مع الشك فيه أو القطع بالعدم فالأمر أوضح فلاحظ.

الفرع الخامس: ان الحكم المذكور جار في غير الدابة و السمك من ساير الحيوانات.

و قد ظهر ممّا تقدم انه لا وجه لإسراء الحكم الي غير ما ذكر في النص.

[مسألة 19: إنما يعتبر النصاب في الكنز بعد إخراج مؤنة الإخراج]

(1) أقول: أفاد الماتن ان اعتبار النصاب في الكنز بعد استثناء مؤنة الاخراج.

و قد تقدم في بحث المعدن انه لا وجه لما أفاده، فان المستفاد من

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 83

[مسألة 20: اذا اشترك جماعة في كنز فالظاهر كفاية بلوغ المجموع نصابا]

(مسألة 20): اذا اشترك جماعة في كنز فالظاهر كفاية بلوغ المجموع نصابا و ان لم يكن حصة كل واحد بقدره (1).

[الرابع: الغوص]

اشارة

الرابع: الغوص و هو إخراج الجوهر من البحر مثل اللؤلؤ و المرجان و غيرهما معدنيّا كان أو نباتيا لا مثل السمك و نحوه من الحيوانات فيجب فيه الخمس بشرط أن يبلغ قيمته دينارا فصاعدا فلا خمس فيما ينقص من ذلك، و لا فرق بين اتحاد النوع و عدمه، فلو بلغ قيمة المجموع دينارا وجب الخمس و لا بين الدفعة و الدفعات فيضمّ بعضها الي بعض، كما أنّ المدار علي ما اخرج مطلقا و ان اشترك فيه جماعة لا يبلغ نصيب كل منهم النصاب و يعتبر بلوغ النصاب بعد اخراج المؤن كما مر في المعدن و المخرج بالآلات من دون غوص في حكمه علي الأحوط، و امّا لو

______________________________

الدليل انه لو كان الكنز في حد نفسه بالغا حد النصاب يجب عليه الخمس، نعم بمقتضي قوله عليه السّلام «الخمس بعد المئونة» نلتزم بأنّ الواجب تخميس ما يبقي بعد اخراج المئونة و لو كان الباقي أقلّ قليل و هذا مطلب آخر، لا يرتبط بما افاده فلاحظ.

(1) الأمر كما أفاده بعين ما تقدم في نصاب المعدن، فان المستفاد من الدليل ان الكنز اذا كان بالغا حد النصاب يكون فيه الخمس و مقتضي اطلاق الدليل عدم الفرق بين تعدد المخرج و وحدته و بلا فرق بين بلوغه في نصيب كل واحد حد النصاب و عدم بلوغه.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 84

غاص و شدّه بآلة فأخرجه فلا إشكال في وجوبه فيه، نعم لو خرج بنفسه علي الساحل أو علي وجه الماء فأخذه من غير غوص

لم يجب فيه من هذه الجهة بل يدخل في أرباح المكاسب فيعتبر فيه مؤنة السنة و لا يعتبر فيه النصاب (1).

يقع البحث في المقام من جهات:

الجهة الاولي: في دليل الحكم،

______________________________

(1) قال في الحدائق ما مفاده: انه لا خلاف في الحكم.

أقول: العمدة النصوص الواردة في المقام و من النصوص المشار اليها ما رواه عمّار بن مروان «1».

قال المعلّق علي الوسائل في الهامش: «في المصدر احمد بن محمد بن عيسي» فلا اشكال في السند ظاهرا.

و قال سيدنا الاستاد «المراد من عمّار في الحديث الثقة فانه المعروف المنصرف اليه اللفظ».

و منها: ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن العنبر و غوص اللؤلؤ؟ فقال: عليه الخمس الحديث «2».

و الرواية تختص بالعنبر و اللؤلؤ.

و منها ما أرسله الصدوق قال: سئل أبو الحسن موسي بن جعفر عليه السّلام عمّا يخرج من البحر من اللؤلؤ و الياقوت و الزبرجد و عن

______________________________

(1) لا حظ ص 39.

(2) الوسائل: الباب 7 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 85

______________________________

معادن الذهب و الفضة هل فيها زكاة؟ فقال: اذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس «1» و المرسل لا اعتبار به.

و منها: ما رواه محمد بن علي بن أبي عبد اللّه «2» و الحديث ضعيف به.

و منها: ما رواه ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الخمس علي خمسة أشياء علي الكنوز و المعادن و الغوص و الغنيمة «3».

و هذه الرواية لإرسالها لا اعتبار بها و عنوان غير واحد لا يخرج الحديث عن الخبر الواحد و لا يدخله في المتواتر، فان عنوان غير واحد يصدق علي ثلاثة أو اربعة، و من الظاهر ان العدد المذكور

لا يوجب تعنون الحديث بالمتواتر.

و منها: ما ارسله احمد بن محمد قال: حدثنا بعض اصحابنا رفع الحديث قال: الخمس من خمسة أشياء من الكنوز و المعادن و الغوص و المغنم الذي يقاتل عليه و لم يحفظ الخامس الحديث «4» و هذ الرواية لإرسالها لا اعتبار بها.

و منها ما رواه علي بن الحسين المرتضي في رسالة «المحكم

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث: 2.

(2) لاحظ ص 29.

(3) الوسائل: الباب 3 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 7.

(4) الوسائل: الباب 2 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 11.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 86

______________________________

و المتشابه» عن علي عليه السّلام قال: و اما ما جاء في القرآن من ذكر معايش الخلق و اسبابها فقد أعلمنا سبحانه ذلك من خمسة أوجه: وجه الإمارة و العمارة و وجه الإجارة و وجه التجارة و وجه الصدقات، فأمّا وجه الامارة فقوله وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبيٰ وَ الْيَتٰاميٰ وَ الْمَسٰاكِينِ فجعل للّٰه خمس الغنائم و الخمس يخرج من اربعة وجوه من الغنائم التي يصيبها المسلمون من المشركين و من المعادن و من الكنوز و من الغوص «1».

و الحديث ضعيف بضعف اسناده الي علي عليه السّلام.

و منها: ما رواه حماد بن عيسي مرسلا عن العبد الصالح عليه السّلام قال: الخمس من خمسة أشياء من الغنائم و الغوص و من الكنوز و من المعادن و الملاحة الحديث «2».

و الحديث ضعيف بالارسال.

و منها: مرسل المقنع قال: روي محمد بن ابي عمير: ان الخمس علي خمسة أشياء الكنوز و المعادن و الغوص و الغنيمة و نسي ابن أبي عمير الخامسة «3».

و المرسل لا

اعتبار به. ان قلت: ظاهر الاخبار كونه حسيا فلا بد من الالتزام بالاعتبار.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث: 12.

(2) نفس المصدر، الحديث: 4.

(3) نفس المصدر، الحديث: 2.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 87

______________________________

قلت: يرد عليه اولا: انه لا بدّ من الالتزام بالاعتبار في جميع الموارد التي تكون من هذا القبيل و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟

و ثانيا: ان بناء المحدّث امّا بيان الطريق علي النحو الكلي و الاشارة اليه في كل مورد، و أمّا بيان السلسلة فلا مجال لهذه المقالة.

و هذه النصوص و ان كان اكثرها ضعيفة لكن يكفي لعموم الحكم حديث ابن مروان «1» فان اطلاق قوله روحي فداه «ما يخرج من البحر» يشمل الغوص الذي هو محل الكلام.

الجهة الثانية: في المراد من الغوص

و قد تقدم آنفا ان المدرك الوحيد حديث ابن مروان و العنوان المأخوذ في الحديث «ما يخرج» و الميزان في ترتب الحكم، صدق العنوان المذكور و لا اشكال في صدقه علي ما ذكر في كلام الماتن و عنوان ما يخرج من البحر غير عنوان ما يؤخذ منه و لا يصدق عنوان ما يخرج علي السمك و نحوه من الحيوانات و العرف ببابك، فان المستفاد من حديث عمّار بن مروان بحسب الانسباق الي الذهن ان ما يحصل من ارض البحر موضوع للحكم فلا يشمل مثل السمك و بقية الحيوانات البحرية.

و بعبارة واضحة: ليس الموضوع ما يؤخذ من البحر كي يصدق علي كل مأخوذ منه، كما انه ليس الموضوع ما يتكوّن في البحر كي يشمل الحيوان المتكوّن فيه بل الموضوع ما يخرج.

______________________________

(1) لاحظ ص 39.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 88

______________________________

و يؤكّد المدعي ان الموضوع في بعض النصوص، الغوص

كما هو المشهور في الألسن فيفهم ان الموضوع ما يؤخذ بالغوص و الحال ان أخذ الحيوان البحري ليس بالغوص بل يؤخذ إمّا بالآلة الصيادة كما هو المتعارف و امّا بجعل الحيوان مسموما بالسمّ و اخذه من سطح الماء.

أضف الي ذلك كله ان عدم الخمس في السمك و امثالها من الحيوانات البحرية بعنوان الغوص من الواضحات الفقهية.

و يضاف الي ذلك انه لو وصلت النوبة الي الشك في الصدق لا سبيل الي الاخذ بالدليل لعدم جواز الاخذ في الشبهة المصداقية مضافا الي ان استصحاب عدم الصدق يقتضي خروجه عن دائرة الموضوع و إطار الحكم فلاحظ.

الجهة الثالثة: في اشتراط بلوغه حد النصاب

أي الدينار في وجوب الخمس و ما يمكن أن يستدلّ به عليه ما رواه محمد بن علي «1».

و قد مرّ ان الحديث ضعيف به، فالمحكّم اطلاق دليل الوجوب و عليه لا تصل النوبة الي البحث في لزوم اتحاد الجنس و عدمه و لا بين الدفعة و الدفعات و لا كون الغائص واحدا أو متعدّدا و لا الي اخراج المئونة و عدمه.

الجهة الرابعة: انه قد علم مما ذكرنا ان موضوع الحكم عنوان ما يخرج من البحر

______________________________

(1) لاحظ ص 29.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 89

(مسألة 21): المتناول من الغوّاص لا يجري عليه حكم الغوص اذا لم يكن غائصا، و أمّا اذا تناول منه و هو غائص أيضا فيجب عليه اذا لم ينو الغوّاص الحيازة و الّا فهو له و وجب الخمس عليه (1).

(مسألة 22): اذا غاص من غير قصد للحيازة فصادف شيئا ففي وجوب الخمس عليه وجهان و الأحوط إخراجه (2).

(مسألة 23): إذا أخرج بالغوص حيوانا و كان في بطنه شي ء من الجواهر، فان كان معتادا وجب فيه الخمس و ان كان

______________________________

فلا يشترط في ترتّب الحكم صدق عنوان الغوص بل تمام الموضوع عنوان الخارج من البحر الا أن يدل دليل معتبر علي خلاف ما قلناه.

[مسألة 21: المتناول من الغوّاص لا يجري عليه حكم الغوص]

(1) قد تقدم منّا ان المأخوذ في الموضوع في حديث ابن مروان الذي هو المدرك الوحيد للحكم عنوان الخروج عن البحر و هذا العنوان لا يتوقّف علي قصد الحيازة أو التملّك، فعلي القاعدة يجب الخمس علي الغوّاص الثاني و لا تصل النوبة الي التفصيل الذي ذكره الماتن (قدّس سرّه).

[مسألة 22: اذا غاص من غير قصد للحيازة فصادف شيئا ففي وجوب الخمس عليه و جهان]

(2) الحق ان وجوب الخمس عليه في الصورة المفروضة، هو الاظهر و قد ظهر وجهه مما تقدم آنفا و صفوة القول انه ليس للغوص و لا للحيازة و لا للتملّك دخل في الموضوع، بل تمام الموضوع عنوان الخروج عن البحر.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 90

من باب الاتفاق بأن يكون بلع شيئا اتّفاقا فالظاهر عدم وجوبه و ان كان أحوط (1).

(مسألة 24): الانهار العظيمة كدجلة و النيل و الفرات حكمها حكم البحر بالنسبة الي ما يخرج منها بالغوص اذا فرض تكوّن الجوهر فيها كالبحر (2).

(مسألة 25): اذا غرق شي ء في البحر و أعرض مالكه عنه فأخرجه الغوّاص ملكه و لا يلحقه حكم الغوص علي الأقوي و ان كان من مثل اللؤلؤ و المرجان لكن الأحوط إجراء حكمه عليه (3).

[مسألة 23: إذا أخرج بالغوص حيوانا و كان في بطنه شي ء من الجواهر]

______________________________

(1) الموضوع في حديث عمّار بن مروان عنوان ما يخرج من البحر و مقتضي اطلاقه جريان الحكم في الفرض المذكور بلا وجه للتفصيل، ففي كل مورد صدق عنوان الخروج من البحر يترتب عليه الحكم و الانصاف ان الصدق محل الاشكال.

[مسألة 24: الانهار العظيمة كدجلة و النيل و الفرات حكمها حكم البحر بالنسبة الي ما يخرج منها بالغوص]

(2) الموضوع في حديث عمّار عنوان البحر فلا وجه لإسراء الحكم الي النهر و عنوان الغوص و ان كان صادقا، لكن قد تقدم ان الدليل المأخوذ فيه عنوان الغوص غير معتبر، نعم بالنسبة الي غوص اللؤلؤ يكون الدليل تاما سندا لاحظ ما رواه الحلبي «1».

[مسألة 25: اذا غرق شي ء في البحر و أعرض مالكه عنه فأخرجه الغوّاص ملكه و لا يلحقه حكم الغوص]

(3) اذ الاعراض يوجب زوال ملكية المعرض عن العين فتصير من المباحات الأصلية فيجوز تملّكه للغير.

______________________________

(1) لاحظ ص 84.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 91

(مسألة 26): اذا فرض معدن من مثل العقيق أو الياقوت أو نحوهما تحت الماء بحيث لا يخرج منه الّا بالغوص فلا إشكال في تعلّق الخمس به، لكنه هل يعتبر فيه نصاب المعدن أو الغوص؟ وجهان، و الأظهر الثاني (1).

______________________________

و يؤيّد المدعي الحديثان الواردان في السفينة التي غرقت في البحر احدهما ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: و اذا غرقت السفينة و ما فيها فأصابه الناس فما قذف به البحر علي ساحله فهو لأهله و هم أحقّ به، و ما غاص عليه الناس و تركه صاحبه فهو لهم «1».

ثانيهما: ما رواه الشعيري قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن سفينة انكسرت في البحر فاخرج بعضها بالغوص و أخرج البحر بعض ما غرق فيها؟ فقال: امّا ما أخرجه البحر فهو لأهله، اللّه أخرجه، و أما ما اخرج بالغوص فهو لهم و هم احقّ به «2».

و دليل وجوب الخمس فيما يخرج عن البحر منصرف عن أمثال المقام و لا أقلّ من عدم الجزم بالاطلاق و لا ينبغي ترك الاحتياط فيه.

[مسألة 26: إذا فرض معدن من مثل العقيق أو الياقوت أو نحوهما تحت الماء]

(1) قد تقدم انه لا دليل علي النصاب بالنسبة الي الغوص فلا اشكال في تعلق الخمس في محل الكلام بلا فرق بين بلوغه النصاب الثابت في المعدن أم لا، لشمول دليل وجوب الخمس فيما يخرج من

______________________________

(1) الوسائل: الباب 11 من أبواب اللقطة، الحديث: 1.

(2) نفس المصدر، الحديث: 2.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس،

ص: 92

[مسألة 27: العنبر اذا اخرج بالغوص جري عليه حكمه]

(مسألة 27): العنبر اذا اخرج بالغوص جري عليه حكمه و إن اخذ علي وجه الماء أو الساحل ففي لحوق حكمه له و جهان و الأحوط اللحوق و أحوط منه اخراج خمسه و ان لم يبلغ النصاب أيضا (1).

[الخامس: المال الحلال المخلوط بالحرام علي وجه لا يتميّز]

اشارة

الخامس: المال الحلال المخلوط بالحرام علي وجه لا يتميّز مع الجهل بصاحبه و بمقداره فيحلّ باخراج خمسه و مصرفه مصرف سائر أقسام الخمس علي الأقوي، و أمّا ان علم المقدار و لم يعلم المالك تصدّق به عنه و الأحوط أن يكون باذن المجتهد الجامع للشرائط، و لو انعكس بأن علم المالك و جهل المقدار تراضيا بالصلح و نحوه و ان لم يرض المالك بالصلح، ففي جواز الاكتفاء بالأقل أو وجوب إعطاء الاكثر؟ و جهان،

______________________________

البحر، ما نحن فيه.

و يمكن ان يقال في مفروض الكلام بتعلق الخمس بكلا العنوانين تارة بعنوان ما يخرج من البحر بلا اشتراط بلوغ النصاب، و اخري بعنوان المعدن مع اشتراط بلوغه، فلاحظ.

(1) قد صرح به في بعض النصوص لاحظ ما رواه الحلبي «1» و اطلاقه يقتضي جريان الحكم عليه بايّ نحو يحصل، كما ان عنوان ما يخرج عن البحر المأخوذ في الموضوع في حديث ابن مروان كذلك فلا اشكال فيما افيد فلاحظ.

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 84.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 93

الاحوط الثاني و الاقوي الاول اذا كان المال في يده و ان علم المالك و المقدار وجب دفعه اليه (1).

في المقام جهات من البحث:

الجهة الأولي: في دليل وجوب الخمس في المال المخلوط بالحرام و حلّيته به

______________________________

(1) و هذا هو المشهور بين القوم و قد ذكرت في مقام الاستدلال عليه عدّة نصوص:

منها: ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتي رجل أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: اني كسبت مالا أغمضت في مطالبه حلالا و حراما و قد أردت التوبة و لا أدري الحلال منه و الحرام و قد، اختلط عليّ؟ فقال امير المؤمنين عليه السّلام: تصدّق بخمس مالك فان اللّه رضي من الأشياء بالخمس و سائر

المال لك حلال «1».

و هذه الرواية ضعيفة إمّا بالنوفلي و إمّا بالارسال.

و منها: ما رواه الحسن بن زياد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ان رجلا اتي أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا أمير المؤمنين اني أصبت مالا لا أعرف حلاله من حرامه؟ فقال له: أخرج الخمس من ذلك المال، فان اللّه عزّ و جلّ قد رضي من المال بالخمس و اجتنب ما كان صاحبه يعلم «2».

و هذه الرواية ضعيفة بحكم بن بهلول.

و منها: ما رواه عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام ان سئل عن عمل

______________________________

(1) الوسائل: الباب 10 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 4.

(2) نفس المصدر الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 94

______________________________

السلطان يخرج فيه الرجل؟ قال: لا، إلّا أن لا يقدر علي شي ء يأكل و لا يشرب و لا يقدر علي حيلة، فان فعل فصار في يده شي ء فليبعث بخمسه إلي أهل البيت «1».

و هذه الرواية لا ترتبط بالمقام اذ لم يفرض فيها انّ ما يأخذه من السلطان مخلوط بالحرام و إنّما السؤال من حيث جواز الدخول في عمل السلطان و صيرورته عاملا له و معينا للظالم.

و منها: ما أرسله الصدوق قال: جاء رجل إلي أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا أمير المؤمنين أصبت مالا أغمضت فيه أ فلي توبة؟ قال: ائتني بخمسه، فأتاه بخمسه فقال: هو لك إنّ الرجل اذا تاب، تاب ماله معه «2».

و المرسل لا اعتبار به.

و منها: ما رواه عمّار بن مروان «3» و هذه الرواية تامة سندا، فان الحديث مذكور في الخصال «4» مسندا الي أحمد بن محمد بن عيسي.

هكذا حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد

بن يحيي العطّار قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسي عن الحسن بن محبوب عن عمّار بن مروان و حيث إنّ الأمر دائر بين الزيادة و النقيصة و تقديم الزيادة الدوران بينهما أقرب إلي الصناعة فلا اشكال في السند فتأمّل.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث: 2.

(2) نفس المصدر، الحديث: 3.

(3) لاحظ ص 39.

(4) الخصال للصدوق: ص 290، الحديث: 51.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 95

الجهة الثانية: إنّ موضوع الحكم عبارة عن المال الذي يكون مخلوطا بالحرام

______________________________

و لا يعرف صاحب المقدار الحرام و لا يعرف مقدار المال.

فنقول: أمّا بالنسبة الي اشتراط كون الملك مجهولا فقد صرح في حديث ابن مروان بهذه الجهة حيث قال عليه السّلام «و الحلال المختلط بالحرام اذا لم يعرف صاحبه».

و امّا بالنسبة الي مقدار المال فلا يبعد أن يقال: ان العرف بمناسبة الحكم و الموضوع يفهم ان الحكم المذكور جار في مورد الجهل بمقدار المال اذ يبعد أن يصير الحرام القطعي حلالا بالتخميس.

و لكنّه لقائل أن يقول: إنّ الامر بيد الشارع الأقدس و مع حكمه بشي ء لا مجال لمثل هذه المناقشات.

مضافا الي ان البيان المذكور انما يتمّ في فرض العلم بالمقدار و كونه اكثر من الخمس و أمّا لو لم علم بكونه أقلّ فلا مجال له كما هو ظاهر.

و لقائل أن يقول: هل يمكن الالتزام بوجوب الخمس لو اختلط ديناران في ضمن الف دينار؟

و أيضا هل يمكن الالتزام بحليّة أربعة أخماس لو اختلط ديناران في ضمن ألف دينار حرام سيّما فيما يكون الخلط بفعل الغاصب كي يأكل مال الناس بهذه الحيلة و الوسيلة؟

و لكن الذي يهوّن الخطب أنّ الأحكام الشرعية امور تعبدية لا تنالها عقولنا، ففي كل مورد دلّ دليل علي امر نأخذ به و لا وجه للاستبعاد المذكور.

الغاية

القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 96

______________________________

و يؤكّد ما قلناه ان الامام روحي فداه قد تعرض لكون المالك مجهولا، و أمّا بالنسبة الي المال فلم يفصّل في الحكم بين معرفة القدر و عدمها فيعلم انه لا فرق و هذا العرف ببابك.

الجهة الثالثة: في أنّ مصرفه مصرف سائر أقسام الخمس.

و الأمر كما أفاده في المتن، فان المستفاد من حديث عمّار بن مروان المتقدم ذكره «1» هكذا إذ الامام روحي فداه ذكر الخمس و لم يذكر مصرفه فيفهم عرفا ان مصرفه ذلك المصرف الذي اشير اليه في الكتاب و السنة، و العرف ببابك فلا مجال لتوهم كون مصرفه الفقراء فانه لا دليل معتبر عليه، فلاحظ.

الجهة الرابعة: انه لو علم المقدار و جهل المالك تصدّق عنه

علي ما أفاده في المتن.

و قد ظهر مما تقدم انه لا وجه لرفع اليد عن اطلاق الدليل و الحق الالتزام بالاطلاق.

هذا علي مقتضي ما سلكناه و قويناه، و امّا اذا لم نقل بتلك المقالة فلا بد من ملاحظة ما افيد في المقام بالنسبة الي حكم مجهول المالك فنقول: وقع الكلام في الوظيفة بالنسبة الي مجهول المالك و قد ذكرت في المقام وجوه:

الوجه الاول: انه لا بدّ من دفعه الي الامام عليه السّلام و انّه روحي فداه مالكه.

______________________________

(1) لاحظ ص 39.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 97

______________________________

و الدليل عليه ما رواه داود بن ابي يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

قال رجل: إنّي قد أصبت مالا و اني قد خفت فيه علي نفسي و لو أصبت صاحبه دفعته إليه و تخلّصت منه؟ قال: فقال له أبو عبد اللّه عليه السّلام: و اللّه أن لو أصبته كنت تدفعه اليه؟ قال: اي و اللّه، قال:

فأنا و اللّه ماله صاحب غيري قال: فاستحلفه أن يدفعه الي من يأمره، قال: فحلف فقال: فاذهب فاقسمه في إخوانك و لك الأمن ممّا خفت منه، قال: فقسّمته بين إخواني «1».

و هذه الرواية لا ترتبط بالمقام، اذ يمكن أن يكون المال المصاب مملوكا شخصيا له عليه السّلام و لذا أمره أن يقسمه بين

اخوانه بلا اشتراط الفقر.

و بعبارة اخري: يمكن أن يكون المال ضائعا عنه عليه السّلام أو كان لشخص بلا وارث و مات و انتقل ارثه اليه عليه السّلام.

اضف الي ذلك النقاش في السند، فان موسي بن عمر مشترك فيشكل العمل بالحديث.

بالاضافة ان في بعض النسخ الجمّال بدل الحجّال هكذا علّق المعلّق علي هامش كتاب الوسائل المطبوع جديدا، و امّا طريق الصدوق الي الحجّال فهو مجهول فلاحظ.

الوجه الثاني: العمل فيه و اخراجه صدقة قليلا قليلا، و الدليل عليه ما رواه نصر بن حبيب صاحب الخان قال: كتبت الي عبد صالح عليه السّلام:

______________________________

(1) الوسائل: الباب 7 من أبواب اللقطة، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 98

______________________________

لقد وقعت عندي مائتا درهم (و اربعة دراهم) و انا صاحب فندق و مات صاحبها و لم أعرف له ورثة فرأيك في إعلامي حالها و ما أصنع بها فقد ضقت بها ذرعا فكتب: اعمل فيها و أخرجها صدقة قليلا قليلا حتي تخرج «1».

و الحديث ضعيف سندا فلا يعتد به.

الوجه الثالث: أن يتصدق به و الدليل عليه جملة من النصوص:

منها ما رواه علي بن أبي حمزة قال: كان لي صديق من كتّاب بني امية فقال لي: استأذن لي علي أبي عبد اللّه عليه السّلام فاستأذنت له فأذن له فلمّا أن دخل سلّم و جلس ثم قال: جعلت فداك انّي كنت في ديوان هؤلاء القوم فأصبت من دنياهم مالا كثيرا و أغمضت في مطالبه؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو لا ان بني امية وجدوا لهم من يكتب و يجبي لهم الفي ء و يقاتل عنهم و يشهد جماعتهم لما سلبونا حقّنا و لو تركهم الناس و ما في

أيديهم ما وجدوا شيئا الّا ما وقع في أيديهم، قال: فقال الفتي:

جعلت فداك فهل لي مخرج منه؟ قال: إن قلت لك تفعل؟ قال:

أفعل، قال له: فاخرج من جميع ما كسبت في ديوانهم فمن عرفت منهم رددت عليه ماله و من لم تعرف تصدّقت به- الحديث «2».

و الحديث ضعيف سندا.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من أبواب ميراث الخنثي، الحديث: 3.

(2) الوسائل: الباب 47 من أبواب ما يكتسب به، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 99

______________________________

و منها: ما رواه أبو أيوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل أمر غلامه أن يبيع كرمه عصيرا فباعه خمرا ثم أتاه بثمنه؟ فقال: إن أحبّ الاشياء إليّ أن يتصدّق بثمنه «1».

و الحديث ضعيف سندا، مضافا الي عدم دلالته علي المدعي كما هو ظاهر.

و منها: ما رواه علي بن ميمون الصائغ قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمّا يكنس من التراب فأبيعه فما أصنع به؟ قال: تصدّق به، فإمّا لك و إمّا لأهله، قال: قلت: فانّ فيه ذهبا و فضة و حديدا فبأيّ شي ء أبيعه؟ قال: بعه بطعام، قلت: فإن كان لي قرابة محتاج أعطيه منه؟ قال: نعم «2».

و الحديث ضعيف سندا.

و منها: ما رواه أبو علي بن راشد قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام قلت: جعلت فداك اشتريت أرضا الي جنب ضيعتي بالفي درهم فلمّا وفّيت المال خبّرت أنّ الارض وقف؟ فقال: لا يجوز شراء الوقف و لا تدخل الغلّة في مالك و ادفعها إلي من وقفت عليه، قلت: لا أعرف لها ربّا قال: تصدّق بغلّتها «3».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 55 من أبواب ما يكتسب به، الحديث: 2.

(2) الوسائل: الباب 16 من أبواب الصرف،

الحديث: 1.

(3) الوسائل: الباب 17 من أبواب عقد البيع و شروطه.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 100

______________________________

و الحديث ضعيف سندا.

و منها: ما رواه علي الصائغ قال: سألته عن تراب الصوّاغين و انّا نبيعه؟ قال: أما تستطيع أن تستحلّه من صاحبه؟ قال: قلت: لا اذا أخبرته اتّهمني، قال: بعه، قلت: بايّ شي ء نبيعه؟ قال: بطعام، قلت: فأيّ شي ء أصنع به؟ قال: تصدق به امّا لك و امّا لأهله، قلت:

ان كان ذا قرابة محتاجا اصله؟ قال: نعم «1».

و السند ضعيف.

و منها: ما رواه يونس بن عبد الرحمن قال: سئل أبو الحسن الرضا عليه السّلام و أنا حاضر، الي أن قال فقال: رفيق كان لنا بمكة فرحل منها الي منزله و رحلنا الي منازلنا، فلمّا أن صرنا في الطريق أصبنا بعض متاعه معنا فأيّ شي ء نصنع به؟ قال: تحملونه حتّي تحملوه الي الكوفة، قال: لسنا نعرفه و لا نعرف بلده و لا نعرف كيف نصنع؟ قال:

اذا كان كذا فبعه و تصدق بثمنه، قال له: علي من جعلت فداك؟

قال: علي أهل الولاية «2».

و السند ضعيف.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 16 من أبواب الصرف، الحديث: 2.

(2) الوسائل: الباب 7 من أبواب اللقطة، الحديث: 2.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 101

______________________________

و منها: ما رواه حفص بن غياث قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل من المسلمين أودعه رجل من اللصوص دراهم أو متاعا و اللص مسلم هل يرد عليه؟ فقال: لا يرده، فان أمكنه أن يرده علي اصحابه فعل و الّا كان في يده بمنزلة اللقطة يصيبها فيعرّفها حولا، فان أصاب صاحبها ردّها عليه و الّا تصدّق بها، فإن جاء طالبها

بعد ذلك خيّره بين الأجر و الغرم، فان اختار الأجر، فله الأجر و ان اختار الغرم غرم له و كان الأجر له «1».

و الحديث: ضعيف بجميع اسناده فراجع.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل ترك غلاما له في كرم له يبيعه عنبا أو عصيرا فانطلق الغلام فعصر خمرا ثم باعه؟ قال: لا يصلح ثمنه، ثم قال: ان رجلا من ثقيف أهدي الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله راويتين من خمر، فأمر بهما رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فاهريقتا و قال: ان الذي حرم شربها حرم ثمنها، ثم قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ان افضل خصال هذه التي باعها الغلام ان يتصدق بثمنها «2».

و هذه الرواية تامة سندا، لكن لا يستفاد منها وجوب التصدق، بل المستفاد منها ان أفضل الخصال في مجهول المالك أن يتصدّق به.

الوجه الرابع: انّ مجهول المالك مملوك لمن وضع يده عليه، و يدل

______________________________

(1) الوسائل: الباب 18 من أبواب اللقطة، الحديث: 1.

(2) الوسائل: الباب 55 من أبواب ما يكتسب به، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 102

______________________________

عليه ما رواه علي بن مهزيار «1».

و أورد سيدنا الاستاد (قدس سره) في الحديث: ايرادين:

الايراد الاول: ان الحديث: غير متعرض لمورد التملك بل متعرض لكونه من الارباح و يجب فيه الخمس فيما يصير ملكا لمن وصل اليه و امّا حصول الملكية في أيّ مورد فلا تعرض له في الحديث:

الايراد الثاني: ان غاية ما في الباب ان الحديث: ظاهر في صيرورة مجهول المالك ملكا لمن وصل اليه و لا بدّ من رفع اليد عن الظهور بصراحة ما يدل علي

وجوب التصدّق به.

و شي ء من الايرادين لا يصح، امّا الايراد الاول فهو خلاف المتفاهم العرفي، فان الامام روحي فداه ذكره في عداد ما يملكه الانسان، و بعبارة اخري: يفسّر الغنائم، فالايراد المذكور ساقط عن درجة الاعتبار بتاتا.

و امّا الايراد الثاني فيرد عليه اولا: ان ايّ دليل معتبر دل علي وجوب التصدق بمجهول المالك علي نحو الاطلاق.

و ثانيا: ان أيّ دليل دالّ علي تقديم الصراحة علي الظهور، فان الميزان في التقديم كون احد الطرفين قرينة علي الآخر و لذا ذكرنا مرارا ان ظهور لفظ يرمي في الرمي بالنبال و ان كان اطلاقيا يقدم علي ظهور لفظ اسد في الحيوان المفترس و ان كان وضعيا و ذلك لأن العرف يراه قرينة عليه فالميزان في التقديم كون احد المتعارضين قرينة و حاكما علي

______________________________

(1) لاحظ ص 68 و 69.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 103

______________________________

الآخر فلاحظ.

و لو سلّم التعارض بين الطرفين يكون الترجيح مع حديث ابن مهزيار لكونه أحدث.

و لقائل أن يقول: ان حديث ابن مهزيار و ان كان دالا علي المدعي لكن معارض بحديث اسحاق بن عمّار «1».

و يرد عليه اولا: ان حديث ابن عمّار لا يدل علي وجوب التصدق.

و ثانيا: أنّا نسلم المعارضة و لكن الترجيح مع حديث ابن مهزيار بالأحدثية، فان حديث اسحاق مروي عن الكاظم عليه السّلام و حديث ابن مهزيار مروي عن الجواد عليه السّلام.

فالنتيجة انه لا مانع عن الالتزام بالملكية و كونه من الارباح.

و تؤيّد المدعي جملة من النصوص:

منها ما رواه عبد اللّه بن جعفر «2».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن جعفر الحميري قال: سألته عليه السّلام في كتاب عن رجل اشتري جزورا أو بقرة أو شاة

أو غيرها للأضاحي أو غيرها فلمّا ذبحها وجد في جوفها صرّة فيها دراهم أو دنانير أو جواهر أو غير ذلك من المنافع لمن يكون ذلك و كيف يعمل به؟ فوقّع عليه السّلام:

عرّفها البائع، فان لم يعرفها فالشي ء لك رزقك اللّه إياه «3».

______________________________

(1) لاحظ ص 71.

(2) لاحظ ص 78.

(3) الوسائل: الباب 9 من أبواب اللقطة، الحديث: 2.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 104

______________________________

و منها: ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام في حديث: أن رجلا عابدا من بني إسرائيل كان محارفا فأخذ غزلا فاشتري به سمكة فوجد في بطنها لؤلؤة فباعها بعشرين ألف درهم فجاء سائل فدقّ الباب، فقال له الرجل: ادخل، فقال له: خذ احد الكيسين فأخذ أحدهما و انطلق فلم يكن بأسرع من أن دقّ السائل الباب، فقال له الرجل:

ادخل فدخل فوضع الكيس في مكانه ثم قال: كل هنيئا مريئا انا ملك من ملائكة ربّك انما أراد ربّك أن يبلوك فوجدك شاكرا ثم ذهب «1».

و منها: ما رواه حفص بن غياث، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان في بني إسرائيل رجل و كان محتاجا فألحّت عليه امرأته في طلب الرزق فابتهل الي اللّه في الرزق فرأي في النوم ايّما احبّ إليك درهمان من حلّ أو ألفان من حرام؟ فقال: درهمان من حلّ، فقال: تحت رأسك فانتبه فرأي الدرهمين تحت رأسه فأخذهما و اشتري بدرهم سمكة و أقبل الي منزله فلمّا رأته المرأة أقبلت عليه كاللائمة و أقسمت أن لا تمسّها، فقام الرجل اليها فلمّا شقّ بطنها اذا بدرتين فباعهما بأربعين ألف درهم «2».

و منها: ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان

في بني اسرائيل عابد و كان محارفا تنفق عليه امرأته فجاعوا يوما فدفعت إليه

______________________________

(1) الوسائل: الباب 10 من أبواب اللقطة، الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 105

______________________________

غزلا فذهب فلا يشتري بشي ء فجاء الي البحر فاذا هو بصياد قد اصطاد سمكا كثيرا فأعطاه الغزل و قال: انتفع به في شبكتك فدفع إليه سمكة فرفعها و خرج بها الي زوجته فلمّا شقّها بدت من جوفها لؤلؤة فباعها بعشرين ألف درهم «1».

و منها: ما رواه الزهري عن علي بن الحسين عليه السّلام في حديث: ان رجلا شكا إليه الدين و العيال فبكي و قال: ايّ مصيبة أعظم علي حرّ مؤمن من أن يري بأخيه المؤمن خلّة فلا يمكنه سدّها الي أن قال علي بن الحسين عليه السّلام: قد اذن اللّه في فرجك، يا فلانة احملي سحوري و فطوري فحملت قرصتين، فقال علي بن الحسين عليه السّلام للرجل:

خذهما فليس عندنا غيرهما فانّ اللّه يكشف بهما عنك و يريك خيرا واسعا منهما ثمّ ذكر أنه اشتري سمكة باحدي القرصتين و بالاخري ملحا، فلما شقّ بطن السمكة وجد فيها لؤلؤتين فاخرتين، فحمد اللّه عليهما فقرع بابه فاذا صاحب السمكة و صاحب الملح يقولان: جهدنا أن نأكل من هذا الخبز فلم تعمل فيه أسناننا فقد رددنا إليك هذا الخبز و طيّبنا لك ما أخذته منّا فما استقرّ حتي جاء رسول علي بن الحسين عليه السّلام و قال: انه يقول لك: ان اللّه قد أتاك بالفرج فاردد إلينا طعامنا فانه لا يأكله غيرنا، و باع الرجل اللؤلؤتين بمال عظيم قضي منه دينه و حسنت بعد ذلك حاله «2».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3.

(2) نفس

المصدر الحديث: 4.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 106

______________________________

و منها: ما عن الحسن بن علي العسكري عليه السّلام في تفسيره في حديث طويل: ان رجلا فقيرا اشتري سمكة فوجد فيها أربعة جواهر ثم جاء بها الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و جاء تجّار غرباء فاشتروها منه بأربعمائة ألف درهم، فقال الرجل: ما كان أعظم بركة سوقي اليوم يا رسول اللّه فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: هذا بتوقيرك محمدا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و توقيرك عليّا أخا رسول اللّه و وصيّه و هو عاجل ثواب اللّه لك و ربح عملك الذي عملته «1».

و مما ذكرنا ظهر أنّ ما أفاده سيدنا الاستاد- من ان الأمر دائر بين بقائه الي أن يتلف و تملكه و التصدق به، و حيث ان الاولين باطلان يتعين الثالث: غير تام، اذ قد ظهر مما قلناه ان القاعدة تقتضي الالتزام بكونه ملكا للآخذ.

الوجه الخامس: ان حكم مجهول المالك حكم اللقطة.

و فيه: ان لا وجه له و لا دليل عليه.

و أمّا حديث حفص بن غياث قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل من المسلمين أودعه رجل من اللصوص دراهم أو متاعا و اللصّ مسلم هل يرد عليه؟ فقال: لا يردّه، فان أمكنه أن يرده علي أصحابه فعل و الّا كان في يده بمنزلة اللقطة يصيبها فيعرّفها حولا، فان أصاب صاحبها ردّها عليه و الّا تصدّق بها، فان جاء طالبها بعد ذلك خيّره بين

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث: 5.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 107

______________________________

الأجر و الغرم، فان اختار الأجر فله الأجر و ان اختار

الغرم غرم له و كان الأجر له «1»، فهو ضعيف سندا فلا يعتدّ به.

الوجه السادس: وجوب الدفع الي الحاكم الشرعي، فانه وليّ الامر في زمان الغيبة.

و فيه ان ولاية الحاكم محصورة في دائرة الامور الحسبية التي لم يعيّن فيها الوظيفة، و امّا الامور التي قد علمت الوظيفة فيها من قبل الشارع فلا مجال للرجوع فيها الي الحاكم، و قد تقدم منا ان مقتضي النصّ اي حديث ابن مهزيار ان مجهول المالك ملك للآخذ فلاحظ.

الوجه السابع: وجوب حفظه و الايصاء به عند الوفاة، و الدليل عليه حديثان:

احدهما: ما رواه هشام بن سالم قال: سأل خطاب الأعور أبا إبراهيم عليه السّلام و أنا جالس فقال: انه كان عند أبي اجير يعمل عنده بالأجرة ففقدناه و بقي من اجره شي ء (و لا يعرف له وارث)؟ قال:

فاطلبوه، قال: قد طلبناه فلم نجده، قال: فقال: مساكين- و حرّك يده- قال: فأعاد عليه، قال: اطلب و اجهد فإن قدرت عليه و الّا فهو كسبيل مالك حتي يجي ء له طالب، فإن حدث بك حدث فأوص به إن جاء له طالب أن يدفع إليه «2».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 18 من أبواب اللقطة، الحديث: 1.

(2) الوسائل: الباب 6 من أبواب ميراث الخنثي، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 108

______________________________

و الثاني: ما رواه هشام بن سالم قال: سأل حفص الأعور أبا عبد اللّه عليه السّلام و أنا عنده جالس قال: انه كان لأبي اجير كان يقوم في رحاه و له عندنا دراهم و ليس له وارث؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: تدفع الي المساكين، ثم قال: رأيك فيها ثم أعاد عليه المسألة، فقال له مثل ذلك، فأعاد عليه المسألة

ثالثة، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: تطلب وارثا فان وجدت وارثا و الّا فهو كسبيل مالك، ثم قال: ما عسي أن يصنع بها، ثم قال: توصي بها فان جاء طالبها و الّا فهي كسبيل مالك «1».

فنقول: أما الحديث: الاوّل فضعيف سندا فلا يعتدّ به، و أمّا الحديث: الثاني فيستفاد منه ان الوظيفة في مجهول المالك حفظه و الايصاء به لصاحبه عند الوفاة فتقع المعارضة بين هذه الرواية و حديث ابن مهزيار و الترجيح بالأحدثية مع حديث ابن مهزيار.

و يمكن أن يقال: ان حديث ابن مهزيار اعم من حديث هشام، اذ حديث ابن مهزيار اعم من اليأس من وجدان المالك و رجاء وجدانه و حديث هشام مخصوص بمورد احتمال الوجدان فيخصص حديث ابن مهزيار بحديث هشام، و اللّه العالم بحقايق الامور.

و الذي يهون الخطب ان حديث هشام مضطرب المتن، فانه يعارض صدره مع ذيله، اذ الإمام روحي فداه في الصدر يأمر بطلب الوارث و علي فرض عدمه يحكم بكونه كسبيل ماله و في الذيل يحكم بالايصاء

______________________________

(1) الوسائل: الباب 22 من أبواب الدين و القرض، الحديث: 3.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 109

______________________________

فيستفاد من الصدر جواز التصرف و من الذيل عدم جوازه، فالحديث ساقط بالتعارض.

و لو تنزّلنا عن جميع ما تقدم و قلنا بوجوب التصدق فكيف يتصدق به مع عدم تميزه خارجا و بأي دليل يكفي التصدق بذلك المقدار المعلوم كالثلث مثلا و الحال انه غير مشخص و مقتضي العلم الإجمالي الاحتياط و هو لا يحصل الّا بالتصدق بجميع المال.

ان قلت: هذا خلاف ما قررتم من عدم كون العلم الإجمالي منجزا في جميع الاطراف و قلتم لا مانع من جريان الأصل

في بعضها.

قلت: ما ذكرناه انما يتم فيما يشك في ناحية حدوث التكليف و امكان جريان الاصل النافي في بعض الاطراف، و أمّا فيما لا يكون مجال لجريانه فلا مجال لذلك البيان.

مثلا: لو علمنا بنجاسة إناءين ثم علمنا بوقوع قطرة مطر في احدهما و صيرورته طاهرا لا يمكن القول بجواز شرب احدهما لجريان قاعدة الطهارة أو الحلية، اذ مقتضي الاستصحاب بقاء كليهما علي نجاستهما و لا تلزم المخالفة العملية، و في المقام حيث لا يمكن تميز ملك الغير فلا يقطع بالخروج عن الوظيفة الا بتصدق الجميع.

و ان شئت قلت: كل درهم من الدراهم المخلوطة محكوم بعدم كونه ملكا للمالك فلا يجوز التصرف فيه.

بعبارة واضحة: لا طريق لإحراز الفرد الواجب التصدق به و التصدق بالبعض لا يقتضي تعيّن المملوك في غيره فلا مناص من

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 110

______________________________

التصدق بجميع الاطراف.

و علي هذا الاساس هل يمكن التميز بقاعدة القرعة أم لا؟ فلا بد من ملاحظة النصوص التي يمكن توهم الاطلاق فيها.

و من تلك النصوص ما رواه سيّابة و ابراهيم بن عمر جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل قال: اوّل مملوك أملكه فهو حرّ، فورث ثلاثة؟

قال: يقرع بينهم فمن أصابه القرعة اعتق، قال: و القرعة سنة «1».

بتقريب ان المستفاد من الحديث: ان القرعة قاعدة كلية مضروبة لجميع الموارد.

و يرد عليه: ان المستفاد من الحديث: مشروعية القرعة اجمالا، و أمّا انها في ايّ مورد و بايّ نحو و بايّ شرط فالانصاف انّ الجزم بالكلية في غاية الاشكال.

اضف الي ذلك انه لو التزم بالاطلاق يلزم جريانها في موارد اشتباه الأحكام بعضها ببعض، كما لو تردّد الأمر بين الوجوب و الحرمة أو

اشتبه الأمر بين وجوب الجمعة و الظهر، أو اشتبه موضوع بموضوع آخر، كما لو اشتبه الخمر بالخلّ أو النجس بالطاهر، أو اشتبه المذكّي بالميتة و أيضا يلزم كشف الحق و الواقع في باب الدعاوي و بطلان جميع مباحث كتاب القضاء، أو اشتبه الثقة بغيره في باب الرجال و هكذا، و من الواضح انه خلاف الضرورة و بطلان القول به من القطعيات.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 13 من أبواب كيفية الحكم و احكام الدعاوي، الحديث: 2.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 111

______________________________

ان قلت: نلتزم بالتخصيص، قلت: يلزم تخصيص الاكثر المستهجن فلا بدّ من الاقتصار علي مقدار قام الدليل عليه.

و منها: ما رواه جميل قال: قال الطيّار لزرارة ما تقول في المساهمة أ ليس حقا؟ فقال زرارة: بلي هي حقّ، فقال الطيّار: أ ليس قد ورد انه يخرج سهم المحق؟ قال: بلي، قال: فتعال حتّي أدّعي أنا و انت شيئا ثم نساهم عليه و ننظر هكذا هو، فقال له زرارة: انما جاء الحديث: بأنّه ليس من قوم فوّضوا أمرهم الي اللّه ثم اقترعوا الّا خرج سهم المحقّ، فامّا علي التجارب، فلم يوضع علي التجارب، فقال الطيّار: أ رأيت ان كانا جميعا مدعيين ادعيا ما ليس لهما من أين يخرج سهم احدهما، فقال زرارة: اذا كان كذلك جعل معه سهم مبيح، فان كانا ادعيا ما ليس لهما خرج سهم المبيح «1».

و الكلام فيه هو الكلام، مضافا الي أنّ مورد الحديث: النزاع و الترافع فلا يرتبط بالمقام.

الجهة الخامسة: في أنّه علي تقدير وجوب التصدق هل يشترط فيه أن يكون باذن الحاكم الشرعي الجامع أم لا؟

احتاط الماتن احتياطا وجوبيا بالنسبة الي هذه الجهة.

و الذي يمكن أن يذكر في مستند الاشتراط وجهان:

الوجه الأول: انه لا يجوز التصرف في مال الغير و القدر المعلوم

______________________________

(1) الوسائل: الباب

13 من أبواب كيفية الحكم و احكام الدعاوي، الحديث: 4.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 112

______________________________

جوازه في المقام صورة الاستيذان من الحاكم.

و فيه أنّه بعد قيام الدليل علي التصدق من قبل الشارع لا مجال للتقريب المذكور.

الوجه الثاني: حديث ابن أبي يزيد «1».

بتقريب ان الامام عليه السّلام قال: «صاحبه انا» و لا يكون المراد من كلامه انه مملوكه و الّا لم يكن وجه لحكمه بالتقسيم، بل المراد من الجملة ان اختياره بيدي و لا بد من أن يراجع فيه إليّ فيلزم من مراجعة الحاكم في زمن الغيبة و عدم امكان الوصول اليه، فانّه النائب العام في الامور الراجعة اليه عليه السّلام.

و يرد عليه اولا: انّ السند ساقط عن الاعتبار، فان موسي بن عمر مشترك بين الثقة و غيره، و الحديث: بسنده الآخر أيضا مخدوش و لا يعتد به.

و ثانيا: ان الظاهر بل صريح كلامه عليه السّلام انه مملوكه و لعل الأمر بتقسيمه من باب رفع التهمة عن نفسه المقدّسة، و اللّه العالم.

الجهة السادسة: انّه لو كان المالك معلوما و المال مجهولا،

فان تصالحا فلا كلام و الّا فما هو الحكم الشرعي؟

و قبل بيان المقصود نري ان مجرد الاختلاط هل يوجب الاشتراك علي نحو الاشاعة أم لا؟ الظاهر هو الثاني، اذ الشركة بهذا المعني إمّا

______________________________

(1) لاحظ ص 97.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 113

______________________________

يتحقّق بعقد الشركة بين شخصين أو أشخاص، و إمّا بخلط احد شيئين بالآخر بحيث لا يكون تميز بين الأمرين، كما لو امتزج مقدار من سمن لا حد بمقدار مملوك للآخر، و أمّا في غير هذين الفرضين فلا اشتراك و لا اشاعة بل اشتباه مملوك احد بالآخر.

فأفاد الماتن بأنّ الاحوط دفع الاكثر و قوّي

جواز الاكتفاء بالاقل.

و الظاهر ان الوجه فيما قوّاه ان قاعدة اليد تقتضي الحكم بكون جميع ما في اليد لذيها الّا ما علم عدم كونه له فلا يجب دفع ما زاد عليه.

و يرد عليه: ان قاعدة اليد لا يكون عليها دليل لفظي كي يؤخذ بإطلاقه في كل مورد بل العمدة في دليلها السيرة العقلائية الممضاة عند الشارع فلا مجال للأخذ بتلك القاعدة.

و لا يقاس المقام بمورد العلم الإجمالي بنجاسة احد الإناءين و احتمال نجاسة الآخر أيضا فانه لا مانع عن الأخذ بعدم نجاسة كليهما ببركة الاستصحاب أو قاعدة الطهارة بالنسبة الي المجموع فنقول:

مقتضي الاستصحاب و القاعدة عدم نجاسة كليهما.

و يمكن تقريب الاصل ببيان آخر و هو جريان الاصل و القاعدة في كليهما.

و بعبارة واضحة: لا دليل علي نجاسة كليهما غاية الأمر تظهر الثمرة في العلم بنجاسة احد الثوبين مع احتمال نجاسة الآخر، فان المكلف يمكنه أن يصلي في كل واحد منهما صلاة و يقطع بالصحة

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 114

______________________________

الظاهرية، اذ المفروض ان العلم الحاصل للمكلف لا يؤثر الّا بالنسبة الي واحد منهما.

و هذا الذي ذكرناه هو الصحيح لا ما أفاده سيدنا الاستاد من جريان الأصل في الجامع الانتزاعي الذي ينتزع عن المصداق الخارجي.

فان العرف لا يساعده في هذه المقالة و هو ببابك، و امّا في المقام فالقصور في المقتضي.

اضف الي ذلك انه لو أقتصر علي الاقل يكون مقتضي الاستصحاب عدم وصول الحقّ الي ذيه، كما ان مقتضي الأصل عدم كون كل واحد من الاطراف ملكا لمن يكون المال في يده.

و أفاد سيدنا الاستاد في هذا المقام بأن طريق تميز مملوك أحدهما عن الآخر القرعة و دليل القرعة سندا و

دلالة تام و موضوعه عبارة عن مورد يكون الامر مشتبها و لا طريق الي احرازه لا واقعا و لا ظاهرا.

و يرد عليه: انّ اي حديث معتبر سندا دلّ علي اعتبار القرعة علي نحو الاطلاق، و اذا كان حكم العقل بالاحتياط مانعا عن جريان القرعة- كما هو صريح كلامه- فكيف يمكن الالتزام بها مع حكم العقل بوجوب الاحتياط لفراغ الذمة.

فالذي يختلج بالبال أن يقال: تارة يحتاط الضامن و يدفع جميع المال و يقصد تمليك ما كان له، مقدمة لا يصال مال الغير اليه، فلا كلام، و اخري يتصالحان فلا كلام أيضا.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 115

______________________________

و ثالثة يضع المال بين يدي الطرف و المقابل و هو لا يتصرف فيه فيبقي الاختلاط بحاله و لا يتم الأمر، و أمّا لو وقع النزاع بين الطرفين و لا يتم الامر الا بالتصالح علي نحو يشخّص نصيب كلّ منهما لا يبعد أن يكون الحاكم الشرعي مرجعا للأمر و يصالح بين الطرفين و يقسّم المال بين المترافعين.

و لا أدري ما الفارق بين هذه الصورة و الصورة السابقة و هي ما لو كان المقدار معلوما و المالك مجهولا حيث أمضي سيدنا الاستاد جواز التصدق بذلك المقدار بلا توسل في التميز الي القرعة، و أمّا في المقام فأفاد بانّه لا بدّ من التوسل اليها و تميز المالين.

و قد أفتي في منهاجه في المقام بانه ان رضي المالك بتعيين من في يده المال فهو و الّا أجبره الحاكم عليه.

و يشكل ما أفاده بأنّ الظاهر لا وجه للإجبار المذكور بل كما قلنا ان وصل الأمر الي النزاع و الجدال فالحاكم يصالح بينهما و يعيّن حصّة كلّ واحد منهما.

و يختلج

بالبال أن يقال: ان كان من، بيده غاصبا لمال الغير و خلط مال الغير بمال نفسه يجب عليه أن يسلم مال الغير الي مالكه و لو بتمليك جميع ماله مقدمة للعلم بالفراغ.

و أمّا اذا كان الخلط بسبب آخر فلا يجب عليه كذلك.

و يمكن ان يرد عليه انّه ما الفرق بين الصورتين؟ فان المفروض انّ

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 116

(مسألة 28): لا فرق في وجوب إخراج الخمس و حلّية المال بعده بين أن يكون الاختلاط بالاشاعة أو بغيرها، كما اذا اشتبه الحرام بين أفراد من جنسه أو من غير جنسه (1).

(مسألة 29): لا فرق في كفاية إخراج الخمس في حلّية البقية في صورة الجهل بالمقدار و المالك بين أن يعلم اجمالا زيادة مقدار الحرام أو نقيصته عن الخمس و بين صورة عدم العلم و لو اجمالا، ففي صورة العلم الإجمالي بزيادته عن الخمس أيضا يكفي إخراج الخمس فانّه مطهّر للمال تعبدا، و إن كان الأحوط مع اخراج الخمس المصالحة مع الحاكم الشرعي أيضا بما يرتفع

______________________________

مال الغير في يده و يجب عليه ايصاله الي صاحبه و مالكه فلا فارق بين الصورتين.

الجهة السابعة: في أنّه لو علم المالك و علم المقدار

فأفتي الماتن بوجوب دفعه اليه.

و سيدنا الاستاد أمضي مقالة المتن و استدل علي المدعي بانّ دليل التخميس لا يشمل المقام فلا بدّ من دفع المقدار المعلوم الي مالكه.

و فيه انّ الظاهر من عبارة المتن انه يدفع اليه بالنسبة اي الكسر المشاع و الحال ان الاشاعة لا دليل عليها فيجري فيه ما ذكرناه في الجهة السادسة و في الفرع السابق بلا فرق لوحدة الملاك و الدليل.

[مسألة 28: لا فرق في وجوب إخراج الخمس و حلّية المال بعده بين أن يكون الاختلاط بالإشاعة أو بغيرها]

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، در يك جلد، انتشارات محلاتي، قم - ايران، اول، 1419 ه ق الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس؛ ص: 116

(1) لإطلاق الدليل المقتضي لعدم الفرق بين الموارد بعد صدق الموضوع.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 117

به يقين الشغل و إجراء حكم مجهول المالك عليه، و كذا في صورة العلم الإجمالي بكونه أنقص من الخمس و أحوط من ذلك المصالحة معه بعد اخراج الخمس بما يحصل معه اليقين بعدم الزيادة (1).

[مسألة 29: لا فرق في كفاية إخراج الخمس في حلّية البقية في صورة الجهل بالمقدار و المالك]

______________________________

(1) ما أفاده مقتضي اطلاق الدليل. و غاية ما يمكن أن يقال في ردّ القول المذكور انصراف الدليل عن صورة العلم بالزيادة أو النقيصة و لو اجمالا، فان جزم المجتهد بالانصراف المذكور- كما ادّعاه سيدنا الاستاد في المقام- فهو.

و أمّا لو شكّ في الانصراف و عدمه فما الوظيفة؟ و هل يمكن الحكم بالاطلاق باصالة عدم الانصراف؟

الظاهر انه مشكل، فانه لا أصل عقلائي للأصل المذكور.

و بعبارة اخري: لا يكون الأصل المذكور من الأصول اللفظية.

و ان كان المراد به الاصل العملي اي الاستصحاب فيشكل جريانه لعدم اثبات الأصل العملي اللوازم العقلية و اثبات الاطلاق باستصحاب عدم الانصراف من الأمور المثبتة التي لا نقول بها.

مضافا الي معارضته باصالة عدم الاطلاق.

فتحصل انه لا بدّ في الالتزام بما في المتن من الجزم بالاطلاق و عدم الانصراف، و امّا ما أفاده في المتن من الاحتياط المذكور فالظاهر انه غير تامّ، اذ مع الجزم بالاطلاق لا وجه للتصدق و مع عدم الجزم لا وجه للتخميس.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 118

(مسألة 30): اذا علم

قدر المال و لم يعلم صاحبه بعينه لكن علم في عدد محصور ففي وجوب التخلّص من الجميع و لو بارضائهم بايّ وجه كان أو وجوب إجراء حكم مجهول المالك عليه أو استخراج المالك بالقرعة أو توزيع ذلك المقدار عليهم بالسويّة وجوه اقواها الأخير (1).

______________________________

نعم يحصل الاحتياط باجراء حكم التصدق عليه و دفع المقدار الي السيد بقصد افراغ ما في الذمة أعمّ من الخمس و التصدق.

الّا أن يقال: ان المستفاد من جملة من النصوص عدم جواز أخذ الصدقة للسيد فلا يحصل الاحتياط بالنحو المذكور.

و امّا المصالحة مع الحاكم الشرعي فالظاهر انه لا وجه لها، فان الحاكم ليس له حق المصالحة.

و بعبارة واضحة: الحاكم الشرعي ولايته محصورة في دائرة خاصة و اطار مخصوص، نعم الامام ارواحنا فداه له الولاية علي كل احد و ما يفعله نافذ و دليل علي كونه مفوضا اليه الأمر فلا حظ و اغتنم.

[مسألة 30: إذا علم قدر المال و لم يعلم صاحبه بعينه لكن علم في عدد محصور]

(1) ينبغي أن يلاحظ كل وجه من الوجوه المذكورة في كلامه باستقلاله، لكي نري هل يمكن أن يكون مستندا للحكم؟

فنقول: أمّا معاملة المجهول مالكه مع الحرام المخلوط بالحلال فالانصاف ان الالتزام بها مشكل، فان دليل وجوب التصدق به أو تملكه منصرف عن مورد يكون المالك معلوما لكنه محصور في عدد خاص.

و ان أبيت عن الجزم بالانصراف فلا أقل من احتماله و تقدم قريبا

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 119

______________________________

انه لا يمكن الأخذ بالدليل الّا مع الجزم بالاطلاق أو العموم فهذا الوجه غير تامّ.

و أمّا التمسك بقاعدة القرعة فقد تقدّم قريبا انه ليس عليها دليل معتبر علي نحو الاطلاق، نعم لا اشكال في اعتبار تلك القاعدة في الجملة فهذا الوجه ملحق بسابقه في عدم الاعتبار.

و أمّا

التوزيع استنادا الي قاعدة العدل و الانصاف، فيرد عليه: ان اعتبار هذه القاعدة اول الكلام و الاشكال و مجرد الشك في اعتبارها يكفي للحكم بعدمه كما هو المقرر.

و امّا وجوب إرضاء الجميع بعد عدم إمكان التصالح فهو أمر قابل للبحث، فنقول: إمّا أن يكون من في يده المال غاصبا فيجب عليه الخروج عن عهدة الضمان.

و لا مجال لأن يقال: إرضاء الكل يوجب توجه الضرر الي الغاصب، اذ قد ذكرنا في محله ان المستفاد من تلك القاعدة حرمة الاضرار بالغير لا رفع الحكم الضرري في الشريعة.

كما انه لا مجال للاستناد الي قاعدة الحرج، فانّ القاعدة لا تقتضي جواز التصرف في أموال الناس و عدم الخروج عن الضمان، فان الالتزام به يقرع الاسماع فما الحلية؟

اللهم أن يقال: ان القول برفع الحرج وجوب دفع مال الغير اليه و ان كان قارعا للإسماع كما قلت، لكن التوسل به في دفع وجوب

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 120

______________________________

الاحتياط في أمثال المقام لا يقرع الاسماع بل قريب من الأذهان فلا مانع عن الأخذ به و الالتزام بعدم الوجوب خصوصا فيما لا يكون الضامن غاصبا فلاحظ.

ان قلت: بناء علي عدم كون العلم الإجمالي منجّزا مطلقا كما بنيتم عليه يمكن جريان الأصل في بعض الأطراف مثلا لو كان العدد محصورا في شخصين زيد و بكر فببركة الاستصحاب نحكم بعدم كون زيد مالكا و بعد إجراء الأصل في احدهما يبقي الأمر دائرا بين الضامن و الفرد الآخر فلا بد من اتمام الامر معه فقط.

قلت: الظاهر ان التقريب المذكور غير تامّ، اذ في المقام مقتضي الاستصحاب عدم كون كل واحد منهما مالكا و اصالة عدم كون زيد مالكا لا يقتضي

كون بكر مالكا الّا علي القول بالمثبت الذي لا نقول به.

مضافا الي انّ الأصل المذكور معارض بمثله الجاري في الفرد الآخر.

و لا يقاس المقام بباب العلم الإجمالي بنجاسة أحد الإناءين، اذ اصالة الطهارة جارية في كليهما و جريانها في أحدهما المعيّن مع البناء علي عدم استعمال الثاني بلا مانع.

و أمّا المقام و أمثاله فلا مجال للتقريب المذكور كما تقدم آنفا.

و لذا لو علم اجمالا بطهارة احد الإنائين اللّذين كانا نجسين لا مجال لإجراء اصالة الطهارة في احدهما، اذ مقتضي استصحاب

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 121

و كذا اذا لم يعلم قدر المال و علم صاحبه في عدد محصور فانّه بعد الأخذ بالأقل كما هو الأقوي أو الاكثر كما هو الأحوط يجري فيه الوجوه المذكورة (1).

______________________________

النجاسة في كليهما لا يبقي مجالا لجريان اصالة الطهارة.

و ان شئت قلت: مع الاصل الحاكم لا مجال للأصل المحكوم فلا مناص عن الاحتياط، و إن لم يكن من بيده المال غاصبا فتارة يكون يده يد ضمان كالعارية المضمونة و اخري لا يكون كذلك و علي كلا التقديرين يجب عليه ايصال المال الي صاحبه فالكلام فيه هو الكلام بلا كلام.

(1) قد ظهر الحال في هذا الفرع ممّا تقدم قريبا.

و صفوة القول: انّ مقتضي القاعدة الاحتياط التامّ و ارضاء الكل الا اذا كان حرجيا، فان تمّ اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم عليه السّلام و انه يجب الاحتياط فهو و إلّا يكون مقتضي دليل رفع الحرج عدم الوجوب.

ان قلت: انّ الحرج لا يكون في الحكم الشرعي بل ناش عن الاحتياط و الاحتياط غير واجب شرعا بل وجوبه عقلي.

قلت: يرد عليه اوّلا: انه يستفاد بالفهم العرفي من دليل نفي

الحرج ان الحكم الشرعي المستلزم للحرج مرفوع في الشريعة.

و بعبارة اخري: اذا صدق ان الحكم الشرعي أوقع المكلف في الحرج يرتفع ذلك الحكم بدليل رفع الحرج.

و ثانيا: ان المستفاد من ادلّة الاحتياط بعد ملاحظتها بالنسبة الي

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 122

(مسألة 31): اذا كان حقّ الغير في ذمته لا في عين ماله فلا محلّ للخمس و حينئذ فان علم جنسه و مقداره و لم يعلم صاحبه اصلا أو علم في عدد غير محصور تصدّق به عنه باذن الحاكم أو يدفعه اليه، و ان كان في عدد محصور ففيه الوجوه المذكورة، و الأقوي هنا أيضا الأخير، و ان علم جنسه و لم يعلم مقداره بأن تردد بين الأقل و الأكثر أخذ بالأقل المتيقن و دفعه الي مالكه ان كان معلوما بعينه، و ان كان معلوما في عدد محصور فحكمه كما ذكر و ان كان معلوما في غير المحصور أو لم يكن علم اجماليّ أيضا تصدق به عن المالك باذن الحاكم أو يدفعه إليه، و ان لم يعلم جنسه و كان قيميا فحكمه كصورة العلم بالجنس اذ يرجع الي القيمة و يتردّد فيها بين الأقل و الأكثر، و ان كان مثليا ففي وجوب الاحتياط و عدمه و جهان (1).

______________________________

دليل البراءة ان الاحتياط في الشبهة الحكمية قبل الفحص و في موارد العلم الإجمالي واجب.

[مسألة 31: اذا كان حقّ الغير في ذمته لا في عين ماله فلا محلّ للخمس]

اشارة

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: ان الماتن حكم بأنّ المال اذا كان في الذمة لا مجال لإجراء حكم الخمس عليه.

بتقريب: ان الاختلاط و الامتزاج انّما يتصوران في الأعيان الخارجية، و أمّا في الذمة فلا مجال لهما.

أقول: لا بدّ من التفصيل فيما أفاده الماتن بأن يقال: تارة يحصل

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 123

______________________________

الاختلاط ثمّ يتلفه المكلف، و اخري من أوّل الأمر يقع الاتلاف علي عين معيّنة مغصوبة.

أمّا علي الأول: فالحق ان الخمس واجب اذ المفروض انه بعد الاختلاط الخارجي تحقق موضوع الخمس و وجب اخراجه.

و بعبارة اخري: صار خمس العين مملوكا لأهل الخمس و بعد الاتلاف يكون المتلف ضامنا لأهله فيجب الخروج عن عهدته.

و أمّا علي الثاني: فما أفاده تامّ، اذ لا دليل علي وجوب الخمس بل المتلف ضامن لصاحب العين فلاحظ.

الفرع الثاني: انه لو كانت ذمته مشغولة للغير بشي ء و علم جنسه و مقداره

كما لو علم انّ ذمته مشغولة بمنّ من الحنطة مثلا و لكن لا يعرف صاحبه أو يعلم بكونه في عدد غير محصور.

أفاد الماتن بوجوب التصدق عن صاحبه.

أقول: حيث ان الحاكم الشرعي ولي الغائب يمكن تشخيص ما في الذمة في العين الخارجية باذنه فيصير ما في الذمة شخصيا خارجيا فان قلنا بجواز تملكه بمقتضي حديث ابن مهزيار «1» يتملّكه من بيده.

و ربما يقال: انّ المذكور في ذلك الحديث: «مال لا يعرف له صاحب» و هذا العنوان لا ينطبق علي مجهول المالك.

و بعبارة اخري: تارة يقال: «المال الذي صاحبه مجهول» و اخري يقال: «لا يعرف له صاحب» فان المستفاد من الجملة الاولي انّ المال له

______________________________

(1) لاحظ ص 68 و 69.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 124

______________________________

صاحب لكنه مجهول، و أمّا المستفاد من الجملة الثانية أن المال الفلاني يمكن أن لا يكون له مالك فالحديث: المشار اليه لا ينطبق علي المقام.

و يرد علي هذه المقالة

ان المستفاد من الجملة الثانية انه لا يكون له صاحب عرف في الخارج و هذا العنوان ينطبق علي مجهول المالك اذ يصدق انه لم يعرف له صاحب.

و بعبارة واضحة: انّه يفهم من الجملة ان المال المأخوذ اذا لم يكن له صاحب معروف.

و الشاهد لما نقول ما رواه هشام بن سالم «1». فانّ قول الإمام عليه السّلام- بعد قول الراوي و لا يعرف له وارث- «فاطلبوه» يدلّ بالصراحة أن المال له صاحب لكن المكلّف لا يعرفه و يؤكّد المدّعي ذيل الرواية فلاحظ.

و ان ابيت عمّا ذكرنا يمكن اثبات المدعي بحديث ابن مسلم «2» فان المستفاد من الحديث: ان أفضل خصال مجهول المالك أن يتصدق به و امّا الوجوب فلا، فيفهم انّه ملك لمن وضع يده عليه.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه هشام بن سالم قال: سأل حفص الأعور أبا عبد اللّه عليه السّلام و أنا حاضر فقال: كان لأبي أجير و كان

______________________________

(1) لاحظ ص 107.

(2) لاحظ ص 71.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 125

______________________________

له عنده شي ء فهلك الأجير فلم يدع وارثا و لا قرابة و قد ضقت بذلك كيف اصنع؟ قال: رأيك المساكين رأيك المساكين، فقلت: إنّي ضقت بذلك ذرعا، قال: هو كسبيل مالك فان جاء طالب أعطيته «1».

فان المستفاد من الحديث: ان مجهول المالك مملوك للآخذ فالأمر ظاهر واضح لا سترة عليه اللهمّ إلّا أن يقال إنّ الإمام أرواحنا فداه قال: «كسبيل مالك» و لم يقل: مالك، و الشاهد علي عدم الملكية قوله عليه السّلام بعد ذلك: فإن جاء طالب أي مالك، أعطيته.

و يؤيد المدعي ما رواه هشام بن سالم «2» و يدل علي المدعي أيضا ما رواه هشام

«3» و إن ناقشنا في الحديث من جهة اختلاف الجملات الواقعة فيه سابقا.

فتحصل انّ المستفاد من النصوص كون مجهول المالك ملكا لمن وضع يده عليه الّا في مورد مجي ء المالك فانه يجب دفعه اليه.

الفرع الثالث: انّ الماتن حكم بأن يدفع ما في ذمته الي الحاكم أو يتصدق به باذنه.

أقول: لا اشكال في أنّ تشخيص ما في الذمة في العين الخارجية يتوقف علي الإذن من الحاكم حيث إنّ له الولاية علي الغائب و بدون

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من أبواب ميراث الخنثي، الحديث: 10.

(2) لاحظ ص 107.

(3) لاحظ ص 108.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 126

______________________________

اذنه لا دليل علي تحقق التعيّن الخارجي.

كما انه لو أراد افراغ ذمته بالتصدق يتوقف علي إذنه بعين الملاك و امّا لو شخّص ما في الذمة بما في الخارج باذنه فهل يتوقف التصدق بالعين الخارجية علي اذنه؟

الظاهر انه لا وجه له، و قد تقدّم منّا انه لا دليل عليه، نعم الاحتياط حسن عقلا و طريق النجاة.

ثم انّه علي القول بوجوب التصدق أو اذا أراد المكلف أن يحتاط فهل يشترط في المتصدّق عليه أن لا يكون هاشميا أم لا؟

فنقول: تدل جملة من النصوص علي حرمة الصدقة علي الهاشمي منها: ما رواه عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ان أناسا من بني هاشم أتوا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فسألوه أن يستعملهم علي صدقات المواشي و قالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعل اللّه عزّ و جلّ للعاملين عليها فنحن أولي به، فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: يا بني عبد المطلب انّ الصدقة لا تحلّ لي و لا لكم و لكنّي قد وعدت الشفاعة، الي أن قال:

أ تروني مؤثرا عليكم غيركم «1».

و منها: ما رواه

محمد بن مسلم و أبو بصير و زرارة كلهم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قالا: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ان الصدقة أوساخ أيدي الناس، و ان اللّه قد حرّم عليّ منها و من غيرها ما قد حرّمه و ان

______________________________

(1) الوسائل: الباب 29 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 127

______________________________

الصدقة لا تحل لبني عبد المطلب- الحديث: «1».

و منها: ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

لا تحل الصدقة لولد العباس و لا لنظرائهم من بني هاشم «2».

و منها: ما رواه الفضل بن الحسن الطبرسي في صحيفة الرضا عليه السّلام باسناده قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: انّا اهل بيت لا تحلّ لنا الصدقة و امرنا باسباغ الوضوء و ان لا ننزي حمارا علي عتيقة و لا نمسح علي خفّ «3».

و منها: ما رواه عيسي بن عبد اللّه العلوي، عن أبيه عن جعفر بن محمد عليه السّلام قال: ان اللّه لا إله الّا هو لمّا حرّم علينا الصدقة أبدلنا بها الخمس فالصدقة علينا حرام و الخمس لنا فريضة و الكرامة لنا حلال «4» و منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: انه لو كان العدل ما احتاج هاشمي و لا مطلّبي الي صدقة ان اللّه جعل لهم في كتابه ما كان فيه سعتهم، ثمّ قال: ان الرجل اذا لم يجد شيئا حلّت له الميتة و الصدقة لا تحل لأحد منهم الا أن لا يجد شيئا و يكون ممن يحل له الميتة «5».

______________________________

(1) نفس المصدر،

الحديث: 2.

(2) نفس المصدر، الحديث: 3.

(3) نفس المصدر، الحديث: 6.

(4) نفس المصدر، الحديث: 7.

(5) الوسائل: الباب 33 من أبواب المستحقين للزكاة.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 128

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن عبد الرحمن العرزمي، عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السّلام قال: لا تحل الصدق لبني هاشم الّا في وجهين ان كانوا عطاشا فأصابوا ماء فشربوا و صدقة بعضهم علي بعض «1».

فان هذه النصوص باطلاقها تشمل مطلق الصدقة زكاة كانت أو غيرها واجبة كانت أو غيرها و في المعتبر من هذه الروايات كفاية.

و صفوة القول: ان الاطلاقات المشار اليها مرجع للالتزام بعدم الجواز و الجواز يحتاج الي قيام دليل عليه.

و ربما يتوهم الجواز من جملة من النصوص منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انه قال: لو حرمت علينا الصدقة لم يحل لنا أن نخرج الي مكة لأنّ كل ماء بين مكة و المدينة فهو صدقة «2».

بتقريب ان المستفاد من الحديث:: انه لا تكون الصدقة علي الاطلاق حراما علي الهاشمي و الّا كان اللازم حرمة الشرب من المياه المشار اليها فالحرام منها قسم خاص منها.

و يرد عليه: ان المستفاد من الحديث: ان الموقوفات العامة لا تحرم عليه و أمّا الأزيد من ذلك فلا، فدليل الحرمة محكّم.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 32 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث: 7.

(2) الوسائل: الباب 31 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 129

______________________________

و ان شئت قلت: نرفع اليد عن اطلاق دليل الحرمة بهذا المقدار.

و منها: ما عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام «1».

بتقريب ان المستفاد

من الحديث: ان المحرّم من الصدقة ما يكون من أوساخ الناس و الصدقة بهذا الوصف تختص بالزكاة فلا يحرم غيرها.

و فيه: انه لا دليل علي التقييد و المستفاد من الحديث: ان الصدقة علي الاطلاق وسخ.

و منها: ما رواه جعفر بن ابراهيم الهاشمي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: أ تحلّ الصدقة لبني هاشم؟ فقال: انما تلك الصدقة الواجبة علي الناس لا تحلّ لنا، فأمّا غير ذلك فليس به بأس و لو كان كذلك ما استطاعوا أن يخرجوا الي مكة هذه المياه عامّتها صدقة «2».

و الحديث: ضعيف سندا فلا يعتدّ به.

و منها: ما روا أبو اسامة زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

سألته عن الصدقة التي حرمت عليهم؟ فقال: هي الزكاة المفروضة و لم يحرّم علينا صدقة بعضنا علي بعض «3».

و الحديث: ضعيف سندا.

و منها: ما رواه اسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصدقة التي حرّمت علي بني هاشم ما هي؟ فقال:

______________________________

(1) لاحظ ص 126.

(2) الوسائل: الباب 31 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث: 3.

(3) الوسائل: الباب 32 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث: 4.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 130

______________________________

هي الزكاة، قلت: فتحلّ صدقة بعضهم علي بعض؟ قال: نعم «1».

و الحديث: ضعيف سندا، فالنتيجة انّ الصناعة تقتضي الالتزام بالحرمة علي الاطلاق بل مقتضاها هي الحرمة حتي بالنسبة الي الصدقات المستحبة الا أن يقوم تسالم علي الخلاف.

و لكن الظاهر ان السيرة جارية علي الجواز في الصدقات المستحبة و انه لو كانت حراما لذاع و شاع و الحال ان خلافه مستقر في أذهان أهل الشرع، و اللّه العالم.

و لكن الجزم بتحقّق السيرة المشار

اليها مشكل.

نعم لا اشكال في جواز صدقة الهاشمي للهاشمي لاحظ ما رواه البزنطي عن الرضا عليه السّلام قال: سألته عن الصدقة تحلّ لبني هاشم؟

فقال: لا و لكن صدقات بعضهم علي بعض تحلّ لهم الحديث: «2».

ثم انّه علي تقدير التصدق هل يشترط في المتصدق عليه الفقر أم لا؟ القاعدة الاولية لا تقتضي الاشتراط المذكور، اذ لم يؤخذ في مفهوم الصدقة انها يعطي للفقير فلا بدّ من قيام دليل علي الاشتراط.

و ما يمكن أن يذكر في تقريبه وجوه:

الوجه الاول: قوله تعالي: إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ الْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقٰابِ وَ الْغٰارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث: 5.

(2) الوسائل: الباب 32 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث: 8.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 131

______________________________

وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللّٰهِ وَ اللّٰهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ «1».

و فيه ان الآية تختصّ بخصوص الزكاة لا مطلق الصدقة.

الوجه الثاني: ما رواه هشام بن سالم «2».

و هذه الرواية مضطربة، اذ أمر روحي فداه في الصدر بكونه للمساكين و في الذيل أمر بالايصاء و علي فرض عدم مجي ء الطالب يكون كسبيل ماله.

و بعبارة واضحة: في الصدر يأمر بالدفع الي المساكين و في الذيل يأمر بطلب الوارث ثم يحكم بكونه ملكا للآخذ فيلزم التناقض بين الصدر و الذيل.

الوجه الثالث: حديثا معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام يروون عن النبي صلي اللّه عليه و آله انّ الصدقة لا تحلّ لغنيّ و لا لذي مرة سوي؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تصلح لغنيّ «3».

و زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله:

لا تحل الصدقة لغنيّ و لا لذي مرة سويّ، الحديث: «4».

و الظاهر ان هذا الوجه تامّ.

ثم انه علي القول بالتصدق هل يلحق بمجهول المالك معلومه اذا

______________________________

(1) التوبة: 60.

(2) لاحظ ص 108.

(3) الوسائل: الباب 8 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث: 3.

(4) الوسائل: الباب 8 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث: 8.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 132

______________________________

لم يمكن الوصول اليه أم لا مقتضي حديث ابن مسلم «1» عدم الفرق.

و بعبارة اخري: اطلاق الحديث: يقتضي التسوية بين الموردين.

و يؤيد المدّعي حديث أبي أيوب «2».

و علي هذا الاساس ربما يقال: انه يجوز أن يتصدق بالسهم المبارك لعدم امكان الوصول الي حضرته روحي فداه.

و يرد عليه: ان صرف مال الغير في مورد رضاه نحو من الايصال فاذا علمنا برضاه في المصرف الفلاني لا يجوز التصرف فيه بنحو آخر الّا أن يكون المتصدق عليه من موارد العلم برضاه فيكون طريق الاحتياط دفعه اليه برجاء كونه عملا بالوظيفة علي كل تقدير.

ثم انه لو تصدق بمجهول المالك و بعد جاء مالك المال فما هي الوظيفة؟ يمكن أن يقال: ان المستفاد من بعض النصوص ان مجهول المالك ان جاء صاحبه يكون المال ماله لاحظ حديث هشام «3» فان المستفاد من هذه الرواية ان مجهول المالك يجوز التصرف فيه بانواع التصرفات فإذا جاء مالكه يجب دفعه اليه.

و لكن وجوب الدفع في فرض بقاء العين، و أمّا لو فرض تلفها فلا دليل علي الضمان و لو فرض التصدق به يكون الكلام فيه هو الكلام، اي لا ضمان لا علي المتصدّق و لا علي المتصدق عليه لعدم

______________________________

(1) لاحظ ص 71.

(2) لاحظ ص 99.

(3) لاحظ ص 124.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي

- كتاب الخمس، ص: 133

______________________________

الدليل عليه.

و اذا فرض بقاء العين في يد المتصدق عليه فهل يجوز للمالك أن يأخذه منه أم لا؟ الظاهر هو الثاني، اذ بالتصدق صار ملكا له و رجوعه يتوقف علي الدليل.

مضافا الي النصوص الدالة علي عدم جواز استرداد الصدقة فلاحظ.

هذا اذا كان المال عينا خارجية، و أمّا لو كان في الذمّة فان عيّن في الخارج باذن الحاكم فالكلام فيه هو الكلام و الّا تكون الذمة مشغولة به.

هذا كله مع قطع النظر عن حديث ابن مهزيار و الّا نقول: تقع المعارضة بين الجانبين، فان المستفاد من حديث ابن مهزيار «1» ان مجهول المالك مملوك للآخذ و حديث هشام دالّ علي أنّه كسبيل ماله و ان جاء صاحبه أعطيته فحديث هشام دالّ علي عدم صيرورته ملكا للآخذ و حديث ابن مهزيار دالّ علي صيرورته ملكا له و الترجيح مع حديث ابن مهزيار.

إن قلت: لا يري العرف معارضة بين الطرفين بل يري حديث هشام مخصصا لحديث ابن مهزيار. قلت: لا إشكال في المعارضة بين الجانبين و العرف ببابك.

ثم انّه علي تقدير الصدقة هل يكون هذا التصدق من قبل المالك

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث: في ص 68 و 69.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 134

______________________________

أو من قبل الآخذ أو لا هذا و لا ذاك؟

الظاهر انه لا دليل معتبر علي الصدقة الّا حديث ابن مسلم «1» و لم يذكر فيه ما يرتبط بهذه الجهة.

الا أن يقال: ان المستفاد من بعض النصوص ان الصدقة وسخ الناس فاللازم أن تكون من قبل احد و الا كيف يمكن أن تكون وسخا.

ثم انه هل يجوز وضع اليد علي مجهول المالك بعد وضع الغير يده عليه

أم لا؟

الذي يختلج بالبال أن يقال: اذا قلنا بصيرورة مجهول المالك ملكا للآخذ- كما هو مفاد حديث علي بن مهزيار- فلا يجوز للغير وضع يده عليه لعدم جواز التصرف في مال الغير، و ان لم نقل به فيمكن أن يقال: بالجواز لعدم الدليل علي الاختصاص.

الا أن يقال: انه لو لم نقل بالملكية فالواضع الأول مأمور إمّا بالايصال و إمّا بالحفظ و إما بالايصاء و إمّا بالتصدق، فكأنّه وليّ المال من قبل الشارع فلا يجوز للغير مزاحمته فلاحظ.

ثم انه لو قلنا بأنّ مجهول المالك ملك لمن أخذه فتارة يكون المأخوذ مجهول المالك حين الأخذ فأمره ظاهر و اخري يكون زمان الأخذ معلوم المالك، كما لو أخذه من شخص بعنوان العارية أو بعنوان الوديعة أو بسبب من الأسباب الفاسدة كالسرقة و القمار الي غيرهما و بعد ذلك صار مجهولا من حيث المالك فهل يشمله دليل الملكية أي

______________________________

(1) لاحظ ص 71.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 135

______________________________

حديث ابن مهزيار أم لا؟ الظاهر هو الثاني، فان قوله روحي فداه «و مثل مال يؤخذ و لا يعرف له صاحب» لا يشمل العنوان بقاء، بل الظاهر منه مقارنة الجهل بالمالك مع الأخذ و عليه يكون مشمولا للحكم المترتب علي معلوم المالك مع عدم إمكان الوصول اليه و الشك في الوصول و نتعرّض لحكمه عن قريب إن شاء اللّه تعالي.

فالمتحصل ممّا ذكرنا انّه لو أخذ مجهول المالك فتارة يقطع بامكان الوصول اليه و اخري يقطع بالعدم و ثالثة يشكّ.

أمّا علي الأول: فلا بدّ من الإيصال و الردّ لقوله تعالي: إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِليٰ أَهْلِهٰا «1».

و النسبة بين الآية الشريفة و حديث ابن مهزيار عموم

من وجه، فانّ ما به الافتراق من طرف الحديث: مورد عدم القدرة علي الاداء و ما به الافتراق من ناحية الآية مورد كون المالك معلوما و يمكن الاداء اليه و مورد الاجتماع مجهول المالك الذي يمكن ايصاله الي مالكه، فان مقتضي الآية و وجوب ايصاله اليه و مقتضي الحديث: صيرورته مملوكا للآخذ، فلو قلنا بأنّ العموم الوضعي مقدّم علي ما بالاطلاق فالأمر ظاهر، و امّا إن لم نقل بهذه المقالة نقول الظاهر ان ما خالف الكتاب و لو بالتباين الجزئي ساقط عن الاعتبار.

و أمّا علي الثاني: فلا تعارض فلا مانع عن الأخذ بالحديث:

______________________________

(1) النساء: 58.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 136

______________________________

و الحكم بالملكية.

و أمّا علي الثالث: فحيث يشك في القدرة، و من ناحية اخري لا يجوز الأخذ بالدليل في الشبهة المصداقية و من ناحية ثالثة لا يجب الفحص في الشبهات المصداقية و الموضوعية فلا مانع عن الأخذ بالحديث: أيضا، هذا كلّه بالنسبة الي مجهول المالك.

و امّا لو كان المالك معلوما أو صار مجهولا بعد ما كان معلوما بحيث لا يشمله حديث ابن مهزيار فايضا تتصور فيه تلك الصور الثلاثة.

فنقول: امّا الصورة الأولي: فحكمها حكم الصورة الاولي من القسم الأول طابق النعل بالنعل فلا وجه للإعادة.

و أمّا الصورة الثانية: فكما تقدم لا مجال لا يجاب ادائه الي صاحبه اذ المفروض عدم القدرة علي الايصال فالظاهر جواز ادائه الي الحاكم الشرعي الذي له الولاية في مثل هذه الامور، فاذا أعطاه ايّاه يشخّص و يوصف بكونه مجهول المالك أي يدخل في موضوع حديث ابن مهزيار فلو أخذه أحد يكون مالكا له بمقتضي ذلك الحديث:

و هل يمكن الالتزام بصيرورة الحاكم مالكا له بأخذه من

الضامن؟

بتقريب: انه موصوف بوصف كون مالكه مجهولا، و من ناحية اخري قد فرض ان الحاكم أخذه يشكل الجزم به، اذ الأخذ من قبل الحاكم في اوّل ازمنة القبض و الأخذ يصير مصداقا للإيصال الي المالك

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 137

______________________________

فكيف يمكن أن يكون ذلك الآن زمان الانتقال الي الحاكم.

لكن يمكن التفصيل بين إقباض العين الخارجية من الحاكم و بين تشخيص ما في الذمة بالإقباض بأن نقول: الاشكال المذكور يختص بالثاني: و أمّا في الفرض الأول فيصدق علي العين عنوان مجهول المالك فيصدق عنوان ما يؤخذ و لا يعرف له صاحب فلاحظ.

و أمّا الصورة الثالثة: فيظهر حكمها من ملاحظة الصورة الثانية، اذ الظاهر انّ كلتيهما من باب واحد.

هذا بحسب القواعد الأولية و قد وردت جملة من النصوص بالنسبة الي إرث بعض الورثة المفقود منها ما رواه اسحاق بن عمّار قال: قال لي أبو الحسن عليه السّلام: المفقود يتربّص بماله أربع سنين ثم يقسّم «1».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمّار أيضا قال: سألته عن رجل كان له ولد فغاب بعض ولده فلم يدر أين هو و مات الرجل فكيف يصنع بميراث الغائب من أبيه؟ قال: يعزل حتي يجي ء، قلت: فقد الرجل فلم يجي ء؟ قال: إن كان ورثة الرجل ملاء بماله اقتسموه بينهم فان هو جاء ردّوه عليه «2».

و منها: ما رواه علي بن مهزيار قال: سألت أبا جعفر الثاني عليه السّلام عن دار كانت لامرأة و كان لها ابن و ابنة فغاب الابن بالبحر و ماتت

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من أبواب ميراث الخنثي، الحديث: 5.

(2) نفس المصدر، الحديث: 6.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 138

______________________________

المرأة

فادّعت ابنتها انّ امها كانت صيّرت هذه الدار لها و باعت اشقاصا منها و بقيت في الدار قطعة الي جنب دار رجل من أصحابنا و هو يكره أن يشتريها لغيبة الابن و ما يتخوّف أن لا يحلّ شراؤها و ليس يعرف للابن خبر؟ فقال لي: و منذ كم غاب؟ قلت: منذ سنين كثيرة، قال:

ينتظر به غيبة عشر سنين ثم يشتري، فقلت: اذا انتظر به غيبة عشر سنين يحلّ شراؤها؟ قال: نعم «1».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن الأول عليه السّلام قال: سألته عن رجل كان له ولد فغاب بعض ولده فلم يدر أين هو و مات الرجل فأيّ شي ء يصنع بميراث الرجل الغائب من أبيه؟ قال:

يعزل حتي يجي ء، قلت: فعلي ماله زكاة؟ قال: لا حتي يجي ء، قلت: فاذا جاء يزكّيه؟ قال: لا حتي يحول عليه الحول في يده، فقلت: فقد الرجل فلم يجي ء، قال: ان كان ورثة الرجل ملاء بماله اقتسموه بينهم فاذا هو جاء ردّوه عليه «2».

و منها: ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المفقود يحبس ماله علي الورثة قدر ما يطلب في الارض أربع سنين، فان لم يقدر عليه قسّم ماله بين الورثة، فان كان له ولد حبس المال و انفق علي ولده تلك الاربع سنين «3».

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث: 7.

(2) نفس المصدر، الحديث: 8.

(3) نفس المصدر، الحديث: 9.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 139

______________________________

و هذه النصوص كما تري متعارضة من حيث المفاد لكن لا تعارض بينها و بين حديث ابن مهزيار إذ هذه الروايات في مورد معلوم المالك و حديث ابن مهزيار وارد في مال لا يعرف له صاحب

فلا تعارض.

الفرع الرابع: أن تكون الذمّة مشغولة بجنس معلوم و مقداره كذلك و مالكه محصور في عدد

فالماتن قوّي الوجه الأخير هنا أيضا.

و يرد عليه ما أوردنا سابقا.

و قلنا: مقتضي القاعدة الوجه الأول مع التفصيل الذي تقدّم بلا فرق فلا وجه للإعادة و راجع ما ذكرناه و طبّقه علي المقام.

الفرع الخامس: انّ ما في الذمة إن كان معلوما من حيث الجنس

كما لو علم انّ جنسه حنطة و لا يعلم مقداره و دار أمره بين الأقل و الأكثر، يكون مقتضي الأصل الالتزام بالأقل و نفي الأكثر باستصحاب عدمه فان كان مالكه معلوما يرده اليه، و ان كان مجهولا يترتب عليه ما تقدم و لا وجه للإعادة.

الفرع السادس: انّه لو لم يعلم جنسه فالماتن فصّل بين كون الجنس قيميا و بين كونه مثليا،

ففي الصورة الاولي حكم بالاشتغال بالاقلّ، اذ المفروض ان ما في الذمة هي القيمة و هي مرددة بين الأقل و الأكثر، و قد مرّ ان الأكثر محكوم بالعدم بالاستصحاب فالواجب دفع الاقل.

و في الصورة الثانية تردّد بين وجوب الاحتياط و عدمه.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 140

(مسألة 32): الأمر في اخراج هذا الخمس الي المالك كما في سائر أقسام الخمس فيجوز له الإخراج و التعيين من غير توقّف علي اذن الحاكم كما يجوز دفعه من مال آخر و ان كان

______________________________

أقول: قد ذكرنا في بحث المثلي و القيمي انه لا أصل لأصل المدّعي، فان مقتضي القاعدة الاشتغال بنفس العين التالفة.

و الدليل علي المدعي: ان التالف أعمّ من أن يكون مثليا أو قيميا لو اعيد بدعاء وليّ من الأولياء و صارت التالفة عينا موجودة ثانيا قبل إفراغ الذمة يجب دفع تلك العين المعادة الي الوجود، فوعاء الذمة مشغول بعين التالف فلا مجال لتقسيم ضمان الذمة بالمثلي تارة و بالقيمي اخري، بل الذمة مشغولة بنفس العين، غاية الأمر بعد عدم امكان ادائها تصل النوبة الي المثل و مع تعذره تصل النوبة الي القيمة فمع الامكان و عدم الحرج لا بدّ من الاحتياط التامّ و أمّا مع عدم الامكان أو الحرج الرافع للتكليف تصل النوبة الي الرتبة النازلة، و اللّه العالم بحقائق الامور و له الحمد و الشكر.

نعم لو

غصب القيمي كما لو غصب حيوانا ثم تلف الحيوان يكون الغاصب ضامنا لقيمته يوم الغصب و الدليل عليه حديث أبي ولّاد الحناط «1» الوارد في إجارة البغل، فان قول الامام روحي فداه في جواب السائل حيث سأل: «أ رأيت لو عطب البغل و نفق أ ليس كان يلزمني؟ قال: نعم، قيمة بغل يوم خالفته» الحديث:، يدلّ علي المدعي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 17 من أبواب الاجارة، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 141

الحقّ في العين (1).

(مسألة 33): لو تبيّن المالك بعد إخراج الخمس فالأقوي ضمانه- كما هو كذلك في التصدق عن المالك في مجهول المالك- فعليه غرامته له حتي في النصف الذي دفعه الي الحاكم بعنوان انّه للإمام عليه السّلام (2).

______________________________

المذكور فلاحظ.

[مسألة 32: الأمر في اخراج هذا الخمس الي المالك]

(1) تحقيق هذه المسألة موكول الي البحث في ذيل المسألة الخامسة و السبعين من هذا الفصل فانتظر.

[مسألة 33: لو تبيّن المالك بعد إخراج الخمس فالأقوي ضمانه]

(2) قد حكم (قدّس سره) بأنّه لو عرف المالك بعد اداء الخمس يكون ضامنا للخمس بالنسبة الي المالك و كذلك يكون ضامنا لو تبيّن المالك المجهول بعد التصدق بمجهول المالك.

و الحق: انّه لا ضمان في شي ء من الموردين، فانّ الظاهر من دليل التخميس انّ المال بهذه الوسيلة يصير حلالا و ملكا للمكلف.

و بعبارة اخري: الشارع الأقدس الذي يكون بيده الاختيار التامّ قد أمر المكلف بأمر يوجب تخلّصه عن الحرام فلا مجال للضمان بعد ذلك.

و ان شئت قلت: قبل تبيّن المالك هل يكون ضمان أو يتحقق الضمان بعده، أمّا علي الأول فلا مجال له بعد فرض انه عمل بالوظيفة الشرعية، و أمّا علي الثاني فلا موجب للضمان و هل يمكن الضمان بلا سبب؟ كلا.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 142

______________________________

ثم انه علي القول بالضمان لا مجال للقول بكون ضمانه بالخمس اذ لا دليل عليه فالنتيجة عدم الضمان.

نعم لو تبيّن قبل اداء الخمس لا يجوز و لا بدّ من إتمام الأمر مع المالك بالمصالحة أو بغيرها من الوجوه الممكنة و ذلك لعدم شمول دليل الخمس ايّاه، فان المفروض و المأخوذ في الدليل عنوان كون المالك مجهولا و مع تبيّنه يتغير الموضوع و يكون خروجا موضوعيا تخصّصيا.

و في المقام شبهة و هي: ان الموضوع للخمس ان كان عدم عرفان المالك علي الاطلاق يلزم انه لو تبيّن بعد اداء الخمس يكشف انه لم يكن الخمس واجبا و يكون المكلّف ضامنا و الحال انّا انكرنا الضمان و ان قلنا بأنّه يكفي في تحقق الموضوع عدم العرفان في الجملة

يلزم انّه لو تبيّن المالك قبل الاداء لا يتغيّر الحكم و الحال انه قد تقدم أنّه لو تبين قبل اداء الخمس يلزم اتمام الأمر مع المالك فما الحيلة و ما الوسيلة؟

و الذي يختلج بالبال في هذه العجالة أن يقال: ان عدم العرفان في الجملة يكفي، لكن لو تبيّن قبل الاداء ينقلب الموضوع بحكم الشارع و الخمس بعد ما صار ملكا لأربابه يرجع الي المالك و هذا نحو جمع بين الجهات و لا يمكن استفادته من نفس النصّ الوارد في المقام و مقتضي الجمود علي الظاهر أن يلتزم بكفاية عدم العرفان في الجملة في ثبوت الخمس و بقاء الحكم بحاله حتي بعد تبين المالك، فان الشي ء لا ينقلب عما هو عليه و المفروض تحقّق الموضوع و ترتّب الحكم علي

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 143

(مسألة 34): لو علم بعد اخراج الخمس انّ الحرام أزيد من الخمس أو أقل لا يستردّ الزائد علي مقدار الحرام في الصورة الثانية. و هل يجب عليه التصدق بما زاد علي الخمس في الصورة الأولي أولا؟ و جهان أحوطهما الأول و أقواهما الثاني (1).

(مسألة 35): لو كان الحرام المجهول مالكه معينا فخلطه بالحلال ليحلّله بالتخميس خوفا من احتمال زيادته علي

______________________________

موضوعه أمر طبيعي علي مقتضي القاعدة و رفع اليد عنه يحتاج الي الدليل القطعي فلاحظ.

و أمّا الضمان بعد التصدق فانه علي خلاف القاعدة، و قد تعرضنا لعدم الضمان و جعلناه من الفروع التي ذكرناها في ذيل بحث الصدقة فراجع.

[مسألة 34: لو علم بعد اخراج الخمس انّ الحرام أزيد من الخمس أو أقل]

(1) الذي يختلج بالبال أن يقال: انّ المستفاد من حديث ابن مروان الذي هو العمدة في مدرك الحكم المذكور، انّ المولي الذي ولي علي جميع المكلفين عيّن هذه الوسيلة

و جعلها سببا لطهارة المال و حليته و كأنّه مصالحة من قبل الشارع فالأمر كما أفاده في المتن فلا مجال للاسترداد في صورة و التصدق أو أداء الخمس ثانيا في صورة اخري، بل مقتضي دليل الخمس صيرورته بعد الاداء لأهله و صيرورة المال بتمامه للمكلف و هذا حكم واقعي و لا يكون ظاهريا كي يقال: قوام الحكم الظاهري بالشك و مع ارتفاعه يرتفع هو أيضا و قس عليه الحكم بالتصدق طابق النعل بالنعل.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 144

الخمس فهل يجزيه اخراج الخمس أو يبقي علي حكم مجهول المالك؟ و جهان و الأقوي الثاني لأنّه كمعلوم المالك حيث انّ مالكه الفقراء قبل التخليط (1).

[(مسألة 35: لو كان الحرام المجهول مالكه معينا فخلطه بالحلال ليحلّله بالتخميس]

______________________________

(1) قد تقدم انه لا دليل معتبر علي وجوب التصدق بمجهول المالك، فان قلنا: انّ مجهول المالك يصير ملكا للآخذ فهو و لا مجال للبحث، اذ المفروض انه ملك له فلا موضوع لاختلاط الحرام بالحلال، و أمّا ان لم نقل بهذه المقالة فاي مانع عن شمول دليل وجوب الخمس لمورد الاختلاط العمدي كما هو المستفاد من حديث السكوني و غيره، فانّ المستفاد منه ان الحرام كان مشخصا أولا ثم صار الاختلاط بين المالين.

و لما انجرّ الكلام الي هنا نتعرض لدقيقة و هي: انه هل يكون تعارض بين دليل وجوب الخمس عند الاختلاط و حديث ابن مهزيار الدالّ علي صيرورة المأخوذ المجهول مالكه ملكا للآخذ أم لا؟

الحق هو الثاني، فانه لا جامع بين الدليلين في الموضوع كي يتحقق التعارض بينهما، بل موضوع كل منهما يباين موضوع الآخر، فان موضوع حديث ابن مروان الدالّ علي وجوب الخمس عنوان الحرام المختلط مع الحلال فقد فرض في الموضوع الخلط بين

الحرام و الحلال و يتصور ذلك فيما لو غصب المكلف مالا من احد أو أخذه بوجه غير شرعي كالقمار و نحوه ثم صار مخلوطا مع ماله و بعد اختلاطه صار المالك مجهولا مرددا بين عدد غير محصور، فان حديث ابن مروان

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 145

(مسألة 36): لو كان الحلال الذي في المختلط ممّا تعلّق به الخمس وجب عليه بعد التخميس للتحليل، خمس آخر للمال الحلال الذي فيه (1).

______________________________

يشمله و لا يشمله حديث ابن مهزيار اذ قلنا ان المستفاد منه ان موضوعه مال يؤخذ و لم يعرف صاحبه حين الأخذ فلا اختلاط و لا تعارض بين الجانبين فلاحظ.

[مسألة 36: لو كان الحلال الذي في المختلط ممّا تعلّق به الخمس وجب عليه بعد التخميس للتحليل]

(1) ربما يقال: انه يكفي اداء خمس واحد الموجب لحلية الباقي و لا يحتاج الي اداء خمس آخر.

و الدليل عليه ما رواه السكوني «1» بتقريب ان الامام عليه السّلام قال بحلّيّة بقية المال بقوله «و سائر المال لك حلال».

و يرد عليه: ان المستفاد منه حصول الحلية من هذه الجهة.

و بعبارة اخري: الحكم المذكور حيثي مضافا إلي ضعف السند فهذا القول غير وجية.

و امّا ما افاده في المتن فتقريب الاستدلال عليه ان الدليل قام علي وجوب التخميس من وجهين و لا وجه لرفع اليد عن احدهما بل يجب العمل بهما.

و يرد عليه اولا: ان الظاهر من دليل تخميس المال، مال المكلف المخلوط مع الحرام، و أمّا مورد كون المال مشتركا مع الغير- كما في المقام- فالدليل لا يشمله.

و ثانيا: انه مع الاغماض عن الاشكال الأول يرد عليه انه كيف يجوز التصرف في مال الشريك بلا اذنه.

______________________________

(1) لاحظ ص 93.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 146

______________________________

اذا عرفت ما

تقدم نقول: الذي يختلج بالبال أن يقال يلزم علي المكلف اولا ان يخمّس مال نفسه كي يمكن شمول الدليل ايّاه و لا بد من دفع خمس الأرباح مثلا من مال آخر كي لا يلزم عدم جواز التصرف في المال المختلط بالحرام و بعد صيرورة المال بتمامه له يخمّسه لحلّية الباقي له.

ان قلت: اذا لم يكن مال نفسه معلوما و كان مرددا بين الأقل و الأكثر فايّ مقدار يخمّس؟

قلت: يكتفي بالقدر المتيقن، اذ الزائد عليه غير معلوم و مقتضي الأصل عدم كون المشكوك فيه له.

ان قلت: ان مقتضي قاعدة اليد كون المشكوك فيه ملكا له فلا بدّ من ملاحظة الأكثر.

قلت: لو كانت قاعدة اليد معتبرة فما وجه تشريع الخمس للتحليل.

و بعبارة اخري: يفهم من وجوب الخمس ان قاعدة اليد ملغاة عند الشارع.

و ربما يقال: انّ قاعدة اليد علي فرض جريانها انما تثبت كون ما في اليد لذيها و لا يثبت بها كون ما في اليد من الأرباح الّا بتقريب الاثبات و لا يثبت اللازم العقلي بالقاعدة.

و يرد عليه: ان المكلف يعلم بانّ كل مقدار يكون ملكا له يكون

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 147

______________________________

فيه الخمس، فاذا ثبت بالدليل ان ملكه المقدار الفلاني يترتب عليه الحكم.

و ان شئت قلت: الترتب المشار اليه شرعي لا عقلي.

نعم يمكن الاشكال بنحو آخر و هو: ان المفروض كون المال مشتركا بين المكلف و بين ارباب الخمس فكيف يمكن أن تكون اليد امارة علي ملكية جميع المال فغاية ما تدلّ القاعدة انّ أربعة أخماس من المال له، و من الظاهر ان ترتب المطلوب علي التقريب المذكور لا يمكن الّا علي القول بالاثبات الذي لا نقول به.

اللهم الّا

أن يقال: بأنّه لا يتم التقريب المذكور و لذا لو فرض ان المكلف بعد مضي الحول وجد مقدارا من المال في صندوقه يحكم بوجوب الخمس فيه، اذ بمقتضي اليد يحكم انّ جميعه له.

و بعبارة واضحة: الحكم بالخمس مترتب علي كون المال للمكلف في حد نفسه و قاعدة اليد تفي بهذه الجهة أي تفي بكون ما في اليد ملك له في حد نفسه.

اذا عرفت ما تقدم نقول: الانصاف ان انكار شمول حديث ابن مروان لمورد كون المال الحلال مشتركا ثم اختلط بالحرام مشكل، اذ لا نري مانعا عن الاطلاق.

و بعبارة أوضح: ان قوله روحي فداه «و الحلال المختلط بالحرام» يشمل مورد الكلام و أمثاله، فما أفاده في المتن تامّ، و اللّه العالم و عليه

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 148

(مسألة 37): لو كان الحرام المختلط في الحلال من الخمس أو الزكاة أو الوقف الخاصّ أو العام فهو كمعلوم المالك علي الأقوي فلا يجزيه اخراج الخمس حينئذ (1).

(مسألة 38): اذا تصرف في المال المختلط قبل إخراج الخمس بالاتلاف لم يسقط و ان صار الحرام في ذمته فلا يجري عليه حكم رد المظالم علي الأقوي و حينئذ فان عرف قدر المال المختلط اشتغلت ذمته بمقدار خمسه، و ان لم يعرفه ففي وجوب دفع ما يتيقن معه بالبراءة أو جواز الاقتصار علي ما يرتفع به يقين الشغل، و جهان الأحوط الأول و الأقوي الثاني (2).

(مسألة 39): اذا تصرّف في المختلط قبل اخراج خمسه

______________________________

التوكل و التكلان.

[مسألة 37: لو كان الحرام المختلط في الحلال من الخمس أو الزكاة أو الوقف الخاصّ أو العام فهو كمعلوم المالك]

(1) و الوجه فيه: انّه قد تقدم ان موضوع الحكم متقوم بكون المالك غير معلوم و يكون معنونا بكونه مالا لا يعرف صاحبه و الحال انّ صاحب المال في

المقام معلوم و هو الكلي فلا يشمله دليل التحليل باداء الخمس.

[مسألة 38: اذا تصرف في المال المختلط قبل إخراج الخمس بالاتلاف لم يسقط]

(2) اذا فرضنا كون الخمس ملكا لأهله كما هو المفروض و تقدّم ان وزان الخمس في المقام وزانه في بقية الموارد يترتب عليه ما ذكره الماتن، اذ المفروض انّ المكلف أتلف الخمس الذي ملك لأربابه و الاتلاف يوجب الضمان، و حيث انّ الأمر مردد علي الفرض بين الأقل و الأكثر فالأقل مقطوع به و الزائد مورد البراءة بلا اشكال، و اللّه العالم.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 149

[مسألة 39: اذا تصرّف في المختلط قبل اخراج خمسه]

ضمنه، كما اذا باعه مثلا فيجوز لوليّ الخمس الرجوع عليه كما يجوز له الرجوع علي من انتقل إليه و يجوز للحاكم أن يمضي معاملته فيأخذ مقدار الخمس من العوض اذا باعه بالمساوي قيمة أو بالزيادة، و أمّا اذا باعه بأقل من قيمته فامضاؤه خلاف المصلحة نعم لو اقتضت المصلحة ذلك فلا بأس (1).

[السادس: الأرض التي اشتراها الذميّ من المسلم]

اشارة

السادس: الارض التي اشتراها الذميّ من المسلم سواء كانت ارض مزرع أو مسكن أو دكّان أو خان أو غيرها فيجب فيها الخمس و مصرفه مصرف غيره من الاقسام علي الأصحّ و في وجوبه في المنتقلة اليه من المسلم بغير الشراء من المعاوضات اشكال فالأحوط اشتراط مقدار الخمس عليه في عقد المعاوضة، و ان كان القول بوجوبه في مطلق المعاوضات لا يخلو عن قوّة و انما يتعلق الخمس برقبة الارض دون البناء و الاشجار و النخيل اذا كانت فيه و يتخير الذمّي بين دفع الخمس

______________________________

(1) الأمر كما أفاده الماتن، فان كلا من المتعاقدين ضامن لليد الموجبة للضمان فيكون الولي أي الحاكم الشرعي مختارا في الرجوع الي كلّ منهما كما حقق في بحث تعاقب الأيدي و يمكن للحاكم اجازة العقد و أخذ الثمن بالمقدار المقابل للخمس.

هذا فيما باع بالمساوي أو الأزيد واضح، و أمّا لو باع بالاقل فلا ولاية للحاكم، اذا المفروض انه ضرر علي المولّي عليه الّا أن تكون مصلحة فيجوز للحاكم الاجازة.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 150

من عينها أو قيمتها و مع عدم دفع قيمتها يتخيّر وليّ الخمس بين أخذه و بين اجارته و ليس له قلع الغرس و البناء بل عليه ابقاؤهما بالأجرة، و ان أراد الذمّي دفع القيمة و كانت مشغولة بالزرع أو الغرس

أو البناء تقوّم مشغولة بها مع الاجرة فيؤخذ منه خمسها و لا نصاب في هذا القسم من الخمس و لا يعتبر فيه نية القربة حين الأخذ حتي من الحاكم بل و لا حين الدفع الي السادة (1).

قد تعرض الماتن في المقام لفروع:

الفرع الأول: ان المورد السادس من موارد الخمس الأرض التي يشتريها الذمّي من المسلم.

______________________________

(1) و عمدة الدليل لهذا الحكم ما رواه ابو عبيدة الحذّاء قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: ايّما ذمّي اشتري من مسلم أرضا فان عليه الخمس «1» و المستفاد من الحديث: مجرد الحكم التكليفي فلا يكون كبقية اقسام الخمس المتعلقة بالعين.

اللهم الّا انّ يقال انه عليه السّلام قال: «فان عليه الخمس» و لم يقل عليه اعطاء الخمس فلا وجه للقول بانّه في مقام بيان الحكم التكليفي و حيث ان المستفاد من دليل الخمس في الأرباح و الغنائم كونه مملوكا لأربابه و لم يقم في المقام دليل علي الخلاف مع كون المولي في مقام البيان يفهم ان الخمس في المقام قسم من تلك الأقسام و الدليل عليه انّ الاصحاب هكذا فهموا من الحديث: فلا مقتضي لحمل الكلام علي الحكم التكليفي المحض.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 9 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 151

______________________________

و لقائل أن يقول: ان غاية ما يستفاد من التقريب المذكور ان الخمس ثابت في ذمته و لكن مجرد الثبوت في الذمة لا يستلزم كون الخمس في المقام كبقية الموارد.

و بعبارة اخري: مقتضي الحديث: اشتغال الذمة، و أمّا العين الخارجية فلا دليل علي تعلق الخمس بها.

الفرع الثاني: انه لا فرق في الحكم المذكور بين الخالية عن البناء و الزّرع و الشجر و غيرها.

و ربما يقال: ان المتبادر من الأرض، الأرض الخالية.

و لكن يرد عليه: ان غاية ما يمكن أن يقال: ان اللفظ ينصرف بدوا الي الخالية و يزول بعد التأمل.

و بعبارة اخري: مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين الأقسام، فان الموضوع عبارة عن الأرض المشتراة و هذا العنوان يصدق علي كلا القسمين.

نعم يبقي الاشكال في انّه لو اشتري دارا أو بستانا فهل يشمل الدليل ارض الدار المشتراة أو أرض البستان

كذلك أم لا؟

ربما يقال بانّ مقتضي الاطلاق الشمول و لكن يشكل اولا: بانّ الظاهر من اشتراء الارض الاستقلال لا بالتبع و هذا العرف ببابك و لا أقلّ من عدم الجزم بالاطلاق.

و ثانيا: ان التبعض في بيع المركب لا محصل له، اذ قد ذكرنا في

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 152

______________________________

محلّه: انه لو باع دارا مثلا فهل يكون البيع واحدا و المبيع كذلك و كل جزء من الدار جزء المبيع أم يكون المبيع متعددا كالبيع؟

أمّا علي الأول فلا يصدق عنوان اشتراء الارض بل الشراء تعلق بالدار و واقع عليها.

و أمّا علي الثاني فيلزم تعدد الخيارات بالنسبة الي كل قطعة من الدار من القطعات الخارجية أو في كل جزء مشاع و هل يمكن الالتزام به؟ كلّا ثم كلّا.

مضافا الي انّه يلزم التسلسل، اذ قد حقق في الفلسفة عدم امكان الجزء الذي لا يتجزي.

الفرع الثالث: ان مصرفه مصرف سائر أقسام الخمس.

و الظاهر ان ما أفاده تام لأنّ الشارع الأقدس بيّن مورد الخمس و مصرفه، فاذا وجب الخمس في مورد و لم يقم دليل لبيان مصرفه يفهم عرفا انّ مصرفه ذلك المصرف الذي بيّن و لعلّه ظاهر واضح.

الفرع الرابع: انه هل يختص الحكم بخصوص الشراء أو يعم غيره من المعاوضات

بل يعم مطلق الانتقال و لو بلا عوض؟

الحق هو الاختصاص، فانّ ملاك الحكم الشرعي غير معلوم عندنا و لا يمكن التعدي عن مورد الدليل و الحكم بعدم الفرق جرأة في الفتوي و قول بلا دليل و مقتضي الاحتياط بالنسبة الي الذمي أن يدفع الخمس في مطلق الانتقال، كما ان مقتضاه بالنسبة الي ارباب الخمس

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 153

______________________________

أن لا يأخذوا منه في غير الشراء، و أمّا الاحتياط بالاشتراط في ضمن عقد المعاوضة فلا نفهم وجهه و الأمر سهل، و ممّا ذكرنا ظهر انه لا قوة في الالتزام بعموم الحكم، اذ قد ذكرنا انّ مناطات الاحكام مجهولة عندنا فلاحظ.

الفرع الخامس: انّ الخمس يتعلق برقبة الأرض دون البناء و الأشجار.

أقول: امّا علي ما قلنا من ظهور حديث الحذّاء في وجوب اداء الخمس و عدم التعرض للحكم الوضعي فلا يتعلق برقبة الأرض فكيف بما فيها من البناء و الشجر؟

و أمّا علي القول المشهور فلأنّ المستفاد من الدليل ان الموضوع هي الأرض فلا مجال لتعلقه بما فيها و هذا ظاهر واضح.

الفرع السادس: انّ الذمي مخير بين دفع العين و القيمة

كما في غيره من أقسام الخمس و الدفع بالقيمة، و ان كان علي خلاف القاعدة الأوّليّة و لكن المستفاد من الدليل كون الاختيار بيد من عليه الخمس.

و نتعرّض لشرح المسألة عند تعرض الماتن إن شاء اللّه تعالي فانتظر.

هذا علي مسلك المشهور من تعلق الخمس برقبة الأرض ظاهر و أمّا علي القول بكون الذمة مشغولة به فلأن المستفاد من الدليل انّ الذمة مشغولة بخمس من العين الخارجية، و من ناحية اخري قد علم من الشرع اختيار المكلف بين الأمرين فيتمّ الأمر.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 154

الفرع السابع: ان الذمي لو لم يدفع القيمة يكون الحاكم الشرعي مخيّرا بين أخذ العين و اجارتها.

______________________________

و ما أفاده يشكل من وجهين:

الوجه الأول: انه قد تقدم منا انّ المستفاد من حديث الحذّاء مجرد الحكم التكليفي، و أمّا الحكم الوضعي فلا، فبأيّ ميزان يجوز للحاكم الشرعي اجارة العين مع كونها ملكا للذمي، لكن قد تقدم ان مقتضي الرواية اشتغال الذمة بخمس الأرض فيكون الذمي محجورا بالنسبة الي خمسها.

الوجه الثاني: انه بعد اغماض العين عن الوجه الاول يشكل ما أفاده بالنسبة الي حقّ السادة.

توضيح المدعي: انّ جواز اجارة سهم الامام روحي فداه موجّه، اذ لو كان الحاكم عالما برضي الامام يجوز له التصرف أعمّ من أن يكون تصرفا خارجيا أو يكون تصرفا اعتباريا، و أمّا بالنسبة الي حق السادة فلا وجه لجواز تصرف الحاكم و اجارته.

و بعبارة واضحة: المقدار المعلوم من ولايته علي حق السادة أن يأخذه، و أمّا جواز تصرفه فيه كإجارته مثلا فلا دليل عليه و مقتضي القاعدة عدم الجواز، و أمّا بالنسبة الي حق الامام فالميزان في الجواز العلم برضاه.

و لمّا انجر الكلام الي هنا يناسب أن يقع البحث حول التصرفات

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب

الخمس، ص: 155

______________________________

الاعتبارية التي تقع علي السهم المبارك من البيع و الشراء و الاجارة و الوقف و أمثالها مع انّه يمكن أن يقال: انها علي خلاف القاعدة الاولية اذ المفروض ان متعلقها مملوك للناحية المقدسة و لا وكالة من تلك الناحية فما الحيلة؟

و الانسب ان نؤخر البحث المذكور و نتعرض له حين يتعرض الماتن لكون الخمس سهمين سهم للسادة و سهم للإمام و سهم الامام اختياره بيد الحاكم الشرعي فانتظر.

الفرع الثامن: انه ليس للحاكم الشرعي قلع الغرس و البناء

بل عليه الابقاء مع الاجرة و لا بدّ أن يتصور الفرع المزبور علي نحو يمكن دخوله في المقام، مثلا لو اشتري البناء أولا ثم اشتري الأرض يتحقق موضوع الخمس بلا اشكال.

ثم انّ الوجه فيما أفاده، ان الغرس و الشجر و البناء للذمي بالعنوان الفعلي.

و بعبارة اخري: هو مالك للشجر و لا للخشب و أيضا مالك للبناء لا للآجر و نحوه و هذه العناوين متقومة بكونها في الأرض فلا يجوز للحاكم رفعها، نعم يجب علي الذمي دفع العوض اذ بقائها في الارض نحو انتفاع منها و لا وجه لكونه مجانيا و بلا عوض.

و في المقام شبهة و هي: انّه اذ اشتري شخص شجرا فما الوجه في ثبوت الأجرة عليه؟ اذ المفروض ان الشجر بما هو كذلك صار ملكا

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 156

______________________________

للمشتري، فما الوجه في اداء الاجرة للأرض؟

الا أن يقال: ان بناء العقلاء علي ذلك، فان الجمع بين الحقين يقتضي حق ابقاء الشجر في الارض لمالكه و ثبوت الاجرة لصاحب الارض و الّا فما فائدة كونه مالكا للرقبة.

و مع ذلك في النفس شي ء، اذ يظهر النتيجة بعد ازالة الآثار، فان اختيار الارض لمالكها.

الفرع التاسع: انه ان اراد الذمي دفع القيمة و كانت مشغولة بالزّرع مثلا تقوم مشغولة به مع الاجرة.

و هذا علي طبق القاعدة الأولية، اذ المفروض انّها انتقلت الي الذمي بالاشتراء بالنحو المذكور فلا بد من تقويمها مشغولة مع لحاظ الاجرة.

الفرع العاشر: انه لا نصاب في هذا القسم بلا اشكال،

اذ لا دليل عليه فالمرجع اطلاق الدليل المقتضي لنفي النصاب.

الفرع الحادي عشر: انه لا يعتبر قصد القربة حين الأخذ لا من الحاكم و لا من الذمي.

فانه لا مقتضي له و قصد القربة ان كان لازما فانما يلزم علي من يؤدّي الخمس و لا يجب علي الآخذ منه.

و هل يلزم علي الذمي أم لا؟ الحق هو الثاني لعدم قيام دليل لفظي عام أو مطلق يدل علي اشتراط قصد القربة في اداء الخمس و الدليل الدالّ علي وجوبه عليه غير متعرض لهذه الجهة، و مقتضي

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 157

(مسألة 40): لو كانت الأرض من المفتوحة عنوة و بيعت تبعا للآثار ثبت فيها الحكم لأنها للمسلمين، فاذا اشتراها الذمي وجب عليه الخمس و ان قلنا بعدم دخول الأرض في المبيع و ان المبيع هو الآثار و يثبت في الارض حق الاختصاص للمشتري و امّا اذا قلنا بدخولها فيه فواضح، كما انه كذلك اذا باعها منه اهل الخمس بعد أخذ خمسها فانهم مالكون لرقبتها و يجوز لهم بيعها (1).

______________________________

اطلاقه كفاية مطلق الاداء فلا تصل النوبة الي أن قصد القربة كيف يتمشّي عن الكافر أو ان العبادة مشروطة بالايمان فلاحظ.

[مسألة 40: لو كانت الأرض من المفتوحة عنوة و بيعت تبعا للآثار ثبت فيها الحكم]

(1) حكم (قدّس سرّه) بتعلق الخمس بالذمي اذ اشتري الأرض المفتوحة عنوة تبعا حتي علي القول بعدم انتقال الأرض بل يكون للمشتري مجرّد حق الاختصاص.

و يرد عليه: اولا: انه قد تقدم منا ان صدق عنوان اشتراء الأرض علي ارض الدار المشتراة ممنوع و لا أقلّ من عدم الجزم بالاطلاق.

و ثانيا: ان الظاهر من الدليل مورد اشتراء الأرض من مسلم، و أمّا مثل اراضي الخراج فشمول الدليل ايّاه محلّ الاشكال ان لم يكن ممنوعا.

و ثالثا: انه لو لم تنتقل الأرض اليه فلا وجه لوجوب الخمس أصلا، اذ قد مرّ منه ان متعلق الخمس نفس رقبة الأرض و مع فرض

عدم الانتقال لا تكون الأرض مورد الخمس فلا موضوع للحكم المذكور.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 158

(مسألة 41): لا فرق في ثبوت الخمس في الأرض المشتراة بين أن تبقي علي ملكية الذمي بعد شرائه أو انتقلت منه بعد الشراء إلي مسلم آخر، كما لو باعها منه بعد الشراء أو مات و انتقلت الي وارثه المسلم أو ردّها الي البائع باقالة أو غيرها فلا يسقط الخمس بذلك بل الظاهر ثبوته أيضا لو كان للبائع خيار ففسخ بخياره (1).

(مسألة 42): اذا اشتري الذمي الأرض من المسلم و شرط عليه عدم الخمس لم يصح، و كذا لو اشترط كون الخمس علي البائع، نعم لو شرط علي البائع المسلم أن يعطي مقداره عنه فالظاهر جوازه (2).

______________________________

نعم لو قلنا بوجوب الخمس في الأراضي المفتوحة عنوة و أدّي سهم السادة اليهم و باع السيّد حصته يتعلق الخمس بتلك الحصة لتمامية الموضوع و بعد فرض التمامية يترتب عليه الحكم.

[مسألة 41: لا فرق في ثبوت الخمس في الأرض المشتراة بين أن تبقي علي ملكية الذمي بعد شرائه أو انتقلت منه بعد الشراء إلي مسلم آخر]

(1) قد حكم (قدّس سرّه) بثبوت الخمس بعد تحققه و عدم سقوطه بالانتقال الي غير الذمي بعقد جديد أو باعمال الخيار من قبل البائع أو باقالة.

و الظاهر انّ ما أفاده تامّ لإطلاق الدليل و عدم انقلاب العنوان عمّا هو عليه.

و بعبارة واضحة: انه لو تحقق الشراء من المسلم يترتب عليه الخمس و انقلاب العنوان المذكور غير معقول فلاحظ.

[مسألة 42: اذا اشتري الذمي الأرض من المسلم و شرط عليه عدم الخمس لم يصح]

اشارة

(2) الشرط الذي تعرض له الماتن يتصور علي صور:

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 159

الصورة الاولي: أن يشترط عليه عدم الخمس.

______________________________

و لا بدّ من الدقّة في الشرط المذكور و لحاظ المراد منه، فان كان المراد منه تعليق البيع علي عدم هذا الحكم في الشريعة يكون البيع باطلا، اذ المفروض ان الحكم مجعول في الشريعة فقد علّق العقد علي أمر غير محقق و مع عدم المعلق عليه لا يوجد المعلق.

و هذا ظاهر فلا مجال، لان يقال: الشرط فاسد بل لا بد من أن يقال: انّ البيع باطل.

مضافا الي انّ التعليق في العقد يوجب بطلانه- علي ما هو المقرر عندهم-.

و ان كان المراد انّه يشترط علي البائع الالتزام بعدم الخمس، يكون معناه أنّ العقد معلق علي التزام البائع بالعدم، ففي هذه الصورة العقد تامّ و يجب الخمس عليه لتحقق موضوعه و لا أثر للشرط المذكور اذ الشرط الذي يكون تارة صحيحا و اخري فاسدا، ما يكون اختياريا للمكلف و يكون أمره بيده، و امّا اشتراط أمرا أجنبي عنه و غير مربوط به- كما لو اشترط في العقد التزام الطرف المقابل بعدم نزول المطر من السماء-، فلا أثر له فلا مجال لأن يقال: انّ الشرط المذكور فاسد.

و بعبارة اخري: الشرط المذكور كاشتراط الالتزام بعدم وجوب الصلاة في الشريعة.

و ان شئت قلت: ليس المراد من هذا الشرط، الشرط الاصطلاحي،

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 160

(مسألة 43): اذا اشتراها من مسلم ثم باعها منه أو مسلم آخر ثم اشتراها ثانيا، وجب عليه خمسان خمس الأصل للشراء أوّلا و خمس أربعة أخماس للشراء ثانيا (1).

______________________________

بل تعليق للعقد علي أمر تكويني.

الصورة الثانية: أن يشترط المشتري علي البائع انّ وجوب الخمس عليه

و العقد في هذه الصورة أيضا تامّ و يجب علي الذمي الخمس لتمامية الموضوع و لا أثر للشرط المذكور بعين التقريب المتقدم و لا مجال لأن

يقال: في هذه الموارد ان الشرط صحيح أو فاسد، فان مثله خارج عن محور الصحة و الفساد.

الصورة الثالثة: أن يشترط عليه أن يؤدّي عنه،

و الظاهر ان الشرط في هذه الصورة صحيح و يجب الوفاء به بمقتضي وجوب الوفاء بالشرط، اذ اداء دين الغير أمر جائز و بالشرط يجب، لكن بمجرد العقد يجب علي الذمي، و ما دام لم يعمل البائع بالشرط لا يسقط عن الذمي و اذا تخلف و لم يؤد يمكن للذمي أن يفسخ العقد بلحاظ خيار التخلف و لكن لا يسقط عنه الخمس و لا ينتقل بالفسخ مقدار الخمس الي ملك البائع علي القول بتعلق الخمس بعين رقبة الأرض.

[مسألة 43: اذا اشتراها من مسلم ثم باعها منه أو مسلم آخر ثم اشتراها ثانيا]

(1) الأمر كما افاده، فان الشراء الأوّل يوجب انتقال خمس الأرض الي ملك أرباب الخمس، فاذا باعها يكون العقد بالنسبة الي مقدار الخمس فضوليا، فاذا اشتراها ثانيا يكون متعلق الخمس أربعة اخماس و هكذا.

و أمّا ما أفاده سيدنا الاستاد في المقام من: أنّه لو باعها من شيعي

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 161

(مسألة 44): اذا اشتري الأرض من المسلم ثم أسلم بعد الشراء لم يسقط عنه الخمس (1).

نعم لو كانت المعاملة ممّا يتوقف الملك فيه علي القبض فأسلم بعد العقد و قبل القبض سقط عنه لعدم تمامية ملكه في حال الكفر (2).

______________________________

يصح العقد في تمام العين، فاذا اشتراها ثانيا تكون العين بكاملها متعلقة للخمس فهو مبني علي ما رامه في المستفاد من ادلة التحليل، و نتعرض لهذه الجهة مفصلا إن شاء اللّه تعالي فانتظر.

هذا علي مبني القوم من تعلق الخمس بعين رقبة الارض و أمّا علي ما قلناه من تعلقه بالذمّة فلا موضوع لكون العقد فضوليا، اذ المفروض عدم شركة أرباب الخمس في العين.

[مسألة 44: اذا اشتري الأرض من المسلم ثم أسلم بعد الشراء لم يسقط عنه الخمس]

(1) الأمر كما أفاده، فان سقوط الخمس بعد ثبوته يحتاج الي الدليل و لا دليل عليه، فان حديث «الجب» غير معتبر، و الظاهر انه لا تسالم علي السقوط و كذلك لا سيرة عليه فلا وجه للسقوط مع تمامية الدليل في مقام الاثبات و هو اطلاق الوجوب بالنسبة اليه.

الا أن يقال: انّه لم يسمع عن النبي و لا عن امير المؤمنين صلوات اللّه عليهما أخذ الخمس من الكافر الذي اسلم و يقطع بعدم وجوبه و عهدة هذه الدعوي علي مدعيها.

(2) اذ في مفروض الكلام لم يتحقق العقد بجميع شرائطه فلا موضوع كي يترتب عليه الحكم.

الغاية القصوي في

التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 162

(مسألة 45): لو تملك ذمي من مثله بعقد مشروط بالقبض فأسلم الناقل قبل القبض. ففي ثبوت الخمس و جهان أقواهما الثبوت (1).

(مسألة 46): الظاهر عدم سقوطه اذا شرط البائع علي

______________________________

ان قلت: قد تحقق البيع فيصدق عنوان «أيّما ذمّي» الخ.

قلت: من الواضح ان المراد من الاشتراء، الاشتراء الشرعي الذي يترتب عليه الأثر شرعا و الّا يلزم ترتبه علي كل عقد و لو كان فاسدا و هو كما تري.

مضافا الي انّ المستفاد من الدليل ان الحكم المذكور مترتب علي الأرض التي تكون بالشراء مملوكة للذمي و المفروض عدم تحقق الملكية.

و لا يخفي ان البحث المذكور يتوقف علي الالتزام بترتب الحكم المذكور علي التملك علي الاطلاق كي يتصور فيه عدم تحقق الملك في بعض المصاديق و قد مرّ انه لا دليل علي الكلية حتي بالنسبة الي الأرض فكيف بغيرها و تحقق الملكية في الارض المشتراة لا يتوقف علي القبض فالقضية فرضية محضة.

[مسألة 45: لو تملك ذمي من مثله بعقد مشروط بالقبض فأسلم الناقل قبل القبض.]

(1) قد تقدم آنفا انه لا يتصور عدم تحقق الملكية قبل القبض في محل الكلام و هي الأرض فالقضية فرضية و علي الفرض نقول:

الانصاف ان الجزم بأقوائية الثبوت مشكل، اذ في الفرض المذكور لا يصدق عنوان اشتراء الذمي الأرض من المسلم و التملك بما هو لم يؤخذ في الموضوع كي يحكم علي طبقه وجودا و عدما.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 163

الذمي أن يبيعها بعد الشراء من مسلم (1).

(مسألة 47): اذا اشتري المسلم من الذمّي ارضا ثم فسخ باقالة أو بخيار ففي ثبوت الخمس وجه، لكن الأوجه خلافه

[مسألة 46: الظاهر عدم سقوطه إذا شرط البائع علي الذمي أن يبيعها بعد الشراء من مسلم]

______________________________

(1) الأمر كما أفاده، اذ لا وجه للسقوط بالشرط المذكور، فانّ الموضوع عبارة عن اشتراء الذمي الارض من المسلم و قد تحقّق بالفرض و الشي ء لا ينقلب عما هو عليه و الّا يلزم الخلف المحال.

و قد أفاد سيدنا الاستاد انه لم يستشكل احد في صحة الشرط المذكور لأنّه ليس مخالفا للشرع.

و الظاهر ان الشرط المذكور باطل، اذ المفروض ان خمس الأرض يصير مملوكا لأربابه و لا يجوز بيع مال الغير، فالشرط المشار اليه مخالف للشرع فيكون فاسدا.

ان قلت: مجرد العقد علي مال الغير لا يكون حراما تكليفا بل فاسد وضعا.

قلت: مرجع اشتراط البيع، التصرف في العين اعتبارا و خارجا امّا اعتبارا فبيع العين، و امّا خارجا فتسليمه الي المشتري و لا يجوز التصرف في مال الغير فيكون الشرط فاسدا و لكن لا يوجب فساد العقد اذ قد حقق في محله ان فساد الشرط لا يسري الي العقد.

و الوجه فيه انّه لا مقتضي للسراية، فان العقد معلق علي التزام الطرف المقابل و المفروض تحقق الالتزام، لكن لا يلزم شرعا علي المشروط عليه.

الغاية القصوي

في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 164

حيث إنّ الفسخ ليس معاوضة (1).

(مسألة 48): من بحكم المسلم، بحكم المسلم (2).

(مسألة 49): إذا بيع خمس الأرض التي اشتراها الذمي

[مسألة 47: اذا اشتري المسلم من الذمّي أرضا ثم فسخ باقالة أو بخيار]

______________________________

(1) الأمر كما أفاده، فانّ الفسخ ليس بيعا و الحكم مترتّب علي الاشتراء لا علي مطلق الملكية فلاحظ.

و ممّا يقضي منه العجب ما أفاده سيدنا الاستاد (قدّس سرّه) في المقام من: أنّ الملكية الحاصلة بالفسخ نفس الملكية السابقة، غاية الأمر كانت محجوبة بحاجب و بالفسخ يرتفع الحاجب.

و هو كما تري، اذ نسأل انّ العين المبيعة قبل الفسخ ملك للبائع أو للمشتري أو لكليهما؟

لا اشكال في عدم صحة القول بكونها مملوكة لكليهما، كما انه لا مجال للقول بأنها مملوكة للبائع فتكون مملوكة للمشتري و بعد الفسخ تكون مملوكة للبائع ملكا جديدا.

نعم علي مسلكه و مرامه في البيع الخياري بالخيار الجعلي يمكن القول بمقالته حيث يري ان البيع محدود بالفسخ.

و يرد عليه: اولا: ان الخيار لا ينحصر بالخيار الجعلي بل يعمّ غيره أيضا.

و ثانيا: انّا أوردنا عليه في محله بما لا مزيد عليه و قلنا: ان ما أفاده غير تامّ بتمام معني الكلمة فراجع ما ذكرناه في بحث الخيارات.

[مسألة 48: من بحكم المسلم، بحكم المسلم]

(2) بتقريب انه فهم من الشرع الأقدس انه محكوم بأحكامه،

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 165

[مسألة 49: إذا بيع خمس الأرض التي اشتراها الذمي]

عليه وجب عليه خمس ذلك الخمس الّذي اشتراه و هكذا (1).

[السابع: ما يفضل عن مؤنة سنته و مؤنة عياله]

اشارة

السابع: ما يفضل عن مؤنة سنته و مؤنة عياله من أرباح التجارات و من سائر التكسبات من الصناعات و الزراعات و الإجارات حتي الخياطة و الكتابة و النجارة و الصيد و حيازة المباحات و اجرة العبادات الاستيجارية من الحج و الصوم و الصلاة و الزيارات و تعليم الاطفال و غير ذلك من الأعمال التي لها أجرة بل الأحوط ثبوته في مطلق الفائدة و ان لم تحصل بالاكتساب كالهبة و الهديّة و الجائزة و المال الموصي به و نحوها، بل لا يخلو عن قوة، نعم لا خمس في الميراث الّا في الذي ملكه من حيث لا يحتسب فلا يترك الاحتياط فيه، كما اذا كان له رحم بعيد في بلد آخر لم يكن عالما به فمات و كان هو الوارث

______________________________

فلو اشتري الذمي أرضا من ولد المسلم يجب عليه الخمس، هذا بالنسبة الي من لا تميز له، و امّا المميز الذي يشعر و أسلم و اعتقد فالأمر فيه ظاهر واضح، اذ هو بنفسه موضوع الحكم بلا احتياج الي التنزيل.

ان قلت: بمقتضي ان عمد الصبي و خطاه واحد لا اثر لإسلامه.

قلت: قد ثبت في الشريعة صحة عباداته فكيف لا يصح اسلامه و ايمانه.

(1) الأمر كما أفاده لتحقق الموضوع، هذا من ناحية و من ناحية اخري اطلاق الدليل، و من ناحية ثالثة عدم المقيّد و المخصّص، فما أفاده (قدّس سرّه) لا غبار عليه.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 166

له و كذا لا يترك في حاصل الوقف الخاصّ، بل و كذا في النذور، و الأحوط استحبابا ثبوته في عوض الخلع و المهر و مطلق الميراث

حتي المحتسب منه و نحو ذلك (1).

قد تعرض الماتن في المقام لفروع:

الفرع الأول: انه يجب الخمس في الفاضل عن المئونة من أنواع الأرباح الحاصلة له.

______________________________

(1) و يمكن الاستدلال علي الحكم المذكور بوجوه:

الوجه الأول: انه ادعي في المقام التسالم من الأصحاب و اتفاقهم قديما و حديثا علي الوجوب و نسب الخلاف الي ابن الجنيد و ابن أبي عقيل مع النقاش في صحة النسبة.

الوجه الثاني: دعوي جريان السيرة الخارجية المتصلة بزمان المعصوم عليه السّلام.

الوجه الثالث: اطلاق الآية الشريفة وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبيٰ وَ الْيَتٰاميٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ «1» فان مقتضي اطلاق الغنيمة ثبوت الحكم في كل مورد يصدق العنوان المذكور بلا وجه لاختصاصها بخصوص غنائم دار الحرب و مورد ورود الآية لا يقتضي الاختصاص.

الوجه الرابع: جملة من النصوص: منها ما رواه سماعة قال:

سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الخمس؟ فقال: في كل ما أفاد النّاس من

______________________________

(1) الانفال: 41.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 167

______________________________

قليل أو كثير «1».

فان قوله عليه السّلام يدل بالعموم الوضعي علي وجوبه في كل ربح و فائدة و التخصيص يحتاج الي الدليل.

و منها مكاتبة ابراهيم بن محمد الهمداني: أقرأني علي كتاب أبيك فيما أوجبه علي أصحاب الضياع انه أوجب عليهم نصف السدس بعد المؤونة و انه ليس علي من لم تقم ضيعته بمؤونته نصف السدس و لا غير ذلك فاختلف من قبلنا في ذلك فقالوا: يجب علي الضياع الخمس بعد المؤونة مئونة الضيعة و خراجها لا مئونة الرجل و عياله، فكتب و قرأه علي بن مهزيار: عليه الخمس بعد مئونته و مئونة عياله و بعد خراج السلطان «2».

و منها: ما رواه علي بن مهزيار «3» الي غيرها من النصوص الدالة علي الوجوب، فالادلة الدالة

علي الوجوب تامة و رفع اليد عنها عموما أو خصوصا يحتاج الي الدليل.

و في قبال هذه النصوص روايات يمكن الاستدلال بها علي عدم وجوب الخمس و كونه حلالا و لو للشيعة.

و من تلك الروايات ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ قال: هي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 6.

(2) نفس المصدر، الحديث: 4.

(3) لاحظ ص 68 و 69.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 168

______________________________

و اللّه الافادة يوما بيوم، الا انّ أبي جعل شيعتنا من ذلك في حلّ ليزكوا «1».

و الحديث: ضعيف سندا.

و منها: ما رواه الحارث بن المغيرة النصري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: انّ لنا اموالا من غلّات و تجارات و نحو ذلك و قد علمت ان لك فيها حقا؟ قال: فلم احللنا اذا لشيعتنا الّا لتطيب ولادتهم و كل من والي آبائي فهو في حل مما في أيديهم من حقّنا فليبلّغ الشاهد الغائب «2».

و الرواية ضعيفة سندا.

و منها: ما رواه يونس بن يعقوب قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فدخل عليه رجل من القمّاطين فقال: جعلت فداك تقع في أيدينا الأرباح و الأموال و تجارات نعلم ان حقّك فيها ثابت و انّا عن ذلك مقصّرون؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما أنصفناكم ان كلّفناكم ذلك اليوم «3».

و الحديث: غير تامّ بكلا سنديه احدهما بضعف اسناد الشيخ و الثاني بضعف اسناد الصدوق فلاحظ.

و منها: ما روي عن الباقر عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين علي بن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 4 من أبواب الانفال،

الحديث: 8.

(2) نفس المصدر، الحديث: 9.

(3) نفس المصدر، الحديث: 6.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 169

______________________________

أبي طالب عليه السّلام: هلك الناس في بطونهم و فروجهم لأنّهم لم يؤدّوا إلينا حقنا، ألا و ان شيعتنا من ذلك و آباءهم في حل «1».

و الظاهر ان الحديث: تامّ سندا و دلالة، أمّا من حيث السند فالظّاهر عدم الخدشة في رواته.

و أمّا دلالة فالظاهر من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام انه «روحي فداه» في مقام بيان الحكم الشرعي أي المجعول في الشريعة، الحلية بالنسبة الي الشيعة فلا بدّ في رفع اليد عنه من قيام دليل معارض يكون مقدما عليه.

و منها: ما رواه علي بن مهزيار قال: قرأت في كتاب لأبي جعفر عليه السّلام من رجل يسأله أن يجعله في حلّ من مأكله و مشربه من الخمس؟ فكتب بخطه: من أعوزه شي ء من حقي فهو في حلّ «2».

و الحديث: تامّ سندا، و لكن لا يدلّ علي المدعي، فانّ الظاهر ان الجواد عليه السّلام يحلل المعوز أن يتصرف في حقه.

و بعبارة اخري: ان الظاهر من الرواية انه تحليل شخصي لا انّه بيان للحكم الشرعي و العرف ببابك.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام انه قال: ان امير المؤمنين عليه السّلام حللهم من الخمس يعني الشيعة ليطيب مولدهم «3».

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث: 1.

(2) نفس المصدر، الحديث: 2.

(3) نفس المصدر، الحديث: 15.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 170

______________________________

و الحديث: تام سندا و دلالة علي المدعي.

و منها: ما رواه أبو خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رجل- و أنا حاضر- حلل لي الفروج، ففزع أبو عبد اللّه عليه

السّلام فقال له رجل:

ليس يسألك أن يعترض الطريق، انّما يسألك خادما يشتريها أو امرأة يتزوّجها أو ميراثا يصيبه أو تجارة أو شيئا اعطيه، فقال: هذا لشيعتنا حلال الشاهد منهم و الغائب و الميّت منهم و الحيّ و ما يولد منهم الي يوم القيامة فهو لهم حلال، أما و اللّه لا يحلّ إلّا لمن أحللنا له و لا و اللّه ما أعطينا أحدا ذمّة و ما عندنا لأحد عهد و لا لأحد عندنا ميثاق «1».

و الرواية ساقطة سندا، مضافا الي أنّ الحديث: لا يستفاد منه تحليل الخمس علي الإطلاق، بل يستفاد منه تحليل الأخماس التي تصل الي أيدي الشيعة فلاحظ.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السّلام قال: ان اشدّ ما فيه الناس يوم القيامة أن يقوم صاحب الخمس فيقول: يا ربّ خمسي و قد طيبنا ذلك لشيعتنا لتطيب ولادتهم و لتزكو أولادهم «2».

و الرواية ساقطة سندا.

و منها: ما رواه مسمع بن عبد الملك في حديث قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام اني كنت ولّيت الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم و قد

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث: 4.

(2) نفس المصدر، الحديث: 5.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 171

______________________________

جئت بخمسها ثمانين ألف درهم و كرهت أن احبسها عنك و أعرض لها و هي حقك الذي جعل اللّه تعالي لك في أموالنا؟ فقال: و ما لنا من الأرض و ما اخرج اللّه منها الّا الخمس؟ يا أبا سيّار الارض كلها لنا فما أخرج اللّه منها من شي ء فهو لنا، قال: قلت له: أنا احمل إليك المال كله؟ فقال لي: يا أبا سيار قد طيبناه لك و حلّلناك منه فضمّ إليك مالك

و كل ما كان في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون و محلّل لهم ذلك الي أن يقوم قائمنا فيجبيهم طسق ما كان في أيدي سواهم فان كسبهم من الأرض حرام عليهم حتي يقوم قائمنا فيأخذ الأرض من أيديهم و يخرجهم منها صغرة «1».

و المستفاد من الحديث: ان الشيعة حلال لهم التصرف في الأرض و لا يرتبط الحديث: بالمقام.

اللهم الّا أن يقال: ان الأرض بما لها من المفهوم تشمل الأخماس التي تتعلق بها فالحديث: دالّ علي المدعي في الجملة لا بالجملة.

و منها: ما رواه الحارث بن المغيرة النصري قال: دخلت علي أبي جعفر عليه السّلام فجلست عنده فاذا نجية قد أستأذن عليه فاذن له فدخل فجثا علي ركبتيه ثمّ قال: جعلت فداك انّي اريد ان أسألك عن مسألة و اللّه ما اريد بها الّا فكاك رقبتي من النار فكأنه رقّ له فاستوي جالسا فقال:

يا نجية سلني فلا تسألني عن شي ء الّا أخبرتك به، قال: جعلت فداك

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث: 12.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 172

______________________________

ما تقول في فلان و فلان؟ قال: يا نجية ان لنا الخمس في كتاب اللّه و لنا الأنفال و لنا صفو المال و هما و اللّه اول من ظلمنا حقنا في كتاب اللّه- الي أن قال-: اللهم انا قد أحللنا ذلك لشيعتنا قال: ثم اقبل علينا بوجهه فقال: يا نجية ما علي فطرة ابراهيم غيرنا و غير شيعتنا «1».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، در يك جلد، انتشارات محلاتي، قم - ايران، اول، 1419 ه ق الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس؛

ص: 172

و الحديث: ضعيف سندا فلا يعتد به.

و منها: ما رواه اسحاق بن يعقوب فيما ورد عليه من التوقيعات بخط صاحب الزمان عليه السّلام: أمّا ما سألت عنه من أمر المنكرين لي- الي أن قال-: و امّا المتلبّسون باموالنا فمن استحلّ منها شيئا فأكله فإنما يأكل النيران، و أمّا الخمس فقد ابيح لشيعتنا و جعلوا منه في حل الي أن يظهر امرنا لتطيب ولادتهم و لا تخبث «2».

و الحديث: ضعيف سندا، فان اسحاق المذكور لم يوثق.

و منها: ما رواه ضريس الكناسي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أ تدري من أين دخل علي الناس الزنا؟ فقلت: لا أدري؟ فقال: من قبل خمسنا أهل البيت الّا لشيعتنا الأطيبين فانه محلل لهم و لميلادهم «3».

و الحديث: ضعيف سندا.

و منها: ما رواه عبد العزيز بن نافع قال: طلبنا الإذن علي أبي عبد اللّه عليه السّلام و أرسلنا اليه، فأرسل إلينا ادخلوا اثنين اثنين، فدخلت أنا

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث: 14.

(2) نفس المصدر، الحديث: 16.

(3) نفس المصدر، الحديث: 3.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 173

______________________________

و رجل معي، فقلت للرجل: احبّ أن تحلّ [تستأذن خ ل] بالمسألة فقال: نعم، فقال له: جعلت فداك، انّ ابي كان ممّن سباه بنو امية و قد علمت ان بني امية لم يكن لهم أن يحرّموا و لا يحللوا و لم يكن لهم ممّا في ايديهم قليل و لا كثير و انما ذلك لكم، فاذا ذكرت الذي كنت فيه دخلني من ذلك ما يكاد يفسد علي عقلي ما أنا فيه، فقال له: انت في حلّ ممّا كان من ذلك و كلّ من كان في مثل حالك من ورائي فهو في

حلّ من ذلك، قال: فقمنا و خرجنا فسبقنا معتب إلي النفر القعود الذين ينتظرون اذن ابي عبد اللّه عليه السّلام فقال لهم: قد ظفر عبد العزيز بن نافع بشي ء ما ظفر بمثله احد قط، قيل له: و ما ذاك؟ ففسّره لهم فقام اثنان فدخلا علي أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال احدهما: جعلت فداك ان أبي كان من سبايا بني امية و قد علمت ان بني امية لم يكن لهم من ذلك قليل و لا كثير و أنا احبّ أن تجعلني من ذلك في حل؟ فقال: و ذلك إلينا؟ ما ذلك إلينا مالنا أن نحلّ و لا أن نحرّم، فخرج الرجلان، و غضب أبو عبد اللّه عليه السّلام فلم يدخل عليه أحد في تلك الليلة الّا بدأه أبو عبد اللّه عليه السّلام فقال: ألا تعجبون من فلان يجيئني فيستحلّني مما صنعت بنو امية، كأنه يري ان ذلك لنا و لم ينتفع أحد في تلك الليلة بقليل و لا كثير الّا الاوّلين فانهما غنيا بحاجتهما «1».

و الحديث: ضعيف سندا، و ليس فيه اطلاق بل اذن خاصّ في

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث: 18.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 174

______________________________

مورد مخصوص.

و منها: ما رواه داود بن كثير الرقي «1».

و الحديث: ضعيف سندا.

و منها: ما رواه الحكم بن علباء الأسدي في حديث قال: دخلت علي أبي جعفر عليه السّلام فقلت له: انّي ولّيت البحرين فأصبت بها مالا كثيرا و اشتريت متاعا و اشتريت رقيقا و اشتريت أمهات أولاد و ولد لي و أنفقت و هذا خمس ذلك المال و هؤلاء أمّهات أولادي و نسائي قد أتيتك به، فقال: أما انه كله لنا و قد قبلت

ما جئت به و قد حللتك من أمّهاتك أولادك و نسائك و ما انفقت و ضمنت لك عليّ و علي أبي الجنة «2».

و الحديث: ضعيف سندا، و العجب عن الحرّ العاملي (قدّس سرّه) حيث اعتمد في توثيقه علي ضمان الامام عليه السّلام الجنة له، و الحال ان الناقل للضمان نفس الرجل فالتقريب دوري.

اضف الي ذلك انه لا يستفاد المدعي حيث انه يمكن أن يكون المراد من الحديث: قبول الامام عليه السّلام ما جاء به اليه ثم جعله في حل.

و صفوة القول: انّ الحديث: لا يكون دالا علي التحليل بنحو الاطلاق فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص 47.

(2) الوسائل: الباب 1 من أبواب الانفال، الحديث: 13.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 175

______________________________

و منها: ما رواه الفضيل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من وجد برد حبّنا في كبده فليحمد اللّه علي أوّل النعم، قال: قلت: جعلت فداك:

ما اوّل النعم؟ قال: طيب الولادة، ثم قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قال أمير المؤمنين عليه السّلام لفاطمة عليها السّلام: أحلّي نصيبك من الفي ء لآباء شيعتنا ليطيبوا ثم قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: انا أحللنا امهات شيعتنا لآبائهم ليطيبوا «1».

و الحديث: ضعيف سندا، مضافا الي أنّه أخصّ من المدّعي.

و منها: ما رواه معاذ بن كثير بيّاع الاكسية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: موسّع علي شيعتنا أن ينفقوا ممّا في ايديهم بالمعروف، فاذا قام قائمنا حرّم علي كل ذي كنز كنزه حتي يأتوه به يستعين به «2».

و الحديث: ضعيف سندا، مضافا الي عدم دلالته علي المدعي و انما يختص بمورد خاص.

و منها: ما عن الحسن بن علي العسكري عليه السّلام في تفسيره عن آبائه

عن أمير المؤمنين عليهم السّلام انه قال لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: قد علمت يا رسول اللّه انه سيكون بعدك ملك عضوض و جبر فيستولي علي خمسي من السبي و الغنائم و يبيعونه فلا يحل لمشتريه لأن نصيبي فيه فقد وهبت نصيبي منه لكل من ملك شيئا من ذلك من شيعتي لتحل لهم منافعهم من مأكل و مشرب و لتطيب مواليدهم و لا يكون أولادهم أولاد حرام، فقال

______________________________

(1) الوسائل: الباب 4 من أبواب الانفال، الحديث: 10.

(2) نفس المصدر، الحديث: 11.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 176

______________________________

رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ما تصدّق أحد أفضل من صدقتك و قد تبعت رسول اللّه في فعلك احل الشيعة كل ما كان فيه من غنيمة و بيع من نصيبه علي واحد من شيعتي و لا احلّها أنا و لا أنت لغيرهم «1».

و الحديث: ضعيف سندا، و الوجه في الحكم بالضعف تعارض شهادة الحرّ مع شهادة الحلي في الخلاصة (قدّس سرّهما) فانّ كلام الحرّ في وسائله ظاهر في كون التفسير للإمام العسكري عليه السّلام و لكن الحلّي قد صرّح في الخلاصة بكون الكتاب موضوعا و بعد التعارض يسقط الحديث: عن الاعتبار. و لكن مقتضي التحقيق انّ كلام الحلّي راجع الي التفسير المنسوب الي الامام الهادي عليه السّلام فلا معارض لشهادة صاحب الوسائل فالرواية تامّة سندا.

قال الحرّ (قدّس سرّه) في الفائدة الخامسة من الفوائد التي ذكرها في آخر كتاب الوسائل في جملة كلام له-: و نروي تفسير الامام حسن ابن علي العسكري عليهما السّلام- الي أن يقول-: و هذا التفسير ليس هو الذي طعن فيه بعض علماء الرجال، لأن ذلك يروي عن

أبي الحسن الثالث و هذا عن أبي محمّد عليهما السّلام و ذلك يرويه سهل الديباجي عن أبيه و هما غير مذكورين في سند هذا التفسير أصلا و ذلك فيه احاديث من المناكير و هذا خال من ذلك، و قد اعتمد عليه رئيس المحدثين ابن بابويه فنقل منه احاديث كثيرة في كتابه «من لا يحضره الفقيه» و في سائر كتبه و كذلك

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث: 20.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 177

______________________________

الطبرسي و غيرهما من علمائنا-.

فالحديث: تام سندا كما تقدم، لكن الذي يهوّن الخطب ان التحليل راجع الي قسم خاصّ من الخمس و هو الذي يكون مغصوبا بأيدي الجائرين و الظلمة من الولاة و بيع من الشيعي فلا يدل الحديث:

علي تحليل الخمس علي الاطلاق فلاحظ.

و منها: ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام في حديث قال: ان اللّه جعل لنا أهل البيت سهاما ثلاثة في جميع الفي ء، فقال تبارك و تعالي: وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبيٰ وَ الْيَتٰاميٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فنحن اصحاب الخمس و الفي ء و قد حرّمناه علي جميع الناس ما خلا شيعتنا، و اللّه يا أبا حمزة ما من أرض تفتح و لا خمس يخمّس فيضرب علي شي ء منه الّا كان حراما علي من يصيبه فرجا كان أو مالا- الحديث: «1».

و الحديث: ضعيف سندا و لكن الدلالة تامة.

و منها: ما رواه العيّاشي في تفسيره عن فيض بن أبي شيبة عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ان اشدّ ما فيه الناس يوم القيامة اذا قام صاحب الخمس فقال: يا ربّ خمسي و انّ

شيعتنا من ذلك في حلّ «2».

و الحديث: ساقط سندا، هذه احاديث التحليل و لا اشكال في

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث: 19.

(2) نفس المصدر، الحديث: 22.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 178

______________________________

كونها معارضة مع روايات الوجوب فلا بدّ من العلاج.

و سيدنا الاستاد تصدّي للجمع بين روايات التحليل و معارضها:

بانّ التحليل راجع الي ما يصل من مال فيه الخمس الي الشيعي، و أمّا ما يكون متعلقا للخمس من مال الشيعة فلا دليل علي حليته و الدليل علي المدعي حديثان: احدهما ما رواه يونس بن يعقوب «1» ثانيهما ما رواه ابو خديجة «2».

و يرد علي ما أفاده أولا: ان كلا الحديث: ين ضعيفان، امّا الحديث: الأول: فبحكم بن مسكين، فان الرجل لم يوثق و مجرد كونه في اسناد كامل الزيارات لا يفيد كما هو مسلم عنده أيضا، و امّا السند الآخر فمخدوش باحتمال كون احد الرواة محمد بن سنان.

و امّا الحديث: الثاني: فمضافا الي الخدش في أبي خديجة يشكل بالوشاء، فانه لم يوثق صريحا، و قد ذكرنا في محله انّ ديدن الرجالي في مقام التوثيق أن يقول «فلان ثقة» فاذا رأينا انه لم يوثق فيرد فيه الاشكال، و لذا يقول الحرّ في ترجمة الرجل «و قد استفادوا توثيقه من المدح المذكور».

و المراد من المدح ما قيل في حقه تارة: «و كان من وجوه هذه الطائفة» و اخري: «و كان هذا الشيخ عينا من عيون هذه الطائفة» الي

______________________________

(1) لاحظ ص 168.

(2) لاحظ ص 170.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 179

______________________________

آخر كلامه، و الحال ان المستند في قسم من مدائحه نفس الرجل و كيف يصح و الحال ان الاستدلال يصير دوريّا

فالنتيجة ان الحديث: غير تام سندا.

و ثانيا: انّا لم نفهم ان ما ادعاه بايّ تقريب يتم و الحال انه لا تنافي بين الاثباتين، فانّا نسلم ان الحديث: ين يدلان علي تحليل ما يصل الي المكلف من الخمس.

و من ناحية اخري، قد دلت جملة من النصوص التي مرّت الاشارة اليها علي تحليل الخمس علي الاطلاق و النصوص المشار اليها و ان لم تكن تامّة باجمعها و لكن في معتبرها غني و كفاية فلا بد في رفع التعارض أو ترجيح احد المتعارضين علي الآخر من التوسل الي تقريب آخر.

فنقول: قد ذكرنا في محله ان المرجّح الوحيد عبارة عن الأحدثية و الترجيح بها في طرف دليل الوجوب، فان جملة من النصوص مروية عن الجواد عليه السّلام منها: ما رواه محمد بن الحسن الأشعري قال: كتب بعض أصحابنا الي أبي جعفر الثاني عليه السّلام أخبرني عن الخمس أعلي جميع ما يستفيد الرجل من قليل و كثير من جميع الضروب و علي الصنّاع و كيف ذلك؟ فكتب بخطه: الخمس بعد المؤونة «1».

و منها: ما رواه علي بن مهزيار قال: قال لي أبو علي بن راشد

______________________________

(1) الوسائل: الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 180

______________________________

قلت له: أمرتني بالقيام بأمرك و أخذ حقك فاعلمت مواليك بذلك فقال لي بعضهم: و ايّ شي ء حقه فلم أدر ما اجيبه، فقال: يجب عليهم الخمس، فقلت: ففي أي شي ء؟ فقال: في أمتعتهم و صنائعهم، قلت: و التاجر عليه و الصانع بيده؟ فقال: اذا امكنهم بعد مئونتهم «1».

و منها: ما رواه علي بن مهزيار «2» أيضا، بل قسم من النصوص مروي عن الهادي عليه

السّلام منها مكاتبة ابراهيم بن محمد الهمداني «3» فلا بدّ من ترجيح ما يدل علي الوجوب علي أخبار التحليل و مع الغضّ عما ذكر نقول: نفرض انه لا مرجّح لأحد الطرفين و لم يميز الأحدث عن الحادث لكن نقول: لا بدّ من الأخذ بالأحدث لكونه حجة و مع عدم التميز تكون الآية الشريفة دالة علي ثبوت الخمس و كونه ملكا لاربابه و الدليل قائم علي عدم جواز التصرف في مال الغير و مقتضي قوله تعالي إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِليٰ أَهْلِهٰا وجوب التأدية فالنتيجة هي النتيجة.

اضف الي ذلك انّه لو كان حلالا لشاع و ذاع، اذ كيف يمكن أن يبقي مثل هذا الحكم تحت الستار.

و يضاف الي جميع ذلك ان تحليل الخمس ينافي حكمة جعله و انه قد جعل للسادة بدلا عن الزّكاة المحرّمة عليهم.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث: 3.

(2) لاحظ ص 68- 70.

(3) لاحظ ص 167.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 181

______________________________

و يؤيد المدعي ما يستفاد من الروايات و التواريخ انه كان للناحية المقدسة و للعسكري بل لغيرهما من الأئمة صلوات اللّه عليهم و كلاء لأخذ الأخماس و ايصالها اليهم كما هو المعروف بالنسبة الي أحمد بن اسحاق فلاحظ.

فتحصّل انّ الأظهر وجوب الخمس و لا مجال للقول بالتحليل حتي بالنسبة الي ما وصل من الغير فضلا عما يتعلق بنفس المكلف.

و عليه لو اشتري شيئا فيه الخمس تكون المعاملة بالنسبة الي خمس المبيع فضوليا و لا دليل علي ما أفاده سيدنا الاستاد من انّ المعاملة صحيحة و يتعلق الخمس بالفضولي فانّه لا دليل عليه.

و تؤيّد المدعي أيضا جملة من النصوص:

منها: ما رواه علي بن ابراهيم عن أبيه قال: كنت

عند أبي جعفر الثاني عليه السّلام اذ دخل عليه صالح بن محمد بن سهل و كان يتولّي له الوقف بقم، فقال: يا سيدي اجعلني من عشرة آلاف في حلّ فاني قد انفقتها؟ فقال له: انت في حل فلمّا خرج صالح قال أبو جعفر عليه السّلام:

احدهم يثب علي أموال آل محمّد و أيتامهم و مساكينهم و أبناء سبيلهم فيأخذه ثم يجي ء فيقول: اجعلني في حل، أ تراه ظن اني أقول لا أفعل و اللّه ليسألنهم اللّه يوم القيامة عن ذلك سؤالا حثيثا «1».

و منها: ما رواه محمد بن زيد الطبري قال: كتب رجل من تجار

______________________________

(1) الوسائل: الباب 3 من أبواب الانفال، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 182

______________________________

فارس من بعض موالي أبي الحسن الرضا عليه السّلام يسأله الأذن في الخمس؟

فكتب اليه: بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ*، ان اللّه واسع كريم فمن علي العمل الثواب و علي الضيق الهمّ لا يحل مال إلّا من وجه أحله اللّه ان الخمس عوننا علي ديننا و علي عيالاتنا و علي أموالنا و ما نبذله و نشتري من أعراضنا ممّن نخاف سطوته فلا تزووه عنّا و لا تحرموا أنفسكم دعائنا ما قدرتم عليه، فإنّ إخراجه مفتاح رزقكم و تمحيص ذنوبكم و ما تمهدون لأنفسكم ليوم فاقتكم و المسلم من يفي للّه بما عهد إليه و ليس المسلم من أجاب باللسان و خالف بالقلب و السلام «1».

و منها: ما رواه محمد بن زيد قال: قدم قوم من خراسان علي أبي الحسن الرضا عليه السّلام فسألوه أن يجعلهم في حلّ من الخمس فقال: ما أمحل هذا تمحّضونا المودّة بألسنتكم و تزوون عنّا حقا جعله اللّه لنا و جعلنا

له لا نجعل لا نجعل لا نجعل لأحد منكم في حل «2» و منها: ما عن أبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي «3» الي غيرها.

و لعمري ما أفدته تحقيق رشيق و بيان أنيق و بالتمسك به و العمل بمقتضاه حقيق، و اللّه العالم بحقائق الأمور.

ايقاظ: اذا فرضنا أنّه تمّ دليل التحليل و التزمنا بعدم وجوب الخمس تكليفا فلو دفع إلينا أحد خمس ماله باعتقاد انّه واجب اجتهادا

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث: 2.

(2) نفس المصدر، الحديث: 3.

(3) لاحظ ص 62 و 63.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 183

______________________________

أو تقليدا أو احتياطا فهل يجوز لنا أخذه مع اعتقادنا بعدم الوجوب أو لا يجوز؟

الحق هو الجواز و ذلك لأن التحليل كما تقدم منا لا ينافي تعلق الخمس، فما دفع بعنوان الخمس صدر من أهله و وقع في محله.

ان قلت: ان الدّافع انما يدفع بهذا العنوان فكيف يجوز؟

قلت: تارة يعلق الدفع علي الوجوب فلا يجوز الأخذ بعد فرض الاعتقاد بعدمه، و أمّا اذا كان الدفع بعنوان الخمس غاية الأمر داعيه علي الدفع الاعتقاد بالوجوب فلا مانع من الأخذ، اذ قد فرض ثبوت الخمس و من ناحية اخري لا يكون دفعه معلقا علي الوجوب فلا وجه لعدم جواز الأخذ.

الفرع الثاني: انّ الماتن أفاد بانه يجب الخمس في كل فائدة و ربح و إن لم تكن حاصلة من الاكتساب كالجائزة مثلا.
اشارة

و الكلام في الفرع المذكور يقع تارة في المقتضي للوجوب و اخري في المانع و المخصّص فيقع الكلام في مقامين:

أمّا المقام الأول فالمقتضي للوجوب في الهبة تامّ كتابا و سنة،

أمّا الكتاب فيدل علي المدعي اطلاق الغنيمة فانها تشمل الهبة.

و أمّا السنة فتدلّ علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه محمد بن الحسن الأشعري «1».

______________________________

(1) لاحظ ص 179.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 184

______________________________

و منها: ما رواه سماعة «1».

و منها: ما رواه علي بن مهزيار «2» فلا اشكال من حيث المقتضي.

و أمّا المقام الثاني: [أي المانع و المخصص]

فيمكن أن يقال: ان المستفاد من قوله عليه السّلام في حديث ابن مهزيار «و الجائزة من الانسان للإنسان التي لها خطر» «3» انه لا يجب في الهبة التي لا تكون كذلك و ليس هذا مبنيا علي القول بمفهوم الوصف كي يقال قد حقّق في الأصول انه لا مفهوم للوصف بل بلحاظ مفهوم التحديد، فان الظاهر من الكلام بحسب الفهم العرفي هو التحديد و بيان ما فيه الخمس.

و بعبارة واضحة: ان المولي في مقام البيان و بعد الحكم بثبوت الخمس في الغنائم و الفوائد يفسّر الموضوع و يقيّد الجائزة بما فيها خطر و هذا العرف ببابك، فالظاهر انه لا وجه للحكم بالوجوب في الهبة و الهدية و الجائزة علي نحو الاطلاق.

و حيث ان الدليل الدال علي اشتراط كونها خطرة يختص بالهبة لا وجه لا لحاق المال الموصي به بها بل لا بد فيه من التفصيل بأن يقال:

اذا كانت الوصية عهدية و الوصي بمقتضي ايصاء الميت وهب مورد الوصيّة من الموصي له تدخل في عنوان الهبة و يترتب عليها ما قلناه، و ان كانت تمليكة يدخل مورد الوصية في مطلق الفائدة و يجب فيه

______________________________

(1) لاحظ ص 166.

(2) لاحظ ص 179.

(3) لاحظ ص 69.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 185

______________________________

الخمس بلا فرق بين كونه خطيرا أو لم

يكن.

الفرع الثالث: انه لا خمس في الميراث الّا في الميراث الذي لا يحتسب.

أقول: امّا عدم الخمس في الميراث المحتسب فهو المشهور، فان الميراث، و ان كان من الفوائد و من حيث اطلاق دليل الوجوب يجب فيه و لكنّ المشهور عدم الوجوب و لو كان واجبا لذاع و شاع و الحال انّ السيرة الجارية من المتشرعة علي عدمه فلا اشكال في عدم وجوبه شرعا و أمّا وجوبه فيما لا يحتسب فيدل عليه حديث ابن مهزيار «1».

بل يمكن أن يقال: ان قوله (روحي فداه) في الحديث: «و الميراث الذي لا يحتسب»، يدل علي الوجوب في قسم و عدمه في قسم آخر بمفهوم التحديد الذي مرّ بيانه آنفا فلاحظ.

ثم ان الماتن احتاط وجوبا في حاصل الوقف الخاصّ و في النذور و احتاط استحبابا في عوض الخلع و المهر و مطلق الميراث و نحو ذلك.

أقول: أمّا حاصل الوقف الخاصّ فيكون مثل الوصية التمليكية فان مقتضي الوقف الخاصّ صيرورة النماء ملكا للموقوف عليه فالمقتضي للوجوب موجود و لا مانع فالوجوب أظهر لا أحوط.

نعم في الوقف العامّ ما دام لا يحصل القبض و الاقباض لا يكون الشخص مالكا، اذ الموقوف عليه هو الكلي و لكن بعد تطبيق الكلي

______________________________

(1) لاحظ ص 68.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 186

(مسألة 50): اذا علم ان مورّثه لم يؤدّ خمس ما تركه وجب اخراجه سواء كانت العين التي تعلّق بها الخمس موجودة فيها أو كان الموجود عوضها بل لو علم باشتغال ذمته بالخمس وجب اخراجه من تركته مثل سائر الديون (1).

______________________________

علي الفرد يصدق الربح و الفائدة و يكون متعلق الخمس بعد تمامية الشرائط.

و امّا النذر فهو قسم من الهبة و لا وجه لاستقلال البحث فيه، غاية الأمر هبته واجبة، و أمّا عوض

الخلع فهو كالإجارة.

و بعبارة اخري لا شبهة في كونه فائدة و ربحا و مجرد كونه في مقابل رفع اليد عن الزّوجية لا يوجب سلب عنوان الفائدة و الّا يلزم انه لو ربحت مقدارا كثيرا من المال في قبال العقود الانقطاعية عليها لا يصدق انّها رابحة و هو كما تري.

و أمّا المهر فالمشهور في الألسن عدم الخمس فيه و لم نجد دليلا علي عدمه، فان تمّ اجماع تعبدي علي عدمه فهو و الّا يلزم الحكم بالوجوب و لا أقلّ من أنّه يجب الاحتياط فيه.

و أمّا الاحتياط في الميراث المحتسب فحسن فانّه طريق النجاة، و أمّا «غير ذلك» في كلامه فلم نفهم ما المراد منه، و اللّه العالم.

[مسألة 50: إذا علم ان مورّثه لم يؤدّ خمس ما تركه وجب إخراجه]

اشارة

(1) في المسألة صور ثلاثة:

الصورة الأولي: أن يكون الخمس في عين ما تركه الميت

فلا اشكال في وجوب ادائه، اذ المفروض انّ هذا المقدار ملك لأرباب

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 187

(مسألة 51): لا خمس فيما ملك بالخمس أو الزكاة أو الصدقة المندوبة و ان زاد عن مؤنة السنة، نعم لو نمت في ملكه ففي نمائها يجب كسائر النماءات (1).

______________________________

الخمس فلا مقتضي للانتقال الي الوارث.

الصورة الثانية: انّ الخمس كان في عين و تصرف المورث فيها تصرفا اعتباريا

بأن باعها و في هذه الصورة يكون العقد بالنسبة الي مقدار الخمس فضوليّا و يكون ما انتقل الي المشتري مشتركا بين المشتري و أصحاب الخمس و يكون ما انتقل الي البائع مشتركا بينه و بين المشتري و يكون كل من المتعاقدين ضامنا بالنسبة الي مقدار الخمس لتعاقب الأيدي.

الصورة الثالثة: أن المورث أتلف الخمس و بمقتضي الاتلاف صار ضامنا ثم مات

فيجب علي الوارث أن يؤدي دين المورّث قبل تقسيم الارث اذ الدين مقدّم علي الارث.

[مسألة 51: لا خمس فيما ملك بالخمس أو الزكاة أو الصدقة المندوبة و ان زاد عن مؤنة السنة]

(1) تارة يقع الكلام في الصدقة المندوبة و اخري في الخمس و الزكاة، أمّا الكلام في الصدقة المندوبة و البحث حولها فلا وجه له اصلا اذ الصدقة المندوبة نوع هبة، و قد مرّ الكلام في الهبة و قلنا لو لا دلالة حديث ابن مهزيار علي النفي في قسم منها لم يكن وجه للنقاش لتمامية الاقتضاء من شمول دليل الوجوب ايّاها.

ان قلت: لا يمكن جعل الصدقة قسما من الهبة فانها عنوان خاصّ في قبالها.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 188

______________________________

قلت: الملاك في الوجوب واحد، فان مقتضي اطلاق الدليل وجوب الخمس فيها أيضا و لا مانع.

و أمّا الكلام في الخمس و الزكاة فما يمكن أن يذكر في وجه عدم الوجوب وجوه:

الوجه الأول: انّ من يأخذ الخمس أو الزكاة يكون مالكا فيأخذ حقّه فلا يكون رابحا و ذا فائدة كي يتعلّق به الخمس.

و يرد عليه أولا: ان المالك للخمس أو الزكاة هو الكلي لا الشخص فالشّخص لا يكون مالكا.

و ثانيا: ان المالكية لا تنافي الربح و صدق الفائدة و الّا يلزم انّ المؤجر لا يكون رابحا في أخذه مال الاجارة، فان من يوجر نفسه لعمل يكون مالكا للأجرة و هل يمكن القول به.

الوجه الثاني: ان موضوع الحكم مقدّم عليه و الحال ان الموضوع في المقام معلول للحكم.

و الجواب عنه، ان القضية في جعل الاحكام علي نحو القضايا الحقيقية.

و بعبارة اخري: ينحلّ الي قضايا عديدة فاذا فرضنا انّ زيدا ربح ما يتعلّق به الخمس فدفعه الي المستحق يكون الآخذ رابحا فيتعلق به حكم آخر.

و ان شئت فقل: كل موضوع

يكون له حكم خاصّ فلا مانع من

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 189

(مسألة 52): اذا اشتري شيئا ثمّ علم أنّ البائع لم يؤدّ خمسه كان البيع بالنسبة الي مقدار الخمس فضوليا، فان امضاه الحاكم يرجع عليه بالثمن و يرجع هو علي البائع اذا أدّاه، و ان لم يمض فله أن يأخذ مقدار الخمس من المبيع، و كذا اذا انتقل اليه بغير البيع من المعاوضات و ان انتقل اليه بلا عوض يبقي مقدار خمسه علي ملك أهله (1).

______________________________

أن يولّد الحكم المترتب علي موضوع موضوعا آخر و بعد تحققه يترتب عليه حكم آخر.

الوجه الثالث: ما رواه علي بن الحسين بن عبد ربّه قال: سرّح الرضا عليه السّلام بصلة الي أبي فكتب اليه أبي: هل عليّ فيما سرّحت إليّ خمس؟ فكتب إليه: لا خمس عليك فيما سرّح به صاحب الخمس «1».

بتقريب ان الذي يدفع الخمس الي أهله صاحبه فلا يجب فيه الخمس بمقتضي النصّ.

و يرد عليه اولا: انّ هذا الحديث: ضعيف فلا يعتد به.

و ثانيا: ان دافع الخمس ليس صاحبه فالحديث: غير تامّ سندا و دلالة.

و مما ذكرنا في الخمس يظهر الحال في الزكاة فتحصل ان الحق ثبوت الخمس فيما يصل اليه بالخمس أو الزكاة.

[مسألة 52: اذا اشتري شيئا ثمّ علم أنّ البائع لم يؤدّ خمسه كان البيع بالنسبة إلي مقدار الخمس فضوليا]

(1) ما أفاده (قدّس سرّه) تامّ، اذ المفروض ان العقد بالنسبة الي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 11 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 2.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 190

______________________________

مقدار الخمس فضولي فلا يصح بدون اجازة من بيده الأمر، و حيث ان الحاكم الشرعي له الولاية في مثل هذه الأمور، له أن يجيز العقد و يرجع الي البائع بالثمن ان أخذه من المشتري و

الي المشتري ان لم يأخذه البائع.

و له أيضا الرجوع الي كلّ من البائع و المشتري في صورة عدم الامضاء لتعاقب الأيدي الموجب لضمان كلّ يد وقعت علي العين.

و بالمناسبة تعرض سيدنا الاستاد لصورة تأدية البائع الخمس بعد البيع و قال: «يصح العقد في هذه الصورة بلا حاجة الي الاجازة».

و قال ما مضمون كلامه: انّ الوجه في الصحة دخوله في كبري «من باع شيئا ثمّ ملك» و استدلّ علي الصحة بحديث الحارث بن حصيرة الأزدي قال: وجد رجل ركازا علي عهد أمير المؤمنين عليه السّلام فابتاعه أبي منه بثلاثمائة درهم و مائة شاة متّبع، فلامته أمّي و قالت:

أخذت هذه بثلاثمائة شاة أولادها مائة و أنفسها مائة و ما في بطونها مائة قال: فندم أبي فانطلق ليستقيله فأبي عليه الرجل فقال: خذ منّي عشر شياه خذ مني عشرين شاة فأعياه فاخذ أبي الركاز و اخرج منه قيمة ألف شاة فأتاه الآخر فقال: خذ غنمك و آتني ما شئت فأبي فعالجه فأعياه فقال: لأضرّنّ بك فاستعدي امير المؤمنين عليه السّلام علي أبي فلمّا قصّ أبي علي أمير المؤمنين عليه السّلام أمره، قال لصاحب الركاز أدّ خمس ما اخذت فان الخمس عليك فإنك انت الذي وجدت الركاز و ليس علي الآخر

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 191

(مسألة 53): اذا كان عنده من الأعيان التي لم يتعلق بها الخمس أو تعلق بها لكنه أدّاه فنمت و زادت زيادة متصلة أو منفصلة وجب الخمس في ذلك النماء، و أما لو ارتفعت قيمتها السوقيّة من غير زيادة عينية لم يجب خمس تلك الزيادة لعدم صدق التكسب و لا صدق حصول الفائدة.

نعم لو باعها لم يبعد وجوب خمس

تلك الزيادة من الثمن، هذا اذا لم تكن تلك العين من مال التجارة و رأس مالها، كما اذا كان المقصود من شرائها أو ابقائها في ملكه الانتفاع بنمائها أو نتاجها أو أجرتها أو نحو ذلك من منافعها، و أمّا اذا كان المقصود الاتّجار بها فالظاهر وجوب خمس ارتفاع قيمتها بعد تمام السنة اذا امكن بيعها و أخذ قيمتها (1).

______________________________

شي ء لأنه إنّما أخذ ثمن غنمه «1».

أقول: تارة نتكلم حول الفرع مع قطع النظر عن النصّ المشار اليه و اخري نتكلم بلحاظ النصّ، أما من حيث القاعدة الاولية فلا اثر للملكية بعد بيع ما لا يملك حتي مع الاجازة فكيف بلا اجازة و تفصيل البحث موكول الي ذلك الباب، و أمّا بلحاظ النصّ فالحديث: ضعيف بكلا سنديه و لا يكون قابلا للتعويل عليه فلاحظ.

[مسألة 53: إذا كان عنده من الأعيان التي لم يتعلق بها الخمس أو تعلق بها لكنه أدّاه فنمت و زادت]

اشارة

(1) قد تعرض الماتن في هذه المسألة لفروع:

الفرع الأول: انه لو كانت عنده عين لا تكون متعلقة للخمس

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 192

______________________________

فزادت زيادة متصلة أو منفصلة وجب الخمس في تلك الزيادة.

أقول: أمّا الزيادة المنفصلة كالولد و اللبن و أمثالهما فالظاهر انه لا اشكال في تعلّق الخمس بها، فان المفروض انّها عين خارجية زادت في ملكها فلا وجه لعدم التعلق اذا كانت لها القيمة كما هو كذلك في الولد و اللبن و لا مجال لنفي الخمس بتقريب: ان هذه الزيادة لم تحصل بالاكتساب، اذ الميزان في تعلق الخمس حصول الفائدة و الربح و لا خصوصية للاكتساب هذا بالنسبة الي الزيادة المنفصلة.

و أمّا الزيادة المتصلة كنمو الشجر و سمن الحيوان، فانّ امر التعلق و ان لم يكن ظاهرا بتلك المرتبة حيث إنّ ما في الخارج شي ء واحد و لا تعدد فيه، لكن اطلاق دليل الخمس يشمل كلّ زيادة اذا كان لها قيمة فلا وجه لرفع اليد عن دليل الوجوب.

الفرع الثاني: انه لو كانت عنده عين لا يتعلق بها الخمس و لم تكن رأس ماله فزادت زيادة حكمية أي زادت قيمتها

لا يتعلق الخمس بتلك الزيادة لعدم صدق الفائدة، نعم اذا باعها يتعلق الخمس بتلك الزيادة.

و قد فرّق سيدنا الاستاد (قدّس سرّه) في هذا القسم بين حصول العين بلا عوض و ما يكون له العوض.

فقال: «لا يصدق الربح و الفائدة في القسم الاول، و لو باع العين بأغلي الثمن بخلاف القسم الثاني فانه يصدق حصول الفائدة و الربح

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 193

______________________________

بعد البيع».

و لم نفهم الفارق بين القسمين، اذ لا شبهة في انّه اذا ترقّي شي ء من حيث القيمة يصدق عنوان الزيادة في المال، و لعله (قدّس سرّه) ناظر الي دقيقة لم افهمها، و اللّه العالم.

الفرع الثالث: انه لو كانت العين المشار اليها رأس ماله يتعلق الخمس بالزيادة

و لو لم تبع اذا كان بيعها و اخذ ثمنها ممكنا.

بتقريب: انّ العين في مفروض الكلام لا خصوصية لها، بل الميزان في نظر العرف المالية القائمة بالعين، و لذا يقال: فلان مالك للمقدار الكذائي من المال فلو زاد ماله يكون متعلقا للخمس و لو مع عدم البيع.

ان قلت: ما الفرق بين القسم الثالث و الثاني؟ لأن الميزان في تعلق الخمس ان كان ازدياد المالية، فمن هذه الجهة يكون القسم الثاني كالقسم الثالث بلا فرق، و ان قلنا ان المالية أمر اعتباري و الخمس يتعلق بالأعيان الخارجية لا بالامور الاعتبارية فالقسم الثالث كالقسم الثاني من هذه الجهة فما هو الفارق بين القسمين؟

قلت: الأحكام الشرعية مترتّبة علي المفاهيم العرفية و لا مدخلية للدقّة العقلية فيها، و علي هذا الاساس حيث ان العرف يري مال التجارة و رأس المال بما هو مال فكأنّ الحنطة مال أي يراها بعنوان كمّيّة من المال فاذا زادت من حيث المالية يري العرف ازدياد العين الخارجية.

و امّا في القسم الثاني فحيث

ان العين تلك العين السابقة، و من ناحية

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 194

______________________________

اخري لا يعدّها العرف كمّيّة من المال لا يكون موضوعا للخمس.

و بعبارة واضحة: ان رأس المال اذا كان في اوّل السنة يساوي مأئة دينار و في آخر السنة يساوي مائتين يري العرف انّ زيدا كان مالكا لمائة دينار في اوّل السنة و لمائتين في آخرها فهذا هو الفارق و ان كان في النفس شي ء فلاحظ.

و يمكن تقريب المدّعي ببيان آخر و هو: انّه لا اشكال في صدق الفائدة و الربح في ازدياد القيمة، و من ناحية اخري قد صرح في حديث ابن مهزيار عنوان الفائدة، و من ناحية ثالثة الشركة في المالية أمر معقول و متداول عند الاصحاب فنقول: بعد صدق عنوان الفائدة نلتزم بوجوب الخمس و تعلقه بها و لا يلزم في متعلقه عين خارجية كي يقال المالية أمر اعتباري و غير موجودة في الخارج.

و الظاهر ان التقريب المذكور تامّ و لا يتوجّه اليه الاشكال.

ان قلت: فاللازم تعلقه في القسم الثاني أيضا بعين التقريب.

قلت: علي فرض صدق الفائدة و الربح هناك نقول: لا اشكال و لا كلام في أن العين التي صارت مؤنة فعليّة لا يجب فيها الخمس بل ابداء شبهة الوجوب فيها يقرع الاسماع، اذ كيف يمكن أن يقال: انّ من يسكن داره يجب عليه الخمس في كل سنة لازدياد قيمة داره في كل سنة مقدارا و قس عليه بقية الأعيان التي تكون مؤنة للإنسان.

و ان شئت قلت: السيرة الجارية بين اهل الشرع و الارتكاز الديني

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 195

(مسألة 54): اذا اشتري عينا للتكسّب بها فزادت قيمتها

السوقيّة و لم يبعها غفلة أو طلبا للزيادة ثم رجعت قيمتها الي رأس مالها أو أقلّ قبل تمام السنة لم يضمن خمس تلك الزيادة لعدم تحققها في الخارج (1) نعم لو لم يبعها عمدا بعد تمام السنة و استقرار وجوب الخمس ضمنه (2).

______________________________

يستنكر الوجوب، و اللّه العالم بحقائق الامور و عليه التوكّل و التكلان.

بقي شي ء و هو: انّ الماتن أوجب الخمس في الصورة الثالثة، اي القسم الأخير بشرط امكان البيع و أخذ الثمن.

و لم أفهم وجه الاشتراط المذكور اذ علي تقدير تحقق الفائدة و الربح كما هو المفروض يكون الموضوع متحقّقا في الخارج فالحكم الوضعي يتحقّق بالفعل، غاية ما في الباب أن لا يجب الدفع تكليفا لعدم القدرة علي تحصيل تلك المنفعة، و لكن هل يجوز له التصرف في العين تصرف الملّاك و الحال ان ارباب الخمس شركاء معه بالشركة في المالية؟

و محصل القول انه غير مسلط علي العين، اللهمّ الا أن يكون مقصود الماتن ما ذكرنا فلا نزاع.

[مسألة 54: إذا اشتري عينا للتكسّب بها فزادت قيمتها السوقيّة و لم يبعها غفلة أو طلبا للزيادة]

(1) لا يبعد أن يكون المراد من عدم تحققها في الخارج عدم تحقق موضوع وجوب الخمس، اذ المفروض عدم تمامية السنة و ما قبل انتهائها لا يجب علي المالك بيع العين بل له عدمه انتظارا للزيادة.

(2) الظاهر- و اللّه العالم- انّ المراد بالعين المشتراة العين التي لا خمس فيه، فانّه (قدّس سرّه) عنون الفرع بعد طرح الفرع السابق

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 196

______________________________

فعلي القاعدة يكون الفرع المذكور من فروع تلك المسألة فموضوع البحث العين التي لا تكون متعلقة للخمس، فالخمس لا يتعلق بنفس العين بل يتعلق بتلك الزيادة الاعتبارية.

فعلي هذا الاساس نقول: ما أفاده في كلامه من الضمان تامّ، اذ

المفروض ترقّي القيمة و تحقق الربح و الفائدة و المفروض أيضا تعلق الخمس بتلك الزيادة، و من ناحية اخري قد فرض تفريط المكلف فهو الذي فوّت هذا المقدار من الفائدة عن أرباب الخمس.

و لا مجال لأن يقال: انّ اتلاف المالية لا يوجب الضمان حتي بالنسبة الي الغاصب فكيف بغيره اذ المفروض في المقام انّ أرباب الخمس ما لكون لخمس تلك الزيادة و لا يملكون من العين شيئا لا علي نحو الاشاعة و لا علي نحو الكلي في المعين، فما أفاده تامّ، اذ لا اشكال في أنّ تفويت مال الغير يوجب الضمان و المفروض انه فوّت مال أرباب الخمس.

نعم لو كانت العين قابلة لوقوعها متعلقة للخمس و لم تخمس و بقيت الي آخر السنة و فرض فيها ما فرض في المتن يكون خمس العين لأربابه.

و ربما يقال بأنّ مجرد تلف المالية لا يوجب الضمان و هل يمكن الالتزام به، مثلا لو فرض انه غصب كتابا قيمته مليون دينار و أخّر في التأدية و الرد الي أن وصلت قيمته الي دينار لا يكون ضامنا، و هل

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 197

(مسألة 55): اذا عمّر بستانا و غرس فيه أشجارا و نخيلا للانتفاع بثمرها و تمرها لم يجب الخمس في نموّ تلك الاشجار و النخيل (1) و امّا إن كان من قصده الاكتساب باصل البستان فالظاهر وجوب الخمس في زيادة قيمته و في نموّ أشجاره و نخيله (2).

(مسألة 56): اذا كان له أنواع من الاكتساب و الاستفادة كأن يكون له رأس مال يتّجر به و خان يؤجره و أرض يزرعها و عمل يد مثل الكتابة أو الخياطة أو النّجارة أو نحو ذلك

يلاحظ في آخر السنة ما استفاده من المجموع من حيث المجموع فيجب عليه خمس ما حصل منها بعد خروج مؤنته (3).

______________________________

يكون الأمر في سيرة العقلاء كذلك؟

[مسألة 55: اذا عمّر بستانا و غرس فيه أشجارا و نخيلا للانتفاع بثمرها و تمرها]

(1) اذا كان مراده من العبارة ما لو كان البستان معونة له و يجعله لها فالحق معه لعدم تعلق الخمس بها.

و اما اذا قصد غير هذه الصورة، فما افاده من عدمه ينافي ما تقدم منه من الوجوب في نماء الزيادة المتّصلة و المنفصلة.

(2) ما أفاده علي طبق القاعدة الاولية، فان كل حكم متحقق عند تحقق موضوعه و المفروض تحققه فلاحظ.

[مسألة 56): إذا كان له أنواع من الاكتساب و الاستفادة يلاحظ في آخر السنة ما استفاده من المجموع]

(3) المسألة ذات قولين:

احدهما: أنّه يحسب مجموع التكسّبات و بعبارة اخري:

يجعل الانسان لنفسه رأس سنة و يحسب مجموع وارداته في آخر السنة

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 198

______________________________

و ان كانت له أنواع التكسب.

ثانيهما: انه يكون لكلّ ربح سنة مستقلة.

و سيدنا الاستاد (قدّس سرّه) أفاد بانّ المكلف مخير بين الأمرين و له اختيار ايهما شاء.

بتقريب: ان كل ربح يكون متعلق الخمس غاية الأمر الشارع الأقدس أرفق و أجاز التأخير.

و ان شئت قلت: وجوب الخمس متعلق بما زاد عن المقدار المصروف في المئونة فكل ربح له سنة و بنفسه موضوع للحكم فيجوز جعل سنة لكل ربح علي حياله و استقلاله.

و يجوز أيضا جعل سنة للمجموع، اذ لا اشكال في تعلق الخمس لكل ربح و لا اشكال في عدم وجوب تخميس كل ربح فورا فلا وجه لتعيّن أحد الأمرين عليه.

و يرد عليه: انه كيف يمكن أن يقال ان كل ربح بمجرد حصوله متعلق الخمس و الحال ان المستفاد من دليله تعلقه بما زاد عن المئونة.

و بعبارة واضحة: كل ربح لا يكون متعلق الخمس و أيضا لا يجب تكليفا الا بعد انتهاء السنة فكيف يجوز أخذ الخمس ممن يدفع خمس أرباحه آخر السنة بالنسبة الي بعض تكسباته و الحال انه يمكن عدم تعلق الخمس

بالنسبة الي جملة من أرباحه فلا مجال للقول بالخيار بين الأمرين بل اللازم اختيار احدهما.

و الظاهر تعين ما أفاده في المتن و ذلك لوجوه:

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 199

(مسألة 57): يشترط في وجوب خمس الربح أو الفائدة استقراره، فلو اشتري شيئا فيه ربح و كان للبائع الخيار لا يجب خمسه الّا بعد لزوم البيع و مضيّ زمن خيار البائع (1).

______________________________

الوجه الأول: السيرة الخارجية الجارية بين المتدينين في جميع الطبقات.

الوجه الثاني: ما رواه ابن مهزيار «1» فان المراد من مؤنتهم في كلامه (روحي فداه) مؤنة السنة، و من ناحية اخري اذا فرضنا ان زيدا له انواع تكسبات يشمله الحديث: بلا كلام.

الوجه الثالث: انّ جعل السنة لكل ربح أمر حرجي فانه يمكن لبعض الكسبه أن يربح في كل نصف ساعة أو أقل ربحا و هل يمكن الالتزام بوجوب جعل السنة كذلك؟ كلّا ثمّ كلا.

الوجه الرابع: انّه بعد ما بيّنا ان التخيير غير ممكن و يلزم اختيار احد الطريقين يتعين الطريق المتعارف و ذلك لأنه ان كان الطريق الآخر واجبا معينا لذاع و شاع و حيث ان الأمر ليس كذلك بل عدم وجوبه أوضح من أن يخفي يتعين ما هو المتعارف، فما أفاده في المتن هو الصحيح، فاذا فرضنا ان له انواعا من الكسب يجب عليه جعل سنة لجميعها و يحاسب في آخر تلك السنة.

[مسألة 57: يشترط في وجوب خمس الربح أو الفائدة استقراره]

(1) بتقريب: انه مع تزلزل العقد و امكان الفسخ لا يصدق عنوان الفائدة و انما يصدق بعد لزوم البيع و مضيّ زمان الخيار فلا يجب الخمس قبله.

______________________________

(1) لاحظ ص 179.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 200

(مسألة 58): لو اشتري ما فيه ربح

ببيع الخيار فصار البيع لازما فاستقاله البائع فأقاله لم يسقط الخمس الّا اذا كان من شأنه أن يقيله كما في غالب موارد بيع شرط الخيار اذا ردّ مثل الثمن (1).

______________________________

و أفاد السيد الحكيم (قدّس سرّه): «اذا لم يفسخ البائع في السنة اللاحقة و لزم البيع فيها يكشف عن تحقّق الفائدة في السنة السابقة فيحسب الربح من تلك السنة».

و أورد عليه سيدنا الاستاد (قدّس سرّه) بأنّه يلزم التفصيل في المقام بان يقال: ان كان الثمن الذي دفع في قبال العين الثمن المتعارف أي القيمة العادلة فلا يكون اللزوم في السنة اللاحقة كاشفا عن تحقق الربح في السنة السابقة فيكون الربح من السنة اللاحقة.

و أمّا ان كان أقل فالربح للسنة السابقة، اذ المفروض انه رابح فالنتيجة هو التفصيل.

أقول: يختلج بالبال انّ الصحيح ما أفاده سيّد المستمسك (قدّس سرّه) و لا وجه للتفصيل، اذ المفروض ان العين تسوي أزيد من الثمن المدفوع لو خلّي و طبعه و المفروض تحقق في تلك السنة أي السنة السابقة فتعلق به الخمس بحسب الواقع بل بحسب الظاهر بمقتضي استصحاب عدم الفسخ غاية الأمر انه لا يجوز لمن عليه الخيار اتلاف العين في بعض أقسامه فلاحظ.

[مسألة 58: لو اشتري ما فيه ربح ببيع الخيار فصار البيع لازما فاستقاله البائع فأقاله لم يسقط الخمس]

(1) الأمر كما أفاده، و نعم التفصيل الذي فصل به بين الصورتين.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 201

(مسألة 59): الاحوط اخراج خمس رأس المال اذا كان من أرباح مكاسبه، فاذا لم يكن له مال من أوّل الأمر فاكتسب أو استفاد مقدارا و أراد أن يجعله رأس المال للتجارة و يتّجر به يجب إخراج خمسه علي الأحوط ثم الاتّجار به (1).

______________________________

و بعبارة واضحة: بعد تحقق الربح اذا أتلفه بدون ان يكون من شئونه

لا يسقط الخمس، اذ لا مقتضي للسقوط بعد تحقق الموضوع و عدم صرفه في المئونة، و أما اذا كانت الاقالة من شئونه بل في بعض الأحيان يوجب عدمها و هنا في الشخص و سقوط اعتباره فلا يجب، اذ المفروض ان الاسقاط من شئونه فلاحظ.

[مسألة 59: الأحوط إخراج خمس رأس المال إذا كان من أرباح مكاسبه]

(1) احتاط الماتن (قدّس سرّه) و أوجب الخمس في رأس المال علي نحو الاطلاق بدعوي ان كل ربح موضوع للخمس الّا ما يصرف في المئونة و رأس المال وسيلة للمئونة و تحصيلها و أمّا هو بنفسه فلا يكون مؤنة فلا وجه لسقوط الخمس عنه.

و في قبال القول المذكور قول بعدم الوجوب علي الاطلاق لمن احتاج اليه في مؤنته.

و سيدنا الاستاد (قدّس سرّه) قد فصّل و قال: «تارة يكون رأس المال معادلا لمؤنة سنته و اخري يكون أزيد، أمّا علي الأول فلا يجب فيه بتقريب انه لا فرق بين أن يشتغل بشغل كأن يشتري سيارة و يعيش باجرتها و بين أن لا يشتغل بشغل و يصرف المال في مؤنته فلا مقتضي للخمس في هذه الصورة، فاذا اشتري السيارة بالف دينار و كانت مؤنته هذا المقدار لا يجب فيها الخمس.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 202

(مسألة 60): مبدأ السنة الّتي يكون الخمس بعد خروج مؤنتها حال الشروع في الاكتساب فيمن شغله التكسب، و أمّا من لم يكن مكتسبا و حصل له فائدة اتفاقا فمن حين حصول الفائدة (1).

______________________________

و امّا اذا كان أزيد من مؤنة السنة ففي الزائد الخمس لأن المستثني مؤنة السنة لا مؤنة الدهر».

و يرد عليه: انه لو لم نقل بسقوط الخمس عن رأس المال فلا وجه لسقوطه عن السيارة، اذ المفروض كونها زائدة، و قد فرض

عدم صرفها في المئونة فهذا التفصيل لا يرجع الي محصّل.

و في المقام يمكن أن يفصل بتفصيل آخر بأن نقول اذا كان رأس المال من مؤنته بحيث لو لم يكن له تجارة أو زراعة يهان في نظر أهل العرف لا يجب فيه، اذ المفروض ان المال صرف في مؤنته و حفظ اعتباره و جهاته، و امّا ان لم يكن كذلك فالحق وجوب الخمس فيه لوجود المقتضي و عدم المانع فالحق ان يفصل المقام بما ذكرنا وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ*.

[مسألة 60: مبدأ السنة الّتي يكون الخمس بعد خروج مؤنتها حال الشروع في الاكتساب فيمن شغله التكسب]

(1) فصّل الماتن في تعيين مبدأ السنة بين الكاسب و التاجر و الصانع و بين من لا يكون كذلك فحكم بكون المبدأ في الاوّل الشروع في الاكتساب و في الثاني ظهور الربح.

و هذا التفصيل لا يكون ناشيا من الاختلاف في عام الربح بل من جهة الاختلاف في مصداقه، ففي الاول يحسب من اول الاكتساب و في الثاني من اول ظهور الربح.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 203

______________________________

و اختار سيدنا الاستاد ان مبدء السنة ظهور الربح مطلقا و بلا فرق بين الكاسب و غيره و قال في تقريب مرامه:

ان الوارد في النصوص ليس عنوان عام الربح أو سنة الربح كي يقال صدق العنوان المذكور يختلف فبالنسبة الي الكاسب يحسب عام ربحه من اول شروعه بالكسب، و امّا بالنسبة الي غيره فيكون مبدأ عامه حين ظهور الربح بل الوارد في نصوص الباب عنوان المئونة و من الظاهر ان المراد بالمئونة، مؤنة سنة الربح لا ما قبلها و علي فرض الشك لا بد من الاقتصار علي القدر المتيقن، فان المخصّص المنفصل اذا فرض كونه مجملا لا يسري اجماله الي العام بل ظهور العام محكم

الا فيما علم خروجه و حيث ان مقتضي دليل وجوب الخمس وجوبه في كل ربح الّا في هذا المقدار يكون اطلاق دليل الوجوب محكما.

أقول: الذي يختلج بالبال أن يقال: ان المتعارف الخارجي بالنسبة الي الكاسب احتساب اول حوله زمان الشروع في الكسب فلو لم يقم دليل علي خلافه يحمل الدليل علي المتعارف الخارجي.

و بعبارة اخري: مع عدم الردع يفهم ان الشارع أمضي المتعارف مضافا الي أنّه يمكن أن يقال: انّ كون مبدء السنة في الكاسب زمان الشروع فيه يستفاد من حديثي الهمداني «1» و ابن مهزيار «2» فانه

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث: في ص 167.

(2) قد تقدم ذكر الحديث: في ص 179.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 204

(مسألة 61): المراد بالمئونة مضافا الي ما يصرف في تحصيل الربح ما يحتاج إليه لنفسه و عياله في معاشه بحسب شأنه اللائق بحاله في العادة من المأكل و الملبس و المسكن و ما يحتاج إليه لصدقاته و زياراته و هداياه و جوائزه و اضيافه و الحقوق اللازمة له بنذر أو كفارة أو أداء دين أو أرش جناية أو غرامة ما أتلفه عمدا أو خطأ، و كذا ما يحتاج إليه من دابة أو جارية أو عبدا أو أسباب أو ظرف أو فرش أو كتب، بل و ما يحتاج اليه لتزويج أولاده أو ختانهم و نحو ذلك، مثل ما يحتاج إليه في المرض و في موت أولاده أو عياله إلي غير ذلك مما يحتاج إليه في معاشه (1).

______________________________

يمكن يقال انه يفهم عرفا ان المراد بالمئونة في كلامه (روحي فداه) زمان الشروع في الكسب فلا بد من التفصيل كما في المتن.

[مسألة 61: المراد بالمئونة مضافا إلي ما يصرف في تحصيل الربح ما يحتاج إليه لنفسه و عياله في معاشه]

(1) قد حكم (قدّس سرّه)

بعدم وجوب الخمس فيما يصرف في تحصيل الربح و طريقه و ما يصرف في مؤنة الشخص.

و الأمر كما أفاده، أمّا بالنسبة الي مؤنة تحصيل الربح فالظاهر ان عدم الوجوب محل التسالم.

مضافا الي انّ عنوان الربح و الفائدة لا يصدق الّا بعد اخراج مؤنة ما يصرف في طريق تحصيله و الّا يلزم القول بوجوب الخمس و لو مع عدم الربح بل يجب مع الخسارة و هل يمكن الالتزام به؟ كلّا.

و محصّل الكلام: انّه لا يتحقق موضوع وجوب الخمس الّا بعد

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 205

______________________________

اخراج مؤنة تحصيل الفائدة.

أضف الي ذلك بعض النصوص، لاحظ الأحاديث الدالة علي انّ الخمس بعد المئونة في الباب الثامن من أبواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

و أمّا بالنسبة الي مؤنته و مؤنة عياله فالظاهر انه لا اشكال في الحكم عندهم.

و يدل علي المدعي جملة من النصوص: لاحظ ما رواه الأشعري «1» و لاحظ ما رواه ابن مهزيار «2» فلا اشكال في أصل الحكم.

و أمّا موضوع المئونة فأفاد الماتن بأنّ المراد بالمئونة كل شي ء يكون مناسبا مع شأنه في نظر العرف و العقلاء و لم يفصل بنحو آخر.

و قال سيدنا الاستاد (قدّس سرّه): «اذا كان الصرف في أمر عبادي أو قربي لا حدّ له و لا مجال لأن يقال: انه ربما يكون مناسبا مع شأنه و قد لا يكون كذلك، فان الامور العبادية كالحج و الزيارة و امثالهما يكون أمرها متوجها الي كل احد فيكون حسنا من كل مكلف فكل ما يصرف في سبيل الأمر القربي لا يكون فيه الخمس».

و يرد عليه نقضا و حلا، أمّا النقض فلأنه يلزم جواز اعطاء أموال خطيرة كمائة مليون دينار

مثلا لسيد من السادة و لو مع فرض كونه

______________________________

(1) لاحظ ص 179.

(2) لاحظ ص 179.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 206

و لو زاد علي ما يليق بحاله ممّا يعدّ سفها و سرفا بالنسبة إليه لا يحسب منها (1).

______________________________

مالكا لمقدار مؤنة سنته اذ علي ما رامه لا حدّ و لا نهاية للمئونة، فان السيد يمكنه أن يأخذ المال و في ظرف عشرة أيّام أو أقل يصرف المبلغ في الامور القربية التي من شأنه و هل يلتزم بهذا اللازم الفاسد؟

و أمّا الحل فتارة نقول: المصرف الفلاني القربي يكون حراما للسيد الفلاني و هذا فاسد، اذ لا اشكال في عدم كونه حراما.

و اخري نقول: بحسب شأنه في نظر العقلاء لا يكون هذا من مؤنته أي لا يكون ضيافته بهذا المقدار من شئونه و مع عدم كونه من شئونه عرفا كما هو المفروض لا يتم ما أفاده.

(1) يظهر من كلامه انّ الزيادة علي ما يليق بحاله تكون سفاهة و اسرافا و امرا غير عقلائي فيكون حراما حيث ان الاسراف حرام، قال اللّه تعالي: وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لٰا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لٰا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ «1».

فالنتيجة ان مصارف المكلف قسمان قسم يكون من شأنه و قسم سفهي و اسراف و حرام.

و الظاهر ان هذه المقالة غير صحيحة و خلاف الواقع اذ ربما يكون الشخص سخيا أو يكون ذا عاطفة شديدة يعطي أمواله و يصرفها في أرحامه و أصدقائه و احبائه و يلتذّ بالاعطاء و الاعانة فهل يكون مثله سفيها؟ كلا ثم كلا.

و لكن مع ذلك يصح أن يقال: انه تعدي عن حدّه العادي و في

______________________________

(1) الأعراف: 31.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب

الخمس، ص: 207

(مسألة 62): في كون رأس المال للتجارة مع الحاجة اليه من المئونة اشكال فالأحوط كما مرّ اخراج خمسه أوّلا، و كذا في الآلات المحتاج إليها في كسبه مثل آلات النجارة للنّجار و آلات النساجة للنسّاج و آلات الزراعة للزرّاع، و هكذا فالأحوط إخراج خمسها أيضا أوّلا (1).

(مسألة 63): لا فرق في المئونة بين ما يصرف عينه فتتلف مثل المأكول و المشروب و نحوهما و بين ما ينتفع به مع بقاء عينه مثل الظروف و الفروش و نحوها، فاذا احتاج اليها في سنة الربح يجوز شراؤها من ربحها و ان بقيت للسنين الآتية أيضا (2).

______________________________

لسان الفرس يقال «فلان كس بلند پروازي مي كند» و العجب كل العجب انه لم يرد كلامه مورد الاشكال و كتب سيدنا الوالد (قدّس سرّه) في كتاب الخمس من كتاب الذخيرة في هذا المقام «و لو زاد علي ما يليق بحاله لم يحسب منها» و نعم ما أفاده (قدّس سرّه).

[مسألة 62: في كون رأس المال للتجارة مع الحاجة اليه من المئونة اشكال]

(1) قد مر الكلام في المسألة (59) و قد بيّنا ما كان عندنا في المقام و لا فرق من الجهة المبحوث عنها بين رأس المال و الآلات التي تستعمل في سبيل تحصيل الربح كآلة النجارة و الخياطة الي غيرهما.

[مسألة 63: لا فرق في المئونة بين ما يصرف عينه فتتلف مثل المأكول و المشروب و نحوهما و بين ما ينتفع به مع بقاء عينه]

(2) المئونة تارة تصرف و تنعدم كالمأكول و المشروب و أمثالهما و اخري لا تنعدم بالاستعمال كالفرش و اللباس و أمثالهما و في القسم الثاني تارة يحتاج اليه في كل سنة كالفرش مثلا و اخري يستغني عنه كالحلّي بالنسبة الي المرأة، أمّا القسم الاول و الثاني فلا اشكال في عدم

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 208

(مسألة 64): يجوز إخراج المئونة من الربح و ان كان عنده مال لا خمس فيه بأن لم يتعلق به أو تعلق و أخرجه فلا يجب إخراجها من ذلك بتمامها و لا التوزيع و ان كان الأحوط التوزيع و أحوط منه إخراجها بتمامها من المال الذي لا خمس فيه (1).

______________________________

وجوب الخمس فيه كما هو ظاهر واضح.

و أمّا القسم الثالث فربما يقال: بأنّه فائدة و ربح و لم يصرف في المئونة.

و يرد علي التقريب المذكور انّا اذا فرضنا انّ دليل الوجوب لم يشمله في السنة الاولي لا مجال لشموله ايّاه بعد ذلك، لأنّ مقتضي دليل التخصيص عدم وجوب الخمس في المئونة و ما عنون بهذا العنوان و الشي ء لا ينقلب عمّا هو عليه.

و ان شئت قلت: مقتضي دليل التخصيص عدم الوجوب.

و ببيان آخر: ان المستفاد من دليل الوجوب ان الخمس يتعلق بالفائدة الحادثة و الربح الحادث، فاذا فرضنا ان الربح الفلاني حين حدوثه لم يشمله الدليل فلا مقتضي بعد ذلك للشمول فلاحظ.

[مسألة 64: يجوز إخراج المئونة من الربح و ان كان عنده مال لا خمس فيه]

(1) يظهر من بعض الكلمات ان الأقوال في المسألة ثلاثة:

القول الأول: - و هو الذي يكون منسوبا الي الأردبيلي- عدم الجواز علي الاطلاق.

القول الثاني: لزوم التوزيع بين المالين.

القول الثالث: الجواز علي الاطلاق، أمّا القول الأول المنسوب

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس،

ص: 209

______________________________

الي الأردبيلي فقيل في وجهه ان الدليل الدال علي انّ الخمس بعد المئونة ضعيف سندا و علي فرض الاغماض منصرف الي صورة الاحتياج فلا دليل علي المدّعي الّا الإجماع و القدر المتيقن منه صورة الاحتياج.

و يرد عليه: انّ الحديث: الدال علي المدّعي لا يكون ضعيفا، لاحظ حديث الاشعري «1» و لاحظ ما رواه ابن مهزيار «2» و أمّا الانصراف فلا وجه له، بل الاطلاق محكّم و عليه لا تصل النوبة الي الأخذ بالإجماع أو قاعدة لا ضرر كي يختصّ بصورة الاحتياج.

و أمّا القول الثاني فقد ذكر في وجهه أنّه مقتضي قاعدة العدل و الانصاف.

و فيه انه اجتهاد في مقابل النص و بعد وجود الاطلاق المقتضي للجواز مطلقا لا مجال للبيان المذكور.

مضافا الي انّ قاعدة العدل و الانصاف لا أصل لها.

و أمّا القول الثالث، فهو الحقّ و الدليل عليه ما يدلّ علي أنّ الخمس بعد المئونة و من الظاهر ان المراد من الجملة ان الخمس متعلّق بما دون المئونة.

و بعبارة اخري: يكون مفاد الجملة كمفاد قوله تعالي في باب الارث مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهٰا أَوْ دَيْنٍ فعلي هذا الاساس يجوز

______________________________

(1) لاحظ ص 179.

(2) لاحظ ص 179.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 210

و لو كان عنده عبد أو جارية أو دار أو نحو ذلك ممّا لو لم يكن عنده كان من المئونة، لا يجوز احتساب قيمتها من المئونة و اخذ مقدارها بل يكون حاله حال من لم يحتج اليها اصلا (1).

______________________________

للشخص أن يصرف ما يحتاج اليه بحسب شئونه من غير الربح ثم يخرج الخمس ممّا زاد فلاحظ.

(1) و الوجه فيه ان الميزان المئونة الفعلية لا المئونة التقديرية.

و بعبارة واضحة: المئونة

عبارة عمّا يصرف الانسان في حوائجه.

و ان شئت قلت: المئونة ما يصرف في مصارفه و شئونه و العناوين ظاهرة في الفعلية لا الشأنية التقديرية و المفروض في المقام انه لم يصرف الربح في العبد أو الجارية أو غيرهما بل الربح محفوظ بحاله فيجب فيه الخمس بل لا يجوز أن يصرف الربح بان يشتري عبدا أو جارية أو دابّة اذ لو فرض انه ليس من شأنه أن يملك الّا عبدا واحدا يكون صرف الربح في العبد الثاني في غير محله و يكون صرفا في غير المئونة.

ان قلت: اي دليل دلّ علي أنّ المراد من المئونة ما يكون فعليا و لما ذا لا يكون المراد من المستثني الاشارة الي المقدار الذي يناسب أن يصرف؟

قلت: المراد من المئونة- كما مرّ قريبا- ما يصرف و المشتق و ما يلحق به من الجوامد ظاهر في الفعلية و الشاهد لما ذكرناه ما روي عن النبي صلي اللّه عليه و آله «ان اللّه تعالي ينزل المعونة علي قدر المئونة» «1».

______________________________

(1) بحار الأنوار: ج 96 ص 161، الحديث: 2.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 211

(مسألة 65): المناط في المئونة ما يصرف فعلا لا مقدارها فلو قتّر علي نفسه لم يحسب له، كما انه لو تبرّع بها متبرع لا يستثني له مقدارها علي الأحوط بل لا يخلو عن قوة (1).

(مسألة 66): اذا استقرض من ابتداء سنته لمؤنته أو صرف بعض رأس المال فيها قبل حصول الربح يجوز له وضع مقداره من الربح (2).

(مسألة 67): لو زاد ما اشتراه و ادّخره للمئونة من مثل

______________________________

و من الظاهر ان المتفاهم العرفي من هذه الجملة ان الإعانة بمقدار ما يتحقق في الخارج من

المصارف.

و بعبارة اخري: المصرف الخارجي يتوقف علي الاعانة لا التقديري و الفرضي.

و ان ابيت عما ذكرنا فلا أقلّ من الاجمال فلا بدّ من الاقتصار علي القدر المتيقن لما حقق في الاصول من ان اجمال المخصّص المنفصل لا يسري الي العام و عليه يكون المرجع اطلاق دليل وجوب الخمس فلاحظ.

[مسألة 65: المناط في المئونة ما يصرف فعلا لا مقدارها]

(1) هذه المسألة متفرّعة علي المسألة السابقة و لا وجه للإعادة.

و تقريب المدعي ان الميزان الصرف الفعلي فلو قتّر أو تبرّع أحد بها لا يحسب.

[مسألة 66: إذا استقرض من ابتداء سنته لمؤنته أو صرف بعض رأس المال فيها قبل حصول الربح]

(2) الأمر كما أفاده، اذ المفروض ان المقدار المصروف لم يتعلق به الخمس، فما أفاده (قدّس سرّه) علي طبق القاعدة.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 212

الحنطة و الشعير و الفحم و نحوها ممّا يصرف عينه فيها يجب إخراج خمسه عند تمام الحول (1).

و امّا ما كان مبناه علي بقاء عينه و الانتفاع به مثل الفرش و الأواني و الألبسة و العبد و الفرس و الكتب و نحوها فالأقوي عدم الخمس فيها (2) نعم لو فرض الاستغناء عنها فالاحوط

[مسألة 67: لو زاد ما اشتراه و ادّخره للمئونة]

______________________________

(1) بدعوي ان الزائد ربح و فائدة و من ناحية اخري انه لم يصرف في مؤنة السنة فالمقتضي للوجوب موجود و المانع مفقود.

و لقائل أن يقول: انه كيف يحكم بعض الاصحاب- و منهم سيدنا الاستاد قدّس سرّه- بانّه لا خمس في الجهيزية التي يهيّأها الأب لبنته و الحال ان العين موجودة.

ان قلت: اشتراء الجهاز للبنت نحو صرف.

قلت: اذا كان الأمر كذلك فاشتراء الحنطة و الشعير و الفحم و نحوها كذلك، فان من شئون كل انسان أن يكون في داره هذ الامور فلو لم يكن هذه الأشياء في البيت و ورد ضيف و لم يكن الزمان قابلا لتهيّة ما يحتاج اليه يكون سببا لمهانة صاحب الدار و يخجل و ربما يتأثر تأثرا شديدا غير قابل للتحمّل.

(2) قد تقدم بيان المدعي و قلنا بانّ دليل الخمس يقتضي وجوبه في كل ربح و الخارج عن تحت هذه الكبري ما يكون مصروفا في المئونة فاذا تحقّق العنوان الموجب للخروج لا مقتضي لدخوله تحت العام مثلا لو قال المولي «اكرم كل عالم في كل يوم الجمعة الّا العالم الذي شرب

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي -

كتاب الخمس، ص: 213

اخراج الخمس منها، و كذا في حليّ النسوان اذا جاز وقت لبسهنّ لها (1).

(مسألة 68): اذا مات المكتسب في أثناء الحول بعد حصول الربح سقط اعتبار المئونة في باقيه فلا يوضع من الربح مقدارها علي فرض الحياة (2).

______________________________

الخمر مرّة في مدّة عمره» فاذا فرضنا ان عالما دخل في عنوان الشارب لا يعقل أن يشمله دليل وجوب الاكرام اذ يلزم الخلف المحال و المقام كذلك، فان الربح اذا صار مؤنة و لو مرة واحدة في سنة واحدة لا يتعلق به الخمس فلاحظ.

(1) احتاط وجوبا في اخراج الخمس في الفرض المذكور و قد انقدح بما ذكرنا انه لا مجال لا يجاب الاحتياط، اذ قد ذكرنا ان مقتضي اطلاق دليل الاستثناء عدم الوجوب حتي بعد الاستغناء.

[مسألة 68: إذا مات المكتسب في أثناء الحول بعد حصول الربح]

(2) يظهر من عبارة سيدنا الاستاد (قدّس سرّه) في المقام انّ الميزان في عدم التعلق فعليّة المئونة و لا تكفي التقديرية فلا يوضع من الربح مقدار مؤنة السنة.

أقول: الحق عدم الوضع حتي علي القول باعتبار التقدير لأنّ المراد بالتقدير في المقام انه لو صرفه كان هذا المقدار، و هذا التقدير علي فرض اعتباره، يكون معتبرا في الحيّ. و أمّا الميّت فلا موضوع للمكلف كي يلاحظ بالنسبة اليه فعليّة المئونة أو تقديرها، و كيف كان الأمر كما أفاده بلا اشكال و لا كلام.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 214

(مسألة 69): اذا لم يحصل له ربح في تلك السنة و حصل في السنة اللاحقة لا يخرج مؤنتها من ربح السنة اللاحقة (1).

(مسألة 70): مصارف الحج من مؤنة عام الاستطاعة، فاذا استطاع في أثناء حول حصول الربح و تمكّن من المسير بأن صادف سير الرفقة في ذلك

العام احتسب مخارجه من ربحه و أمّا اذا لم يتمكّن حتي انقضي العام وجب عليه خمس ذلك الربح، فان بقيت الاستطاعة الي السنة الآتية وجب و الّا فلا، و لو تمكّن و عصي حتي انقضي الحول فكذلك علي الأحوط، و لو حصلت الاستطاعة من أرباح سنين متعدّدة وجب الخمس فيما سبق علي عام الاستطاعة، و أمّا المقدار المتمّم لها في تلك السنة فلا يجب خمسه اذا تمكّن من المسير، و اذا لم يتمكن فكما سبق يجب اخراج خمسه (2).

[مسألة 69: إذا لم يحصل له ربح في تلك السنة و حصل في السنة اللاحقة]

______________________________

(1) الأمر كما أفاده، اذ المقتضي للوجوب موجود و الخارج مؤنة سنة الربح فلا ارتباط من هذه الجهة بين الصرف في سنة و احتسابه من ربح سنة اخري و لعلّه ظاهر واضح.

[مسألة 70: مصارف الحج من مؤنة عام الاستطاعة]

اشارة

(2) تعرّض (قدّس سرّه) في هذه المسألة لفروع:

الفرع الأول: انه لو استطاع في عام الربح و وفّق للحج يحسب مصرف الحج من المئونة و لا خمس فيه.

و هذا من الواضحات، اذ المفروض ان مصرف الحج من المئونة بل من أوجبها، و من ناحية اخري قد ثبت بالدليل عدم ثبوت الخمس

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 215

______________________________

بالنسبة الي المئونة.

الفرع الثاني: انه لو استطاع و لكن لم يقدر علي الحج

كما لو غفل عن الحكم الشرعي و لم يحجّ يجب الخمس في مقدار مصرف السفر.

و هذا أيضا ظاهر، اذ المفروض انه ربح و لم يصرف الربح في مؤنته.

الفرع الثالث: انه اذا استطاع و لكن لم يحج عصيانا

احتاط الماتن في هذه الصورة بوجوب الخمس و لم يجزم به.

و لعل الوجه في احتياطه و عدم جزمه- كما في كلام سيدنا الاستاد- ان الإلزام الشرعي بالحج مانع عن تعلق الخمس.

و من الواضح ان الوجه المذكور في غاية الضعف و لا يرتبط احد المقامين بالآخر، فان المانع عن التعلق بحسب الدليل صرف الربح في المئونة و المفروض عدمه.

و علي الجملة لا أري وجها معقولا للاحتمال المذكور، و اللّه العالم بحقائق الأمور.

الفرع الرابع: انّه لو حصلت الاستطاعة من أرباح سنين متعددة

يجب الخمس بالنسبة الي السنين الماضية.

و الوجه فيه ان المفروض حصول الربح و عدم صرفه في مؤنة سنة الربح، و أمّا في سنة الاستطاعة، فاذا حج لا يجب في ربح تلك السنة

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 216

(مسألة 71): اداء الدين من المئونة اذا كان في عام حصول الربح أو كان سابقا و لكن لم يتمكّن من ادائه الي عام حصول الربح، و اذا لم يؤدّ دينه حتي انقضي العام فالأحوط اخراج الخمس اولا و اداء الدين ممّا بقي، و كذا الكلام في النذور و الكفّارات (1).

______________________________

لمصرف الربح في المئونة، و أمّا اذا لم يحج نسيانا أو عصيانا يجب الخمس في ذلك الربح كما سبق.

[مسألة 71: اداء الدين من المئونة]

(1) لا اشكال في أنّ اداء الدين من شئون الانسان و لا فرق فيه بين الدين السابق أي دين السنة السابقة و دين سنة الربح، كما انه لا فرق بين التمكّن من الاداء و عدمه و في فرض التمكّن ادّاه أم لم يؤد، فان مقتضي القاعدة سقوط الخمس عن المقدار الذي ادّي به دينه، اذ لا اشكال في صدق انه صرفه في مؤنته و شأنه.

نعم اذا فرض بقاء ما يقابل الدين من الفرش و الآنية و الكتاب و الدار و غيرها و لم يصرف في المئونة يتعلق به الخمس.

و صفوة القول: انّ الدين علي أي نحو فرض يكون ادائه من المئونة الفعلية فادائه يحسب منها بلا فرق بين أقسامه و أنحائه.

نعم اذا لم يؤدّ حتي انقضي العام يجب الخمس بدون الاستثناء، اذ كما مرّ ان الحكم التكليفي لا يقتضي تحقّق عنوان صرف الربح في المئونة أي ايجاب الشارع الأقدس اداء الدين لا يقتضي تحقق الصرف.

و

بعبارة اوضح: انّ الامتثال الخارجي مصداق للصرف في المئونة

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 217

(مسألة 72): متي حصل الربح و كان زائدا علي مؤنة السنة تعلّق به الخمس، و ان جاز له التأخير في الاداء الي آخر السنة فليس تمام الحول شرطا في وجوبه و انما هو ارفاق بالمالك لاحتمال تجدّد مؤنة أخري زائدا إلي ما ظنّه، فلو أسرف أو أتلف ماله في أثناء الحول لم يسقط الخمس، و كذا لو وهبه أو اشتري بغبن حيلة في أثنائه (1).

______________________________

لا مجرد الوجوب الشرعي.

نعم اذا كان دينه في سنة ربحه و صرفه في مؤنته لا يكون ذلك المقدار متعلق الخمس، اذ المفروض انه صرف في مؤنته.

فانقدح بما ذكرنا ان الاظهر وجوبه لا الأحوط، و ممّا ذكرنا ظهر ان الأمر بالنسبة الي النذور و الكفارات كذلك اي ان عمل بالوظيفة قبل انقضاء السنة لا يجب، و اما ان لم يعمل بها فالاظهر ثبوت الخمس.

[مسألة 72: متي حصل الربح و كان زائدا علي مؤنة السنة تعلّق به الخمس]

اشارة

(1) تعرّض في هذه المسألة لفروع:

الفرع الأول: ان الخمس يتعلّق بالربح في زمان حصوله لا في آخر السنة.

و ما أفاده مقتضي ظواهر الادلة من الكتاب و السنة:

أمّا الكتاب: فقوله تعالي: وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ الآية فان المستفاد من هذه الجملة انه في ايّ زمان توجد الغنيمة يتعلق بها الخمس.

و أمّا من السنّة: فلاحظ ما رواه سماعة «1» فان المستفاد من

______________________________

(1) لاحظ ص 166.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 218

______________________________

الحديث: بوضوح ان الخمس يتعلق بكل فائدة مثلا لو قال المولي: اذا رأيت العالم اكرمه يفهم عرفا ان وجوب الاكرام متفرّع علي رؤية العالم و في المقام أيضا يفهم انه كلما أفاد المكلّف يترتب عليه الخمس و ليس في مقابل الكتاب و السنة الّا ما ثبت بالنصوص من انّ الخمس بعد المئونة.

و ربّما يقال: ان المستفاد من الجملة ان الخمس يتحقّق بعد مضيّ زمان المئونة.

و بعبارة اخري: اذا كان المراد من لفظ بعد، البعديّة الزمانية يكون معناه ان تعلق الخمس متوقف علي مضيّ الزمان الكذائي.

و أفاد سيدنا الاستاد (قدّس سرّه) بأنّ الادلة الدالة علي ان الخمس بعد المئونة راجعة الي مؤنة الاسترباح، و امّا بالنسبة الي مؤنة السنة فلا دليل علي التقييد فاطلاق الحكم بحاله، و أمّا ما قيّد بما بعد الصرف في المئونة فهو ناظر الي الحكم التكليفي، لاحظ حديثي الثالث «1» و الرابع «2» من الباب المشار اليه «3».

فان المذكور في الحديث: الثالث وجوب الخمس و المذكور في الحديث: الرابع قوله عليه السّلام «عليه الخمس» فيكون المراد من التعليق، الوجوب التكليفي، و أمّا الحكم الوضعي فهو باق علي اطلاقه.

______________________________

(1) لاحظ ص 179.

(2) لاحظ ص 166.

(3) الوسائل: الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس.

الغاية القصوي في

التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 219

______________________________

و يرد عليه ان الحكم التكليفي لا يعقل ان يتعلق بالأعيان فلا يعقل أن يكون الخمس واجبا تكليفا، فالمستفاد من الحديث: ين بحسب الفهم العرفي هو الحكم الوضعي بلا اشكال فالحديث: ان باطلاقهما بل بالصراحة ناظران الي الجهة الوضعية.

فالحق في الجواب عن الاشكال- مضافا الي الشهرة ان لم يكن الحكم اجماعيا- ان العرف محكم في باب ظهور الألفاظ و استفادة المراد منها فنقول: المستفاد من قوله عليه السّلام بعد سؤال الراوي «اذا أمكنهم بعد مؤنتهم» و قوله عليه السّلام «عليه الخمس بعد مؤنته» ان الخارج أوّلا مؤنة الانسان أي رتبة الخمس متأخرة عن رتبة المئونة و ليس الكلام ناظرا الي الزمان أصلا و العرف ببابك و علي هذا الاساس قد فهموا التأخّر الرتبي في مسألة الارث المتأخّر عن الدين و الوصية المستفاد من الآية الشريفة.

و صفوة القول: انه لا اشكال في أنّ العرف يفهم من كلام الامام عليه السّلام التأخر الرتبي و يتّضح المدّعي بملاحظة الأمثلة التي من هذا القبيل.

و ان شئت قلت: لا يستفاد من لفظ (بعد) الزمان و لم يشرب فيه عنوان الزمان، و لذا لو قيل بيت حسن بعد بيت اكبر يفهم من الكلام البعديّة المكانية، و اذا قيل يوم الجمعة بعد يوم الخميس يفهم البعديّة الزمانية.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 220

______________________________

و امّا لو قيل الارث بعد الوصية يفهم البعدية الرتبية و العرف ببابك، ففي كل مورد يفهم بالمناسبة معني مغايرا لما يفهم منه في مورد آخر.

فالنتيجة: انّ المقتضي للثبوت من أوّل الأمر موجود و ليس في قباله دليل يدلّ علي خلافه.

نعم انّما يستفاد من نصوص استثناء المئونة

انّ الخمس يتعلق بما زاد عن المقدار المذكور و لا أري وجها لتسمية الاستثناء المذكور بالشرط المتأخر، فانّ الشرط المتأخر بمعناه الواقعي غير معقول و الّا يلزم تأثير المعدوم في الموجود و هو كما تري.

و لكن قد ذكرنا في محله انّه يعقل أن يكون عنوان التعقّب شرطا، كما ربما يقال في صوم المستحاضة بالنسبة الي غسلها في الليلة الآتية.

و أمّا في المقام فلا شرط و لا اشتراط و انما عموم و تخصيص و لذا لو كان المكلف عالما بالمقدار المصروف في المئونة الي آخر السنة يحكم في أوّلها بتعلق الخمس بالمقدار الباقي.

و بعبارة واضحة: البعدية كما ذكرنا رتبية لا زمانية فلا دخل للزمان في الحكم اصلا فتحصل أنّ ما أفاده الماتن في الفرع من تعلق الخمس بما زاد عن المئونة حين حصول الربح تام.

الفرع الثاني: انه لا يجب الاخراج الي آخر السنة
اشارة

و يقع الكلام في

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 221

______________________________

الفرع المذكور تارة من حيث القاعدة الاوّلية و اخري من حيث القاعدة الثانوية فيقع الكلام في مقامين.

أمّا المقام الاول: [من حيث القاعدة الأولية]

فنقول: مقتضي القاعدة الاولية وجوب الاخراج حين حصول الربح الّا فيما يصرف الي آخر السنة في المئونة فلو علم بالمقدار المصروف يعلم مقدار التعلق، و لو شك يكون مقتضي الاستصحاب عدم الصرف في مورد الشك فيجب في المقدار الباقي باقتضاء الحكم الظاهري.

[المقام الثاني من حيث القاعدة الثانوية]

و أمّا مقتضي الدليل الثانوي و القاعدة الثانوية فلا يجب الفور و يمكن الاستدلال علي المدعي- مضافا الي الاجماع الذي ادّعي في المقام- بالسيرة القطعية من المتشرعة و أذهانهم و ارتكازاتهم و لا اشكال في استمرارها الي زمان مخازن الوحي عليهم صلوات اللّه و ارواحنا فداهم، و انه لو لم يكن التأخير جائزا لشاع و ذاع و لم يكن باقيا تحت الستار كي يبحث فيه و هذا ظاهر واضح.

و استدل سيدنا الاستاد (قدّس سرّه) بوجهين آخرين علي المدعي:

احدهما: قوله عليه السّلام في حديث ابن مهزيار، «و أمّا الغنائم و الفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام» «1».

بتقريب انه عليه السّلام لم يقل في يوم أو في كل ساعة، فالمراد وجوبه آخر السنة.

______________________________

(1) لاحظ ص 69.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 222

______________________________

و فيه اولا: ان حمل الجملة علي الحكم التكليفي خلاف القاعدة اذ الحكم التكليفي لا يتعلق بالأعيان الخارجية فالمراد الحكم الوضعي و قد مرّ أنّ تعلّقه عند ظهور الربح.

و ثانيا: انه نفرض ان المراد الحكم التكليفي لكن نقول: انّما يستفاد من الحديث: ان الايجاب في كل عام لا خصوص العام الفلاني، و أمّا زمان الواجب فلا تعرض له في الحديث:

ثانيهما: قوله عليه السّلام في حديث ابن أبي نصر قال: كتبت الي أبي جعفر عليه السّلام الخمس اخرجه قبل المؤونة أو بعد المؤونة؟ فكتب: بعد المؤونة «1» في جواب

سؤال الراوي حين يسأله بقوله: اخرجه قبل المئونة أو بعد المئونة.

بتقريب: ان المستفاد من جواب الامام عليه السّلام ان زمان الاخراج بعد المئونة فلا بد من مضيّ الحول حتي يتحقق الموضوع.

و يرد عليه: انّ ما أفاده مناقض لما اختاره من أنّ المراد من البعدية الرتبية لا الزمانية و لكن لا غرو، فان العصمة مخصوصة باهلها، فالعمدة في وجه جواز التأخير السيرة.

و صفوة القول: ان الخمس يتعلق بما زاد عن المئونة و لا يشترط في تعلقه عدم الصرف الي آخر السنة كي يقال: ان الوجوب مشروط بانتهاء السنة علي نحو الشرط المتأخر و الواجب المشروط لا ينقلب عما هو عليه

______________________________

(1) الوسائل: الباب 12 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 223

______________________________

حتي بعد تحقق الشرط فكيف بما قبله مع العلم بتحقّقه بعد ذلك، فان الكبري مسلمة، لكن لا ترتبط بالمقام بتاتا، و حيث انّ الدليل الوحيد في جواز التأخير هي السيرة يشكل الجواز مع العلم بعدم الصرف.

ان قلت: لا يجوز حتي مع الشك للاستصحاب الاستقبالي.

قلت: الظاهر مع الشك في الصرف، السيرة جارية علي التأخير مضافا الي انّ طبع الأمر يقتضي ذلك، فان المستفاد من الدليل كما تقدم، أنّ الخمس بعد المئونة، و من ناحية اخري ان الانسان كل يوم في شأن و لا يعلم الغيب و يمكن لكل احد بحسب شأنه أن يتّفق له أمر يحتاج الي مؤنة و هذا ظاهر واضح، لكن الظاهر ان السيرة جارية حتي مع القطع بعدم الصرف.

الفرع الثالث: انه لو أسرف أو أتلف ماله أو وهبه أو اشتري بغبن حيلة لا يسقط الخمس.

بتقريب: ان التصرفات المشار اليها لا تكون من شئونه و مؤنته فلا وجه للاحتساب.

أقول: بعد ما فرضنا ان الخمس يتعلق بما زاد عن المئونة

و من ناحية اخري اذا فرض ان الاتلاف أو الاسراف حرام يكون المسرف أو المتلف ضامنا بقاعدة من أتلف، و أمّا الهبة أو البيع أو غيرهما من العقود و الايقاعات، فاذا فرض عدم كونها بالنحو المذكور من شئونه و مؤنته فلا يكون جائزا من حيث الوضع لأنها تصرفات فضولية

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 224

(مسألة 73): لو تلف بعض أمواله ممّا ليس من مال التجارة أو سرق أو نحو ذلك لم يجبر بالربح و ان كان في عامه اذ ليس محسوبا من المئونة (1).

(مسألة 74): لو كان له رأس مال و فرّقه في أنواع من التجارة فتلف رأس المال أو بعضه من نوع منها فالأحوط عدم جبره بربح تجارة اخري، بل و كذا الأحوط عدم جبر خسران نوع بربح اخري لكن الجبر لا يخلو عن قوة خصوصا في الخسارة نعم لو كان له تجارة و زراعة مثلا فخسر في تجارته أو تلف رأس ماله فيها فعدم الجبر لا يخلو عن قوة خصوصا في صورة التلف و كذا العكس، و أمّا التجارة الواحدة فلو تلف بعض رأس المال فيها و ربح الباقي فالأقوي الجبر، و كذا في الخسران و الربح في عام واحد في وقتين سواء تقدم الربح أو

______________________________

و صدرت من غير أهلها و وقعت في غير محلها المقرّر شرعا و يلزم أن يستردّها و يؤدي خمسها.

[مسألة 73: لو تلف بعض أمواله ممّا ليس من مال التجارة أو سرق أو نحو ذلك لم يجبر بالربح]

(1) الأمر كما أفاده، اذ لا اشكال في صدق الفائدة و ورود خسارة عليه بالنسبة الي مال آخر لا يوجب سلب عنوان الفائدة في تجارته مثلا و علي هذا الاساس لا وجه للجبران.

و بعبارة واضحة: ان المقتضي للوجوب موجود و لا مانع عن الأخذ

بدليله اذ المفروض ان ما تلف منه لا يكون مصروفة في المئونة كي يقال يلزم تعلق الخمس بما دون ذلك المقدار من الخسارة فلاحظ.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 225

الخسران فانّه يجبر الخسران بالربح (1).

(مسألة 75): الخمس بجميع أقسامه متعلق بالعين و يتخيّر المالك بين دفع خمس العين أو دفع قيمته من مال آخر نقدا أو جنسا و لا يجوز له التصرف في العين قبل أداء الخمس و ان ضمنه في ذمته و لو أتلفه بعد استقراره ضمنه و لو اتّجر به قبل اخراج الخمس كانت المعاملة فضوليّة بالنسبة الي مقدار الخمس فان أمضاه الحاكم الشرعي أخذ العوض و الّا رجع بالعين بمقدار الخمس ان كانت موجودة و بقيمته ان كانت تالفة و يتخيّر في أخذ القيمة بين الرجوع علي المالك أو علي الطرف المقابل الذي

[مسألة 74: لو كان له رأس مال و فرّقه في أنواع من التجارة فتلف رأس المال أو بعضه من نوع منها]

______________________________

(1) تعلّق الخمس يتوقف علي صدق عنوان الربح فلو لم يصدق العنوان المذكور لا مجال لتعلّقه هذا من ناحية و من ناحية اخري انّ التاجر يحاسب في آخر السنة المجموع من حيث المجموع لا انه يحاسب كل شي ء بحياله و استقلاله.

و بعبارة اخري: فرق الزراعة و التجارة مثل الفرق الواقع بين تجارة الدهن و تجارة الارز، فكما انّ الميزان في الثاني حساب المجموع كذلك الحال في الاول.

و ان شئت قلت: لا يصدق الربح الحاصل من نوع من الخسران الأكثر أو المساوي في تجارة اخري، و اذا وصلت النوبة الي الشك أي الشك في صدق الربح لا مجال للأخذ بدليل وجوب الخمس لعدم جواز الأخذ بالعام في الشبهة المصداقية.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 226

أخذها و أتلفها، هذا اذا كانت

المعاملة بعين الربح، و أمّا اذا كانت في الذمّة و دفعها عوضا فهي صحيحة و لكن لم تبرأ ذمّته بمقدار الخمس و يرجع الحاكم به ان كانت العين موجودة و بقيمته ان كانت تالفة مخيّرا حينئذ بين الرجوع علي المالك أو الآخذ أيضا (1).

[مسألة 75: الخمس بجميع أقسامه متعلق بالعين]

اشارة

______________________________

(1) تعرّض السيد الماتن في هذه المسألة لفروع:

الفرع الأول: ان الخمس بجميع أقسامه يتعلق بالعين

و قد عبّر في بعض الكلمات: «من غير خلاف» و عن الشيخ الأعظم (قدّس سرّه) «المظنون عدم الخلاف فيه».

و يقتضيه ظواهر الادلة من الكتاب و السنة: أمّا الكتاب: فقوله تعالي: فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ و أمّا السنّة: فلاحظ ما رواه ابن مسلم «1» و ما رواه الحلبي «2» و لاحظ ما رواه ابن أبي نصر «3».

و لاحظ ما رواه الحلبي أيضا، أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الكنز كم فيه؟ فقال: الخمس الحديث: «4» و لاحظ ما رواه أيضا «5» و لاحظ ما أرسله الصدوق «6».

______________________________

(1) لاحظ ص 22.

(2) لاحظ ص 22.

(3) لاحظ ص 29.

(4) الوسائل: الباب 5 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 1.

(5) لاحظ ص 84.

(6) لاحظ ص 84.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 227

______________________________

و لاحظ جملة من الأحاديث الدالة علي المدّعي، منها ما رواه محمد بن الحسن الاشعري «1».

و منها: ما رواه علي بن محمد بن شجاع النيسابوري، انه سأل أبا الحسن الثالث عليه السّلام عن رجل أصاب من ضيعته من الحنطة مائة كرّ ما يزكّي فاخذ منه العشر عشرة اكرار و ذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كرّا و بقي في يده ستون كرّا ما الذي يجب لك من ذلك و هل يجب لأصحابه من ذلك عليه شي ء؟ فوقع عليه السّلام: لي منه الخمس ممّا يفضل من مئونته «2» و منها: ما رواه ابن مهزيار «3».

و منها: ما رواه الهمداني «4» و منها: ما رواه علي بن مهزيار «5» و منها: ما رواه سماعة «6» الي غيرها من النصوص الواردة في الأبواب المختلفة و المستفاد من

الظواهر المشار اليها ان تعلق الخمس بالعين علي نحو الاشاعة، فانّ المستفاد من النصوص المشار اليها باختلاف ألفاظها بمقتضي الفهم العرفي الاشاعة و العرف ببابك.

الفرع الثاني: أن المكلف مخير في مقام الأداء بين أدائه من نفس العين أو دفع قيمته من مال آخر نقدا أو جنسا

______________________________

(1) لاحظ ص 179.

(2) الوسائل: الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 2.

(3) قد تقدم ذكر الحديث: في ص 179.

(4) لاحظ ص 167.

(5) لاحظ ص 68.

(6) لاحظ ص 166.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 228

______________________________

العين أو دفع قيمته من مال آخر نقدا أو جنسا.

فيقع الكلام في موضعين:

الموضع الأول: فيما تقتضيه القاعدة الأوّلية و مقتضاها عدم الجواز، فان المفروض ان أرباب الخمس شركاء في العين فبأيّ تقريب يمكن الالتزام بالجواز و كون المكلف مخيرا، فلو لا قيام دليل علي الجواز يكون مقتضي القاعدة عدمه.

الموضع الثاني: في جواز ادائه نقدا أو جنسا، أمّا ادائه جنسا فلا دليل عليه أصلا فلا وجه للقول بالجواز فيه.

و امّا جوازه نقدا فما يمكن أن يذكر في تقريبه وجوه:

الوجه الأول: الاستصحاب بتقريب: انه قبل انتهاء السنة كان التبديل جائزا و مقتضي الاستصحاب بقاء الجواز آخر السنة أيضا.

و يرد عليه: انه قد ذكرنا في محله عدم جريان الاستصحاب في الحكم الكلي، مضافا الي أنّ الالتزام بالجواز علي نحو الاطلاق اثناء السنة محل الكلام و الاشكال و قلنا ان التصرف في الربح أثناء السنة جائز بالسيرة، و السيرة لم تتحقّق بالنسبة الي مقدار يعلم المكلّف بعدم صرفه في المئونة فتأمّل.

الوجه الثاني: ما رواه البرقي قال: كتبت الي أبي جعفر الثاني عليه السّلام هل يجوز أن اخرج عمّا يجب في الحرث من الحنطة و الشعير و ما يجب علي الذهب دراهم قيمة ما يسوي أم لا يجوز الّا أن يخرج من كل

الغاية القصوي

في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 229

______________________________

شي ء ما فيه؟ فأجاب عليه السّلام: أيّما تيسّر يخرج «1».

بتقريب: ان قوله «و ما يجب علي الذهب» باطلاقه يشمل الخمس و لا وجه لكونه مختصا بالزكاة.

و يرد عليه ان الحديث: ضعيف سندا بالبرقي فانه مورد الكلام كما حقّق في محله و انجباره بعمل المشهور علي فرض تماميّته صغرويا غير تام كبرويّا كما تعرّضنا له كرارا.

و أمّا جواز التبديل في الفطرة فلا يقتضي جوازه في المقام، فان القياس ليس من مذهبنا.

الوجه الثالث: السيرة العملية الجارية بين أهل الشرع و ارتكازهم بلا نكير من أحد و الحال انه لو لم يكن جائزا لشاع و ذاع، اذ كيف يمكن أن يبقي مثل هذا الحكم تحت الستار و يقع مورد البحث و الكلام فلاحظ.

الفرع الثالث: انه لا يجوز التصرف في العين قبل اداء الخمس.

و الأمر كما أفاده، فان التصرف في المال المشترك غير جائز تكليفا و وضعا، فلو تصرّف فيه تصرفا خارجيا يكون حراما، و لو تصرّف فيه تصرفا اعتباريا يكون فاسدا و فضوليا كما تقدّم قريبا، و لا يجوز نقله إلي ذمته، إذ لا دليل علي ولايته علي النقل المذكور.

الفرع الرابع: انه لو أتلفه يكون ضامنا،

فان من أتلف مال الغير

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، در يك جلد، انتشارات محلاتي، قم - ايران، اول، 1419 ه ق الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس؛ ص: 229

______________________________

(1) الوسائل: الباب 9 من أبواب زكاة الغلات.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 230

(مسألة 76): يجوز له أن يتصرف في بعض الربح ما دام مقدار الخمس منه باقيا في يده مع قصده إخراجه من البقية اذ شركة أرباب الخمس مع المالك انّما هي علي وجه الكلّي في المعين، كما انّ الأمر في الزكاة أيضا كذلك و قد مرّ في بابها (1).

______________________________

فهو له ضامن.

الفرع الخامس: انه لو اتّجر بالعين قبل اخراج الخمس

كان العقد فضوليا بالنسبة الي مقدار الخمس، فان أمضاه الحاكم كان العقد تامّا و يأخذ عوض الخمس و الّا يكون للحاكم الرجوع الي كلّ من البائع و المشتري ان كانت العين في يده و ذلك بمقتضي قاعدة الضمان يتعاقب الأيدي، و لا فرق في هذه الجهة بين بقاء العين و تلفها، فان قاعدة علي اليد تقتضي ضمان كل يد اخذت مال الغير.

الفرع السادس: انه لو كان العقد واقعا علي الكلّي ثم دفع العين بعنوان اداء احد مصاديق ذلك الكلي

يكون العقد تاما، غاية الأمر ذمّة العاقد مشغولة بمقدار الخمس.

و بعبارة اخري: اداء مال الغير لا أثر له فأيضا للحاكم الرجوع الي المشتري و أخذ العين ان كانت موجودة و الي كل منهما ان كانت تالفة و ذلك لضمان كليهما بمقتضي تعاقب الأيدي.

[مسألة 76: يجوز له أن يتصرف في بعض الربح ما دام مقدار الخمس منه باقيا في يده]

(1) أفاد السيد الماتن (قدّس سرّه) انه يجوز التصرف في بعض الربح ما دام مقدار الخمس باقيا مع قصده اخراج الخمس من الباقي.

و علّل ما أفاده بأنّ شركة أرباب الخمس مع المالك علي نحو

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 231

(مسألة 77): اذا حصل الربح في ابتداء السنة أو في اثنائها فلا مانع من التصرف فيه بالاتّجار، و ان حصل منه ربح لا يكون ما يقابل خمس الربح الاول منه لأرباب الخمس بخلاف ما اذا اتّجر به بعد تمام الحول فانه إن حصل ربح كان ما

______________________________

الكلي في المعين.

أقول: يرد عليه: أولا: ان شركة أرباب الخمس مع المالك علي نحو الاشاعة لا علي نحو الكلي في المعين و قلنا انّ ظواهر الادلة تقتضي ذلك.

و ثانيا: ان قصد الاداء من الباقي لا مدخلية له في الجواز و عدمه فان التصرف اذا كان جائزا يكون كذلك بلا فرق بين قصده الاداء أم لا اذ المفروض ان التصرف صدر من أهله و وقع في محله.

نعم مع عدم قصد الاداء يكون المكلف متجرّيا بالنسبة الي المولي و اذا لم يكن جائزا فأيضا لا يفرق فيه بين قصد الاداء و عدمه.

و ثالثا: ان جواز التصرف في الزائد علي الخمس أي في أربعة أخماس لا يختصّ بالقول بالكلي في المعين بل يجوز علي القول بالاشاعة أيضا، اذ المفروض انّ المالك مالك لأربعة اخماس و له

التصرف الاعتباري فيها، و لذا يتحقّق حق الشفعة للشريك، نعم التصرف الخارجي في الملك المشترك بلا اذن الشريك غير جائز.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 232

يقابل الخمس من الربح لأربابه، مضافا إلي أصل الخمس فيخرجهما اولا ثم يخرج خمس بقيته ان زادت علي مؤنة السنة (1).

[مسألة 77: اذا حصل الربح في ابتداء السنة أو في أثنائها فلا مانع من التصرف فيه بالاتّجار]

اشارة

______________________________

(1) قد تعرض في هذه المسألة لفرعين:

الفرع الأول: انّه لو حصل ربح في ابتداء السنة أو في اثنائها يجوز له التصرف فيه،

و اذا ربح يكون جميع الربح له و لا يكون شي ء منه لأرباب الخمس.

و الأمر كما أفاده، فان المستفاد من الشرع الأقدس أنّ المكلف يجوز له التصرف في أرباحه قبل انتهاء السنة و لا يكون شي ء منها لأرباب الخمس و انما المتعلق لهم خمس الربح الزائد عن المئونة، فما دام لم يحرز الزائد يكون المكلف مجازا قبل انتهاء السنة في تصرفاته في أرباح ماله.

و صفوة القول: انّ القاعدة الأولية و ان اقتضت أنّ الربح المترتب علي التجارة في المال المشترك يوزّع علي حسب السهام و عليه لا بد أن يكون الربح يوزّع بين المكلف و أرباب الخمس بمقدار الخمس الذي هو سهمهم، لكن السيرة العملية الخارجية جارية علي أنّ التجّار و غيرهم يحاسبون آخر السنة و يلاحظون الربح بالنسبة الي ما زاد عن مؤنتهم فالأمر كما أفاده الماتن من عدم تملك أرباب الخمس شيئا من الربح المتفرّع علي سهمهم أي الخمس و هذه السيرة حجّة بلا اشكال و خلافها يقرع الاسماع.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 233

(مسألة 78): ليس للمالك أن ينقل الخمس إلي ذمّته ثمّ التصرّف فيه كما أشرنا إليه، نعم يجوز له ذلك بالمصالحة مع الحاكم و حينئذ فيجوز له التصرّف فيه و لا حصّة له من الربح اذا اتّجر به، و لو فرض تجدّد مؤن له في أثناء الحول علي وجه لا يقوم بها الربح انكشف فساد الصلح (1).

الفرع الثاني: انه لو تصرف في الربح الزائد آخر السنة و ربح يكون ما قابل الخمس ملكا لأربابه

______________________________

فلا بد من اخراجه مع اخراج أصل الخمس.

و ما أفاده إنّما يتم فيما يكون العقد الواقع علي الربح مورد الامضاء من قبل الحاكم الذي بيده الأمر و الّا يكون العقد باطلا و لا مقتضي لانتقال مقدار الخمس فلا

مجال للبحث، و أمّا مع الامضاء فالأمر كما أفاده.

[مسألة 78: ليس للمالك أن ينقل الخمس إلي ذمّته ثمّ التصرّف فيه]

اشارة

(1) أفاد (قدّس سرّه) في هذه المسألة فرعين:

الفرع الأول: انّه ليس للمالك أن ينقل الخمس الي ذمته

كما اشار اليه سابقا أيضا و الأمر كما أفاده، اذ لا دليل علي ولاية المالك علي النقل المذكور.

الفرع الثاني: انه يجوز المصالحة مع الحاكم الشرعي بالنسبة الي النقل المذكور

و بعد تحقّق الانتقال يجوز له الاتّجار بالعين و لا يكون لأرباب الخمس نصيب من الربح، و اذا فرض تجدد مؤن أثناء الحول بحيث لا يبقي للمصالحة موضوع يكون الصلح باطلا، هذا ما أفاده في الفرع الثاني.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 234

(مسألة 79): يجوز له تعجيل اخراج خمس الربح اذا حصل في أثناء السنة و لا يجب التأخير إلي آخرها، فان التأخير من باب الإرفاق كما مرّ و حينئذ فلو أخرجه بعد تقدير المئونة بما

______________________________

أقول: أمّا جواز المصالحة مع الحاكم فهو متوقّف علي أنّ الحاكم يري مصلحة في ذلك كي يدخل المقام في كبري الامور الحسبية التي تكون الولاية فيها للحاكم الشرعي، و أمّا عدم حصة الربح لأرباب الخمس فلان المفروض ان اشتراكهم زال بالصلح فلا مقتضي لاحتساب حصّته لأربابه.

و أمّا ما أفاده من انّ تجدد المؤن يوجب بطلان الصلح فأورد عليه سيدنا الاستاد (قدّس سرّه) بأنّه إمّا أن يفرض التجدد اثناء السنة و إمّا أن يفرض بعد انتهائها، أمّا علي الأول فلا يحتاج الي المصالحة مع الحاكم اذ لا اشكال في جواز التصرف في العين بايّ نحو شاء.

و أمّا بعد انتهائها فلا مجال لتجدد المؤن اذ المفروض انتهاء الزمان فلا موضوع للتجدّد، و أمّا حمل الكلام علي الكشف بأن نقول:

مقصوده أنّه في آخر السنة ينكشف لديه تجدد المؤن أثنائها فهو خلاف الظاهر.

أقول: يختلج بالبال أن يقال: انّ المكلف اذا علم اثناء السنة تعلق الخمس بالعين و عدم صرف المقدار الكذائي في المئونة و صالح مع الحاكم ثمّ تجدد له شي ء

من المؤن، ينكشف فساد الصلح اذ ينكشف عنده أنّ قطعه بعدم المئونة كان جهلا مركبا، و بهذا النحو يمكن تصحيح ما أفاده فلاحظ.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 235

يظنّه فبان بعد ذلك عدم كفاية الربح لتجدّد مؤن لم يكن يظنها كشف ذلك عن عدم صحته خمسا فله الرجوع به علي المستحق مع بقاء عينه لا مع تلفها في يده الّا اذا كان عالما بالحال فان الظاهر ضمانه حينئذ (1).

[مسألة 79: يجوز له تعجيل إخراج خمس الربح إذا حصل في أثناء السنة]

______________________________

(1) أفاد (قدّس سرّه) بجواز تعجيل اخراج خمس الربح أثناء السنة.

بتقريب: انّ التعلق زمان ظهور الربح و التأخير للإرفاق، فاذا أخرج صدر الاخراج عن أهله و وقع في محله، و لكن اذا تجددت المئونة ينكشف بطلان الاخراج فمع بقاء العين يجوز استردادها من السيد، و أمّا مع تلفها فان كان الآخذ عالما بالحال يكون ضامنا و الا لا يكون ضامنا لقاعدة الغرور أو للسيرة الجارية بين أهل الشرع علي عدم الضمان.

أقول: تارة يصرف في المئونة ما يعادل الخمس و اخري لا يصرفه أمّا علي الأول فلا اشكال في كشف الصرف الخارجي عن بطلان ما دفعه بعنوان الخمس اذ المفروض ان الخمس بعد المئونة فيتوجّه التفصيل بين بقاء العين و تلفها مع العلم بالحال و بين التلف مع الجهل بجواز الرجوع في القسم الاول و عدمه في القسم الثاني.

و أمّا اذا فرضنا انه لم يصرف من مورد آخر فالظاهر أيضا جواز الاسترداد مع التفصيل المتقدم لأنه يتوقف الخمس علي عدم الصرف و المفروض انّ المالك يريد الصرف فلا حقّ للآخذ في منعه عن حقه، و اذا منعه يكون منعه كمنع الغاصب.

و علي الجملة: مع جواز التصرف في العين قبل انتهاء السنة

الغاية القصوي

في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 236

(مسألة 80): اذا اشتري بالربح قبل إخراج الخمس جارية لا يجوز له وطؤها، كما انه لو اشتري به ثوبا لا يجوز الصلاة فيه و لو اشتري به ماء للغسل أو للوضوء لم يصحّ و هكذا، نعم لو بقي منه بمقدار الخمس في يده و كان قاصدا لإخراجه منه جاز و صحّ كما مرّ نظيره (1).

______________________________

و صرفها في المئونة كيف يجوز منع المالك عنها؟ و مع عدم الجواز كيف يمكن الالتزام بكونه خمسا، نعم لو منع المانع عن التصرف و بقائها الي آخر السنة يتعلق بها الخمس، اذ فرض عدم صرفها في المئونة فلاحظ.

[مسألة 80: اذا اشتري بالربح قبل إخراج الخمس جارية لا يجوز له وطؤها]

اشارة

(1) قد تعرض في هذه المسألة لفرعين:

الفرع الأول: انّه لو اشتري بالربح جارية أو اشتري ثوبا أو اشتري ماء لا يجوز وطي الجارية،

و كذا لا يجوز الصلاة في الثوب، كما انه لا يجوز الوضوء أو الغسل بذلك الماء المشتري.

أقول: لا بد من أن يفرض وقوع المعاملة علي نفس العين الخارجية، فانه في هذا الفرض يكون العقد فضوليا بالنسبة الي مقدار الخمس فلا يكون مالكا للجارية فلا يجوز وطئها و أيضا لا يكون مالكا للثوب فيكون غصبا فلا تجوز الصلاة فيه و أيضا يكون الماء غصبا لا يجوز الوضوء أو الغسل به.

و ما أفاده بالنسبة الي و وطئ الجارية و الوضوء و الغسل تام، و أمّا بالنسبة الي عدم جواز الصلاة في الثوب فيمكن أن يرد عليه بانّه ان كان المطلوب التقيّد أي التستّر الذي يكون جزءا عقليا فاي مانع عن

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 237

(مسألة 81): قد مرّ ان مصارف الحج الواجب اذا استطاع في عام الربح و تمكّن من المسير من مؤنة تلك السنة، و كذا مصارف الحج المندوب و الزيارات، و الظاهر ان المدار علي وقت إنشاء السفر، فان كان إنشاؤه في عام الربح فمصارفه من

______________________________

صحة الصلاة.

و بعبارة اخري: التصرف في الساتر الغصبي حرام و لكن المطلوب التقيد بالستر و مركز الأمر غير مركز النهي فلا مانع عن الاجتماع.

و بعبارة واضحة: التركيب انضمامي لا اتحادي، هذا كله فيما يقع العقد علي العين الخارجية، و أمّا لو اشتري الجارية أو الثوب أو الماء بالذمّة فلا اشكال و لا ريب في صحة المعاملة.

و ما قيل في هذا المقام من انه لو كان قصد العاقد اداء دينه من الحرام يكون العقد باطلا فلا يرجع الي محصّل و لا ينطبق الكلام المشار اليه علي الميزان الصناعي.

الفرع الثاني: انه لو بقي من العين بمقدار الخمس و كان قاصدا لدفعه خمسا

يجوز الاتّجار بما سواه كما مرّ.

و قد

ذكرنا سابقا انه لا مدخليّة للقصد المذكور في الجواز، كما انه لا فرق من هذه الجهة بين القول بأنّ شركة أرباب الخمس مع المالك علي نحو الاشاعة أو علي نحو الكلّي في المعين و ان مقتضي القاعدة جواز الاتجار بما سوي مقدار الخمس و لو مع القول بالاشاعة، بل و لو مع عدم قصد التاجر الدفع بالبقيّة فلاحظ.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 238

مؤنته ذهابا و ايابا، و ان تمّ الحول في أثناء السفر فلا يجب إخراج خمس ما صرفه في العام الآخر في الاياب أو مع المقصد و بعد الذهاب (1).

(مسألة 82): لو جعل الغوص أو المعدن مكسبا له كفاه إخراج خمسهما أوّلا و لا يجب عليه خمس آخر من باب ربح المكسب بعد إخراج مؤنة سنته (2).

[مسألة 81: قد مرّ ان مصارف الحج الواجب إذا استطاع في عام الربح و تمكّن من المسير من مؤنة تلك السنة]

______________________________

(1) ينبغي في المقام أن يفصّل بأن يقال: قد ثبت بالدليل وجوب الخمس في كل ربح و فائدة، و من ناحية اخري قد ثبت انّ الشارع أخرج من موضوع الحكم مؤنة السنة و من ناحية ثالثة المرجع في استفادة المفاهيم من الألفاظ العرف فعلي هذا الأساس اذا أحرز ان المصرف الفلاني من مؤن سنة الربح لا يتعلق به الخمس و ان صدق عليه عرفا انه من مؤنة السنة اللاحقة لا يكون وجه لاحتسابه من السنة السابقة.

و اذا شكّ في الصدق العرفي يكون مقتضي القاعدة عدم الاحتساب لما حقق في الاصول من أنّ اجمال المخصّص المنفصل لا يسري الي العام فالمحكّم دليل وجوب الخمس للشك في التخصيص فلا بد من الأخذ باصالة العموم.

[مسألة 82: لو جعل الغوص أو المعدن مكسبا له كفاه إخراج خمسهما أوّلا]

(2) وقع الكلام بين القوم في أنّ المكلف لو جعل المعدن مثلا كسبا و ربح هل يتعلق به خمس واحد أو يجب فيه خمسان احدهما بعنوان المعدن ثانيهما بعنوان ربح التجارة؟

و السيد الماتن اختار القول الاول و الوجه في الالتزام بالتعدد انه

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 239

______________________________

لا مستند للتداخل، فان مقتضي دليل وجوب الخمس في المعدن تعلقه بهذا العنوان و الدليل الدال علي ثبوته في ربح التجارة وجوبه بذلك العنوان و لا تنافي بين العنوانين فلا وجه للاكتفاء باخراج واحد.

و علي الجملة: لا بد في رفع اليد عن مقتضي الدليلين الدالين علي الوجوب كل واحد منهما بعنوان مغاير للعنوان الآخر من قيام دليل علي كفاية اخراج واحد.

و ما يمكن أن يقال في تقريبه وجوه:

الوجه الأول: ما أفاده سيدنا الاستاد و هو: انه لو قلنا بتعلق الوجوب بارباح المكاسب في آخر سنة الربح لكان للقول بالتعدد مجال اذ

يمكن بناء عليه أن يقال احد الدليلين يدل علي ثبوته عند الاخراج و الدليل الآخر يدل علي تعلقه آخر السنة و لكن المبني المذكور و القول المشار اليه باطل، و قد مرّ ان الحق ان الخمس يتعلق بالربح حين حصوله و علي هذا لا يمكن القول بالتعدد، اذ المستفاد من الادلة الواردة في العناوين الخاصّة كالمعدن و الكنز الي غيرهما- كرواية محمد بن مسلم «1» و رواية الحلبي «2» و رواية زرارة «3» و رواية محمد بن مسلم «4» و رواية محمد بن أبي عبد اللّه «5» و رواية عمّار بن

______________________________

(1) لاحظ ص 22.

(2) لاحظ ص 22.

(3) لاحظ ص 30.

(4) لاحظ ص 25.

(5) لاحظ ص 29.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 240

______________________________

مروان «1» و رواية ابن أبي عمير «2» ان اربعة اخماس من المعدن أو الكنز مثلا ملك للمخرج و هذا ينافي تعلق خمس آخر به.

و يرد عليه اولا: ان الايراد المذكور لا يختص بالالتزام بتعلق الخمس حين ظهور الربح بل يتوجه علي القول الآخر في بعض الفروض و هو انّه لو أخرج المعدن آخر السنة أي حين تعلّق وجوب خمس الربح.

و ثانيا: انّ الاشكال المذكور غير وارد، فان دليل المعدن مثلا يدل علي ان خمس المال للمخرج و هذا حكم حيثيّ و لا يتعرض للنفي من ناحية اخري.

و بعبارة اخري: اللقب لا مفهوم له مضافا الي أنّ تعلق الخمس بعنوان الربح يتوقف علي تمامية المقتضي للفائدة الحاصلة للمكلف.

و بعبارة واضحة: يلزم تحقق الملكية بحسب القاعدة للإنسان كي يتعلق به الخمس و عليه يكون دليل المعدن محققا لموضوع دليل وجوب خمس الأرباح.

الوجه الثاني: ما ذكره في تحف العقول عن الرضا

عليه السّلام في كتابه الي المأمون قال: و الخمس من جميع المال مرّة واحدة «3».

فان المستفاد من الحديث: انه لا تعدد في الخمس بالنسبة الي شي ء واحد.

______________________________

(1) لاحظ ص 39.

(2) لاحظ ص 85.

(3) الوسائل: الباب 2 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 13.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 241

______________________________

و فيه: ان السند ضعيف فلا يعتد به.

الوجه الثالث: ما روي عنهم في دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السّلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نهي أن يحلف الناس علي صدقاتهم و قال: هم فيها مأمونون و نهي أن تثنّي عليهم في عام مرتين و لا يؤخذ بها في كلّ عام الّا مرّة واحدة و نهي أن يغلظ عليهم في أخذها منهم و أن يقهروا علي ذلك أو يضربوا أو يشدّد عليهم أو يكلفوا فوق طاقتهم، و امر أن لا يأخذ المصدق منهم الّا ما وجد في أيديهم و أن يعدل فيهم و لا يدع لهم حقّا يجب عليهم «1».

بتقريب ان الصدقة الواردة في الحديث: تشمل الخمس.

و فيه اولا: ان السند ضعيف فلا يعتدّ به.

و ثانيا: انه لا دليل علي عدم الفرق و الدليل الدال في المقام علي التعدد يناقض عدم الفرق.

الوجه الرابع: انه اذا لم يكن الغوص مكسبا له لا يكون فيه إلّا خمس واحد و فيما يكون له مكسبا يكون الأمر كذلك.

و فيه انه لا دليل علي عدم التفرقة مضافا الي انّ الجزم بالحكم في المقيس عليه مشكل اذ لا دليل علي المدعي.

الوجه الخامس: ان المستفاد من دليل الخمس ثبوته في الفائدة من

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: الباب 12 من

أبواب زكاة الانعام، الحديث: 2.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 242

______________________________

حيث كونها فائدة، لاحظ ما رواه سماعة «1» فان المستفاد من الحديث: ان موضوع الخمس الفائدة فالمعدن إنّما يجب فيه الخمس من حيث كونه مصداقا للفائدة لا غير، غاية الأمر يختص من حيث الحكم بجهة خاصة كوجوب ادائه فورا.

و يرد عليه: ان غاية ما يستفاد من الحديث: بالتقريب المذكور انه لا خمس الّا بهذا العنوان لكن لا بد من رفع اليد عن العموم بما دل علي ثبوته في موارد خاصة و من الظاهر انّ تخصيص العام أو تقييد المطلق ليس أمرا عزيزا بل الصناعة تقتضي ذلك بلا اشكال.

اذا عرفت ما تقدم، فان تمّ المدعي بالإجماع و التسالم القطعي الكاشف عن الحكم الشرعي فهو و الّا فالجزم بالعدم مشكل فالحق تحقق الخمس في المعدن و أمثاله بعنوانين لكن يفترق احدهما عن الآخر بفورية وجوب الاخراج بالنسبة الي ما ثبت للعناوين الخاصة كالمعدن و الكنز و يتحقّق في الفائدة بعد اخراج مؤنة السنة.

و الوجه في الافتراق من هذه الناحية مضافا الي الاتفاق- ظاهرا- ظهور الدليل، فان المستفاد من دليل الخمس المتعلق بالعناوين الخاصة تعلق الخمس حين الحصول و لا اشكال في عدم جواز تعطيل مال الغير و وجوب ايصاله إليه، و ما دل من الادلة من أنّ الخمس بعد المئونة ظاهر في مؤنة الاسترباح و لا أقلّ من الاجمال فلا يجوز التأخير.

______________________________

(1) لاحظ ص 166.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 243

(مسألة 83): المرأة التي تكتسب في بيت زوجها و يتحمّل زوجها مؤنتها يجب عليها خمس ما حصل لها من غير اعتبار إخراج المئونة اذ هي علي زوجها

الّا أن لا يتحمّل (1).

______________________________

و أمّا في مؤنة الربح و الفائدة بما هو ربح و فائدة فيستفاد من الدليل ان تعلقه بعد مؤنة الشخص و عياله، لاحظ ما رواه ابن مهزيار «1».

فان المستفاد من الحديث: ان متعلق الخمس ما زاد عن مؤنة الشخص و عياله، فان الضمير في قوله (روحي فداه) «اذا امكنهم بعد مؤنتهم» مذكر فلا بد من رجوعه الي المكلفين و ذوي العقول لا الموضوعات الخارجية.

و أمّا وجه جواز التأخير في مقام الاداء فقد مرّ الكلام فيه و قلنا ان السيرة جارية علي التأخير و لاحظ ما رواه إبراهيم بن محمّد الهمداني «2».

فانه صرح فيه بمئونته و مؤنة عياله و مقتضي المتعارف الخارجي المتداول بين العرف ملاحظة المئونة من حيث السنة، و لعلّ الوجه في التداول المذكور ان السنة مشتملة علي الفصول الأربعة و في كل فصل يحتاج الانسان الي أشياء تغاير ما يحتاج اليه في الفصول الاخر.

[مسألة 83: المرأة التي تكتسب في بيت زوجها و يتحمّل زوجها مؤنتها يجب عليها خمس ما حصل لها]

(1) ما أفاده علي طبق القاعدة الاولية، اذ المفروض ثبوت الخمس في كل ربح، و من ناحية اخري الخارج بمقتضي دليل الاستثناء ما يصرف في المئونة و المفروض في المقام انها رابحة و لم تصرف الربح في مؤنتها فيجب الخمس في ربحها بلا اشكال و لا كلام.

______________________________

(1) لاحظ ص 179.

(2) لاحظ ص 167.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 244

(مسألة 84): الظاهر عدم اشتراط التكليف و الحرّية في الكنز و الغوص و المعدن و الحلال المختلط بالحرام و الأرض التي يشتريها الذمّي من المسلم فيتعلّق بها الخمس و يجب علي الولي و السيّد اخراجه و في تعلقه بأرباح مكاسب الطفل إشكال و الأحوط اخراجه بعد بلوغه (1).

[مسألة 84: الظاهر عدم اشتراط التكليف و الحرّية في الكنز و الغوص و المعدن و الحلال المختلط بالحرام و الأرض التي يشتريها الذمّي من المسلم]

______________________________

(1) أفاد (قدّس سرّه): انه لا يشترط التكليف و لا الحريّة في وجوب الخمس و ثبوته من حيث الوضع و المكلف بالاداء الولي في الصبي و المجنون و السيد في المملوك.

و لا بد في المقام من التفصيل فنقول: أمّا الصبي فالظاهر عدم ثبوت الخمس في ماله لا لقصور في المقتضي فان مقتضي اطلاق دليل ثبوت الخمس في الربح عدم الفرق بين المكلف و غيره بل للمانع و هو حديث عمّار «1».

فانّ تعليقه عليه السّلام جريان القلم عليه علي البلوغ يقتضي بالمفهوم، عدم جريانه قبل البلوغ و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين قلم التكليف و الوضع بلا فرق بين أن يكون خلاف الامتنان بالنسبة الي الغير أم لا اذ لا دليل علي كون الحكم المذكور امتنانيا.

مضافا الي أنّه يلزم في الحكم الامتناني أن يكون الامتنان بالنسبة الي من يحكم بعدم الجري بالنسبة اليه لا بالنسبة الي الغير.

مثلا لو فرضنا ان اطاعة الزوجة عن الزوج حرجيّا

لها، و بقاعدة

______________________________

(1) لاحظ ص 27.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 245

______________________________

لا حرج حكمنا بعدم وجوب الاطاعة يكون عدم الوجوب خلاف الامتنان بالنسبة الي الزوج و امتنانيا بالنسبة الي الزوجة فهل يمكن أن يقال بعدم جريان القاعدة؟ كلّا ثم كلّا.

فالنتيجة عدم جريان القلم علي الصبي علي نحو الاطلاق فلا خمس في ماله و علي هذا الاساس لقائل أن يقول: ان غير البالغ لو وقع مدخولا فيه أو أدخل هو لا تتحقّق الجنابة بالنسبة اليه لعدم جريان القلم عليه.

بقي شي ء و هو: ان ما ذكرنا من عدم وجوب الخمس في مال غير البالغ لا يجري فيما اختلط ماله بالحرام فانه يجب التخميس بلا اشكال اذ المفروض انّ مال الغير مخلوط بماله و لا يصير المال حلالا إلّا بهذه الوسيلة.

و لتوضيح المدّعي نقول: لو تنجّس ثوب الصبي لا يطهر إلّا بالغسل بالماء علي النحو الشرعي.

و صفوة القول انه لا مقتضي لصيرورة مال الغير له فلا بد من اعمال المقرر الشرعي فلاحظ.

هذا تمام الكلام بالنسبة الي الصبي.

و أمّا المجنون فالمقتضي لثبوت الخمس في أرباحه تام، اذ لا تلازم بين التكاليف و الوضعيات فالدليل القائم علي عدم كونه مكلفا بالتكاليف لا يدل علي نفي الاحكام الوضعية بالنسبة اليه فالمرجع

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 246

______________________________

اطلاقات وجوب الخمس في الأرباح و لا دليل علي اخراج المجنون عن تحت تلك الاطلاقات و الحديث: الدال علي رفع القلم عن المجنون حتي يفيق ضعيف سندا، لاحظ ما رواه ابن ظبيان «1» و أما المملوك فأيضا المقتضي لثبوت الخمس في أرباحه موجود و المانع مفقود، فالنتيجة انه لا بدّ من التفصيل بالنحو الذي ذكرنا

فلاحظ.

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث: في ص 28.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 247

[فصل في قسمة الخمس و مستحقّه]

اشارة

فصل في قسمة الخمس و مستحقّه

[مسألة 1: يقسّم الخمس ستة أسهم علي الأصح]

اشارة

(مسألة 1): يقسّم الخمس ستة أسهم علي الأصح: سهم للّٰه سبحانه و سهم للنبي صلي اللّه عليه و آله و سهم للإمام عليه السّلام و هذه الثلاثة الآن لصاحب الزمان أرواحنا له الفداء و عجّل اللّه تعالي فرجه و ثلاثة للأيتام و المساكين و أبناء السبيل و يشترط في الثلاثة الأخيرة الايمان و في الايتام الفقر و في أبناء السبيل الحاجة في بلد التسليم، و ان كان غنيا في بلده، و لا فرق بين أن يكون سفره في طاعة أو معصية، و لا يعتبر في المستحقّين العدالة، و ان كان الأولي ملاحظة المرجحات و الأولي أن لا يعطي لمرتكبي الكبائر خصوصا مع التجاهر بل يقوي عدم الجواز اذا كان في الدفع اعانة علي الاثم و لا سيّما اذا كان في المنع، الردع عنه و مستضعف كل فرقة ملحق بها (1).

______________________________

(1) قد تعرض الماتن في هذه المسألة لعدة فروع:

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 248

الفرع الأول: ان الخمس يقسم علي ستة أسهم

______________________________

كما فصل في كلام الماتن.

و هذا هو المعروف و المشهور و نقل دعوي الاجماع عليه، بل قيل إنّه من دين الامامي ة و تدل علي المدعي الآية الشريفة وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبيٰ وَ الْيَتٰاميٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ الآية «1».

و يدل عليه أيضا بعض الروايات، لاحظ ما رواه زكريّا بن مالك الجعفي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه سأله عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبيٰ وَ الْيَتٰاميٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فقال: أمّا خمس اللّه عزّ و جلّ فللرسول يضعه

في سبيل اللّه، و أمّا خمس الرسول فلأقاربه و خمس ذوي القربي فهم أقرباؤه و اليتامي يتامي أهل بيته فجعل هذه الأربعة أسهم فيهم، و أمّا المساكين و ابن السبيل فقد عرفت انّا لا نأكل الصدقة و لا تحلّ لنا فهي للمساكين و ابناء السبيل «2».

و نسب الي ابن الجنيد ان السهام خمسة بحذف سهم اللّه و استدل علي المدعي بحديث ربعي بن عبد اللّه بن الجارود عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اذا أتاه المغنم أخذ صفوه و كان ذلك له ثم يقسّم ما بقي خمسة أخماس و يأخذ خمسه ثم يقسّم أربعة أخماس بين

______________________________

(1) الانفال: 41.

(2) الوسائل: الباب 1 من أبواب قسمة الخمس، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 249

______________________________

الناس الذين قاتلوا عليه ثم قسّم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس يأخذ خمس اللّه عزّ و جلّ لنفسه ثم يقسّم الأربعة اخماس بين ذوي القربي و اليتامي و المساكين و ابناء السبيل يعطي كل واحد منهم حقا و كذلك الامام يأخذ كما أخذ الرسول صلي اللّه عليه و آله «1».

و يرد عليه اولا: انه علي تقدير الاخذ يلزم أن نلتزم بحذف سهم الرسول لا سهم اللّه و لم يقل به أحد.

و ثانيا: ان الرسول صلي اللّه عليه و آله أو الامام عليه السّلام لهما أن يتصرّفا في حصّتهما ما يشاءان و يختاران.

و ثالثا: مع الاغماض عمّا تقدم لا بد من رفع اليد عنه اذ هو مخالف لصريح القرآن.

الفرع الثاني: ان ثلاثة أسهم من الخمس للإمام عليه السّلام

و لو كان المراد من ذي القربي في الآية الشريفة الامام المعصوم لا مطلق ذوي القربي.

و ادّعي عليه الاجماع و يقتضيه

ارتكاز المتشرعة.

و يدل عليه جملة من النصوص: منها ما رواه البزنطي عن الرضا عليه السّلام قال: سئل عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبيٰ فقيل له: فما كان للّه فلمن هو؟ فقال لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و ما كان لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فهو للإمام- الحديث: «2»

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث: 3.

(2) نفس المصدر، الحديث: 6.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 250

الفرع الثالث: ان ثلاثة أسهم للأيتام و المساكين و أبناء السبيل

______________________________

و تدلّ علي المدعي بالصراحة الآية الشريفة.

الفرع الرابع: انه يعتبر في الثلاثة الايمان

اشارة

و ما يمكن أن يذكر في تقريب الاستدلال علي المدعي وجوه:

الوجه الاول: الاجماع،

و يرد عليه انه علي فرض حصوله لا يكون اجماعا تعبديا كاشفا بل يكون معلوم المدرك و لا أقلّ من احتمال كونه مدركيا فلا يعتد به.

الوجه الثاني: قاعدة الاشتغال،

فان مقتضي تلك القاعدة البراءة اليقينية.

و يرد عليه: ان اطلاق الدليل محكم علي تقديره و علي فرض عدم الاطلاق تصل النوبة الي البراءة، فانا ذكرنا في محله ان قاعدة الاشتغال لا أصل لها.

ان قلت: يفترق المقام عن بقية الموارد لدوران الأمر بين الأقل و الأكثر الارتباطيين، فانه لو كان أمر التكليف دائرا بينهما يمكن التوسل بالبراءة العقلية عن الأكثر، و لكن في المقام- مضافا الي التكليف- أمر الوضع دائر بينهما، و مقتضي الاستصحاب عدم طلقية المال الا برعاية الاكثر.

قلت: ان المكلف لا يقطع باشتغال ماله بالشركة الّا بالأقل و المفروض رعايته.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 251

______________________________

و بعبارة واضحة: القدر الذي علم كونه مشتركا هو الاقل و الزائد محكوم بالعدم بالأصل فلاحظ.

الوجه الثالث: انّ جعل الخمس لأجل تكريم السادات

و لا كرامة لغير المؤمن و المخالف الذي هو في الحقيقة كافر.

و الجواب: انّ اكرامه لأجل القرابة مع النبي الأكرم و هذا قدر مشترك بين المؤمن و غيره.

مضافا الي انّ المحكم اطلاق الدليل كما تقدم و الاحكام الشرعية لا تكون مبنية علي عقول الناس.

الوجه الرابع: انه يشترط الايمان في مستحق الزكاة اجماعا و نصوصا و الخمس مثل الزكاة.

و فيه: انه لا دليل علي كون الخمس مثل الزكاة في جميع الأحكام و مع الشك يكون المرجع اطلاق الدليل و مع الغض عنه تصل النوبة الي الأصل العملي و مقتضاه عدم الاشتراط كما تقدم.

الوجه الخامس: ما رواه ابراهيم الأوسي

عن الرضا عليه السّلام قال:

سمعت أبي يقول: كنت عند أبي يوما فأتاه رجل فقال: اني رجل من أهل الري ولي زكاة فإلي من أدفعها؟ فقال: إلينا، فقال: أ ليس الصدقة محرّمة عليكم؟ فقال: بلي اذا دفعتها الي شيعتنا فقد دفعتها إلينا، فقال: انّي لا اعرف لها احدا، قال: فانتظر بها سنة، فقال: فان لم اصب لها احدا؟ قال: انتظر بها سنتين حتي بلغ أربع سنين، ثم قال

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 252

______________________________

له: ان لم تصب لها احدا فصرّها صررا و اطرحها في البحر، فان اللّه عزّ و جلّ حرّم أموالنا و أموال شيعتنا علي عدوّنا «1».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث: ان أموال الشيعة حرام علي غير الشيعة.

و يرد عليه ان الحديث: ضعيف سندا فلا يعتد به.

الوجه السادس: ما رواه يونس بن يعقوب أو يوسف بن يعقوب

قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام اعطي هؤلاء الذين يزعمون ان أباك حيّ من الزكاة شيئا؟ قال: لا تعطهم فانهم كفّار مشركون زنادقة «2».

بتقريب: انّ المستفاد من الحديث: بعموم العلة عدم جواز اعطاء غير المؤمن من الحقوق الشرعية.

و يرد عليه اولا: انّ السند غير تام فلا يعتد به.

و ثانيا: ان المستفاد من الحديث: ان الزكاة لا تجوز للكافر، و أمّا الخمس فلا دليل علي كونه كالزكاة من هذه الجهة.

الوجه السابع: ما رواه يعقوب بن شعيب الحدّاد

عن العبد الصالح عليه السّلام قال: قلت له: الرجل منّا يكون في أرض منقطعة كيف يصنع بزكاة ماله؟ قال: يضعها في إخوانه و أهل ولايته، قلت: فان لم يحضره منهم فيها أحد؟ قال: يبعث بها اليهم، قلت: فان لم يجد من

______________________________

(1) الوسائل: الباب 5 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث: 8.

(2) الوسائل: الباب 7 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث: 4.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 253

______________________________

يحملها اليهم؟ قال: يدفعها الي من لا ينصب، قلت: فغيرهم؟ قال:

ما لغيرهم الّا الحجر «1».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث: انه يجب رعاية الايمان في المعطي اليه في حال القدرة و الامكان، و فيه ان السند مخدوش فلا يعتد بالرواية.

الوجه الثامن: انه يستفاد من جملة من النصوص

ان الخمس بدل عن الزكاة، لاحظ ما رواه سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: نحن و اللّه الذين عني اللّه بذي القربي الذين قرنهم اللّه بنفسه و بنبيّه فقال: مٰا أَفٰاءَ اللّٰهُ عَليٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُريٰ فَلِلّٰهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبيٰ وَ الْيَتٰاميٰ وَ الْمَسٰاكِينِ «2» منّا خاصة و لم يجعل لنا سهما في الصدقة أكرم اللّه نبيه و اكرمنا أن يطعمنا أوساخ ما في أيدي الناس «3».

و يرد عليه انه لا تنافي بين كون الخمس بدلا عن الزكاة و عدم اتحادهما في جميع الأحكام، اذا عرفت ما تقدم نقول: ان تمّ الأمر بالضرورة فهو و الّا فالحكم مبني علي الاحتياط.

الفرع الخامس: انه يعتبر الفقر في اليتيم

اشارة

و ما يمكن أن يذكر أو ذكر في تقريب المدعي وجوه:

______________________________

(1) الوسائل: الباب 5 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث: 7.

(2) الحشر: 7.

(3) الوسائل: الباب 1 من أبواب قسمة الخمس، الحديث: 4.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 254

الوجه الاول: انّ جعل الخمس لأجل سد الخلّة

______________________________

فمن لا يكون محتاجا لا يجوز له أن يأخذ الخمس.

و فيه ان تناسب الحكم و الموضوع و ان كان كذلك، لكن هذا المقدار لا يقتضي رفع اليد عن اطلاق الادلة كتابا و سنة.

الوجه الثاني: انه لو كان له الاب لم يكن مستحقا للخمس

فمن لا يكون محتاجا و واجدا للمال لا يكون مستحقا له بالأولوية، فان المال أنفع له من الأب.

و فيه: ان الوجه المذكور كسابقه لا يمكن أن يستدل به علي المدعي فان ملاكات الاحكام الشرعية مجهولة عندنا.

الوجه الثالث: بعض النصوص:

لاحظ حديث حمّاد بن عيسي عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح عليه السّلام- في حديث طويل- قال:

و له يعني للإمام نصف الخمس كملا و نصف الخمس الباقي بين أهل بيته فسهم ليتاماهم و سهم لمساكينهم و سهم لأبناء سبيلهم يقسم بينهم علي الكتاب و السنة ما يستغنون به في سنتهم، فان فضل عنهم شي ء فهو للوالي، فإن عجز أو نقص عن استغنائهم كان علي الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به و انما صار عليه أن يموّنهم لأنّ له ما فضل عنهم «1» و حديث احمد بن محمد عن بعض أصحابنا رفع الحديث:

الي أن قال: فالنصف له يعني نصف الخمس للإمام خاصّة و النصف

______________________________

(1) الوسائل: الباب 3 من أبواب قسمة الخمس، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 255

______________________________

لليتامي و المساكين و أبناء السبيل من آل محمّد الذين لا تحلّ لهم الصدقة و لا الزكاة عوّضهم اللّه مكان ذلك بالخمس فهو يعطيهم علي قدر كفايتهم، فان فضل شي ء فهو له و ان نقص عنهم و لم يكفهم أتمّه لهم من عنده كما صار له الفضل كذلك يلزمه النقصان «1».

فان المستفاد من الحديث: ين اشتراط الفقر في اليتيم.

و يرد عليه اولا: ان السند ضعيف في كلا الحديث: ين.

و ثانيا: انه يعارضهما ما رواه الريّان بن الصلت عن الرضا عليه السّلام في حديث طويل قال: و أمّا الثامنة فقول اللّه عزّ و جلّ: وَ

اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبيٰ فقرن سهم ذي القربي مع سهمه و سهم رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الي أن قال: فبدأ بنفسه ثم برسوله ثم بذي القربي فكل ما كان في الفي ء و الغنيمة و غير ذلك ممّا رضيه لنفسه فرضيه لهم، الي أن قال و أمّا قوله: وَ الْيَتٰاميٰ وَ الْمَسٰاكِينِ فان اليتيم اذا انقطع يتمه خرج من الغنائم و لم يكن له فيها نصيب و كذلك المسكين اذ انقطعت مسكنته لم يكن له نصيب من المغنم و لا يحل له أخذه و سهم ذي القربي قائم الي يوم القيامة فيهم للغني و الفقير لأنه لا أحد أغني من اللّه و لا من رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فجعل لنفسه منها سهما و لرسوله سهما فما رضيه لنفسه و لرسوله رضيه لهم و كذلك الفي ء ما رضيه منه لنفسه و لنبيّه رضيه لذي القربي، الي أن

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث: 2.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 256

______________________________

قال: فلمّا جاءت قصّة الصدقة نزّه نفسه و رسوله و نزّه اهل بيته فقال:

إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ الآية، ثم قال: فلمّا نزّه نفسه عن الصدقة و نزّه رسوله و نزّه اهل بيته لا بل حرّم عليهم لان الصدقة محرّمة علي محمّد و آله و هي أوساخ أيدي الناس لا تحل لهم لأنهم طهّروا من كل دنس و وسخ «1».

فان تم المدعي بالإجماع فهو و الا يكون الحكم بالاشتراط مبنيا علي الاحتياط.

الفرع السادس: انه يعتبر في ابن السبيل الحاجة في بلد التسليم

و لا يضر غناه في بلده لإطلاق الدليل و لا فرق في الحكم المذكور بين كون سفره في طاعة

أو معصية لإطلاق الدليل، نعم يلزم أن يقيد بعدم قدرته علي القرض، اذ الظاهر انه اشرب في مفهومه الحاجة و مع التمكن من القرض لا يكون محتاجا و لا أقلّ من الشك فلا بد من الالتزام بالاشتراط.

الفرع السابع: انه لا تعتبر العدالة في المستحق

لعدم الدليل عليه و الاشتراط خلاف الاطلاق، نعم لا اشكال في حسن الاحتياط و ملاحظة المرجحات، و أمّا الصناعة فلا تقتضي الاشتراط و لذا يجوز الدفع الي الفاسق حتي المتجاهر حتي مع كون الدفع اعانة علي الاثم اذ لا دليل علي حرمتها، فان الحرام التعاون، نعم اذا كان عدم الدفع

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب قسمة الخمس، الحديث: 10.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 257

(مسألة 2): لا يجب البسط علي الأصناف بل يجوز دفع تمامه الي أحدهم، و كذا لا يجب استيعاب افراد كل صنف بل يجوز الاقتصار علي واحد و لو أراد البسط لا يجب التساوي بين الأصناف أو الافراد (1).

______________________________

مصداقا للنهي عن المنكر و كان النهي منحصرا به لم يبعد لزومه و لكن كيف يتحقّق الصغري، و اللّه العالم.

[مسألة 2: لا يجب البسط علي الأصناف بل يجوز دفع تمامه الي أحدهم]

(1) لا اشكال في أن المستفاد من الآية الشريفة و جملة من النصوص ان الخمس مملوك لأربابه علي نحو الاشاعة كما تقدم منا، فان اللام ظاهرة في الملكية لكن لا يمكن الالتزام بالملكية مع ابقاء ظاهر الآية الشريفة في بقية الكلمات، اذ كيف يمكن الالتزام بملكية درهم من الخمس لكل واحد واحد من الفقراء السادة و لكل واحد واحد من ايتامهم فلا بد من رفع اليد عن احد الظهورين اي إمّا أن نلتزم بكون الجار للمصرف و إمّا أن نلتزم بكون المراد من الجمع الكلي الجامع و حيث ان اللام للملك بالنسبة الي نصف الخمس المخصوص بالامام و لا يجوز صرفه في غيره يكون مقتضي وحدة السياق ان اللام للملك في الأصناف الثلاثة الباقية، فالنتيجة ان الخمس مملوك للإمام و الأصناف الثلاثة الباقية فيلزم البسط بالنسبة اليها علي المساواة.

لكن

نقول: لا يجب البسط بل يجوز دفعه الي فرد من أفراد كل صنف و العمدة في المدعي السيرة الجارية بين أهل الشرع و ارتكاز أهل الدين و الديانة بلا نكير من احد بل ابداء شبهة وجوب البسط يقرع الاسماع.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 258

______________________________

و بعبارة واضحة: انه كيف يمكن أن يكون البسط واجبا و مع ذلك يكون مثل هذا الحكم الذي يكون مورد الابتلاء العام مستورا تحت الستار.

و ان شئت قلت: لو كان واجبا لشاع و ذاع، و يؤيد المدعي ان لم يدل انّ ابن السبيل أقلّ قليل فيلزم أن يبقي سهمه معطّلا.

و صفوة القول: انه لا يمكن العمل بالآية الشريفة و النصوص التي تكون كالآية في مفادها، اذ كيف يمكن الالتزام بأنّ كل خمس حتي الدرهم الواحد مملوك لأهله أي لجميع افراد المساكين و اليتامي الموجودين في جميع أقطار العالم فلا بد من الالتزام باحد امور:

الاول: أن نلتزم بانّ الجار أي اللام للمصرف لا للملك و لا يمكن الالتزام به و الّا يلزم جواز اعطاء سهم اللّه و النبي صلي اللّه عليه و آله و الامام عليه السّلام لغيرهم بلا اذن منهم و لا يمكن الالتزام به.

الثاني: ان نلتزم بان السهام الثلاثة مملوكة للإمام، و أمّا بالنسبة الي بقية السهام فمواردها مصارف و لا نلتزم بالملكية.

و هذا أيضا لا يمكن الالتزام به اذ يرد عليه:

اولا: ان هذا خلاف وحدة السياق، فان وحدته تقتضي ان ما في الآية الشريفة علي نسق واحد و الخمس مملوك للأصناف علي نحو الاشاعة.

و ثانيا: انه يستفاد من النصوص الكثيرة جدا ان لم تكن متواترة

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس،

ص: 259

______________________________

ان الخمس بما هو مملوك لأهله.

منها: ما رواه علي بن ابراهيم عن أبيه «1».

و منها: ما رواه محمد بن زيد الطبري «2».

و منها: ما رواه محمد بن زيد «3» و منها ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: من اشتري شيئا من الخمس لم يعذره اللّه اشتري ما لا يحل له «4».

و منها: ما رواه الحسن بن عبد اللّه بن حمدان ناصر الدولة عن عمّه الحسين في حديث عن صاحب الزمان عليه السّلام انّه رآه و تحته عليه السّلام بغلة شهباء و هو متعمّم بعمامة خضراء يري منه سواد عينيه و في رجله خفّان حمراوان فقال: يا حسين كم ترزأ علي الناحية و لم تمنع اصحابي عن خمس مالك. ثم قال: اذا مضيت الي الموضع الذي تريده تدخله عفوا و كسبت ما كسبت تحمل خمسه الي مستحقه، قال: فقلت: السمع و الطاعة، ثم ذكر في آخره ان العمري أتاه و أخذ خمس ماله بعد ما أخبره بما كان «5».

و منها: ما رواه أبو بصير، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كل شي ء

______________________________

(1) لاحظ ص 181.

(2) لاحظ ص 181.

(3) لاحظ ص 182.

(4) الوسائل: الباب 3 من أبواب الانفال، الحديث: 6.

(5) الوسائل: الباب 3 من أبواب الانفال، الحديث: 90.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 260

______________________________

قوتل عليه علي شهادة ان لا إله الّا اللّه و ان محمّدا رسول اللّه فان لنا خمسه، و لا يحل لأحد ان يشتري من الخمس شيئا حتي يصل إلينا نصيبنا «1».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لا يعذر عبد اشتري من الخمس شيئا

أن يقول: يا ربّ اشتريته بمالي حتي يأذن له أهل الخمس «2».

و منها: ما رواه علي بن مهزيار «3».

و منها: ما رواه ضريس الكناسي «4».

و منها: ما رواه ابو خديجة «5».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم «6».

و منها: ما رواه حكيم مؤذّن بني عيسي «7».

و منها: ما رواه معاذ بن كثير بيّاع الاكسية «8».

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث: 10.

(2) نفس المصدر، الحديث: 11.

(3) قد تقدم ذكر الحديث: في ص 169.

(4) قد تقدم ذكر الحديث: في ص 172.

(5) قد تقدم ذكر الحديث: في ص 170.

(6) قد تقدم ذكر الحديث: في ص 170.

(7) قد تقدم ذكر الحديث: في ص 167.

(8) قد تقدم ذكر الحديث: في ص 175.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 261

______________________________

و منها: ما رواه ابو سيّار مسمع بن عبد الملك «1».

و منها: ما رواه الحارث بن المغيرة النصري «2».

و منها: ما رواه زرارة «3».

و منها: ما رواه اسحاق بن يعقوب «4».

و منها: ما رواه أبو حمزة عن أبي جفر عليه السّلام في حديث قال: ان اللّه جعل لنا أهل البيت سهاما ثلاثة في جميع الفي ء فقال تبارك و تعالي: وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبيٰ وَ الْيَتٰاميٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فنحن اصحاب الخمس و الفي ء و قد حرّمناه علي جميع الناس ما خلا شيعتنا، و اللّه يا أبا حمزة ما من أرض تفتح و لا خمس يخمس فيضرب علي شي ء منه الّا كان حراما علي من يصيبه فرجا كان أو مالا الحديث: «5».

و منها: ما في تفسير العسكري عليه السّلام «6».

و منها: ما رواه عيسي بن المستفاد عن أبي الحسن

موسي بن جعفر عن أبيه عليهما السّلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال لأبي ذر و سلمان و المقداد:

______________________________

(1) لاحظ ص 170.

(2) لاحظ ص 171.

(3) لاحظ ص 169.

(4) لاحظ ص 172.

(5) الوسائل: الباب 4 من أبواب الانفال، الحديث: 19.

(6) لاحظ ص 175.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 262

______________________________

أشهدوني علي انفسكم بشهادة أن لا إله الّا اللّه، الي أن قال: و ان علي ابن أبي طالب وصي محمّد و أمير المؤمنين و ان طاعته طاعة اللّه و رسوله و الائمة من ولده، و ان مودة اهل بيته مفروضة واجبة علي كل مؤمن و مؤمنة مع اقام الصلاة لوقتها و اخراج الزكاة من حلّها و وضعها في أهلها و اخراج الخمس من كل ما يملكه أحد من الناس حتي يرفعه الي وليّ المؤمنين و اميرهم و من بعده من الائمة من ولده فمن عجز و لم يقدر الّا علي اليسير من المال فليدفع ذلك الي الضعفاء من أهل بيتي من ولد الائمة فمن لم يقدر علي ذلك فلشيعتهم ممن لا يأكل بهم الناس و لا يريد بهم الّا اللّه، الي أن قال: فهذه شروط الإسلام و ما بقي اكثر «1» و منها: ما عن فيض ابن شيبة عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ان اشدّ ما فيه الناس يوم القيامة اذا قام صاحب الخمس فقال:

يا ربّ خمسي و ان شيعتنا من ذلك في حل «2».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول:

من اشتري شيئا من الخمس لم يعذره اللّه، اشتري ما لا يحل له «3».

و منها: ما رواه عمران بن

موسي، عن موسي بن جعفر قال:

قرأت عليه آية الخمس فقال: ما كان للّه فهو لرسوله و ما كان لرسوله فهو لنا، ثم قال: و اللّه لقد يسّر اللّه علي المؤمنين أرزاقهم بخمسة

______________________________

(1) الوسائل: الباب 4 من أبواب الانفال، الحديث: 21.

(2) نفس المصدر، الحديث: 22.

(3) الوسائل: الباب 1 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 5.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 263

(مسألة 3): مستحق الخمس من انتسب الي هاشم بالابوّة فان انتسب اليه بالام لم يحل له الخمس و تحل له الزكاة و لا فرق بين أن يكون علويا أو عقيليا أو عبّاسيا و ينبغي تقديم الأتم علقة بالنبي صلي اللّه عليه و آله علي غيره أو توفيره كالفاطميين (1).

______________________________

دراهم جعلوا لربّهم واحدا و أكلوا أربعة أحلّاء، ثم قال: هذا من حديثنا صعب مستصعب لا يعمل به و لا يصبر عليه الا ممتحن قلبه للإيمان «1» الي بقية النصوص الدالة علي انّ الخمس في نفس العين.

الثالث: ان نلتزم بان المراد من المساكين و كذلك المراد من الايتام و ابن السبيل الجامع بين الافراد لا نفس الافراد.

الرابع: ان نلتزم بانّه مملوك لجميع الافراد لكن الشارع الاقدس جوّز ايصال السهام الثلاثة الي من يصدق عليه الجامع و لا فرق بين الامر الثالث و الرابع في النتيجة و هو عدم وجوب البسط علي الاصناف كما تقدم و يجوز دفعه الي فرد واحد من كل صنف و الدليل عليه السيرة القطعية المتصلة بزمانهم أرواحنا فداهم.

[مسألة 3: مستحق الخمس من انتسب الي هاشم بالأبوّة]

اشارة

(1) ما يمكن أن يذكر في تقريب المدعي أو ذكر وجوه:

الوجه الاول: مرسل حماد بن عيسي

عن بعض أصحابنا عن العبد الصالح عليه السّلام قال: الخمس من خمسة أشياء، الي أن قال: و من كانت امّه من بني هاشم و ابوه من سائر قريش فان الصدقات تحل له و ليس له من الخمس شي ء، لأن اللّه يقول: ادْعُوهُمْ لِآبٰائِهِمْ الحديث «2».

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث: 6.

(2) الوسائل: الباب 1 من أبواب قسمة الخمس، الحديث: 8.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 264

______________________________

فان المستفاد من الحديث: بوضوح ان الانتساب الي هاشم من طرف الام لا يجوّز الخمس له و لكن السند مخدوش، نعم لا اشكال في أنه مؤيّد للمدعي.

الوجه الثاني: ان المستفاد من جملة من النصوص

ان الموضوع المأخوذ في حرمة الصدقة عنوان الهاشمي أو بني هاشم.

و من تلك النصوص ما رواه عيص بن القاسم «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم و أبو بصير و زرارة «2».

و منها: ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه «3».

و منها: ما رواه زرارة «4».

فانّ المستفاد من هذه النصوص ان الذي تحرم عليه الصدقة و يحل له الخمس المعنون بعنوان الهاشمي و من بني هاشم، اذ من المعلوم من الشرع الأقدس انه من لا يجوز له أخذ الزكاة يجوز له أخذ الخمس هذا من ناحية و من ناحية اخري لا يصدق هذا العنوان علي من لا يكون منتسبا الي هاشم من طرف الأب و هذا العرف ببابك و علي فرض الشك يكون مقتضي الاستصحاب عدم الصدق.

الوجه الثالث: انه لو كان دفع الخمس جائزا الي من يكون منتسبا الي هاشم من طرف الامّ

قلّما يوجد فرد لا يكون هاشميا لا من طرف

______________________________

(1) لاحظ ص 126.

(2) لاحظ ص 126.

(3) لاحظ ص 127.

(4) لاحظ ص 127.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 265

______________________________

الاب و لا من طرف الام فيجوز اعطائه لجميع الناس الا أقلّ قليل، و هل يمكن الالتزام به؟

الوجه الرابع: انه قد علم من النصوص ان الخمس مقابل الزكاة

فمن يجوز له اخذ الخمس لا يجوز له أخذ الزكاة و كذلك العكس، و من ناحية اخري لا اشكال في جواز أخذ الزكاة لمن لا يكون منتسبا الي هاشم من طرف الاب فلا يجوز له أخذ الخمس و الدليل علي جواز أخذه الزكاة، السيرة الخارجية.

الوجه الخامس: انه لو كان جائزا لكان ظاهرا واضحا

و الحال ان المسألة مورد القيل و القال.

الوجه السادس: ان دفع الخمس الي من لا يكون منسوبا الي هاشم من طرف الأب مستنكر في نظر أهل الشرع

فما أفاده في المتن هو الصحيح و هو المشهور بين القوم و لا يخفي علي الخبير بأنّ عنوان الهاشمي أو بني هاشم لا ينطبق علي من يكون انتسابه بالام اليه لا انه لا يصدق عليه عنوان الولد أو الابن أو البنت، و لذا نري انه يصدق علي الحسنين عليهما السّلام انهما من اولاد الرسول مع كونهما متصلين بالرسول الأكرم صلي اللّه عليه و آله بواسطة امّهما فاطمة ارواح العالمين لها الفداء.

و كذا لا اشكال في صدق عنوان بنت الرسول علي زينب سلام اللّه عليها و علي غيرها من بنات علي عليه السّلام و لذا قالت سلام اللّه عليها مخاطبة ليزيد عليه اللعنة و العذاب في ذلك المجلس التاريخي: أمن

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 266

______________________________

العدل يا بن الطلقاء تخديرك حرائرك و امائك و سوقك بنات رسول اللّه سبايا، الي آخر كلامها عليها آلاف التحية و الثناء.

ثم انه لا فرق في الهاشمي بين كونه علويا أو عقيليا أو عباسيا و الوجه فيه ان المستفاد من النصوص ان تمام الموضوع لجواز الأخذ و الاستحقاق عنوان الهاشمي، لاحظ ما رواه ابن سنان «1».

فان المستفاد من الحديث: ان الميزان في حرمة أخذ الزكاة من يصدق عليه الهاشمي أو كونه من ولد عباس، و من الظاهر أن من يكون الزكاة محرّمة عليه يجوز له أخذ الخمس.

و بعبارة واضحة: انّ الميزان في جواز أخذ الخمس كون الآخذ من بني هاشم و مقتضي الاطلاق عدم الفرق مضافا الي التصريح في الرواية من شمول الحكم لولد عباس.

و لاحظ ما رواه عيص «2» فان المستفاد من الحديث: ان الميزان في حرمة

أخذ الزكاة عنوان بني عبد المطلب و قس عليه الحديث: الثاني من نفس الباب «3».

ثمّ انه لا اشكال في تقديم العلوي بل الفاطمي اذ انتسابهما الي النبي الاكرم صلي اللّه عليه و آله أشدّ و لا ريب ان تقديم العلوي و الفاطمي نوع تكريم و تجليل و اظهار ولاء بالنسبة الي النبي صلي اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين ارواحنا فداه

______________________________

(1) لاحظ ص 127.

(2) لاحظ ص 126.

(3) لاحظ ص 126.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 267

(مسألة 4): لا يصدّق من ادّعي النسب إلّا بالبينة أو الشياع المفيد للعلم و يكفي الشياع و الاشتهار في بلده، نعم يمكن الاحتيال في الدفع الي المجهول الحال بعد معرفة عدالته بالتوكيل علي الايصال الي مستحقّه علي وجه يندرج فيه الأخذ لنفسه أيضا و لكن الأولي بل الأحوط عدم الاحتيال المذكور (1).

______________________________

و فاطمة الزهراء أرواح العالمين لتراب مقدمها و مقدم أبيها و بعلها الفداء و هذا ظاهر واضح لا يحتاج الي اطالة البحث فيه فلاحظ.

ثم انه هل يجوز اعطائه لبني المطّلب أخي هاشم ربما يقال بالجواز استنادا الي ما رواه زرارة «1».

و الحق عدم الجواز، فان مقتضي النصوص كما تقدم اشتراط الانتساب الي هاشم و صدق عنوان الهاشمي و كونه من بني هاشم علي الآخذ و لا دليل معتبر علي الحاق غيره به و الحديث: المشار اليه مخدوش سندا بضعف اسناد الشيخ الي ابن فضال، مضافا الي انّ القول المذكور خلاف المشهور.

[مسألة 4: لا يصدّق من ادّعي النسب إلّا بالبينة أو الشياع المفيد للعلم]

(1) اذ مقتضي الاصل الاولي عدم الانتساب، فمن ادعاه لا بد له من اقامة البينة بخلاف مدّعي الفقر فانه موافق مع الاصل.

و علي الجملة: الانتساب الموضوع لجواز أخذ الخمس كبقية الموضوعات التي

تكون علي خلاف الأصل، و يحتاج الي الدليل، نعم الظاهر كفاية الاطمينان فلو كان الشياع مفيدا له كفي، اذ الاطمينان

______________________________

(1) لاحظ ص 127.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 268

______________________________

حجّة عقلائية ممضاة عند الشارع الأقدس.

و هل يكفي اشتهاره بالانتساب في بلده أم لا؟ الحق ان الجزم بالاكتفاء مشكل و كون الاشتهار في أمر مدركا عقلائيا محل الاشكال فلا تصل النوبة الي أن يقال عليها السيرة الجارية العقلائية الممضاة عند الشارع.

و صفوة القول: انه يلزم في ثبوت الانتساب امّا العلم أو الاطمينان به أو شهادة عدلين بل عدل واحد بل ثقة كذلك، و اللّه العالم بحقائق الامور.

ثم ان الماتن أفاد بأنّه يمكن الاحتيال مع الجهل بالحال من حيث السيادة لكن مع العلم بالعدالة، بان يدفعه اليه مع توكيله في ايصاله الي مستحقه علي نحو تشمل الوكالة تمليكه الي نفسه و بعد ذلك احتاط بأن لا ترتكب الحيلة المذكورة و لا بد من البحث في موضعين:

الموضع الأول: في جواز أصل التوكيل، الموضع الثاني: في جواز الاحتيال المشار اليه.

فنقول: لقائل أن يستشكل في أصل الوكالة في أمثال المقام الّا علي النحو التقييد.

توضيح المدعي: انه تارة يوكّله في دفع الخمس الي من يكون مستحقا شرعيا و اخري يوكله في الدفع الي من يكون مستحقا و ثبت استحقاقه بالطريق الشرعي المعتبر عند الموكل، أمّا علي الأول فيشكل

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 269

______________________________

جواز التوكيل و حصول الامتثال، اذ يمكن أن يعمل الوكيل علي طبق اعتقاده و من الظاهر ان اعتقاده لا يكون حجة عند الموكّل.

و أيضا يمكن أن يستند الوكيل الي طريق لإثبات الاستحقاق و ذلك الطريق لا يكون معتبرا عند

الموكل، نعم يتم الأمر فيما تكون الوكالة مقيّدة بكون العمل مستندا الي طريق معتبر عند الموكل.

اللهم إلّا أن يقال: السيرة جارية علي الاكتفاء بالوكالة مع الجهل بالحال و الظاهر انه لا مجال لإنكار السيرة.

ثم انه هل يتم الامر و يسقط التكليف بالتوكيل المشار اليه أم يلزم العلم أو الوثوق بتصدّي الوكيل لمورد الوكالة؟

لا اشكال في أنّ اللازم العلم أو الوثوق بتصدّيه بل يلزم الوثوق بفورية التصدّي اذا كان التكليف بالاداء منجزا و فوريا، و اذا شك الموكل في تصدي الوكيل للعمل لا بد من الفحص و المراجعة كي يحصل له الوثوق بتحقق المامور به و وصول الخمس الي أربابه و العلم ببقاء الاعتقاد بوثاقة الوكيل أو عدالته لا يكفي فكيف باستصحابهما لأنه لا تلازم بين بقاء العدالة أو الوثاقة و عدم التصدي لا مكان الغفلة أو تحقّق المانع و استصحاب عدم الغفلة أو عدم المانع لا يقتضي الحكم بالتصدي الا علي القول بالمثبت الذي لا نقول به.

نعم اذا اخبر الوكيل بانّه لا ينسي و لا يتحقّق مانع عن تصديه و يتصدّي فورا يمكن القول بالكفاية اذ المفروض اعتبار قول الثقة.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 270

(مسألة 5): في جواز دفع الخمس الي من يجب عليه نفقته اشكال خصوصا في الزوجة فالاحوط عدم دفع خمسه اليهم بمعني الانفاق عليهم محتسبا ممّا عليه من الخمس، أمّا دفعه اليهم لغير النفقة الواجبة ممّا يحتاجون اليه مما لا يكون

______________________________

ان قلت: اذا كان المدعي ثقة يكفي ادعائه للفقر لاعتبار قوله.

قلت: المدّعي و ان كان ثقة لا يصدّق في دعواه الا مع اقامة البينة و الوجه فيه: ان حجية قول الثقة بالسيرة العقلائية الممضاة عند الشرع

الأقدس و جريانها في أمثال المقام غير محرز ان لم يكن خلافه محرزا و اللّه العالم، هذا تمام الكلام في الموضع الأوّل.

و أمّا بعد الفراغ عن الموضع الاول، فالظاهر انه لا مجال للإشكال في الموضع الثاني، اذ لو قلنا بأنّه يكفي كون الطرف أي الوكيل عادلا أو ثقة فأي فرق بين نفسه و غيره.

و من الغريب ما أفاده سيدنا الاستاد في المقام بأنّ اصالة الصحة لا تجري بالنسبة الي عمل الوكيل اذا قبضه لنفسه لأنّ صورة العمل معلومة عند الموكّل و السيرة غير جارية علي ترتيب الاثر فيما تكون صورة العمل محفوظة.

فانه يرد عليه: انّ المفروض ان الوكيل عادل أو ثقة و لا يتصدّي لغير المشروع فتجري اصالة الصحة بالنسبة الي فعله بلا فرق بين دفعه الي غيره و بين قبضه لنفسه، نعم مع العلم بكونه مشتبها لا يمكن الاكتفاء بفعله بلا فرق بين نفسه و غيره فلاحظ.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 271

واجبا عليه كنفقة من يعولون و نحو ذلك فلا بأس به، كما لا بأس بدفع خمس غيره اليهم و لو للإنفاق مع فقره حتي الزوجة اذا لم يقدر علي انفاقها (1).

[مسألة 5: في جواز دفع الخمس إلي من يجب عليه نفقته اشكال]

______________________________

(1) المدرك للحكم المذكور ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: خمسة لا يعطون من الزكاة شيئا الأب و الأم و الولد و المملوك و المرأة و ذلك انهم عياله لازمون له «1».

و تقريب الاستدلال بالرواية علي المدعي بوجهين:

الوجه الاول: عموم العلة بتقريب: ان المستفاد من العلة المذكورة في الحديث: ان اعطاء الخمس اليهم من الاعطاء الي النفس و من الظاهر ان الاعطاء للنفس امر غير ممكن فلا يتم الامتثال.

و

يرد علي التقريب المذكور بالنقض و الحل، أمّا الاول فلان لازم هذا البيان انه لو نذر اعطاء درهم أو غيره لمؤمن لا يجوز اعطائه لواجب النفقة، اذ الاعطاء للنفس لا يحصل به الامتثال، و هل يمكن الالتزام به؟

و أمّا الثاني فلا يستفاد من الحديث: المدعي المذكور بل المستفاد منه انه لا يجوز اعطاء الزكاة لواجب النفقة و الذي يكون لازما للمعطي و التعليل تعبدي فلا وجه لإسراء الحكم من الزكاة الي الخمس.

الوجه الثاني: ان الخمس و الزكاة متلازمان في الأحكام و فيه: انه لا دليل عليه، و لذا يفترقان في جملة من الأحكام فالقاعدة تقتضي الجواز غاية الأمر انه لا ينبغي ترك الاحتياط.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 13 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 272

(مسألة 6): لا يجوز دفع الزائد عن مؤنة السنة لمستحقّ واحد و لو دفعة علي الأحوط (1).

______________________________

ثم ان مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين أن يكون الاعطاء بعنوان النفقة الواجبة عليه و بين ما لا يجب عليه كما لو أعطاه لأن يصرفه في مؤنة زوجته مثلا، فانّ اطلاق الدليل يقتضي عدم الجواز علي الاطلاق فلا وجه للتفصيل الذي ذكره في المتن هذا بالنسبة الي خمس نفسه.

و أمّا خمس غيره فالظاهر جوازه بالنسبة الي غير الزوجة بلا فرق بين كونه فقيرا أو غنيا، فانّ الميزان في جواز اعطاء الخمس فقر الآخذ فاذا فرض ان والد زيد فقير و زيدا غني لا نري مانعا عن اعطاء زيد خمس غيره الي والده، اذ مجرّد وجوب الانفاق لا يوجب عدم صدق عنوان الفقير علي واجب النفقة.

نعم في خصوص الزوجة اشكال اذ المفروض انها تملك نفقتها علي زوجها، و

أمّا غيرها فلا، نعم لو كانت الزوجة محتاجة بالنسبة الي غير ما يجب علي الزوج يجوز اعطائها لهذه الجهة.

و لا يخفي ان هذه التفاصيل كلها علي تقدير إسراء حكم الزكاة الي المقام، و أمّا علي ما قلنا من عدم وجه للسريان فلا موضوع لها و انما يختصّ عدم الجواز بصورة كون واجب النفقة غنيّا.

[مسألة 6: لا يجوز دفع الزائد عن مؤنة السنة لمستحقّ واحد]

(1) تارة يقع البحث في المقام في مقتضي القاعدة و اخري نتكلّم مع فرض كون عدم الجواز متسالم عليه و مسلّما في الشريعة.

أمّا علي الثاني فلا كلام و لكن كيف يمكن الجزم بالحكم، و اذا كان الأمر كذلك فما الوجه فيما بني الماتن الحكم علي الاحتياط، و ما

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 273

(مسألة 7): النصف من الخمس الذي للإمام عليه السّلام أمره في زمان الغيبة راجع الي نائبه و هو المجتهد الجامع للشرائط فلا بد من الايصال اليه أو الدفع الي المستحقين باذنه و الاحوط له الاقتصار علي السادة ما دام لم يكفهم النصف الآخر، و أمّا النصف الآخر الذي للأصناف الثلاثة فيجوز للمالك دفعه اليهم بنفسه، لكن الاحوط فيه أيضا الدفع الي المجتهد أو باذنه لأنه أعرف بمواقعه و المرجّحات التي ينبغي ملاحظتها (1).

______________________________

الوجه في عدم جزمه بعدم الجواز؟

و أمّا علي الاول، فالانصاف ان الجواز مقتضي القاعدة، اذ ما دام لم يتحقق الاعطاء ايجابا و قبولا يكون الطرف المقابل فقيرا، و أمّا بعد تمامية الاعطاء و القبض فالغناء يتحقّق لكن اشتراط الفقر بالنسبة الي زمان الاعطاء، لا بعده و المفروض أنّ الآخذ في زمان الاعطاء فقير.

و بعبارة اخري: عنوان الغني متأخر عن الاعطاء رتبة و زمانا، أمّا رتبة فواضح، و أمّا زمانا فلأنّ الغني

يحصل بتمامية الأخذ.

و لتوضيح المدعي نقول: لا اشكال في انّ المرأة المزوّجة لا يجوز تزويجها، فاذا كانت مرأة خليّة بلا مانع يجوز تزويجها و الحال ان المرأة بتمامية التزويج تصير ذات البعل و لا يجوز تزويج ذات بعل و المقام عينا كذلك، فكما ان تحقق الزواج بتمامية قبوله فتكون الزوجية متأخرة عن العقد كذلك الغني يتحقق بقبول الخمس، فما دام لم يتحقّق العقد بكامله يكون الآخذ فقيرا و بعد تماميته يصير غنيا فلا اشكال.

[مسألة 7: النصف من الخمس الذي للإمام عليه السّلام أمره في زمان الغيبة راجع الي نائبه]

اشارة

(1) قد تعرض الماتن (قدّس سره) لفروع في المقام:

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 274

الفرع الأول: ان سهم الامام عليه السّلام في زمان الغيبة أمره راجع الي المجتهد الجامع للشرائط.

______________________________

و في قبال هذا القول ربما يقال: بانّ حكمه التصدّق به علي أهل الولاية بتقريب ان ما رواه يونس ابن عبد الرحمن «1» يدلّ علي المدعي المذكور، فانّ المستفاد من الحديث: انه لو كان مال من شخص عند غيره و لا يمكنه الايصال اليه، يتصدّق به علي اهل الولاية.

و يرد عليه اولا: ان السند مخدوش باليونسي فلا يعتد بالحديث:.

و ثانيا: ان المستفاد من الخبر بيع المال و التصدق بثمنه و الحال ان القائل بهذا القول لا يلتزم بلزوم البيع.

و ثالثا: أنّه المفروض في الرواية ان لا يعلم حال المالك و لا يدري انه هل يكون راضيا بصرف المال في المصرف الفلاني أم لا؟ و لا اطلاق في الحديث: من هذه الجهة.

و ان شئت قلت: انّ صرف المال في مورد رضي المالك نحو من الايصال اليه فلا يبقي من بيده المال متحيّرا و الحال ان السائل متحير في تكليف نفسه و لذا يسأل الامام عن حكم الواقعة فهذا القول مردود يبقي القول الثاني.

فنقول: تارة يقطع المكلف أو يطمئن بانّ الامام روحي له الفداء يرضي بصرف ماله في المصرف الفلاني و لا يحتمل لزوم الرجوع الي

______________________________

(1) لاحظ ص 100.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 275

______________________________

المجتهد فلا اشكال في جواز تصدّيه بنفسه بلا مراجعة الحاكم الشرعي الجامع للشرائط.

و لا مجال لأن يقال ان الحاكم أعرف بموارد الصرف، اذ يرد عليه:

اولا: انه لا كلية لهذه الدعوي، فانه ربما يكون الشخص السوقي أعرف بالموارد.

و ثانيا: ان القطع حجة عقلية و الاطمينان حجة عقلائية و مع

وجود الحجة لا يبقي مجال لهذه المقالة.

و امّا مع عدم القطع و احتمال الاشتراط فتارة نقول: إنّ المقام من الامور الحسبية التي امرها راجع الي الحاكم و اخري لا نقول به.

امّا علي الاول: فلا اشكال في لزوم الرجوع اليه، اذ المفروض انه مرجع عام.

و امّا علي الثاني: فلا مناص عن الرجوع اليه، اذ المفروض انه لا يجوز التصرف في مال الغير الّا باذنه، و المفروض انه لا يقطع برضي المالك الّا عن هذا الطريق، و هل يكون الأمر منحصرا في الأعلم؟ ربما يقال القدر المتيقن انه النائب عنه فيلزم رعايته.

و يرد عليه: ان الأورعيّة اهم من الأعلمية فلما ذا لا نقول بأن الامور منحصر فيه، و كذا الأتقائية و قس عليهما الأعبدية و قس عليها الأزهدية فاذا كان الأمر كذلك تكون النتيجة كفاية الاجتهاد و العدالة.

و بعبارة اخري: يكفي الرجوع الي المجتهد الجامع للشرائط.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 276

______________________________

ثم انه هل يمكن للحاكم أن يملّك السهم المبارك لأحد أم لا؟ اذا قلنا بانّ السهم المبارك كبقية الامور الحسبية أمره مفوض الي الحاكم لا بد من الالتزام بكون تصرفاته فيه نافذة شرعا و الّا فلا اثر لولايته عليه.

و بعبارة واضحة: لو لم يكن التصرف الاعتباري في السهم المبارك نافذا فما فائدة الولاية؟

و ان شئت قلت: انه لو لم يكن جائزا يبقي السهم المبارك معطلا و يلزم نقض الغرض.

و علي الجملة: ان لم يكن بيعه صحيحا و أيضا لم تكن هبته نافذة و هكذا يلزم بقائه بحاله و عدم الاستفادة منه فلا بد من القول بكون التصرف الاعتباري فيه مورد الامضاء من قبل الشارع الأقدس.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه

الطبرسي حيث قال عليه السّلام:

الضيعة لا يجوز ابتياعها الا من مالكها أو بامره أو رضاء منه «1».

بتقريب ان المستفاد من الحديث: ان بيع مال الغير يجوز اذا كان المالك راضيا، هذا من ناحية، و من ناحية اخري قد فرض رضائه بالتصرف، و من ناحية ثالثة ان العرف يفهم انه لا فرق بين البيع و بقية التصرفات الاعتبارية فكل تصرف يكون مورد رضائه ارواحنا فداه يكون جائزا و نافذا فيتم الامر، هذا من حيث الدلالة.

______________________________

(1) الاحتجاج، المجلد الثاني: ص 577.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 277

______________________________

و امّا من حيث السند، فالظاهر من عبارة الطبرسي انه يخبر عن كتاب الحميري اخبارا حسيا فلا اشكال في السند، بقي شي ء و هو ان المعلّق علي المتن كتب في الهامش ما حاصله: ان في بعض النسخ و رضي منه فتقع المعارضة بين النسخ و لا مرجح في احد الطرفين فلا يمكن الاعتماد علي الحديث:، الا أن يقال: انّ المقام يدخل في كبري دوران الأمر بين الزيادة و النقيصة و مقتضي القاعدة العقلائية الأخذ بالزيادة.

الفرع الثاني: انّ الأحوط الاقتصار علي السادة في صورة عدم كفاية السهام الباقية لهم

هذا ما أفاده الماتن.

و لكن يرد عليه: انه لا وجه له بعد ما تقدم من انّ الميزان في جواز التصرف العلم برضاه ارواحنا فداه و ما يدل علي تتميم حاجة السادة من السهم المبارك لا يكون تاما سندا، لاحظ مرسلي حماد «1» و احمد «2».

نعم اذا دار الأمر بين السيد و غيره و لم يكن مرجّح في أحد الطرفين غير السيادة لا يبعد أن يكون تقديمه متعينا لأنه لا يجوز التصرف في مال الغير بغير رضاه، و في الصورة المفروضة كيف يحرز رضاه بتقديم غيره عليه فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص 254.

(2) لاحظ

ص 254.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 278

الفرع الثالث: ان النصف الآخر المقابل للسهم المبارك اختياره بيد المالك

______________________________

فله أن يدفعه الي مستحقّه و ان كان الأحوط مراجعة الحاكم بأن يدفعه اليه، أو يستأذنه في الدفع لأنه اعرف منه بالموارد هذا ما أفاده الماتن.

أقول: مقتضي القاعدة الاولية عدم جواز التصدّي بلا استيذان من الحاكم الشرعي، لأنّ المفروض ان المال مشترك و التصرف في المال المشترك لا يجوز بلا اذن من الشريك، و حيث ان المالك هو الكلّي لا الشخص الخارجي يكون الولاية مع الحاكم الشرعي هذا بحسب القاعدة الأوّلية.

و هل يكون دليل علي جواز التصدي بلا مراجعة الحاكم افاد سيدنا الاستاد (قدّس سرّ) بأنّه جائز لما علّل جواز التصدّي- في باب الزكاة- بكون المالك اعظم الشريكين فبعموم العلة نتعدّي إلي المقام.

و يرد عليه اولا: انا لم نجد هذا المضمون في النصوص، نعم في حديث بريد بن معاوية قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: بعث امير المؤمنين عليه السّلام مصدّقا من الكوفة الي باديتها فقال له: يا عبد اللّه انطلق و عليك بتقوي اللّه وحده لا شريك له، الي أن قال: و ان أنعم لك منهم منعم فانطلق معه من غير أن تخيفه أو تعده إلّا خيرا، فاذا اتيت ماله فلا تدخله الّا باذنه فان أكثره له- الحديث: «1»، علّل الحكم بأنّ اكثره له.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 14 من أبواب زكاة الانعام، الحديث: 1.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 279

______________________________

و ثانيا: انه لا مجال للأخذ بعموم العلة و الّا يلزم الحكم بالجواز في كل شريك مع غيره اذا كان اعظم و اكثر سهما، و هل يمكن الالتزام به؟

ان قلت: نلتزم بالتخصيص، قلت: يلزم تخصيص الاكثر

المستهجن فلا بد من رد علمه الي أهله، فعلي ما ذكرنا يتوقف جواز التصرف علي الاستيذان من الحاكم الشرعي.

و أمّا اولوية الدفع اليه لكونه أعرف فقد تقدم الاشكال فيه و انه لا كلية للدعوي المذكورة.

مضافا الي عدم الدليل علي الأولوية المشار اليها، نعم الاحتياط حسن عقلا بلا اشكال و لا كلام، هذا فيما يريد المكلف دفع الخمس من العين المتعلق بها، و أما اذا أراد الدفع من غيرها كالنقود فالظاهر عدم الاحتياج الي الاذن من الحاكم اذ ليس تصرفا في المال المشترك فلاحظ.

بقي شي ء و هو انه هل يصح اطلاق النائب علي المجتهد في زمان الغيبة كما هو المتداول في الألسن و الكتب أم لا يصح؟

الحق هو الثاني، لعدم دليل معتبر علي النيابة بل المقدار المعلوم كونه مرجعا في الامور الحسبية و هذا المقدار لا يقتضي تعنونه بعنوان النيابة كيف و الحال ان العادل مرجع في تلك الامور عند فقد المجتهد بل الفاسق بل الكافر مع عدم الفاسق المسلم.

و هل يمكن أن يقال الرجل الشارب الخمر و اللاعب بالقمار نائب

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 280

(مسألة 8): لا اشكال في جواز نقل الخمس من بلده الي غيره اذا لم يوجد المستحق فيه بل قد يجب، كما اذا لم يمكن حفظه مع ذلك أو لم يكن وجود المستحق فيه متوقعا بعد ذلك و لا ضمان حينئذ عليه لو تلف، و الأقوي جواز النقل مع وجود المستحقّ أيضا، لكن مع الضمان لو تلف و لا فرق بين البلد القريب و البعيد و ان كان الأولي القريب الّا مع المرجّح للبعيد (1).

______________________________

عن مخزن الوحي، أعاذنا اللّه من الزلل.

[مسألة 8: لا اشكال في جواز نقل الخمس من بلده إلي غيره إذا لم يوجد المستحق فيه]

اشارة

(1) تارة يقع الكلام في

الجواز التكليفي و اخري في الوضعي و علي كل تقدير تارة يبحث عن الحكم بعد الافراز و اخري قبله فتفصيل الكلام في المسألة يتم في ضمن فروع:

الفرع الاول: أنه هل يجوز الافراز بحيث يتعين الخمس أم لا؟

الظاهر انه لا دليل عليه و يتوقف الافراز علي اذن الحاكم فانه ولي المالك و بعد الافراز باذنه هل يجوز نقله الي غير بلده؟ قد ظهر مما تقدم آنفا انه لا دليل علي ولاية المكلف فلا بد أن يستأذن من الحاكم و يتصدّي للمهمّة باذنه، و لا فرق في ما ذكر بين وجود المستحق في البلد و عدمه فيه.

و علي الجملة يكون الأمر راجعا الي الحاكم فلا بد من العمل علي طبق رأيه و في غير هذه الصورة يكون الحكم بالجواز مشكلا لأنّه مال الغير و التصرف فيه يحتاج الي اذن المالك أو وليّه و الوليّ هو المجتهد و لا فرق في عدم جواز التصرف بين كون المالك كليا أو شخصا خارجيا

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 281

______________________________

هذا بالنسبة الي الحكم التكليفي.

و أمّا من جهة الوضع فحيث إنّ الشخص الخارجي لا يكون مالكا و قد فرض ان الحاكم ولي لا بد أن يتحقق الامتثال بنظره.

و صفوة القول: انه اذا لم يكن ولاية للمكلف كما هو المفروض فلا بد من متابعة الحاكم.

الفرع الثاني: انه هل يجوز نقل العين قبل الافراز الي بلد آخر أم لا يجوز؟

الظاهر هو الثاني بعين التقريب الذي تقدم آنفا، فان التصرف في مال الغير حرام، و حيث انه لا مالك شخصي في المقام و لا معني للاستيذان من الكلي لا بدّ من مراجعة وليّ الأمر، كما ان الامر كذلك في كل مورد يكون قصور في المالك، كما لو كان مجنونا أو صغيرا أو محجورا عليه.

فالنتيجة: انه لا يجوز التصدي للمكلف، و اذا تصدّي يكون عصيانا تكليفا و يكون ضامنا وضعا، و لا فرق فيما ذكرنا بين وجود المستحق في البلد و عدمه فيه، و لا فرق بين كون البلد الآخر

قريبا أو بعيدا.

الفرع الثالث: انه هل يكون ضامنا لو تلف قبل إفراز الحق أو بعده؟

فنقول: تارة يكون نقله الي بلد آخر بأمر الحاكم الشرعي و اخري

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 282

(مسألة 9): لو اذن الفقيه في النقل لم يكن عليه ضمان و لو مع وجود المستحق، و كذا لو وكله في قبضه عنه بالولاية العامة ثمّ اذن في نقله (1).

______________________________

بلا استناد اليه، أمّا علي الأول فلا ضمان اذ ليس علي الأمين إلّا اليمين و لا فرق في عدم ضمانه بين وجود المستحق في البلد و عدمه و كذلك لا فرق بين كون البلد الآخر قريبا أو بعيدا.

و أمّا علي الثاني فالظاهر تحقق الضمان علي جميع التقادير اذ المفروض ان اليد عادية «و علي اليد ما أخذت حتّي تؤدّي».

[مسألة 9: لو أذن الفقيه في النقل لم يكن عليه ضمان]

(1) ما أفاده تامّ، و قد ظهر وجهه مما تقدم منّا فانّه لا وجه للضمان مع استناد التصرف باذن من بيده الأمر، فكما ان المالك لو أجاز في نقل ماله من بلد الي بلد آخر لا يكون التلف موجبا لضمان الناقل كذلك لو كان باذن من بيده الأمر فانه وجود تنزيلي للمالك، فما يصدر عنه من الاذن فكأنّه صادر عن نفس المالك و هذا ظاهر واضح.

انما الكلام في أنّه هل يكون للحاكم ولاية علي سهم السادة بحيث يمكنه الاذن في النقل مع وجود المستحق في البلد أم لا؟

الظاهر هو الثاني، اذ لا دليل علي ولايته عليه علي نحو الاطلاق، و الحال ان مقتضي القاعدة وجوب ايصال مال السادة اليهم.

الا أن يقال: انه اذا فرضنا ان الحاكم ولي الأمر فيكون اذنه شرعيا، و من ناحية اخري لا يكون شخص السيد الخارجي مالكا فجواز التأخير علي القاعدة.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص:

283

(مسألة 10): مؤنة النقل علي الناقل في صورة الجواز و من الخمس في صورة الوجوب (1).

(مسألة 11): ليس من النقل لو كان له مال في بلد آخر فدفعه فيه للمستحق عوضا عن الذي عليه في بلده، و كذا لو كان له دين في ذمّة شخص في بلد آخر فاحتسبه خمسا، و كذا لو نقل قدر الخمس من ماله الي بلد آخر فدفعه عوضا عنه (2).

(مسألة 12): لو كان الذي فيه الخمس في غير بلده فالأولي دفعه هناك و يجوز نقله الي بلده مع الضمان (3).

[مسألة 10: مؤنة النقل علي الناقل في صورة الجواز]

______________________________

(1) الذي يختلج بالبال في هذه العجالة انه بعد ما تقدم منّا من توقف جواز التصرف بالنقل علي اذن الحاكم لا تصل النوبة الي الفرع المذكور، اذ مع عدم اذن الحاكم لا يجوز له النقل فكيف يحسب الاجرة علي الخمس، و أمّا مع اذن الحاكم فلا مقتضي لكون الاجرة علي الناقل بل المسئول هو الحاكم الّا في صورة كون اذن الحاكم مقيدا بكون مؤنة النقل عليه فيكون الضمان علي الناقل.

[مسألة 11: ليس من النقل لو كان له مال في بلد آخر فدفعه فيه للمستحق عوضا عن الذي عليه في بلده]

(2) قد تقدم انه لا يجوز النقل و لا غيره من التصرفات الّا باذن الحاكم الشرعي، لكن ما أفاده تام، فان الصور التي ذكرها في المتن لو قلنا بجوازها و صحتها لا يكون شي ء منها مصداقا للنقل، فعلي فرض ترتّب حكم علي النقل لا يترتّب علي هذه الصور.

[مسألة 12: لو كان الذي فيه الخمس في غير بلده فالأولي دفعه هناك]

(3) المقصود ان الميزان في النقل، نقل الخمس من مكانه الي مكان آخر و لا يكون بلد المالك ميزانا كي يقال لا مانع من نقل الخمس من

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 284

(مسألة 13): ان كان المجتهد الجامع للشرائط في غير بلده جاز نقل حصّة الامام عليه السّلام اليه، بل الأقوي جواز ذلك و لو كان المجتهد الجامع للشرائط موجودا في بلده أيضا، بل الأولي النقل اذا كان من في بلد آخر أفضل أو كان هناك مرجّح آخر (1).

(مسألة 14): قد مرّ انه يجوز للمالك أن يدفع الخمس من مال آخر له نقدا أو عروضا و لكن يجب أن يكون بقيمته الواقعيّة فلو حسب العروض بأزيد من قيمتها لم تبرأ ذمّته و ان قبل المستحق و رضي به (2).

______________________________

غير بلده الي بلده، و لكن قد تقدم حكم النقل بخصوصياته فلاحظ.

[مسألة 13: ان كان المجتهد الجامع للشرائط في غير بلده]

(1) قد تقدم منّا ان التصرف في الخمس غير جائز و عليه فلا يجوز نقله اليه الا باذنه و مع عدم امكان الوصول اليه تصل النوبة الي العدول ثم الي الفساق كبقية الأمور الحسبية و علي كلّ حال لا يجوز تأخير الدفع اذ يجب اداء مال الغير اليه فورا، نعم بالنسبة الي سهم الامام عليه السّلام لو كان التأخير فيه مصلحة بنظر المجتهد يجوز حيث انه وليّ الأمر في زمن الغيبة.

و أمّا بالنسبة الي سهم السادة فلا أري وجها للجواز، و لا أري وجها لجواز الاذن من المجتهد في التأخير فلاحظ.

[مسألة 14: قد مرّ أنه يجوز للمالك أن يدفع الخمس من مال آخر له نقدا أو عروضا]

(2) و قد مر انه لا دليل علي جواز اداء الخمس من مال آخر اذا كان عروضا و لكن ما أفاده من عدم براءة الذمة بتأدية الاقل و احتساب الاكثر تام و لو مع قبول المستحق لأن المستحق لا يكون مالكا كي يكون

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 285

(مسألة 15): لا تبرأ ذمّته من الخمس الّا بقبض المستحق أو الحاكم سواء كان في ذمّته أو في العين الموجودة و في تشخيصه بالعزل اشكال (1).

(مسألة 16): اذا كان له في ذمّة المستحق دين جاز له احتسابه خمسا، و كذا في حصّة الامام عليه السّلام اذا اذن المجتهد (2).

(مسألة 17): اذا أراد المالك أن يدفع العوض نقدا أو عروضا لا يعتبر فيه رضا المستحق أو المجتهد بالنسبة الي حصّة الامام عليه السّلام و ان كانت العين التي فيها الخمس موجودة لكن الأولي اعتبار رضاه خصوصا في حصّة الامام عليه السّلام (3).

______________________________

قبوله مؤثرا فلا يتحقق الامتثال الّا بتأدية تمام الخمس عينا أو نقدا.

[مسألة 15: لا تبرأ ذمّته من الخمس الّا بقبض المستحق أو الحاكم]

(1) ما أفاده علي طبق القاعدة الاولية اذ لا دليل علي البراءة و تحقق الامتثال الّا بما ذكر و لا دليل علي صحة العزل بل مقتضي الأصل بطلانه فلاحظ.

[مسألة 16: اذا كان له في ذمّة المستحق دين جاز له احتسابه خمسا]

(2) لا دليل عليه و مقتضي الأصل عدم الجواز و الصحة و لا وجه لقياس المقام علي باب الزكاة.

[مسألة 17: إذا أراد المالك أن يدفع العوض نقدا أو عروضا لا يعتبر فيه رضا المستحق أو المجتهد]

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، در يك جلد، انتشارات محلاتي، قم - ايران، اول، 1419 ه ق الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس؛ ص: 285

(3) أمّا بالنسبة الي السيد المستحق فالأمر كما أفاده، اذ لا مقتضي لاشتراط رضاه، لكن لو لم يرض و لم يقبض لا يتحقّق الامتثال.

و بعبارة واضحة: تارة يقال انه يشترط في التبديل رضا السيد و اخري يقال يتوقف الاداء علي قبضه، أمّا القول الأول فلا دليل عليه و أمّا القول الثاني فعلي مقتضي القاعدة.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 286

(مسألة 18): لا يجوز للمستحق أن يأخذ من باب الخمس و يردّه علي المالك الّا في بعض الأحوال، كما اذا كان عليه مبلغ كثير و لم يقدر علي ادائه بأن صار معسرا و أراد تفريغ الذمة فحينئذ لا مانع منه اذا رضي المستحق بذلك (1).

(مسألة 19): اذا انتقل الي الشخص مال فيه الخمس ممّن لا يعتقد وجوبه كالكافر و نحوه لم يجب عليه اخراجه فانهم عليهم السّلام أباحوا لشيعتهم ذلك سواء كان من ربح تجارة أو

______________________________

و أمّا بالنسبة الي الحاكم الشرعي فلا بد من موافقته، اذ المفروض انه وليّ الأمر و الاختيار بيده، فاذا لم ير الصلاح في التبديل، له الامتناع عن القبول، نعم ليس له أن لا يقبل ما جاز شرعا الا لعلّة، هذا بالنسبة الي كون ما دفعه نقدا، و أمّا اذا كان عروضا فقد تقدم قريبا انه لا دليل علي جوازه.

[مسألة 18: لا يجوز للمستحق أن يأخذ من باب الخمس و يردّه علي المالك إلّا في بعض الأحوال]

(1) فانه تضييع لحق السادة الفقراء فلا يجوز لا تكليفا و لا وضعا و لكن اذا لم يكن تضييعا كما

لو كان الدافع مستحقا للخمس فلا مانع من الأخذ منه و ردّه اليه، كما انه يجوز للحاكم الشرعي بعين الملاك.

و يترتب عليه انه لو كان غنيّا و لم يؤدّ الخمس عصيانا أو نسيانا أو غفلة ثم صار فقيرا فالظاهر انه لا مانع عن تفريغ ذمّته، اذ المفروض انه فقير، فاذا كان سيدا فالأمر ظاهر، و أمّا اذا لم يكن سيدا فالظاهر هو الجواز أيضا، اذ المفروض انه فقير و يجوز للسيد اعانة الفقير المحتاج فلاحظ.

الغاية القصوي في التعليق علي العروة الوثقي - كتاب الخمس، ص: 287

غيرها، و سواء كان من المناكح و المساكن و المتاجر أو غيرها (1).

[مسألة 19: إذا انتقل إلي الشخص مال فيه الخمس ممّن لا يعتقد وجوبه كالكافر و نحوه]

______________________________

(1) قد تقدم منا التحقيق في أخبار التحليل و ما هي الوظيفة عند تعارضها مع أخبار وجوب الخمس، و ذكرنا ان الحقّ وجوب الخمس و لا مجال للعمل بمقتضي اخبار التحليل و لا نعيد فليراجع ما ذكرناه فيما تقدم.

قد وقع الفراغ من مباحث الخمس في يوم الأربعاء التاسع و العشرين من شهر رجب من السنة 1417 في بلدة قم المشرّفة علي المدفونة فيها و آبائها الكرام آلاف التحية و السلام

و أنا أحقر العباد

تقي بن الحسين الطباطبائي القمي عفي عنهما

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.